إذاعة “CAN FM” صوت نقيّ لمجتمع مدنيّ

آراء وقضايا 23 أغسطس 2018 0
+ = -

كوردستريت|| مقالات

.

إدريس سالم

هل اختفى جاذبية الإذاعة؟

 

.

إن للإذاعة سحر وجاذبية خاصة، فما زال هناكمجال للاستماع لها، بالرغم من ثورة المعلوماتوانتشار الفضائيات، التي يشهدها العالم في كافةالمجالات، بل وعلاوة على ذلك، نجد أن المحطّاتالإذاعية المسموعة في حالة تزايد وتنوّع، فالإذاعة لهاقوة جذب لا تقاوم، وهي ليست مجرّد تواجد عادي،بل تواجد قوي لا يقل عن باقي وسائل الإعلام المرئيةمن الشبكات الفضائية والبينية الاجتماعية.

.

فقد ظهرت خلال عمر الأزمة السورية، العديد منالإذاعات الإعلامية في المناطق الكوردية من غربيكوردستان، معظمها كانت في مدينتي عاموداوقامشلو «أهو حالة صحية في أن تقتصر الإذاعاتعلى مدن محدّدة، أم أن المموّل أو صاحب المشروعهو مَن يقطن في تلك المدن؟»، حيث تبثّ برامجهامخاطبة مختلف الشرائح والمكوّنات، وتعكس فيمضامينها وسياساتها البرامجية خصوصية الجهاتالمموّلة والقائمة عليها، ليكون العامل الماديّ أهممعوّق يواجه عمل بعضها، إضافة إلى الكوادرالمختصّة إعلامياً، وغير المتقنة للغة الأم.

.

خلال متابعتي لأداء إذاعةCAN FMالتي تبثّمن مدينة كوباني، لم أقرأ أيّ تعليق سلبي عن عملهاوبرامجها خلال بثّ برامجها المباشرة على الفيسبوك، بل جميع المعلقين كانوا متفاعلين ومندمجين معبرامجها الغنائية والثقافية والصحية والترفيهية، وهذاإن دلّ على شيء فهو يدلّ على ترسيخ العيشالمشترك السلمي والاحترام والتسامح في المجتمعالمدني، الذي يفتقده كل مدن سوريا، طيلة عقود منالزمن، خاصة من خلال برامجها المجتمعية «هلبرامجها تفتقر إلى المعرفة والمعلومة الجديدة؟»، التيتركّز على وضع أسس بسيطة لقيام مجتمعٍ مدنيديمقراطي سليم، والاهتمام المتقن لإيصال المشكلاتاليومية للناس إلى الجهات المسؤولة، ليس داخلكوباني، بل إلى الخارج أيضاً.

.

إذاعةCAN FMتتواجد بشكل دائم في معاناةالناس، ليتمكن كل مواطن أو لاجئ أو نازح من خلالأثير هذه الإذاعة من الحديث ونقل واقع حياتهمومشكلاتهم اليومية وقصصهم المأساوية وهمومهمالعميقة «التلفزيون لا يستطيع نقل معاناة كل المدنبشكل دائم، لكن لو تواجد في كل مدينة أو منطقةإذاعة محلية، فحتماً ستنقل معاناة أبنائها للخارج»،فأثبتت أنها لكل المواهب وأصحاب الطاقات الفنيةوالثقافية، لإبرازها ضمن فقرات بثّ مخصّصة يجريالتحضير لها، حيث أنها قادرة على أن تكون صوتاًللمجتمع والناس، ووسيلة للتواصل بين أبناء غربيكوردستان، في الداخل والخارج، في حال تمّ تأمينأدواتها الأساسية كالتمويل والحيادية والكوادرالمختصة وإتقان اللغة.

.

«إذا كنت ضجراً، ضع السماعات في أذنيك،واستمع إلى CAN FM». بهذه الكلمات كانيتواصل زكريا مصطفىذاك الشجاع المجهولالذي يعمل خلف الكواليسمع مستمعيومشاهدي راديوCAN FMبشكل يومي، هذاالشاب الذي يدير برامج الإذاعة من غرفة صغيرة،كمخرج ومهندس للصوت، والذي استطاع أن يكسبقلوب المتابعين، وأن يكون حريصاً على حياديةالأغاني الفلكلورية القديمة والحديثة والضيوفوالحوارات والبرامج، ليبعد الإذاعة عن الأجنداتالسياسية أو الحزبية أو الدينية أو الإيديولوجية.

.

لعل البرامج الصباحية والإهداءات، التي يعدّهامعظم الإذاعات الكوردية باتيا برنامجين تقليدين،إضافة إلى برنامج الحظّ والأبراج، ولربّما يعمل عليهاقائموCAN FMوبقية الإذاعات الكورديةالأخرى كنوع تحفيزي للمتابع «هذان البرنامجانيعتبران ترفيهيين للمتابعين، الذين لا يملكون وقتاًللتواجد في مواقع التواصل الاجتماعي»، ولكسبأكبر عدد متفاعل منهم، إلا أنني أرى أن يعملوا علىإعداد برنامج حول تسليط الضوء على الرياضةالكوردية في أجزاء كوردستان الأربعة، ونشاطاتهممع أنديتهم، أو حول شبكات التواصل الاجتماعيوليكن عنوانه «بوست وتغريدة»، فيختاروا لمدة ساعةواحدة حوالي (20 – 30) بوستاً وتغريدة، لأشخاصعاديين غير محدّدين، ويقرأوا ويتناقشوا على ما جاءفيها من أفكار هادفة ومعلومات جديدة، تفيد الناسوالمجتمع ومستخدمو شبكات التواصل الاجتماعي،ليكون الهدف الأساسي منه، هو الاستخدام السليموالصحي والآمن لهذه الشبكات من قبلالمستخدمين، لأنها باتت مرضاً خطيراً ينخر فيعقول وقلوب الكبار قبل الصغار، ويزرع الحقد والكرهوالعنف بينهم «الفيس بوك وتويتر أصبحا ساحتينللتصفية الفكرية والاجتماعية واغتيالاً للكلمة الحرّة».

.

رغم السمعة الفعلية الصادقة التي تتميّز بها هذهالإذاعة، إلا أن الإدارة تعاني من مشاكل عديدة، تمالحديث عنها في مواقع التواصل الاجتماعي بطريقةعمل فردي وليس جماعي، كمخاطبة الجمهوروالمجتمع بطريقة غير لائقة بالعمل الإداري الناجحوبأسلوب قريب إلى التطفل فعلاً ولغة كتابية، كأنيخاطب مشكلة ما باسم الإذاعة ويحضر مشكلةأخرى بصفة (الأنا) الشخصية، فكارل ماركس يقولأن تحلم وحدك ذلك هو الحلم، وأن نحلم جميعاًفذلك بداية تحقيق الحلم، فنقل مشاكل وصعوباتالتي تعانيها الإدارة إلى الناس يعتبر ضعفاً،فالمجتمع يكفيه مشاكله وهو بحاجة إلى فسحة أملتساهم في تحسين وضعه على كافة الأصعدة، فمنالخطأ طلب المساعدة من الناس ضمنياً في عمليةالتمويل المالي، في حين يستطيع وبطرق كثيرةالبحث عن مصادر للتمويل وتقوية الكادر علمياًوتقنياً ومعدّات.

.

حقيقة، إن لم تصبح الإذاعة معلماً ومنبعاً للمعرفةالهادفة والمعلومات الجديدة للمستمع، بعد الأسرةوالمدرسة، وأنيساً وفياً في أيّ مكان يسمعه، سواءعلى الهاتف أو الإنترنت فلا فائدة منها، وستصبحتضيعاً للوقت وتأثيرها سيكون سلبياً وخطيراً علىالعقل والفكر، هنا سأطرح أسئلة على القارئومتابعي الإذاعات الكوردية، المجتمعية والسياسيةوالفنية والنسائية:

هل للإذاعات أيّ أهمية في حياتك؟

هل لا تزال تلعب دوراً مهماً في حصولك

.

علىالمعلومات أو زيادة معرفتك؟

ما هي الخدمات التي تقدمها الإذاعة لك فيالوقت الحالي؟

ما هي وسيلة الإعلام المفضلة لديك، وما مدىتأثيرها عليك، خاصة وأن الإعلام أصبح سلاحاً لايستهان به؟

إلى أيّ درجة تتواجد أجوبة هذه الأسئلة في إذاعةCAN FM، وبقية الإذاعات الكوردية الأخرى؟

هل استطاعت هذه الإذاعة المجتمعية بالفعل أنتحقق إحساس المستمع، بالانتماء إليها في ماتقدمها من برامج تثقيفية فنية مدنية؟

ثم لماذا تضع نفسها في مطبات ضيقة، كأن تكونإذاعة خبرية، وهي في الأساس إذاعة مجتمعية غيرناقلة للأحداث والأخبار؟

.

إن هذه الإذاعة قد تبدو عادية ومتواضعة في أيّ بلدأوروبي، إلا أنها في الفضاء الكوردي في غربيكوردستان تعتبر منبراً ضرورياً لكسر حاجز الروتينوالبروقراطية «أيّ حدث سياسي أو عسكري أواقتصادي أو اجتماعي من الممكن أن يوقف بثّعملها» تحاول تعزيز فكرة التواصل والتفاعل بينالناس والمجتمعات، بأسلوب سلس بسيط وطريقةمدنية قيّمة، وإيصال هموم ومشاكل الكوبانيين إلىكل المسؤولين في غربي كوردستان بشكل خاص،وإقليم كوردستان والدول المعنية بأزمات السوريينبشكل عام.

.

ولأنها إذاعة محلية، فمن الطبيعي أن تنطق لهجةأبنائها، إذ هناك شريحة متنوّعة من متابعيها،يعلقون أثناء البثّ المباشر لبرامجها على الفيس بوكباقتراحات وطلبات وملاحظات واعتراضات، معظمهاتتركّز حول اللغة واللهجة وطلب أغاني محدّدة، فإنكانت مدة برنامج الإهداءات ساعة واحدة مثلاً،ويخرج 30 معلّقاً، وكل معلّق يطلب أغنية خاصة، وكلأغنية مدّتها 4 دقائق، إذاً عند الحساب، يخرجالناتج معنا في أن تكون مدة البرنامج 120 دقيقة،أيّ ساعتان، إذاً على الجمهور والإذاعة أن يراعيابعضهما البعض، لتكون الفائدة على الطرفين.

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك