هل ستنجح صفقة إخراج إيران من سوريا مقابل بقاء الأسد؟

حول العالم 17 يوليو 2018 0
هل ستنجح صفقة إخراج إيران من سوريا مقابل بقاء الأسد؟
+ = -

هل ستنجح صفقة إخراج إيران من سوريا مقابل بقاء الأسد؟

 كوردستريت نيوز ||

تلوح بالأفق منذ أشهر عديدة ملامح مفاوضات حول صفقة بين الأطراف الفاعلة بالملف السوري (روسيا – أمريكا – إسرائيل – بعض دول الخليج)، تتعلق بالتفاهم حول الدور الإيراني في سوريا والمنطقة عموماً.
وبحسب التسريبات المتواترة عن مضامين الاتفاقية المحتملة، فإنها تقتضي ضمان روسيا إلزام إيران بالخروج من سوريا، مقابل انسحاب القوات الأمريكية تدريجياً مع تفكيك قاعدة التنف، والتغاضي عن بقاء “الأسد” في السلطة.
ومنذ إطلاق روسيا لعمليتها العسكرية في الجنوب السوري، دخلت الأطراف الدولية في مرحلة اختبار لإمكانية التوصل إلى اتفاقية شاملة حول الوجود الإيراني بسوريا، تكون موسكو وتل أبيب وواشنطن رعاته؛ فما هي إمكانية تحقُّق مثل هذا التوافق وقدرة روسيا على هذه المهمة، وما هو رد فعل طهران حيال التحركات الدولية لتجريدها من نفوذها بسوريا؟

مفاوضات مستمرة

سبقت العمليات العسكرية الروسية في الجنوب السوري مفاوضات مكثفة بين إسرائيل وروسيا، توجت في منتصف شهر حزيران بتوصل وزيري الدفاع “أفيغدور ليبرمان” و “سيرغي شويغي” إلى تفاهم حول العملية المرتقبة، بحيث لا تعترض تل أبيب عليها وتلتزم موسكو بإبعاد الميليشيات الإيرانية عن حدود الجولان المحتل لاحقاً، أو تفسح المجال للطائرات الإسرائيلية لتنفيذ المهمة في حال عجزت روسيا عن تنفيذها.
وتجددت المفاوضات الأسبوع الفائت في موسكو عندما زار رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”، وأبلغه أن إسرائيل لن تستهدف نظام الأسد مطلقاً ولا تنوي تهديد حكمه في حال قبلت روسيا بإخراج إيران من سوريا.
وأكدت مصادر رسمية إسرائيلية أن “بوتين” بدأ بالفعل اتخاذ إجراءات إبعاد القوات الإيرانية المتمركزة في مناطق قريبة من مرتفعات الجولان المحتلة.
وبحسب المصادر فإن موسكو قدمت عرضاً يتضمن إبعاد الميليشيات الإيرانية قرابة 80 كيلومتراً عن الحدود الإسرائيلية، إلا أن تل أبيب اشترطت خروج إيران بشكل كامل.
ونقلت وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية عن مسؤولين توقعات بأن يتوصل كل من “ترامب” و “بوتين” في قمة “هلسنكي” في العاصمة الفنلندية إلى اتفاق حول خروج القوات الإيرانية من سوريا.
وأشارت الوكالة إلى أنه حصل توافق مبدئي على انسحاب الميليشيات المدعومة من إيران بالجنوب السوري، واستبدالهم بميليشيات تابعة الأسد.
وبحسب التوقعات فإن “ترامب” سيسعى جاهداً للتوصل إلى تفاهم مع بوتين من أجل تبرير خطوة تحسين العلاقات مع روسيا لاحقاً.

الأهداف الروسية

يستحوذ على التفكير الروسي بعد إغلاق ملف الغوطة الشرقية ودرعا إنجاز عملية سياسية تجميلية تقوم على تأسيس حكومة وحدة وطنية، وإصلاحات دستورية، وهو ما يمهد الأجواء للدخول في عملية إعادة إعمار تشارك فيها كل دول الاتحاد الأوروبي.
وبذلك فإن موسكو تبحث عن شركاء في السلم والاقتصاد وإعادة الإعمار مختلفين عن شركاء الحرب، وهذا يقتضي التفاهم مع الولايات المتحدة، وأيضاً إسرائيل اللاعب المهم في حقول الغاز بمنطقة شرق المتوسط.
وتشير الأنباء الواردة من موسكو إلى أن وزارة الطاقة الروسية قد وضعت بالفعل خطة متكاملة لتطوير منشآت الطاقة السورية، ويتضمن المخطط تطوير منشأة لاستخراج الغاز قرب الرقة.
وستعمد روسيا إلى العمل على إخراج القوات الإيرانية وخاصة من المناطق التي تشكل فيها تهديداً لإسرائيل مقابل التغاضي عن عملية انتقال سياسي حقيقية، وتحوذ بذلك على ثقة دول الخليج وإدارة ترامب التي ترفع شعار محاربة النفوذ الإيراني.

رد فعل إيراني

ظهر رد الفعل الإيراني مبكراً على المعلومات المتداولة حول الاتفاق الممكن عقده بين تل أبيب وموسكو وواشنطن، وتمثل بالظهور ميدانياً في معارك الجنوب، وإعلان رسمي من قبل فصائل تابعة لميليشيات الحشد الشعبي مشاركتها، كما أن لواء أبو الفضل العباس المدعوم من إيران انتشر في داعل وبث مقاطع رسمية.
وسارع “علي أكبر ولايتي” مستشار المرشد الإيراني الأعلى للتأكيد على استمرار بقاء قواتهم في سوريا، معتبراً أن ذلك بهدف حماية أمنها واستقرارها من “العدوان الأمريكي”، رابطاً خروجهم من سوريا بطلب “الحكومة في دمشق” ذلك.
وربط “أكبر ولايتي” بقاءهم في سوريا بالوجود الروسي، مؤكداً أنه في حال انسحابهم فإن القوات الروسية ستنسحب أيضاً.
وأشارت مصادر إعلامية مقربة من النظام الروسي إلى أن “بوتين” اصطدم في الأيام الماضية برفض إيراني لطلبه المتعلق بانسحاب الميليشيات المدعومة من طهران.
وتحدثت المصادر عن وجود مفاوضات بين موسكو وطهران من أجل انسحاب الميليشيات الإيرانية من الجنوب السوري، لكن إيران لا تفكر بالتخلي عن مواقعها بسهولة، متوقعة أن تفشل روسيا بالنهاية في جهودها.
وصعَّدت إيران في منطقة الجولان المحتلة من جديد حيث اخترقتها طائرة بدون طيار إيرانية في 13 تموز/ يوليو، ليرد الجيش الإسرائيلي بإسقاطها بمضادات الطيران.
وأظهرت صور للأقمار الصناعية أن إيران تعيد بناء مقرها الأساسي الذي دمرته الطائرات الإسرائيلية سابقاً قرب مطار دمشق الدولي، ويسمى بـ “البيت الزجاجي”، والذي يوجد بجانبه مستودعات للأسلحة.
وفي ما يبدو أن روسيا والدول التي تسعى للاتفاق معها ستصطدم عاجلاً أم آجلاً بحاجز الواقع الذي يشير إلى تغلغل إيراني كبير في سوريا، وغير مقتصر على الشق العسكري؛ فبالإضافة إلى التمدد الإيراني السريع بريف دمشق وتجنيد ميليشيات هناك، ورعاية “لواء الباقر” بدير الزور، وإنشاء المعاهد والحسينيات فيها، فهناك أيضاً منظمات ومؤسسات تعمل على توسيع نفوذ طهران عن طريق القوة الناعمة ويبلغ عددها 14، أبرزها “جهاد البناء” و “مؤسسة الجهاد الإسلامية”، و”المؤسسة الخيرية الإسلامية”، التي اشتركت جميعها في عملية إعادة إعمار الجنوب اللبناني وقدمت مساعدات للسكان هناك، وحالياً تفعل الأمر نفسه في سوريا.

مؤشرات على معارضة “نظام الأسد”

وأكد “بشار الأسد” في تصريحات له يوم أمس على أهمية العلاقة التي وصفها بـ “الإستراتيجية” مع إيران، واعداً بالاستمرار بها وتطويرها.
وهاجم “خالد عبود” السياسي الناطق بشكل غير رسمي باسم نظام الأسد، وعضو مجلس الشعب الدورَ الروسي في المفاوضات الأخيرة، وأشار إلى أن “الروسي غير مخول بالنطق باسم السوري والإيراني أمام إسرائيل” وأن “الخريطة الميدانية في سوريا أنجزت قبل التدخل الروسي”.
وينتهج نظام الأسد منذ التدخل الإيراني ثم التدخل الروسي سياسة المراوحة بين البلدين لتجنب الضغوط الروسية من أجل الدخول في أي عملية سياسية تجعله يتخلى ولو جزئياً عن تركيبته الحالية.
وفي ظل معطيات الواقع السياسية والميدانية تبدو الخيارات أمام روسيا ضيقة وتتراوح بين اللجوء إلى السماح لإسرائيل بتنفيذ ضربات موجعة تقوض الوجود الإيراني في سوريا وليس مؤكداً أن هذا سيؤدي إلى نتائج، وبين عملية إدماج الميليشيات الإيرانية في المؤسسة الرسمية للنظام مع ما يحمله هذا الخيار من مخاطر الانفجار اللاحق وتفخيخ للتفاهمات، وقد يكون غير مقنع أيضاً لكل من تل أبيب وواشنطن.

ويرافق كل هذه العقبات معارضة من المؤسسات الرسمية في أمريكا وعلى رأسها وزارة الدفاع ووكالة الاستخبارات المركزية والحزب الجمهوري للمضي قدماً في مقاربة الاعتماد على روسيا في إنهاء النفوذ الإيراني بسوريا، وتشكيك بجدوى الأمر.

المصدر : نداء سوريا

آخر التحديثات
  • تابعونا على الفيسبوك

  • أتبعني على تويتر