أوجلان في قلب الانتخابات التركية

آراء وقضايا 03 مارس 2015 0
+ = -

 

.

دعوة الزعيم الكردي عبد الله أوجلان حزب العمال الكردستاني “PKK” لإلقاء السلاح و عقد مؤتمر استثنائي في الربيع لبحث آليات الانخراط في عملية السلام كانت الخبر الأبرز الذي تناقلته وسائل الإعلام نظرا لأهمية الحدث الذي ينعكس على التوازنات الإقليمية نتيجة نفوذ حزب العمال الكردستاني” PKK” في كل من إيران و العراق و سوريا من خلال أحزاب رديفة له، وعلى الصعيد الدولي أيضا إذ أن أحد مراكز الدراسات الأميركية بينت مؤخرا أن قوة تركيا السياسية و الاقتصادية ستتعاظم خلال العشر سنوات المقبلة في حال ضمان الاستقرار الداخلي مما يؤدي إلى تعزيز مكانة تركيا الدولية .

.

عملية السلام إن تمت سيكون المستفيد الأكبر منها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الطامح إلى تغيير نظام الحكم إلى النظام الرئاسي عوضا عن النظام البرلماني و قصر دور البرلمان في الحالة التشريعية، و لهذا يحتاج حزب العدالة والتنمية”AKP” إلى 367 صوت من أصل 550 في البرلمان لإقرار التغيير أو 330 صوت ليحيل المشروع للاستفتاء، إلا أن إتمام هذه العملية ليس بالأمر السهل حيث يعتريها صعوبات على عدة أصعدة:

.

على صعيد حزب العدالة والتنمية  “AKP” فقد عصفت به في الآونة الأخيرة قضايا فساد مالي و حكومي تم الكشف عنها إثر الخلاف مع جماعة فتح الله غولان، و خوضه الانتخابات بدون زعامة أردوغان الأمر الذي قد يؤثر سلبا على الحزب كما جرى من قبل مع حزب الوطن الأم “ANAP” بدون توغوت أوزال 1989 و حزب الطريق القويم “DYP” بدون سليمان ديميرل 1993، إضافة إلى أن حوالي 80 قيادي من الحزب لا يستطيع الترشح للانتخابات نتيجة مادة في النظام الداخلي للحزب تقضي بعد جواز ترشح العضو الحزبي لأكثر من ثلاث دورات برلمانية.

.

على الصعيد الكردي: قرر الكرد لأول مرة خوض الانتخابات كحزب قائم من خلال حزب الشعوب الديمقراطية “HDP” و ذلك بغية كسر احتكار حزب العدالة و التنمية للأغلبية البرلمانية، حيث جرت العادة أن يخوض النواب الكرد الانتخابات كمستقلين و من ثم الإعلان عن كتلتهم داخل البرلمان، تجنبا لقانون العتبة البرلمانية و الذي يقضي بأن على أي حزب تحقيق نسبة 10% من المقاعد حتى يحق له الدخول إلى البرلمان،  و في حال عدم نجاح حزب الشعوب الديمقراطية في تجاوز العتبة و الدخول إلى البرلمان فإن الأغلبية ستؤول إلى حزب العدالة و التنمية و التي ستمكنه من تمرير مشروع تغيير الحكم على الأقل للاستفتاء، إلا أن هذا سيؤدي إلى اضطرابات داخلية و شقاق مع الكرد سيعيد البلاد إلى نقطة الصفر من مسيرة الحزب في الحكم، من هنا نرى بأن أوجلان يوجه رسائل خفية إلى اردوغان و حزب العدالة و التنمية بأن حزب الشعوب الديمقراطية إن لم يدخل البرلمان لن تكون هناك عملية سلام و أي استقرار للبلاد.

.

لخص أوجلان خطته للسلام في عشر نقاط تمثل توجها نحو اليسار الديمقراطي تماهيا مع تركيبة حزب الشعوب الديمقراطية المكون أساسا من كتلة حزب السلام والديمقراطية ” BDP” الكردي و مجموعة  من الأحزاب التركية اليسارية، بغية كسب أصوات اليسار التركي حيث نجح صلاح الدين ديمرطاش  من قبل في كسب جزء من أصوات حزب الشعب الجمهوري”CHP” اليساري الأتاتوركي في الانتخابات الرئاسية .

.

إلا أن بعض النقاط التي طرحها أوجلان في ” تناول علاقة الديمقراطية بالأمن بشكل يحمي النظام و الحريات خلال مسيرة السلام ” تصطدم مع سياسات الحكومة الحالية من خلال مشروع الدولة البوليسية متمثلا في ” قانون الأمن الداخلي ” و الذي تقدم به نواب حزب العدالة و التنمية للبرلمان مما أدى معارضة شديدة و نشوب عراك بالأيدي بينهم و بين نواب حزب الشعب الجمهوري و الشعوب الديمقراطية، و قد أعلن حزب العمال الكردستاني”PKK” أنه لن يمضي بعملية السلام في حال إقرار هذا القانون، و قد طرحت الحكومة شرط تخلي العمال الكردستاني عن سلاحه للأبد و الذي يعد مقامرة كبرى للحزب في حال عدم تقديم ضمانات قانونية و دستورية لتثبيت حقوق الكرد و ضمان سلاسة الانتقال من الكفاح المسلح إلى العمل السياسية و التنظيمي.

.

الانتخابات البرلمانية القادمة ستكون انعطافة تاريخية في مسيرة الجمهورية التركية منذ نشوؤها 1923 على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، و في حال تحقيق اردوغان لما رسمه سيزاحم أتاتورك على الزعامة التاريخية للأمة التركية في حال تلبيته لخطة السلام التي طرحها أوجلان الذي بات يملك خيوط اللعبة كلها بيده.

.

هوزان ابراهيم

آخر التحديثات
  • تابعونا على الفيسبوك

  • أتبعني على تويتر