القراءة وفوائدها على المرء

آراء وقضايا 21 مارس 2017 0
القراءة وفوائدها على المرء
+ = -

حاجي سليمان …. 

.

تعتبر القراءة من افضل ما تغذي الروح الانساني وتزوده بمعارف الحياة ومكوناته وما يلزم المرء وهو على قيد الحياة في المعمورة ، وهي الغذاء الروحي الأفضل ليتمكن الانسان من زيادة قدرته على استيعاب ما يدور في فلكه والعالم بشكل عام ، وبالقراءة تزداد مدارك المرء وتفتح له أبواب الحياة في فهم تعقيداته اليومية التي باتت تلامس الانسان منذ تاريخه ، تزداد معرفة المرء الثقافية ومداركه الحياتية ويتعرف على مكامن الضعف والقوة في نفسه أولا وفِي الحياة ثانياً ، ويستطيع الغوص بكل المواضع التي تهم البشر وفك طلاسم الحياة بسهولة ، ويزيد من قدرته الثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية بحيث يجعل الانسان فاهماً ومرفوع الرأس عند المعضلات المعقدة التي تعرقل سيرة الحياة تجاه الامام .

.
فليس هناك شيئ يعرقل ويمنع محاولة الانسان على القراءة او يحجب عنه استيعاب ما هو غير مفهوم كما يقول المرء ويتحجج بان وضعه لايسمح له باستيعاب وفهم ما يجب عليه في دراسة وقراءة المطلوب نتيجة الضغوطات النفسية او الاجتماعية او الاقتصادية ، وليس لديه القدرة على استيعاب اي شيئ رغم محاولاته وقرائته المتكررة لذلك .

.
فمهما تكون مشاغل المرء كثيرة ومسؤولياته كبيرة وهمومه صادمة هذا لايمنعه من مواظبة التعليم ومحاولة فهم مايدور من حوله و قراءة ما يصح له ولوصفحة واحدة في اليوم او اكثر وفق وقته ، وبامكانه يخصص وقت معين للقراءة في كل يوم ، ليصبح عنده عادة في نفس الوقت من كل يوم ليواظب فيه بنية التعليم وفتح مداركه المعرفية ، وكل ما يردده هو حجج واهية ليس صحيحاً ما يقوله وانما يبحث ويفكر لإيجاد تلك الحجج من العدم لاقناع نفسه اولاً والاخرين ايضاً بوضعه ولكن في الحقيقة ليس كما يقوله ويقنع نفسه وأنما يبحث عن سبل الهروب الى الامام الذي يشابه الهروب الى الوراء تماماً فعندما يصمم المرء على شيئ ما ويقر بإرادته الحرة سيكون حتماً من الناجحين في ما يريد تحقيقه ، ولا يحدث الكسل والتخلف الا مع ضعفاء النفوس الذين يبحثون لنفسهم الحجج في عدم قدرتهم على استيعاب ما يجب استيعابه ، فمثلاً في أوربا او في اية دولة أخرى حينما يطلب منه تعليم لغة البلد الذي يعيش فيه لتأمين حاجاته الشخصية قبل كل شيئ نراه يتكاسل ويتهرب من التعليم ويخترع حجج وأساليب غيرة صحيحة حتى يقنع الاخرين بعدم استطاعته تعليم اية لغة او فهم شيئ ما بسبب مشاكله وهمومه وتفكيره ، فللعلم كل ما ذكره او يذكره المرء لايشكل عائقاً أمام تعليمه او زيادة معارفه ، حيث يستطيع أي انسان مهما كان مشاكله وتفكيره ان يجد وقتاً لقراءة ما يلزمه وما يزيد من مداركه ومعارفه من خلال تخصيص وقت معين له من أوقاته ليلاً ام نهاراً .

.
لذا نرى بان مجتمعاتنا الشرقية يهربون من القراءة ولا يقرؤون شيئ فمنهم لا يقرؤون كتاباً بالسنة والكثير منهم لا يقرؤون صفحة واحدة في اليوم ولا في الشهر او في السنة ولا نرى الا القليل منهم الذين يقرؤون ويحبون القراءة وليس هناك مقارنة بين شعوبنا والشعوب الأوربية او الامريكية والإسكندنافية الذي لا تراهم والا معهم كتاب سواء كانوا في الطريق الى العمل او في البيت او في المكاتب يبحثون عن كل جديد لقراءته وليس هذا فقط وانما نرى حتى المتسولين منهم يقرؤون عند تسولهم أي ان في الشوارع الأوربية نرى بعض المتسولين وهم جالسين وامامهم علبة صغيرة او خرقة او أي شيئ اخر لجمع ما يعطيهم الناس من النقود العينية وفِي يدهم كتاباً وهم يواظبون القراءة ، مما نلاحظ بتفوق هذه الشعوب و الدول بكل ما هو ضروري اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وبالتالي صناعيا ويفهمون الحياة ويقدرونها حسب مصلحة شعوبهم ..

.
وليس هناك مسؤول واحد في الدول المتحضرة الا وله قدرة كافية على استيعاب الامور نتيجة فهمه وزياده ثقافته
فعند السؤال لاي انسانٍ عن ما هي الكتب التي يقرأه وماهي الأوقات التي تفتح فيها قريحته على القراءة وما هي نوعية القراءة التي يحبها ، ثقافية ام سياسية او اقتصادية او اجتماعية او فلكلورية ام تاريخية او دينية او علمية وهل الكتب التي يقرأه اجنبية ام عربية ، مترجمة ام عادية ، ان الاوربيون يدركون ما يقرأون لا بل يتخصصون في توجهاتهم المستقبلية بعكس ما هو عليه شعوبنا الشرقية الذين لايدركون الى اين متوجهين لذ فلا بد من المرء تخصيص ما يريد تعليمه وقرائته تدريجياً وفق مزاجه حتى يستطيع فهم واستيعاب ما يدور من حوله .

.
ولمعرفة الحقيقة لابد من هذه الأسئلة للذين يودون القراءة فمن اجل ماذا يريد القراءة …؟ وماهي الأوقات التي يقرأ فيه ، واي نوع من الكتب يرتاح لقراءته اكثر ، وهل يقرأ لقتل الفراغ عنده ام كي يهرب من الهموم التي داهمه من كل الجوانب ام انه يقرأ لزيادة المعلومات الثقافية عنده ولتوسيع مداركه المعلوماتية ويصبح شخصا مرموقاً في مجتمعه ويفهم بالتالي معاني الانسانية التي لا يفهمها الكثيرون من البشر ويقيم علاقات طيبة مع الناس على أسس السلام والوئام والمحبة ، فتجارب الغير ضرورية لنا لان نستفيد منهم ونصبح بمستوى اللائق للبشرية .

.
ثمة حادثة مهمة في ثورة كيم ايل سونغ كوريا الشمالية حيث كان هناك قائد عسكر لا يفكر الا بالامور العسكري وكيفية التغلب على الأعداء ، في الوقت نفسه كان أمياً لايعرف القراءة والكتابة ، فعندما صدر قائد الثورة امر التعليم وعممها على الجميع بإلزامية معرفة القراءة بغية محو الأمية في ثورته الا ان ذلك القائد رفض الطلب وقال انني عسكري لايهمني معرفة القراءة والكتابة ، وهكذا عندما علم قائد الثورة بالأمر بانه هناك شخص عسكري لإيريد التعليم مطلقاً رغم معرفته به وباخلاصه لمبادئ الثورة الا ان قائد الثورة اصر على ان يتعلم الجميع ومنهم ذلك القائد العسكري ، فقرر بإرسال رسالة شخصية له وامر كل من في حولة بعدم قراءة الرسالة له ، وهكذا عندما وصلته الرسالة ذهب الى الذي كان يقرأ له رسائله فرفض القراءة وقال له بأنني لا استطيع قراءة الرسالة بأمر من قائد الثورة ، وحاول مع الاخرين أيضا فرض الجميع قراءة الرسالة له وبعد أسبوع طلبه قائد الثورة وعندما ذهب الى موعده مع قائد الثورة ، قال له قائد الثورة انشاء الله حققت الانتصار فقال للقائد أي انتصار تتكلم عنه قاله له قائد الثورة بأنني أرسلت لكم رسالة وذكرت فيها الوقت المناسب للهجوم على الأعداء فرد له العسكري للأسف حاولت مع الجميع بان يقرؤا لي الرسالة ولكن كلهم رفضوا قراءة الرسالة ولم افهم أنا أيضا مضمونها لذلك لم أنفذ شيئ من ما ذكرت في الرسالة فقال له قائد الثورة إذا من الضروري ان تتعلم القراءة والكتابة لمعرفة ما يأتيك من الرسائل ، فرد له ذلك العسكر وقال بانه ما قررت هو الأصح وعلينا جميعا التعلم ، فقرر من ذلك اليوم التعلم ومعرفة القراءة والكتابة وهكذا وصل به الامر الى ان تعلم كل شيئ من القراءة والكتابة بشكل ممتاذ ، وعلينا جميعا التصميم كما صمم ذلك العسكري لمعرفة الامور وتثقيف الذات ذاتياً.

.
هناك أمثلة كثيرة في هذا المنحى ، مثلا الطبيب أوسلر الذي لم يكن له وقتاً نتيجة أعماله الطبيه مما خصص له ربع ساعة للقراءة قبل ان يخلد للنوم تباعاً وهكذا استمر في مخططه ونجح في مسعاه وتنمية مداركه المعرفية ، إضافة الى المئات من امثاله الذين صمموا تجاوز المحن بإصرارهم الفردي ، وهذا يثبت بانه ليس هناك شيئ مستحيل عندما يصمم المرء على فعله من خلال المثابرة ، وترك الخمول والكسل جانباً بقناعته الشخصية ، فكبر العمر والمشاكل والهموم وغيره لا تشكل عائقاً امام إصرار المرء على تعليم شيئ جديد …  

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك