كوردستريت || المرأة والمجتمع
.
د. نهى قاطرجي
يؤكد تقرير للأمم المتحدة صدر مؤخراً “أن النزاعات المسلحة في كل من أمريكا الوسطى والشرق الأوسط وأفريقيا قد أسفرت عن أعداد متزايدة من الضحايا المدنيين، النسبة العظمى منها من النساء”.ذلك أن النساء والفتيات يخضن تجربة الحرب كمدنيات وكمحاربات، وتختلف معاناتهن تبعاً لهذا الوضع.
أولاً: المرأة المدنية
.
نصت اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية السكان المدنيين في زمن الحرب في المادة 227، كما نص البروتوكول الأول الإضافي التابع للاتفاقية في مادتيه 75 و76 على وجوب حماية النساء بشكل خاص من الاعتداء والاغتصاب والبغاء القسري أو أي شكل آخر من التحرش الجنسي.
وتتنوع معاناة المرأة المدنية بين القتل والإصابة من جراء الهجمات العسكرية العشوائية وانتشار الألغام، وبين الافتقار إلى سبل البقاء الأساسية والرعاية الصحية، والحد من سبل كسب العيش وإعالة الأسر، والاختفاء، وأخذ الرهائن، والتعذيب، والسجن، والتجنيد الإجباري في القوات المسلحة والتشريد.
وتعاني المرأة المدنية من عدة أمور منها:
.
أ- العنف الجنسي: تولي المعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك اتفاقيات جنيف، للعنف الجنسي الواقع على المرأة في الحروب، أهمية كبرى، لذلك جاءت هذه الاتفاقيات لتحث على منع العنف ضد المدنيين غير المسلحين، و”حماية النساء من الاعتداءات على شرفهن، وخاصة الاغتصاب، والبغاء القسري، وأي شكل آخر من الاعتداءات المخلة بالشرف”. ولقد صنف الاغتصاب على وجه الخصوص في محاكمات نورمبرج “كجريمة ضد الإنسانية”.
ويعود السبب في اهتمام الاتفاقيات الدولية بموضوع العنف الجنسي الذي تتعرض له المرأة في الحروب إلى تباطؤ الحكومات في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية المرأة من العنف، حيث لا تزال الحروب، سواء كانت دولية أو أهلية، تسفر عن فظائع ضد النساء والأطفال، “وقد أظهرت الأخبار والإحصائيات التي صدرت عن بعض البلدان التي خاضت الحروب، استخدام العنف الجنسي كأداة من أدوات الحرب، وفي ذلك أظهرت بعثة السوق الأوروبية للتقصي عن الحقائق أن أكثر من20.000 امرأة مسلمة تعرضت للاغتصاب في البوسنة منذ اندلاع القتال في أبريل 1992م”.
ويستخدم العنف الجنسي كسلاح ضد المرأة بهدف القمع وعقاب السكان المواطنين ومحاولة إذلالهم، ويؤكد هذه الحقيقة تقرير لمنظمة العفو الدولية أشار فيه “إلى أن عمليات الاغتصاب في البوسنة والهرسك تمّت بصورة منظمة بعد احتجاز النساء بصورة متعمدة بهدف إذلال البوسنيين وكسلاح حرب، فإن الاغتصاب أشد فتكاً من القتل، فالقتل يخلق شهداء يثيرون الحماسة في الأحياء ليقاتلوا من أجل شهدائهم وقضيتهم. أما الاغتصاب فإنه لا يذل المرأة بمفردها، بل يترك جرحاً لا يندمل، خاصة في المجتمعات المسلمة”.
كذلك يحدث بهدف الانتقام من الأعداء، فقد عمد الجنود الألمان في الحرب العالمية الثانية إلى الانتقام من أعدائهم بالاعتداء على نسائهم، فعندما احتلوا بولندا “اغتصبوا النساء البولنديات وكانت أعمارهن تتراوح بين الحادية عشرة والسادسة عشرة، وبعثوا بهن إلى بيوت الدعارة التي أقاموها في الجبهة الألمانية الغربية. وكانت الفتيات اللاتي يحملن يطلق سراحهن ليعدن إلى أسرهن، كذلك كان الجنود الألمان يغتصبون الفتيات ممن كن في الخامسة عشرة أو السادسة عشرة في بيوتهن أمام آبائهن وأمهاتهن”.
كما يستخدام الاغتصاب كأداة من أدوات الحرب، لذلك غالباً ما يكون اغتصاب الجيوش للنساء بمعرفة القيادات، وربما بتأييد منهم، كما يحصل في الهند، مثل الاغتصابات التي حصلت للنساء المسلمات في كشمير على أيدي الجنود الهندوس.
