فارون من جحيم دير الزور: الوضع مأسوي والاعتقالات يومية

صحافة عالمية 16 أغسطس 2017 0
فارون من جحيم دير الزور: الوضع مأسوي والاعتقالات يومية
+ = -

وكالات

فور سماعه بقرار «تنظيم داعش» فرض التجنيد الإجباري في دير الزور، شرق سورية، حتى حزم محمود العلي أمتعته وفرّ مسرعاً مع عائلته على غرار شبان كثر من أبناء تلك المحافظة التي يسيطر «داعش» على معظمها.
وأعلن التنظيم أخيراً فرض «التجنيد الإجباري» على شباب دير الزور، آخر المحافظات السورية التي لا تزال تحت سيطرته.
ودفع هذا الإعلان بموجات نزوح جديدة من المحافظة ليلجأ المئات إلى مخيم للنازحين يبعد سبعة كيلومترات عن منطقة العريشة في محافظة الحسكة (شمال شرق) المحاذية لدير الزور.
ويقول العلي (26 سنة) لوكالة فرانس برس: «أبلغنا التنظيم بأن الجهاد بات فرضاً علينا وعلى كل الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و30 سنة الالتحاق بصفوفه للقتال في كل سورية».
ويضيف الشاب الذي فرّ مع عائلته من بلدة العشارة في ريف دير الزور الجنوبي الشرقي، «رفض غالبية الشباب القرار وتركوا مناطق سيطرة التنظيم بالآلاف». ويعكس ذلك على حد قوله «المزاج العام برغبة الأهالي التخلص من التنظيم».
ولجأ «داعش» إلى الخطابات الدينية خلال الصلاة في المساجد فضلاً عن المناشير والمكبرات الصوتية في الشوارع لدعوة شباب دير الزور إلى التجنيد الإجباري، وفق ما أفاد سكان و «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
ومنح التنظيم المتطرف الشباب أسبوعاً واحداً فقط للالتحاق بمكاتب «الاستنفار». وسرعان ما ساء الوضع مع رفض الكثير من الشباب الأوامر الجديدة.
وفرّ صلاح المحمد (28 سنة) أخيراً من الميادين، التي تعد ثاني أهم مدن محافظة دير الزور، ولجأ إلى المخيم الذي يعاني فيه النازحون من ظروف معيشية صعبة.
ويتذكر صلاح: «الوضع في الميادين بات مأسوياً بعد قرار التنظيم الأخير فرض التجنيد الإجباري»، مشيراً إلى أن عناصر داعش «يداهمون يومياً المنازل بحثاً عن شباب لسوقهم للقتال».
وأفاد مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن بـ «اعتقالات يومية في محافظة دير الزور على خلفية التجنيد الإجباري».
وفي المخيم الذي تتصاعد على بعد كيلومترات منه أعمدة دخان أسود ناتجة من تكرير النفط بطرق تقليدية في منطقة قريبة، يقول أحمد العبد (23 سنة) إن المجند من قبل التنظيم المتطرف «يخضع لدورة (تدريبية) لمدة شهر، قبل أن يبقى معهم أربعة أشهر للقتال».
وطغى الشبان على النازحين في مخيم العريشة الذي تنتشر فيه مخيمات بيضاء اللون كتب عليها شعار مفوضية الأمم المتحدة للاجئين.
وأن كان الكثير من الشبان تمكنوا من الفرار من أيدي «داعش»، لم يحالف الحظ آخرين. ويضيف العبد الشاب الأسمر ذو اللحية السوداء الكثيفة: «الكثيرون لا يزالون عالقين ولا يستطيعون الخروج»، موضحاً: «دفعنا نحن مليوني ليرة سورية (حوالى أربعة آلاف دولار) عن خمسة عشر شخصاً من أفراد العائلة».
ويجازف المدنيون الفارون من مناطق سيطرة التنظيم في الرقة ودير الزور بحياتهم للوصول إلى بر الأمان، متكلين على مهربين يدفعون لهم مبالغ مالية طائلة غير كفيلة بحمايتهم من النيران أو من أعين التنظيم.
ويخوض «داعش» حالياً معارك عنيفة ضد «قوات سورية الديموقراطية»، وهي تحالف فصائل كردية وعربية، التي طردته من أكثر من نصف مدينة الرقة، معقله الأبرز في سورية. كما يتقدم الجيش السوري على محاور عدة تمهيداً لعملية عسكرية واسعة بدعم روسي ضد «داعش» في محافظة دير الزور.
واعتبر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الأحد أن دير الزور «تعكس في شكل كبير، كي لا نقول في شكل كامل، نهاية القتال ضد داعش».
وفي ظل هذا الضغط الميداني الكبير، يبدو أن التنظيم المتطرف بات يبحث عن حلول أضافية تمكنه من الدفاع عن معاقله في سورية.
وأبلغ عناصر «داعش»، بحسب ما يقول حازم السطم (25 سنة) أحد سكان المخيم: «نريدكم لمساندتنا لتحرير دير الزور، وطرد النصيرية منها»، وهي تسمية يطلقها التنظيم على أبناء الطائفة العلوية التي يتحدر منها الرئيس السوري بشار الأسد وعلى الموالين له.
وعلى رغم فرارهم من قرارات وقواعد «داعش» الصارمة، وجد الفارون من دير الزور أنفسهم في ظروف معيشية صعبة في مخيمات تقل فيها الخيم ذاتها وتشهد نقصاً حاداً في المياه النظيفة والمواد الغذائية وحتى الأدوية الأساسية.
وأقيمت عشرات المخيمات في مناطق صحراوية نائية في محافظتي الحسكة والرقة المجاورة.
وتقول الناطقة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنجي صدقي لـ «فرانس برس»: «تلك الخيم موجودة في قلب الصحراء حيث تشكل الأفاعي والعقارب تهديداً يومياً للناس». وتضيف: «ترى أطفالاً يلعبون بالنفايات السامة ويشربون مياهاً ملوثة ويستحمون بها».
ويعيش في مخيم العريشة سبعة الآف ومئة شخص فيما لا تتوافر فيه سوى 400 خيمة، وفق ما يقول أحد مسؤولي المخيم.
واضطر بعض العائلات إلى البقاء في العراء بانتظار الحصول على خيمة، وعمدت أخرى إلى تعليق بطانيات بين الشاحنات والسيارات لتقيها حرارة الشمس.
وتحت بطانية صغيرة علقت بين شاحنة ودراجة نارية، جلس سبعة أطفال بدا عليهم الانهاك يحتمون من حرارة الشمس الحارقة. وعلى رغم الوضع الصعب في المخيم، يعتبر كثيرون أنهم نجوا أخيراً بأرواحهم بعيداً من «داعش» الذي يتشدد في منع السكان من المغادرة. وبانفعال شديد، يقول الشاب إبراهيم خالد (28 سنة): «نحن استطعنا الفرار والنجاة بأرواحنا، وأنا متأكد أن من تبقى أصبح خروجه شبه مستحيل».

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك