الحرب العالمية الأولى والأرمن

آراء وقضايا 25 أبريل 2016 0
الحرب العالمية الأولى والأرمن
+ = -

دلاور زنكي
.
الشعب ألأرمني أحد الشعوب القديمة التي سكنت في منطقة الشرق الأوسط. وتأسست دولتهم الأولى في القرن / 6 ق.م /. انتشر الدين المسيحي بين الأرمن في القرن / 4 / الميلادي. وهم أصحاب حضارة مزدهرة. يتكلمون لغتهم المتفرعة من اللغة (الهندو- أوروبية)، وتاريخهم المأساوي أشبه بتاريخ الكُرد، حيث غاب عنهما الاستقرار والأمن والأمان، بعد أن تكالب عليهما الظالمون منذ أمد بعيد، طمعاً في خيرات أراضيهما التي صارت مرتعاً للغزاة المحتلين، فبات أبناء الشعبين غرباء تعساء تتناهشهم أنياب الذئاب البشرية، فتحولت بلادهما لميادين تحتدم عليها المعارك والحروب. عانى الشعب ألأرمني البؤس والشقاء والتشرد، منذ عهود الرومان، والساسانيين، والبيزنطينيين، إلى العثمانيين مروراً بالسلجوقيين والصفويين.

.
قسم العثمانيون والصفويون بلاد الأرمن (أرمينيا) بينهما عام /1639/ القسم الشرقي احتله الصفويون، والقسم الغربي احتله العثمانيون. وبعد معارك طاحنة تغلب الروس على الإيرانيين، فأبرمت بينهما عام /1828/ معاهدة تركمان جاي، وبموجبها ألحقت أرمينا الشرقية بالدولة الروسية. إلا أن روسيا تخلت عن بعض المقاطعات الغربية (الأرمنية) لصالح العثمانيين، مقابل إحكام قبضتها على مناطق القفقاس، وبعد انتصار الروس على العثمانيين أبرمت بين الجانبين معاهدة سان ستيفانو عام / 1878 /، فقد نصت المادة / 16 / من المعاهدة: { باعتبار أن انسحاب القوات الروسية من المقاطعات التي تحتلها في أرمينيا “الغربية التركية” والتي سوف يصار إلى إعادتها إلى تركيا، قد يؤدي إلى نشوب خلافات وتعقيدات قد تضر بالعلاقات الحميدة بين الدولتين المتعاقدتين روسيا والدولة العثمانية، لذلك يتعهد الباب العالي دون إبطاء بإدخال التحسينات والإصلاحات التي تقتضيها الظروف المحلية في المقاطعات التي يقطن فيها الأرمن وبضمان سلامتهم”. } .

.
نظرت الدول الأوروبية وبشكل خاص إنكلترا بعين القلق إلى الانتصار الروسي، وإلى معاهدة سان ستيفانو التي قد تمهد الطريق لروسيا للوصول إلى مضائق البوسفور والدردنيل، ومن ثم ابتلاع أراضي الإمبراطورية العثمانية، وبالتالي ستهدد مصالحها، فلذلك اتفقت بريطانيا سراً مع السلطان عبد الحميد الثاني على تعديل معاهدة سان ستيفانو والتخفيف من قيودها على السلطنة العثمانية، مقابل تنازل السلطان عن جزيرة قبرص لبريطانيا، وبعد موافقة السلطان على المقترح والطلب البريطاني، وبدعوة مباشـرة من بريطانيا تم عقد مؤتمر برلين في العام نفسـه، وقد استبدل المؤتمر المادة / 16 / من معاهدة سـان سـتيفانو بالمادة / 61 / من معاهدة برلين التي جاء فيها: {.. يتعهد الباب العالي دون أي تأخير بتحقيق الإصلاحات وإدخال التحسينات التي تقتضيها ظروف المقاطعات التي يقطنها الأرمن، وبضمان سلامتهم، وسيقدم الباب العالي (بشكل دوري) بياناً بالخطوات التي يتخذها بهذا الصدد إلى الدول المعنية بمراقبة عملية تنفيذ هذه الطلبات. }. وقد حولت معاهدتي سان ستيفانو وبرلين القضية الأرمنية لأول مرة من قضية داخلية عثمانية إلى قضية دولية، وتعهد السلطان بتقديم تقارير دورية إلى الدول الأوروبية عن الإصلاحات الحكومية في أرمينيا. ومع أنهما لم يشهدا النور بسبب تهرب السلطان من الالتزام بتعهداته إلا أن القضية الأرمنية عادت للسطح مرة أخرى بعد مجازر السلطان عبد الحميد الثاني في منطقة ساسون الجبلية عام /1892/ ضد الأرمن والتي عمقت الاستياء الشعبي العام من الاستبداد الحميدي، ومهدت الطريق بعد ذلك لانقلاب حزب الاتحاد والترقي عام / 1908 / على السلطان عبد الحميد الثاني وفرض دستور جديد للبلاد، الذي استبشرت به جميع الشعوب التي كانت تنضوي تحت السلطة العثمانية خيراً، ووجدت في شعارات: الحرية و الإخاء و المساواة، مخرجاً من عصور التخلف والعزلة والانحطاط، ولكن سرعان ما خاب أملهم في الاتحاديين الذين رفعوا شعاراً جديداً يدعوا لبناء الإمبراطورية الطورانية، وحدودها الممتدة من منغوليا شرقاً إلى أطراف البلقان غرباً، ولتطبيقه مارسوا سياسة التتريك المنتنة بحق الشعوب غير التركية. وكان الأرمن من أكثر الشعوب المتضررة من سياسة حزب الاتحاد والترقي، الذي استغل ظروف الحرب العالمية الأولى للقيام بإبادة جماعية ومنظمة بحقهم، والتي أودت بحياة أكثر من / 1،5 / مليون أرمني عام / 1915 / .

.

لتعود القضية الأرمنية إلى الظهور مجدداً، وخاصة بعد وصول قوات روسيا القيصرية إلى شمال شرق تركيا، وهي أراضي أرمنية وكردستانية، إلا أن قيام ثورة البلاشفة في روسيا القيصرية عام / 1917 /، أدى بالحكومة القيصرية إلى سحب قواتها من مختلف الجبهات وخاصة من جبهة شمال شرق تركيا، وقد تحمل المقاتلون الأرمن عبء الدفاع عن تلك الجبهة، لغاية قيام الحكومة البلشفية المؤقتة في بيتروغراد برئاسة كيرنسكي، والتي شكلت لجنة عليا لإدارة شؤون منطقة القوقاز والمؤلفة من / 5 / أشخاص: روسي رئيساً اللجنة و / 4 / أعضاء جورجيين و أرمني و آذري، حدثت خلافات مستفحلة بين أعضاء اللجنة، إلا أنه وافقوا على تشكيل جيش أرمني مستقل بقيادة الجنرال نازار بيكوف. وفي 25 / 9 / 1917 أقرت حكومة كيرنسكي بحق تقرير المصير للشعب ألأرمني، وبتاريخ 2 / 11 /1917 تم التصديق عليه من قبل مفوضية الشعب السوفييتي، التي تأسست بعد استقالة حكومة كيرنسكي”.

.
وفي عام /1918/ تمكن الجيش ألأرمني من صد القوات العثمانية والانتصار عليها، وأعلنت الجمعية الوطنية الأرمنية استقلال الجمهورية الأرمنية في 28 / 5 / 1918، واتخذت مدينة يريفان عاصمة للجمهورية، واضطرت الحكومة العثمانية إلى الاعتراف باستقلال جمهورية أرمينيا، بموجب معاهدة باطوم التي وقعت يوم 4 / 6 / 1918.

.

وبعد استسلام الدولة العثمانية بموجب معاهدة مودورس في 30/10/1918 وخلال انعقاد مؤتمر الصلح في باريس يوم 25 / 2 / 1919 قدم الوفد ألأرمني المشارك مذكرة إلى رئاسة المؤتمر دعا فيها الحلفاء إلى الاعتراف بالحكومة الأرمنية، ومعاملتها معاملة الدول الحليفة المنتصرة. ورغم اعتراف الحلفاء باستقلال أرمينيا بموجب معاهدة سيفر /1920/ التي حققت جزءاً من الآمال الأرمنية بإنشاء دولة واحدة للأرمن في روسيا وتركيا، إلا أن الحكومة السوفييتية شجعت بعض الأطراف الأرمنية على تشكيل ما سمي بـ (لجنة الإنقاذ) برئاسة سيمون فراتيان، التي قامت بالانقلاب على الحكومة الوطنية الأرمنية في 18 / 2 / 1921 وشكلت حكومة جديدة لم تستمر طويلاً. وبعد انتصار الشيوعيين في حربهم الداخلية، واحكموا قبضتهم على كافة أرجاء روسيا القيصرية بما فيها منطقة القفقاس، توجهوا نحو أرمينيا ودخلوا عاصمتها يريفان في يوم 3/12/1921، ومنها تم إعلان أرمينيا جزء من الاتحاد السوفييتي، وأصدروا قراراً بتشكيل جمهورية ما وراء القفقاس (المكونة من أرمينيا وأذربيجان وجورجيا). ومع صدور الدستور السوفييتي، المسمى بالقانون الأساسي للدولة السوفييتية، بموجبه ألغيت جمهورية ما وراء القفقاس، وشكل الاتحاد السوفييتي من / 15 / جمهورية اشتراكية عام /1926/ فكانت أرمينيا أصغرها باسم جمهورية أرمينيا السوفييتية الاشتراكية “.

.
منذ قدم التاريخ كانت بين الشعبين ألأرمني والكردي المتجاورين، علاقات حسن الجوار وأواصر المحبة والتفاهم، وجمعهما النصيب ذاته من الظلم والجور، من الإمبراطوريتين العثمانية والصفوية، وكلاهما كانا يتقاسمان معاً ألوان الاضطهاد والبؤس والتشريد المتعمد.
كتب البروفسور ألأرمني مانوفييل ارسونوفييج حسرتيان في أحد أبحاثه عن انتفاضة الشيخ سعيد بيران عام / 1925 / مؤكداً بأنه عموماً لم يكن التعصب الديني صفة الكُرد في يوم من الأيام، وكان الكثير من العشائر الكُردية تعتنق الإسلام شكلاً، والمذاهب الإسلامية إنما تطورت أولاً بين الكُرد. وتاريخ الحركات التحررية الكُردية يدل على نضالهم الدائم ضد سلطة السلطان وأجهزته، التي كانت تتبع عبر القرون الوسطى سياسة الاضطهاد ضدهم”. وعلى السياق ذاته يؤكد الباحث الروسي ف. كردليفسكي، بقوله: {.. لم يلعب اختلاف الدين بين الكُرد المسلمين والأرمن المسيحيين أي دور عبر التاريخ. وكان الأرمن يذهبون إلى مساجد الكُرد المسلمين، وكذلك كان الكُرد يذهبون إلى كنائس الأرمن ..}.
فخلال الحرب العالمية الأولى وفي عامها الـ / 2 / الذي وقعت فيه مجازر الأرمن، ذكر الميجر البريطاني ك. صون عبر محاضرة ألقاها أمام الجمعية الجغرافية الملكية في لندن: { .. قد يكون لأي منا فكرة غامضة عن كون الكُرد مسئولين عن مذابح الأرمن، ولكن قليلاً منا يعرف أن الغالبية العظمى من المسيحيين كانوا يعيشون في سعادة كبيرة في كُردستان قبل سنوات الحرب العالمية الأولى .. }.

.
وكلما صدف أن احتدم القتال بين الروس والعثمانيين، كان الأرمن دوماً يحاربون إلى جانب القوات الروسية ضد القوات العثمانية. وكانت روسيا تطمح بالاستيلاء على القسم الآخر من الأراضي الأرمنية. وهذا التحيز ألأرمني للروس جرَّ غضب العثمانيين على الأرمن ليرتكبوا بحقهم المجازر الجماعية، ولاسيما المجزرة الجماعية التي نفذها العثمانيون عام / 1915 /، والتي فيها قتلوا عشـرات الآلاف من الأرمن، وأحرقوا قراهم ومنازلهم وسلبت أموالهم. وأنَّ / 90% / من الأرمن الذين نجوا من بطش الأتراك كان الكُرد وراء إنقاذهم، وقد أدى الكُرد دوراً إنسانياً وبطولياً للحفاظ على حياتهم، حيث كانوا يخفونهم في بيوتهم ويدافعون عنهم بكل ما كانوا يملكون من القوة.

.
إن رغبة الدول الكبرى في تأمين مصالحها، جعلتها تتكالب على خيرات أرمينيا وكُردستان، ولتحقيق أهدافها خُدع الأرمن والكُرد بوعودهم الجوفاء، ليصبح الشعبان ضحيتين تلاعب بهم أعداءهم. ففي تلك الظروف الصعبة والقاسية لم يتخلى الكُرد والأرمن عن أحاسيسهم ومشاعرهم القومية السَّوية، فقد استمرت علاقاتهم الوطيدة ولم تؤثر فيهم الأحداث (المجازر بحق الأرمن) بل استمروا على وفاقهم وتفاهمهم، ولاسيما في المناطق التي كانت تحت سيطرة الكُرد، لتصبح علاقتهم الإنسانية الحميمية المتبادلة بين أفراد الشعبين، أمثولة حسنة ظهرت للعالم بكل جلاء. والمؤسف ما جرى في بعض المناطق التي كانت تحت سيطرة العثمانيين، أن قسماً من الكُرد ممن يفتقدون للمشاعر القومية والأحاسيس الإنسانية أصبحوا أدوات تصرفت بها السلطات العثمانية كيفما شاءت. وبالمقابل في ذات الوقت يمكن القول: تماماً فإن تلك الصورة كانت تسود بعض المناطق الأرمنية، حين تحول الأرمن فيها إلى أدوات طيّعة بيد الروس. فحقيقة حالة تلك النكبات والمآسي التي ألمّت بالأرمن، كان نصيب الكُرد مثلها قريب من نصيب الأرمن.

.
يقول إسماعيل حقي شاويش:

.
{ بناء على مبادئ ويلسون رئيس الولايات المتحدة الذي أعلن عن تعهدِ أمريكا وبريطانيا وفرنسا للأرمن بإنشاء دولة أرمينية واسعة الأطراف، تبدأ حدودها من يريفان حتى ميناء مدينة اسكندرونة الواقعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط. وكانت تلك الدول (في السابق) قد تحاورت بذلك الشأن مع حكومة طاشناق الأرمنية وحكومة المساواة الأذربيجانية القفقاسية وجورجيا وتم الوفاق على ذلك. ففي قفقاسيا الأرمنية كانت الحدود التركية والروسية عقبة كأداء في سبيل إنشاء دولة أرمينية موحدة. وكان يُطلب من هذه الدول (بعد اتخاذ القرار) أن تكون قواتها متأهبة إزاء الدولة التركية والاتحاد السوفييتي. وفي الشأن ذاته فقد التمس زعماء أرمينيا (أصحاب الحل والربط فيها)، من الدول الأوروبية والولايات المتحدة (أثناء الحرب العالمية الأولى) تقديم العون والمساعدة لمجابهة العثمانيين. ورغم أن الكُرد لم يكونوا مرتاحين للمكائد والدسائس التي كان يسعى إليها الأرمن، إلا أنهم كانوا يكرهون أن يتعرض الأرمن للقتل والويلات وبالتالي ينالهم الشَّر. وحين قررت الحكومة العثمانية البدء بارتكاب المجازر بحق الأرمن أعوام / 1914 ــ 1915 / هب الكُرد لنصرة الأرمن فأخفوا /30 / ألف من أبناء الشعب ألأرمني في قراهم بعيداً عن عيون السلطات التركية، ورغم سخط العثمانيين من مواقف الكُرد تجاه الأرمن، إلا أنهم تحملوا أعباء مواقفهم فأنقذوا أرواح الأرمن وحافظوا على كرامتهم وأعراضهم. سبق للكُرد تأييدهم لقضية الأرمن في حق تقرير مصيرهم بأنفسهم وإقامة مشروع وطن مستقل، إلا أنهم لم يقدموا العون لهم خشية وحشية الأتراك (من جهة)، وخشية من قيام دولة أرمينية مترامية الأطراف على حساب أرض كُردستان (من جهة أخرى). وهذا الأمر جلب للكُرد حرجاً كبيراً. ولذلك أعلن زعماء اللجان الكُردية (السياسية والجمعيات والمنظمات) في استانبول والأناضول وسائر كُردستان تركيا، مطالبتهم بتحرير كُردستان. ولهذا الغرض تم الاتصال والتوصل مع بريطانيا، وأمريكا، وفرنسا، وايطاليا، واليونان على ضرورة التفاهم بشأن الحقوق التاريخية للشعب الكوردي، كي لا تتجزأ أرض كُردستان فيما لو قسمت أراضي الإمبراطورية العثمانية.

.