.
ويهدف العنف الجنسي إلى التعذيب والإيذاء وانتزاع المعلومات والإهانة والإذلال والترهيب والمعاقبة على أفعال حقيقية أو مزعومة تُنسب إلى النساء أو أفراد عائلاتهن، كما يفعل الكيان الصهيوني داخل فلسطين المحتلة، حيث سجلت عشرات الحالات من الاعتداءات الجنسية على المعتقلات في السجون الاسرائيلية خاصة المتهمات في قضايا عسكرية، إضافة إلى إحضار الأهل خاصة الآباء والإخوة لسماع ما يتعرضن له من اعتداءات أو التلويح والإيحاء بالاعتداء على مئات من الحالات الأخرى.
.
وتتعدد أنواع العنف الجنسي الممارس على المرأة في أثناء الحروب، فإضافة إلى الاغتصاب، هناك الاتجار والبغاء القسريان، اللذان غالباً ما يكونان منظمين ومخططاً لهما من قبل الحكومات أو السلطات العسكرية.
وهناك أيضاً الحمل القسري، كالذي مارسه الصرب ضد البوسنيات، وقد صرّحوا مراراً أنهم هدفوا من وراء اغتصاب البوسنيات إلى خلق جيل بوسني جديد يتمتع بالصفات الصربية.
ب النزوح واللجوء: تدفع النزاعات المسلحة النساء في بعض الأحيان إلى ترك منازلهن وممتلكاتهن، إما نتيجة سياسة متعمدة للنزوح القسري للمدنيين يتبناها أحد أطراف النزاع، أو لخوف من الزج بهن في القتال وخشيتهن من الاعتداءات، وتشير الإحصاءات في هذا المجال إلى أرقام مخيفة، حيث تشكل النساء والأطفال “قرابة 80% من ملايين اللاجئين وغيرهم من المشردين في العالم، بمن فيهم المشردون داخلياً”.
وقد كان للمعاناة الطويلة للمرأة المهاجرة أثرها في إصدار فقهاء القانون الدولي للاتفاقيات الذي تضمن حماية المرأة اللاجئة، منها اتفاقيات جنيف لعام 1949م والبروتوكولان الإضافيان لها لعام 1977م التي منعت أطراف النزاع المسلح من إجبار المدنيين على النزوح بشكل تعسفي، كما جاءت أيضاً لتدعو إلى حماية اللاجئات وضمان تلقيهن المساعدة الملائمة وتقليل أخطار الإيذاء والاستغلال.
.
ج المعاناة داخل البيت: لا تقتصر معاناة المرأة خلال الحرب على القتل وممارسة العنف ضدها، بل تتعدد هذه المعاناة لتشمل تحمل مسؤولية البيت في غياب الزوج، إما بسبب الحرب، وإما بسبب الحجز والسجن، مما يجعلها تتحمل مسؤولية مزدوجة: القيادة وإدارة العائلة، ومن حيث إدارة الموارد الاقتصادية، ومن حيث الحفاظ على تماسك العائلة، ومتابعة أبنائها دراسياً، والمحافظة على التوازن النفسي لأبنائها.
إضافة إلى ذلك.. من المفيد ذكر دور آخر للمرأة تجاه أسرتها في تلك المرحلة، وهو الدور الذي يمكن أن تلعبه في حال إصابة أحد أفراد الأسرة في الحرب إصابة تستوجب العناية والرعاية الدائمة، أو في حال استشهاد عائل الأسرة، مما يضاعف من المسؤوليات الملقاة على عاتقها، أو في حال فقدان بعض الأقارب، مما يدفعها إلى تشكيل أو الانضمام إلى جماعات للقيام بالضغط على السلطات من أجل السعي للحصول على معلومات عن المفقودين والحيلولة ضد نسيانهم.
.
ثانياً: المرأة المحاربة
.
تأتي مشاركة المرأة كمحاربة في القتال كجزء من قوة عسكرية أو بدعم الرجال المقاتلين. وقد نصّت الاتفاقيات الدولية على حق المرأة المحاربة التي تقع في الأسر بالتمتع “بجميع الضمانات الأساسية بموجب المواد (4)، (5)، (6) من البروتوكول الإضافي الثاني المتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية. كما يجب أن يتمتع النساء بنفس المعاملة والحماية المكفولة للرجال، بل يحق لهن أيضاً الحصول على معاملة خاصة، فإن لم يكن لديهن منازل يعشن فيها مع أسرهن، يجب أن يتم احتجازهن في مراكز منفصلة تحت الإشراف النسائي المباشر. وتكفل هذه الأحكام نفسها الحماية للمعتقلات من النساء من قبل أحد أطراف النزاع، كما تضمن لهن ظروفاً خاصة للاعتقال والحماية تبعاً للعقوبة المفروضة عليهن.
ومن النصوص التي تؤكد هذا الحق المادة 14 من اتفاقية جنيف الثالثة، وهي تنص على ضرورة معاملة النساء “بكل الاعتبار الواجب لجنسهن. ويجب على أي حال أن يلقين معاملة لا تقل ملاءمة عن المعاملة التي يلقاها الرجال”.
ومن أبرز الحقوق التي ضمنتها الاتفاقيات الدولية فيما يتعلق بحماية المرأة المعتقلة والأسيرة ما يلي:
.
إعطاء أولوية قصوى للنظر في حالات الحوامل والأمهات رهن الحبس أو الاحتجاز، وأن تعمل أطراف النزاع أثناء العمليات العدائية على عقد اتفاقيات للإفراج عن الحوامل وأمهات الرضع والأطفال صغار السن، أو إعادتهن إلى الوطن، أو عودتهن إلى منازلهن، أو إيوائهن في بلد محايد.
إقامة النساء رهن الحبس أو الاحتجاز في أماكن منفصلة عن أماكن الرجال، ويوكل الإشراف المباشر عليهن إلى نساء.
لا يجوز تفتيش النساء المحتجزات إلا بواسطة امرأة.
تُقدم أغذية إضافية للنساء الحوامل والمرضعات المحتجزات تتناسب مع احتياجات أجسامهن، ويُعهد بحالات الولادة لدى النساء المحتجزات إلى أي مؤسسة يتوافر فيها العلاج المناسب، ولا تُنقل النساء المحتجزات في حالات الولادة ما دامت صحتهن معرضة للخطر.
.
المراعاة الواجبة لنوع الجنس في سياق العقوبات التأديبية للأشخاص المحتجزين والمعتقلين، وفي استخدام أسرى الحرب في العمل.
.
ومما له صلة أيضاً، حظر تنفيذ حكم الإعدام على الحوامل، أو أمهات صغار الأطفال اللواتي يعتمد عليهن أطفالهن.
وهذه الحقوق التي ذُكرت أعلاه هي أهم الحقوق التي منحتها القوانين الدولية للمرأة الأسيرة والمعتقلة، ولكن هذه الحقوق لا تطبق في أماكن كثيرة في العالم، وما يحدث في فلسطين من تجاوزات للعدو الصهيوني لهو مثال واضح على هذا الأمر، فبمقارنة بسيطة بين هذه الحقوق وبين ما تتعرض له المعتقلات الفلسطينيات اللواتي تزايد عددهن في سجون الاحتلال الصهيوني ليصل في انتفاضة الأقصى إلى 150 فتاة، بينهن 74 أسيرة في سجن الرملة فقط يمكن إدراك مدى التزام إسرائيل بالاتفاقيات والقوانين الدولية.
.
وقد ذكرت الأسيرات الفلسطينيات نماذج عن هذا التطبيق، وعن أساليب التنكيل والتعذيب الجسدي والضغط النفسي التي يمارسها العدو بحق الأسيرات، والتي وصلت إلى حد التهديد بالاعتداء الجنسي عليها أمام زوجها.
ثالثا :المرأة والفقر
.
انقسم الاقتصاديون في تعريفهم للفقر إلى فريقين: فريق يعتبر أن الفقر يكون عند عدم القدرة على الحصول على الاحتياجات الضرورية ونتيجة قلة الدخل وانعدامه بصورة نسبية دائماً.
.
وفريق ثانٍ يحمّل الفقر أبعاداً أخرى، فهو قد يعني الجوع، أو فقدان القدرات، أو عدم الاكتفاء، وهناك الفقر بمعنى عدم الطموح، وفقر المشاركة، والفقر النسبي، والفقر المطلق، وحجة هذا الفريق أن مستوى معيشة الأفراد لا يقاس فقط من خلال “الدخل” أو “الإنفاق”، فوجود مياه الشرب، ومجاري الصرف الصحي، والطرقات المعبّدة، ومساحة المنزل، تعدّ أساسية في تحديد مستوى معيشة الأفراد والجماعات.
وهناك البعد غير المادي لمشكلة الفقر، مثل حرمانٍ المشاركة في القرار، والتهميش وسوء المعاملة، وحتى عدم قدرة الفقراء على الإفادة من البرامج الاجتماعية المعدّة أساساً لخدمتهم، كل هذا يؤدي إلى عدم وجود مفهوم موحّد للفقر.
تفاوت النسب
.
يعيش 80 % من سكان العالم فيما يعرف بالدول النامية بينما يعيش ال 20% منهم في الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة واليابان وكندا وروسيا، وتفوق ثروات أغنى 200 رجل في العالم دخل41% من سكان المعمورة، حسب تقدير البنك الدولي لعام 2000م.
وفيما يتعلق بالعالم العربي فإنه برغم حدوث تقدم كبير في المستوى المعيشي والتعلّم، فقد قدّر في أوائل التسعينيات أن هناك حوالي 40 مليون شخص يعيشون دون حد الفقر، وأن 60 مليوناً من البالغين هم من الأميين.
وقد ذكرت منظمة الغذاء العالمية أن ال 841 مليون نسمة الذين لا يستطيعون في الوقت الحاضر أن يجدوا ما يشبعهم ينتمون إلى المجموعات الثلاث التالية: أطفال تحت سن الخامسة، خاصة الإناث، النساء في سن الإنجاب، خاصة الحوامل والمرضعات، الأسر منخفضة الدخل، خاصة تلك التي ترأسها النساء.
وبالنسبة للنساء فقد بيّنت الإحصاءات حول الفقر المنتشر بينهن أنه من بين 1.3 مليار شخص يعيشون في الفقر، هناك 70% من الإناث، وقد تمّ قياس هذا الرقم وفق التعريف العام للفقر والذي لا يقتصر فقط على الدخل النقدي للنساء، بل تم قياسه أيضاً بالنسبة للهوة القائمة بين النساء بالنسبة للتعليم، التغذية، ومن فرص الوصول إلى الرعاية الصحية والإنجابية الأولية.
من هنا تفيد الإحصاءات وفق هذا المؤشر أن النساء هن الأكثرية بين الأميين في العالم، وأن عدد الأميات ازداد من 543 مليوناً إلى 597 مليوناً في السنوات بين 1970 و1985م.، وأن النساء في العالم يكسبن من 30 إلى 40% أقل من الرجال الذين يقومون بعمل مماثل، وهن يشغلن بين10 و20% من الوظائف الإدارية وأقل من 20% في الأعمال الصناعية، وأقل من 5% من مراكز صناعة القرار.
.
ظاهرة التأنيث!
تحاول الأمم المتحدة باهتمامها بموضوع المرأة أن تفصلها عن مجتمعها وأسرتها، معتبرة أن ما تعاني منه المرأة يختلف عن معاناة سائر أفراد عائلتها، مع أن الأساس هو واحد، ولعل أشد آلام ومعاناة المرأة ناتج عن الظلم الذي لحق بها نتيجة سعي الغرب إلى تفكيك أسرتها. مثال على ذلك ارتباط ظاهرة تأنيث الفقر في الكثير من مناطق العالم الثالث بارتفاع معدلات الخصوبة مما جعل الأمم المتحدة تشجع على تحديد النسل عبر تشجيع الإجهاض وتوزيع وسائل منع الحمل، والسماح للمرأة أن تجهض جنينها قبل تكامل نموه خشية الفقر، متشبهة في ذلك بالمرأة الجاهلية التي كانت تقتل أولادها للسبب نفسه. وقد نهى الله تعالى عن هذا الفعل بقوله: ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم (الأنعام:151)، وقوله تعالى: ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم (الإسراء:13).
الأسباب
.
وفي محاولة لفهم أسباب الفقر الذي زاد بين النساء، تُلاحظ الأسباب التالية:
التغير العام الذي طرأ على بنية العائلة أدى الى استقلال الأبناء عن أسرهم الكبيرة ونشوء حالات جديدة ساهمت في تفكك الأسرة المعاصرة، وكان من نتائج هذا التفكك الأسري غياب التضامن الذي كان موجوداً داخل الأسرة الكبيرة.إضافة إلى ذلك كان من نتائج غياب الأسرة تخلي كثير من الإخوة عن القيام بواجباتهم تجاه أخواتهم المطلقات أو الأرامل اللواتي يجدن أنفسهن متهمات ومنبوذات من الآخرين، مما يضطرهن إلى العمل من أجل إعالة أنفسهن وأبنائهن اليتامى الذين وصى بهم الله عز وجل بقوله: فأما اليتيم فلا تقهر (9) (الضحى).
التغير الذي طرأ على ظروف المرأة المعيشية نتيجة غياب الزوج، إما بسبب السفر أو بسبب اندلاع الحروب، أو هجرة الكثير من أرباب العائلات الذكور، إضافة إلى تزايد معدل الجريمة، أو هروب بعض الأزواج من زوجاتهم وأولادهم بسبب تفاقم عجزهم عن توفير الحد الأدنى للمعيشة وتركهم البيت لفترات غير محددة.
عمل المرأة الذي لا يُعد أمراً ملزماً في الإسلام إلا في حال الضرورة، أو في حال رغبتها بذلك، والمتكفل في إعالتها في هذه الحالة زوجها أو والدها إن كان قادراً، أو ينفق عليها المجتمع من مال الزكاة، تماماً كما يحدث في حال الشيخوخة والمرض أو الإصابات المقعدة عن العمل أو صغر السن مثل اليتيم أو الصبي الضعيف عقلياً وذهنياً.
أما في العالم المعاصر، فقد أدى فقدان الروابط الاجتماعية وازدياد المناداة بالمساواة بين المرأة والرجل، وانقلاب الأدوار بين المرأة والرجل، وازدياد السياسات الرأسمالية القائمة على التقليل من الإنفاق العام، ونقص الاستثمارات العامة في قطاع الخدمات الاجتماعية، وفرض رسوم على الخدمات التعليمية والصحية التي كانت من قبل مجانية، وتقليل أو إلغاء الدعم المالي الذي كان يقدم للسلع الأساسية غير الكمالية، وزيادة صعوبة الحصول على الوظائف في القطاع الرسمي، إلى إرغام النساء على العمل لضمان دخل نقدي كاف للمساعدة في تغطية الحاجات الأساسية لأسرهن.
رابعا :حقوق الطفلة
.
أشارت الأمم المتحدة إلى حقوق الطفلة في كثير من مؤتمراتها وإعلاناتها التي تهتم بحقوق الإنسان، ومن هذه الإعلانات إعلان بكين ومنهاج العمل الصادران عن المؤتمر العالمي الرابع للمرأة، وإعلان كوبنهاجن بشأن التنمية الاجتماعية وغيرها من المؤتمرات والاتفاقيات الدولية.
إضافة إلى ذلك اهتمت الجمعية العامة بحقوق الطفلة بشكل خاص فأصدرت قرارات متتالية في هذا الشأن ركزت على حقوق الطفلة بالذات نتيجة القلق الذي كان يساور الجمعية “إزاء التمييز ضدها وانتهاك حقوقها في العالم، واللذين يفضيان في أحيان كثيرة إلى الحد من فرص حصول البنات على التعليم والتغذية والرعاية الصحية البدنية والعقلية”.
إلغاء التمييز
.
استند المدافعون عن حقوق الطفلة الأنثى إلى الإحصاءات والدراسات والتقارير الدولية والاقليمية والوطنية التي تؤكد تعرض الطفلة في معظم مناطق العالم، بما فيها المنطقة العربية، إلى تمييز مرتبط بجنسها، وهي بالتالي معرضة لانتهاك حقوقها مرتين: مرة أسوة بباقي أطفال بلدها بسبب العوامل الاقتصادية الاجتماعية والثقافية والبيئة السياسية التي تتأثر بها حقوق الأطفال، ومرة أخرى بسبب جنسها.
ومن أنواع التمييز ضد الأنثى التي تحدثت عنها وثائق الأمم المتحدة بشكل عام ووثيقة “عالم جدير بالأطفال” بشكل خاص:
قتل الأطفال حديثي الولادة الذي يتزايد في العالم، فلقد أظهرت إحدى الدراسات في منطقة نائية في جنوب الهند أن 58% من الوفيات بين الإناث كان سببها القتل العمد، غالبا خلال سبعة أيام بعد الولادة.
التمييز في مجال فرص التعليم من حيث التعليم الاساسي، فالأمية بين الإناث ضعفها بين الذكور في معظم المجتمعات العربية كما أن تسرب الفتيات أعلى من تسرب الفتيان في معظم المجتمعات العربية أو من حيث نوعية وتوجهات التعليم.
مظاهر العنف الممارَس على الفتاة والتي تتعدد أنواعه وتختلف من بيئة إلى أخرى، ومن هذه الأنواع:
1- الاعتداء البدني بالضرب، وهذا أمر لا يزال شائعاً وبكثرة في جميع أنحاء العالم، وحتى ضمن العالم المتحضر، واللافت في هذا الموضوع خطورة الخلط بين العنف البدني وبين التربية.
.
2- الاعتداء الجنسي، وقد أجريت دراسات سكانية قليلة حول موضوع الإساءات الجنسية للأطفال والمراهقات، إلا أنها على قلتها تبين أن هذا الأمر واسع الانتشار وشديد الخطورة، خاصة أنه قد يمكن أن ينتج عنه بعض الأمراض الخطيرة مثل مرض نقص المناعة المكتسبة (الأيدز).