خفايا الفتنة في معركة عين دقنة

آراء وقضايا 01 مايو 2016 0
خفايا الفتنة في معركة عين دقنة
+ = -

انشغل الرأي العام في اليوميين الماضيين بموضوع عرض جثث القتلى في شوارع عفرين ( و نؤكد أن ماجرى فقط عرض للجثث و لم يتم التمثيل بالجثث ) و هو عمل مدان و رغم سلبياته الكثيرة إلا أن إدانة هذا التصرف من قبل أغلب المؤسسات و الأحزاب و الشخصيات الكوردية و نخص بالذكر وحدات حماية الشعب ، جاءت لتؤكد المؤكد و هو سمو و رقي الثقافة الكوردية و أن خمس سنوات من الحرب البشعة لم تستطع النيل من إنسانية و ثقافة الكورد رغم الآلام و الجراح التي لم تندمل بعد ( الحصار المتقطع على عفرين لما يقارب الخمس سنوات – مجزرة تل حاصل و تل عرن و حرق المدنيين الكورد و هم أحياء – مئات المفقودين من المدنيين الذين خطفوا على طريق حلب – عفرين و إلى الآن مصيرهم مجهول – كوباني المدمرة بنسبة 80 بالمئة و مجزرة ليلة الغدر في كوباني – مجزرة نوروز الحسكة – المجازر المستمرة في حي الشيخ مقصود …. هذه أمثلة من محطات مؤلمة مرت على الكورد و لكن الأكثر إيلاما” كانت مواقف قسم كبير من شركائنا العرب و عذرا” للتوضيح أكثر العرب السنة و التي تراوحت بين مهلل و مرحب لما تعرض له الكورد و بين من اختار الصمت .

.
و للإنصاف قلة قليلة جدا” من أدانت ما يتعرض له الكورد .
و في عودة إلى موضوعنا معركة عين دقنة سنحاول الإجابة عن المعركة أسبابها ، توقيتها ، رعاتها ، نتائجها .

.
اذا أردنا أن نعرف لماذا حصلت معركة عين دقنة علينا أن نعرف مالذي حصل في اجتماع كلس بين المخابرات التركية و عدد من قادة الفصائل ؟

.
استبقت المخابرات التركية ( أو لنقل عملت على تهيئة الظروف ) النداء الذي أطلقه من جنيف كل من رئيس الوفد المفاوض أسعد الزعبي و كبير المفاوضين محمد علوش بضرورة إشعال الجبهات لأن هذا النظام لا يفهم إلا لغة القوة بحسب تعبيرهم .

.
فجمعت المخابرات التركية قادة الفصائل و عملت على إعادة هيكلتها و ترتيب وضعها و هذا ما تجلى على سبيل المثال في التغييرات التي حصلت في الجبهة الشامية و حركة نورالدين الزنكي و لعل إعادة حركة نور الدين زنكي قائدها السابق ومؤسسها الشيخ توفيق شهاب الدين بعد شهور من تنحيه عن قيادة الحركة ( لأسباب صحية كما أعلن وقتها ) وتسلم النقيب محمد سعيد المصري و الذي مرت الحركة تحت قيادته بأوقات و ظروف صعبة و لعل أبرزها خلافه الكبير مع قادة جبهة النصرة و الذي وصل لحد حصول معارك كبيرة بين الزنكي و النصرة و إصدار الزنكي عدة بيانات تتهم النصرة بالخيانة و تزامنا” مع هذه الاشتباكات مرت النصرة بأوضاع مادية صعبة للغاية و باتت قيادة الحركة عاجزة عن دفع الرواتب لعناصرها بسبب غياب التمويل و تهرب الداعمين عن تمويل الحركة بشكل مفاجىء .
كل هذه الأسباب أدت للإطاحة بسعيد المصري و إعادة ابن قبتان الجبل ( ريف حلب الغربي ) الشيخ توفيق شهاب الدين لمنصب القائد العام للحركة .

.
هذه التغييرات كانت تمهيدا” للأهم بالنسبة لتركية و قطر وهو تهيئة الأجواء للتصعيد في حلب و ريفها في محاولة لنسف بوادر الحل التي باتت تلمح لها الدوائر المقربة من الثنائي لافروف – كيري من جهة تفهم الولايات المتحدة للمطلب الروسي بعدم واقعية طرح إقصاء الرئيس الأسد عن المرحلة الانتقالية و النقطة الأخرى و هي الأهم بالنسبة لتركية توافق الروس و الأمريكان على ضرورة مشاركة الكورد بشكل فعال ووازن في مباحثات جنيف ( في إشارة لحزب الاتحاد الديمقراطي ) .

.
جاءت أحداث القامشلي و الاشتباكات بين الأسايش و قوات الدفاع الوطني تلك الأحداث أقلقت تركية لسبب واحد أنها أظهرت أن ماحاولت زرعه و تكريسه خلال السنوات الخمس من نشر لثقافة الكراهية و تحديدا” بين العرب السنة و الكورد لم ينجح بشكل كامل فمازالت هناك بعض الأصوات العربية السنية تنظر للكورد كإخوة و شركاء و هذا ما يعزز الدور الكوردي في تطبيق حل سياسي للأزمة السورية كطرف ضامن أو طرف مقبول من المعارضة ( و التي يغلب عليها العرب السنة ) و بين الحكومة السورية و جمهورها و هذا تلاقى مع تأكيد لافروف و كيري على ضرورة مشاركة الكورد في مباحثات جنيف كما أسلفنا .

.
فاستدعت قادة الفصائل إلى اجتماع كلس و تم الاتفاق على شن حملة قوية على الكورد في عفرين ووقع الاختيار على جيش السنة ليكون رأس الحربة في تلك المعارك و ذلك لعدة أسباب :

.
1- عندما يكون اسم الطرف الآخر المواجه للكورد جيش السنة هذا بحد ذاته كافيا” لشد العصب الطائفي و العرقي و تكريسا” للمشروع التركي بخلق فتنة عربية سنية مع الكورد ( رغم أن الكورد في سورية 98 بالمئة منهم هم سنة ) و بالتالي تحجيم الدور الكوردي و نزع عنه صفة الطرف المقبول و الضامن .

.
و أيضا” و أيضا” ضرب اللقاءات و الاتصالات التي يجريها عدد من وجهاء مناطق الشهباء مع قوات سورية الديمقراطية لحثهم على التدخل في تلك المناطق و طرد داعش و النصرة و ضبط الوضع و توفير الأمن لتلك المناطق .

.
2- اختارت تركية جيش السنة و بعد الفصائل الأخرى و التي أغلبية عناصرها من العرب السنة في مواجهة الكورد بهدف إدخال الطرفين في معركة استنزاف طويلة تؤدي لإضعافهما و عندها ستكون الفرصة مواتية للفصائل و الكتائب التركمانية لبسط نفوذها على تلك المناطق مدعومة بإحضار تركمان الساحل ( جبل التركمان في اللاذقية ) و الذين هيأت لهم تركية كافة أسباب الهجرة إلى الأراضي التركية بالترغيب و الترهيب ( قطع المعونات – اعتقال كل من يقف في وجه مخططاتها ) في محاولة لتجميع التركمان في مكان واحد و أيضا” في محاولة لعقد صفقة مع دمشق

.
عبر إجراء صفقة تقوم على إفراغ الساحل السوري من التركمان و قطع الامدادات عن الفصائل المتواجدة في الساحل مقابل نقل التركمان إلى المناطق الممتدة من غربي الفرات وصولا” إلى اعزاز محققة بذلك منطقة نفوذ و موطىء قدم لها بالقرب من هدفها الأساسي حلب و أيضا” قطع الطريق أمام الكورد في تحقيق هدفهم بوصل كوباني بعفرين .