سبق ذكره بأن القضيتين الكُردستانية والأرمينية ظهرتا على الساحة معاً وفي وقت واحد، وكان الكُرد قد تجاوزوا حاجز التردد والخوف، ولاسيما في كافة مناطق أرزروم، وان، بدليس، وآمد (دياربكر). فالقضية الأرمنية قد أثارت نوعاً من مخاوف الكرد، فمن جهة كانت جمهوريات القفقاس (جمهورية يريفان والجورجية) المدعومة من القوى الكبرى، تشن غاراتها على الأتراك والكُرد. ومن جهة أخرى كان السياسيون البريطانيون والفرنسيون والأمريكيون على صلة بتلك الجمهوريات لإنجاح معاهدة سايكس بيكو، فبذلك التحرك كان الأرمن يعادون الكُرد في سيواس و ملاطيا و عرب كري، لتنفيذ مآربها وتحقيق مصالحها. وكذلك كانوا في حلب وباقي أرجاء سورية يتحركون علناً لإحياء مشروع جسـتر الساعي لتحقيق مصالح الولايات المتحدة الأمريكية، التي قدمت المساعدات لحكومة اسطنبول الكمالية، مقابل سعي شركاتها (الأمريكية) للحصول على عقود شراء معادن ونفط كُردستان تركيا، عبر تحاور أرباب الشركات مع الجنرال التركي كاظم قرة بكر باشا في مدينة أرزروم. تلك كانت لعبة الدول الاستعمارية الغربية. وعلى الجانب الآخر فقد استطاعت الحكومة الروسية اللعب بدهاء عبر العزف على وتر الدين لاستمالة الأرمن، بعد أن لمحت لهم بإنشاء دولة قومية، بغية جرار قوات الطاشناق الأرمنية للوقوف معها ضد الأتراك. ولما كان الأرمن متلهفين إلى إنشاء دولتهم الموعودة صدقوا وعود الروس، ولذلك فقد نفذوا للروس جميع أوامرهم وحققوا مآربهم، دون أن يدرك الأرمن أنهم مخدوعون. فاللعبة كانت سياسة الدول الكبرى من أجل تأمين مصالحها، ولم تكن لها أية علاقة بالدين حتماً.

.
وفي حقيقة الواقع كانت قضية الشعبين ألأرمني والكُردي، ذريعة عبث لسياسات الدول الكبرى وصارت ضحيتين لمطامعها. وعليه فالحكومة العثمانية أيضاً (وعلى غرار روسيا) لجأت إلى اتخاذ سلاح سلاحاً لتنفيذ سياستها لتحقيق مآربها، فكل طرف من الأطراف الدولية استخدم الدين (بطريقته الخاصة ومنهجه السياسي). ويظهر ذلك جلياً في إحدى الرسائل التي أرسلها مصطفى كمال إلى بعض رؤساء العشائر الكُردية وشخصياتهم المرموقة (حين كان مصطفى كمال في صاصون) يقول في رسالته: { .. إنني الآن موظف في الدولة بتكليف من السلطان، وفي غضون فترة وجيزة سأحضر إليكم لزيارة كُردستان. إن بريطانيا تريد التضحية بكردستان المستقلة من أجل المصالح الأرمنية، ولكنكم تعلمون جيداً أن الأتراك والأكراد إخوة، ولإثبات وجودنا نحتاج إلى تضافر الجهود التركية والكُردية، وجهود سائر المسلمين. وأنا بشرط أن لا تتجزأ الدولة العثمانية أسعى جاهداً للقبول بمنح كُردستان كل الامتيازات وإنعاش أحولها. }

.

المراجع:
ــ ( المدور )، مروان ــ الأرمن عبر التاريخ ــ دار نويل ــ دمشق ــ ط2 (بلا).
ــ ( حسريتان )، مانوفييل ارسونوفييج ــ انتفاضة الكُرد 1925 ــ ترجمة: بافي نازي ــ بلا .
ــ ( ساسوني )، كارو ساسوني ــ منشورات ستوكهولم ــ عام 1986 .
ــ ( عثمان )، فارس الكُرد والأرمن ــ العلاقات التاريخية ــ دار الينابيع دمشق ــ عام 2008 .
ــ ( مظهر )، د. كمال أحمد ــ كُردستان في سنوات الحرب العالمية الأولى ــ ترجمة: محمد ملا عبد الكريم ــ بلا .

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك