الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي… وبوصلته الاستراتيجية في الوقت الراهن

آراء وقضايا 29 نوفمبر 2015 0
الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي… وبوصلته الاستراتيجية في الوقت الراهن
+ = -

دلشاد مراد

.

ثمة سؤال ينبغي أن يطرحه أي تنظيم سياسي في روج آفا وسوريا على نفسه في الوقت الراهن ، ماهي الاستراتيجية الأكثر ملاءمة للسير عليه، ضمن واقع أصبح فيه للقوة العسكرية على الأرض الكلمة الفصل في بقاء أي مكون بكامله على قيد الوجود؟ …

.

كانت استراتيجية الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي قبيل المؤتمر الأخير غير واضحةً، ففي بداية ثورة روج آفا كان للتقدمي علاقات جيدة وتحالفية مع حزب الاتحاد الديمقراطي، ومن ثم تم فك هذ التحالف لينضم للائتلاف السوري المعارض الذي ليس لديه أي برنامج حقيقي بشأن القضية الكردية أوحتى لمستقبل سوريا.

.

الوضع السوري الحالي أصبح لوجود القوة الدور الكبير في بقاء أي حزب على الساحة، بل وأصبحت مصائر الشعوب والمكونات السورية في خطر كبير بعد الهجمات التي تشنُّها مجاميع المرتزقة المدعومة بأموال بعض الدول الخليجية، و تركيا التي تستخدم كل إمكاناتها لإفشال تجربة الإدارة الذاتية الديمقراطية في روج آفا.

.

والائتلاف السوري عملياً ليس سوى كوكتيل يضم مجموعة من الكيانات السياسية وأشخاص موجودين خارج الأراضي السورية وليس لهم أي امتداد على الأرض، ائتلاف موجه ومدعوم من تحالف الأسرة الحاكمة في السعودية وحزب العدالة والتنمية التركي، ائتلاف يوجه سهامه الحاقدة ضد الشعب الكردي في كل انتصار يحققه على أرض المعركة في روج آفا، وبالتالي فإنَّ أي تنظيم سياسي يربط نفسه بسياسة الائتلاف السوري يعني وقوعه بشكل مباشر تحت تأثير المال والسياسة الخليجية والتركية، هذا أمر واضح ولا لبس فيه أبداً، وقرار مؤتمر التقدمي تفعيل نشاطه داخل الائتلاف، يعتبر من وجهة نظري خطأً استراتيجياً كبيراً وقعت فيه قيادة الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي، وستكتشف في المستقبل القريب حجم الخطأ الذي أوقعت نفسها به من خلال هذا القرار.

.

إلا أن قرار التقدمي بالانسحاب من المجلس الوطني الكردي كان قراراً صائباً وجريئاً، فالمجلس الوطني ومنذ تأسيسه لم يكن لديه أي دور سياسي، وهو يتحرك كأجندة لصالح بعض الأطراف الإقليمية والكردستانية. والهدف من تشكيله لم يكن سوى الحفاظ على الأحزاب الكلاسيكية الكردية على قيد الحياة بعد التهامها الكيانات الشبابية التي ظهرت نواتها في بداية الثورة السورية. وانسحاب التقدمي من المجلس الوطني يعتبر رسالة قوية إلى الأخيرة بأن تحركاتها الأخيرة لإثارة الشارع ليس لها أي بعد شعبي.

.

القرار الصائب الآخر الذي أقره المؤتمر الرابع عشر للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي هو تكليف اللجنة المركزية المنتخبة بدراسة سبل العلاقة مع الإدارة الذاتية الديمقراطية، وهذا قرار بحاجة إلى تفعيل على الأرض، وإلى مزيد من الجرأة لدى قيادة الحزب التقدمي، فقراره بتفعيل نشاطه في الائتلاف السوري وإمكانية التعامل مع الإدارة الذاتية الديمقراطية في آن واحد ربما يكونان متعارضين أساساً، فوضع الرجلين في مكانين متعارضين هو سياسة خطيرة وقد يكون لد تداعيات مستقبلية.

.

إذاً في قراءة أولية لنتائج وقرارات المؤتمر الرابع عشر للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي يمكننا القول: إنَّ الأخير بدأ يسوق نفسه ضمن سياسة “الحل التوافقي” أو “القوة الثالثة” في الساحة السياسية الكردية “محلياً” وكقوة كردية معارضة للنظام السوري من الدرجة الأولى من خلال تفعيل نشاطه في الأطر السياسية السورية في الخارج “سورياً”… ولكن نجاح هذه السياسة التقدمية الجديدة سيكون مرهوناً بتوافر أرضية وأدوات معينة..

.

إن الإدارة الذاتية الديمقراطية ستبقى الملاذ الأخير والدائم لكل التنظيمات الكردية ولجميع مكونات المجتمع السوري، وأعتقد أن الوقت لن يطول كثيراً لإدراك التنظيمات الكردية أن وجودها ضمن نظام الإدارة الذاتية الديمقراطية سيكون لصالحها ولصالح الشعب الكردي أيضاً.

.

نبذة عن الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا

.

تأسس الحزب في عام 1966م بعيد الانقسام الذي حصل داخل الحزب الكردي الأم في عام 1965م، وقد كان اسم الحزب في تأسيسه “الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا” ليتم في عام 1976م إضافة كلمة “التقدمي” إلى اسم الحزب.

.

تعرض الحزب منذ تأسيسه إلى عدة انشقاقات وأزمات (أزمة منظمة حلب1982م، انقسام 1992م، انسحاب مجموعة المعلمين، استقالة أبرز مؤسسيه رشيد حمو، انسحاب كتلة صالح كدو “الحزب الاشتراكي الكردي”، انبثاق حركة الإصلاح الكردي 2010م ). ويتولى عبد الحميد درويش (79عاماً) سكرتارية الحزب منذ تأسيسه.

.

ونتيجة لانتقال سكرتيره عبد الحميد درويش للإقامة في الخارج في بداية الأزمة السورية، وكذلك شقيقه صلاح درويش الذي تم اختياره كممثل للتقدمي في الائتلاف الوطني السوري، فقد برز دور لافت لعضو المكتب السياسي للحزب أحمد سليمان وظهر كعضو إداري ناجح يقود الحزب في الداخل.

.

يعتبر الحزب من مؤسسي المجلس الوطني الكردي وترأس عبد الحميد درويش رئاسة لجنة العلاقات الخارجية للمجلس في بدايته، ولكن الحزب التقدمي أعلن تجميد عمله داخل المجلس في أعقاب المؤتمر الثالث الأخير الذي انعقد منتصف العام الجاري، وذلك على خلفية استئثار حزبي يكيتي والديمقراطي الكردستاني على الحصة الكبرى في هيئات المجلس الوطني، واحتجاجاً على الخلافات داخل المجلس وعدم تفعيله.

.

في بداية ثورة روج آفا تحالف الحزب التقدمي مع حزب الاتحاد الديمقراطي واستلم التقدمي إدارة عدة مراكز محررة في مدن ديريك وجل آغا، إلا أن الحزب تراجع عن تحالفه مع الاتحاد الديمقراطي في غضون سنة، وقرر تفعيل نشاطه في المجلس الوطني الكردي، والانضمام إلى الائتلاف السوري المعارض.

.

في مؤتمره الرابع عشر الذي انعقد قبل أيام، قرر الحزب الانسحاب كلياً من المجلس الوطني الكردي لصالح تفعيل نشاطه داخل المعارضة السورية والائتلاف السوري، مع إمكانية دراسة سبل التعامل مع الإدارة الذاتية الديمقراطية.

.

يعتبر التقدمي من الأحزاب الحليفة للاتحاد الوطني الكردستاني، وعرف عن جلال الطالباني كونه من أبرز داعمي التقدمي منذ تأسيسه.

آخر التحديثات
  • تابعونا على الفيسبوك

  • أتبعني على تويتر