تحرير مصطفى عبدي
.
” منظمة العفو الدولية تؤكد بأن إيران تحطم الرقم القياسي للإعدامات في العالم”
.
” المقرر الخاص لحالة حقوق الإنسان أكد أن السلطات الإيرانية نفذت ألف عملية إعدام خلال الأشهر الـ 15 الأخيرة”
أعدمت إيران منذ بداية العام الحالي 340 شخصا غالبهم سجناء سياسيين وبينهم نساء، بحسب الأمم المتحدة. كما تم تنفيذ 15 حكما على الأقل بشكل علني.
.
ونشرت العديد من التقارير الدولية التي تثبت أن سجل إيران يحفل بانتهاكات واسعة تمارسها السلطات ضد المعارضين والناشطين والأقليات رغم تعهدات الإصلاح، وسط مؤشرات على ارتفاع أعداد حالات الإعدام.
.
ذكر تقرير دولي أخير أن انتهاكات حقوق الإنسان في إيران سجلت أرقاما ومستويات عالية في عهد الرئيس حسن روحاني رغم مزاعم الانفتاح والإصلاح.
واتخذت هذه الانتهاكات، شكلا منهجياً طالت الأقليات والنشطاء والمعارضين السياسيين فضلا عن انتهاكات طالت المرأة؛ المحرومة من أبسط حقوقها.
.
ويقول التقرير أن إيران شهدت نحو 1200 حالة إعدام منذ وصول روحاني للسلطة في يونيو/حزيران 2013.
.
ويوضح التقرير أن عشرة مليون سني في إيران، لا يتمتعون بأية حقوق، فلا يستطيعون اختيار أئمتهم وليس هناك مسجد واحد لمئات الآلاف من السنة الذي يعيشون في طهران.
.
وكذلك سبعة ملايين كردي محرومون من ابسط حقوقهم الثقافية، والسياسية وإنهم يعانون من اضطهاد مزدوج: عرقي بسبب قوميتهم، وديني بسبب طائفتهم.
.
ويترافق مع هذا، تضييق على حرية الرأي والتعبير، فقد احتلت إيران المرتبة 175 من أصل 179 في مجال حرية التعبير والحريات الصحافية.
.
ويواجه ناشطي حقوق الإنسان والصحفيين والمدونين والأكاديميين وغيرهم الترهيب والاعتقال التعسفي والتهديد بالملاحقة القضائية.
.
وحتى استخدام الفيسبوك يعد جريمة تستوجب الاعتقال والإعدام أحيانا، إذ حكمت محاكم الثورة الإيرانية على 10 من ناشطي موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” بأحكام سجن تتراوح ما بين 11 و20 عاما، بتهم الدعاية ضد الجمهورية الإسلامية، وإهانة المقدسات وقادة النظام.
.
ويحفل سجل حقوق المرأة بانتهاكات مماثلة، فقد اعتقلت السلطات المحامية الإيرانية المدافعة عن حقوق الإنسان، نسرين سوتوده في ديسمبر في طهران، لسبب لم يعرف بعد.
.
ويعرب مراقبون عن ذهولهم لبعض حالات الإعدام كما حصل لدى تنفيذ حكم الإعدام بحق الإيرانية ريحانة جباري في أكتوبر 2014 ووجهت لريحانة البالغة من العمر26 عاماً، تهمة قتل مسؤول سابق في الاستخبارات الإيرانية، غير أن مهندسة الديكور ريحانة أكدت أنها قتلت الرجل دفاعاً عن نفسها من محاولة اغتصاب.
.
ويرى التقرير أن المرأة الإيرانية تحولت لمواطن من الدرجة الثانية حيث انخفضت نسبة تعليم النساء في الجامعات عامي 2013 و2014 إلى 48% بعد أن كانت 62% عام 2007-2008.
.
وتعتقل السلطات الإيرانية المجتهدين والمنتقدين لسياسة ولي الفقيه، وهنالك العشرات من المختفين ومنهم آية الله حسين كاظمي بروجردي المعتقل منذ عام 2006 بعد محاكمة شكلية انتهت بالحكم عليه أحد عشر عاما لمعارضته آراء الولي الفقيه ومطالبته بحكم مدني في إيران.
.
ويذكر في هذا السياق اعتداء قوات الشرطة الإيرانية على جنازة عزت الله سحابي، رئيس حركة حرية إيران، ومقتل ابنته التي خرجت من السجن لتشارك في تشييع جنازة والدها في 31 مايو 2011، وشهدت جنازته مواجهات بين المشيعين والشرطة توفت خلالها ابنته هالة الناشطة السياسية المعروفة.
.
وفي سبتمبر أعدم نظام الملالي وبشكل مفاجئ السيد امير اصلاني بعد 8 سنوات من الحبس بتهمة “الفساد في الأرض والبدعة في الدين الاسلامي وتفسير جديد للقرآن”، فيما كان قد حكم عليه بالحبس لعامين وأربعة أشهر.
.
رغم التنديد الدولي، فالنظام الملالي ماض في انتهاكاته:
.
وأكد السيد أحمد شهيد يقول:«يعد امتناع النظام الإيراني عن الإذعان بإعدامات تم تنفيذها استخفافا قاسيا بكرامة الإنسان وقانون حقوق الإنسان الدولية».
.
انتفاضة مهاباد، واستفاقة حلم الدولة الكردية:
.
“الكرد فى إيران ناقمون على السلطة لأنها تسلبهم كرامتهم وحرياتهم وحقوقهم القومية والثقافية والإنسانية، وتمنعهم من ممارسة أبسط الحقوق الديمقراطية، لذا فإنهم يغتنمون هذه الأحداث للتعبير عن مدى نقمتهم على السلطات الحاكمة” هي عبارة تلخص عمق انتفاضة مهاباد التي امتدت لتشمل غالب المدن الكردية في ايران، ومنها الى المدن الكردية في كل اجزاء كردستان وتجمعات الكرد في العالم، في ظاهرة وفاء لتضحية فيريناز خسرواني التي فضلت الموت على الاغتصاب متمثلة بالشرف الكردي، لتستنهض منها ملايين الكرد، وتستعيد ايضا حلم الدولة الكردية مهاباد.
يتمركز الكرد في إيران جغرافياً في المناطق الغربية، وتبدأ حدود هذه المناطق من سفوح جبال زاغروس على مشارف الخليج العربي باتجاه الشمال، أي من حدود مدينة الاكراد (شهركرد) باتجاه (خرم آباد) وإلى (كرما نشاه) التي تعتبر العاصمة الرسمية لإقليم كردستان حسب التوزيع الراهن للأقاليم في إيران، وهذه المناطق هي موطن الأكراد الشيعة. ثم تتواصل وتتداخل مع المناطق الكردية شمالاً باتجاه ستندج ومريوان، بانه وسقز ومهاباد وهي مراكز حضرية لمناطق الأكراد السنة. تمتد وتتسع جغرافية المناطق الكردية شمالا لتصل إلى أورمية، وبالتالي إلى حدود أذربيجان وارمينا في أقصى شمال غرب إيران. فالأكراد يتواجدون بشكل رئيس غرب إيران في مناطق سكناهم التاريخية المتصلة أصلا مع مناطق أكراد العراق وأكراد تركيا. إلا أن الكتلة الثانية من الأكراد تتواجد في شمال إيران على حدود تركمانستان ويعرفون بـ (أكراد خراسان)، ويستقرون في مناطق: (قوجان وشيروان) التابعة لمدينة مشهد.
.
أولى محاولات الانفصال للأكراد بدأت في العام 1878 م، حين حاول الشيخ عبيد الله النقشبندي تأسيس دولة كردستان واستولت قواته على مدن في محافظة اذربيجان الغربية، لكن الدولة القاجارية قمعَتها واستردت المدن.
.
بعد الحرب العالمية الأولى خابت آمال الأكراد الاستقلالية في إطار إيران، وبسط رضا شاه سلطة طهران المركزية على كافة المناطق الكردية، حتى قامت الحرب العالمية الثانية، وإثر دخول قوات الحلفاء إلى إيران، تحركت القوى السياسية الكردية وخاصة (منظمة كوموله) للسعي إلى الاستقلال. فقد تحالف الأكراد مع الأذربيجانيين بدعم وتشجيع من الاتحاد السوفيتي، وأعلنوا الاستقلال عام 1946. حيث أسست جمهورية مهاباد الكردية بقيادة القاضي محمد، وبسطت سلطتها على قسم كبير من مناطق الأكراد الرئيسية في غرب إيران، ولكن الروس والانكليز تخلوا عن القاضي محمد، فهاجمت القوات الحكومية مهاباد لقمع الاستقلال الكردي واجتاحوا العاصمة عام 1947. ومن ثم تم إعدام أعضاء الحكومة، ورئيسها قاضي محمد في ظل صمت بريطاني سوفيتي دولي مشترك.
.
خيم الصمت والأسى على أكراد إيران من جديد وظل نضالهم السياسي في حدوده الدنيا بقيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني ـ إيران وذلك طوال عشرين عام (1947ـ 1967). إلى أن تصاعد النضال السياسي الكردي خلال السبعينات، وتفجرت عام 1978على شكل انتفاضة جماهيرية، وكان للقوة الكردية السياسية والعسكرية دور رئيس في إسقاط نظام الشاه بالتحالف مع مجاهدي خلق والحزب الشيوعي الإيراني (توده).
.
واثر سقوط نظام الشاه رحب الأكراد بحكم الإمام الخميني وتحالفوا معه حتى استقر الوضع لصالح النظام الجديد. وسرعان ما برز الخلاف بين الأكراد والسلطة الدينية في طهران حول طبيعة الحكم الذاتي لكردستان إيران، وتحول الخلاف إلى صراع سياسي فعسكري. هاجمت القوات الحكومية وخاصة(حرس الثورة) على المناطق الكردية، دارت حرب حقيقية طوال أعوام 1979 ـ 1983 وكانت شرسة ودامية، إذ ذهب ضحيتها أكثر من عشرة آلالاف كردي، أغلبهم من المدنيين الذين حكموا بالإعدام من قبل محاكم مذهبية شكلية بقيادة (قاضي الشنق) آية الله صادق خلخالي.
.
عند نهاية الحرب العراقية الإيرانية تفاوض أكراد إيران ممثلين بالحزب الديمقراطي الكردستاني مع حكومة طهران التي غدرت بالوفد الكردي حين رتبت اغتيال قائد الحزب الديمقراطي الدكتور عبدا لرحمن قاسملو في الجلسة الأولى من المفاوضات عام 1989، ومن ثم اغتيل لاحقا خلفه صادق شرف كندي، فكانت خاتمة دموية للمفاوضات السلمية!
.
النظام الايراني يمارس الاضطهاد السياسي المركب (مذهبي ـ قومي) تجاه أكراد إيران، ومنذ حوالي ثلاثين سنة يلف الصمت المناطق الكردية في إيران، وتواصل قواها السياسية نشاطها السلمي/ الحزب الديمقراطي الكردستاني في ايران، ومنظمة “كومله له”/ حتى كانت انتفاضة مهاباد في السابع من ايار 2015 كاول اشارة الى نهوض الدور الكردي وعودته بقوة الى المشهد الايراني.