.
و من العروض التي قدمتها أنقرة لدمشق أنها ستعمل على تخليص دمشق من مئات الآلاف من السوريين الذين شكلوا الحاضنة الشعبية للحركات و الفصائل الاسلامية المتطرفة عبر نقلهم إلى مناطق جنوب شرق تركية ( المناطق الكوردية ) و بناء مجمعات لهم تحت ذريعة تأمين أماكن أكثر أمنا” للنازحين السوريين و ذلك بعد تصاعد موجة العنف ضد السوريين من قبل المواطنين الأتراك في المناطق الغربية و الشمالية من تركية .

.
و كمرحلة ثانية ستعمل تركية على تجنيس هؤلاء و إسكانهم بشكل دائم في المناطق الكوردية .
تلك العروض التركية يبدو أنها لاقت رفضا” ثلاثيا” من دمشق و طهران و موسكو و هذا ما يفسر عودة لغة الشتائم و التحريض على الرئيس الأسد في خطابات و تصريحات الرئيس التركي أردوغان .

.
3- موضوع معركة الرقة هو ضمن اهتمامات أنقرة فهي تعلم أنه لو تمكن الكورد من تحرير الرقة فهذا يعني مزيدا” من المكاسب و الامتيازات السياسية و العسكرية للكورد لذا فإن معركة عين دقنة هي رسالة للكورد محتواها : عندما ستقررون التحرك باتجاه الرقة و باتجاه وصل غرب الفرات بعفرين فسيناريو مجزرة كوباني 25/6/2015 ( عندما اسنغلت داعش خروج وحدات حماية الشعب إلى تل أبيض و صرين فانسلت إلى كوباني و قتلت مئات المدنيين ) سيتكرر في أكثر من مكان .

.
4- الوصول إلى تخوم نبل و الزهراء هو هدف تركي فتركية خلال خمس سنوات استفادت كثيرا” من موضوع الحصار على تلك القريتين ( سكانهما من المذهب الشيعي ) كورقة ضغط تساوم عليها و تتاجر بها على طاولة المباحثات التركية الإيرانية .

.
معركة عين دقنة فشلت عسكريا” فشلا” ذريعا” أكثر من 500 مقاتل ( تم نقلهم من معبر باب الهوى في ادلب مرورا بالأراضي التركية و دخلوا الأراضي السورية عبر معبر باب السلامة في اعزاز ) حاولوا مباغتة وحدات حماية الشعب في عين دقنة للوصول إلى تل رفعت مدعومين بانتحاريين من جبهة النصرة مستخدمين خطط و تكتيكات حديثة عنصر المفاجأة جعلهم يتقدمون و يبسطون سيطرتهم على عين دقنة لساعات و لكن سرعان ما استعادت وحدات حماية الشعب زمام المبادرة و نظمت صفوفها و قامت بالالتفاف على المهاجمين و أوقعتهم في عدة كمائن فقتلت من المهاجمين ما لايقل عن 125 مسلح بينهم ثلاثة قادة في جيش السنة و جرح 70 آخرين يعالجون حاليا في المشافي التركية بمدينة كلس .

.
عسكريا” فشل الهجوم إلا أن تركية نجحت في تأجيج فتنة كوردية سنية في حالة جديدة في المنطقة و تجلى ذلك في تصريحات بعض المسلحين و جمهورهم بالدعوة إلى حرق رجال و نساء و أطفال عفرين بصواريخ غراد بل إن أحدهم عرض بيع ابنته مقابل الحصول على صاروخي غراد لضرب عفرين .

.
و هذا ما يعطينا مثالا” واضحا” عن الثقافة الارهابية المتطرفة الدموية التي يحملها مسلحي تركية فمن يعرض ابنته للبيع لقاء ضرب عفرين بصاروخي غراد فماذا كان سيفعل بنساء و أطفال عفرين لو تمكن من اقتحام المدينة .

.

ريزان حدو/ ناشط اعلامي / عفرين 

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك