موقف تركيا من الكرد.. بين الأمس واليوم

بيانات سياسية 30 يوليو 2015 0
موقف تركيا من الكرد.. بين الأمس واليوم
+ = -

 

.

يعيش في تركيا (25) مليون كردي ان لم يكن أكثر من هذا العدد وفق تقديرات الكثيرين، ومارست الحكومات التركية ضدهم شتى أنواع التنكيل والقتل والتعذيب والاضطهاد القومي، خاصة في عهد كمال أتاتورك الذي عامل الكرد بكل قسوة خالية من كل مدلول انساني، حتى انه دفن المئات وهم أحياء، ويعجز المرء عن ايراد الاساليب التي استخدمت في التعذيب ضد الكرد مما يندى له جبين الانسان، وظل هذا النهج العنصري والقمع القومي تجاه الكرد من جانب الحكومات المتعاقبة على سدة الحكم بعد كمال أتاتورك، وابتكروا تسمية غريبة، حيث سموا الأكراد بأتراك الجبال ومنعوا كلياَ التحدث باللغة الكردية وبدفع غرامة مالية على كل من يشاهد وهو يتحدث اللغة الكردية.

.

وتمت الأمور على هذا المنوال حتى تسلم حزب العدالة والتنمية الحكم في تركيا، فأحدث انفراجاَ نسبياَ تجاه الكرد والقضية الكردية، حيث بات الكردي يتحدث بلغته وقادر على القول باني كردي، وسمح له بممارسة الفولكلور الخاص به، وتم بعد سنوات تشكيل حزب سياسي دون ان يحمل اسم الكرد، ثم بادرت الدولة الى انشاء فضائية ناطقة باللغة الكردية وتتطرق صراحة الى القضية الكردية وكردستان، هذا من الناحية السياسية، حيث اعتبرها العديد من المراقبين السياسيين خطوات ايجابية من الحكومة التركية وتوجهاَ نحو تحقيق ديمقراطية حقيقية في تركيا.

وفي هذا الاتجاه خطت الحكومة التركية خطوة ايجابية أخرى على طريق التعامل مع الفيدرالية التي أعلنها الشعب الكردي في كردستان العراق وتبادل التمثيل الدبلوماسي معها، حيث أنشأ قنصلية لتركيا في العاصمة أربيل وتبادل مع الاقليم مختلف العلاقات الاقتصادية والثقافية، وتتابعت هذه الخطوات الايجابية عندما أعلن وزير الخارجية التركي السيد أحمد داود أوغلو بأن تركيا لا تمانع في أن يحصل الكرد على حقوقهم القومية في سوريا ضمن وحدة سوريا واستقلالها، وتكرر هذا القول مرات عديدة من داود أوغلو أمام المعارضة السورية وفي تصريحات صحفية أدلى بها السيد داود أوغلو.

.

اننا نقدر تقديراَ عالياَ هذه الخطوات الايجابية من حزب العدالة والتنمية رغم بساطتها تجاه القضية الكردية ومع انها لم تكن بمستوى طموح الشعب الكردي وتضحياته الجسيمة التي قدمها على مذبح الحرية، حيث قدم الشعب الكردي المناضل آلاف الشهداء وتعرض خلال عشرات السنين لأشرس حملة دكتاتورية من أجل الحصول على حقوقه القومية المشروعة والذي يبلغ تعداده ثلث سكان تركيا، وليس أقل من ذلك.

.

ان الشعب الكردي في كردستان تركيا وأجزاء كردستان الأخرى كان يتوقع أن تقدم حكومة العدالة والتنمية بعد هذه الخطوات المتواضعة نحو القضية الكردية الى اتخاذ خطوات أكثر عمقاَ واستجابة لطموحات الشعب الكردي وتطرح حلاَ علمياَ للقضية الكردية على أساس تحقيق الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي تحت اطار فيدرالية قومية تكون أساساً لتطوير كردستان تركيا في كافة مجالات الحياة، سياسياَ، اقتصادياَ وثقافياَ وغيرها.. لا أن تقف عند الحلول المتواضعة التي جاءت أصلاَ كما يقال الان من أجل كسب أصوات الناخبين الكرد والترك في الانتخابات المقبلة، وليس ايماناَ من جانب حزب العدالة بضرورة حل القضية الكردية على أسس علمية صحيحة.

اننا لا نريد التشكيك بنوايا قادة هذا الحزب، ولكن لابد من القول الصريح بأن التصرفات والتصريحات الأخيرة لقادة الحزب يستشم منها رائحة الندم والتراجع عن الخطوات المتخذة سابقاَ نحو القضية الكردية، حيث صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنه سيتدخل ضد القوات الكردية التي تقاتل داعش فيما اذا توجهت الى منبج أو المنطقة التي تفصل كوباني عن عفرين، فكيف يمكن تفسير هذا التصريح سوى انه يبحث عن حجة لمحاربة مقاتلين كرد يحاربون داعش ليس الا، لان المناطق المعنية ليست كردية وانما هي مختلطة، والكرد لا يشكلون فيها أكثرية السكان أيضاَ، ثم لم تقف الأمور عند هذا الحد، فقد أمر الرئيس أردوغان قواته الجوية بمهاجمة مناطق في كردستان العراق، معلناَ بدء حملة ضد حزب الـ (ب.ك.ك).

>

نحن لا ندافع عن أحد، ولكننا نقول بأن الحرب والقتال لا ولن يحلا مشكلة، وانما تحل المشاكل عن طريق الحوار السلمي، كما بدأتم من قبل مع السيد عبد الله أوجلان قائد حزب العمال الكردستاني، ومن هنا ندعوا قادة حزب العدالة والتنمية أن يعودوا الى سياستهم التي بدؤها عند تسلمهم للسلطة ولا يجروا البلاد الى حرب لا طائل منها، وهذا ما أثبتته تجربة السنوات المنصرمة من القتال.

>

عبد الحميد درويش

سكرتير الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا

30/7/2015

آخر التحديثات
  • تابعونا على الفيسبوك

  • أتبعني على تويتر