تلبية لدعوة رسمية من لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الأوربي، شارك مسعود بارزاني رئيس إقليم كوردستان، يوم الامس، في إجتماع البرلمان الأوربي المنعقد في بروكسل، حيث ألقى الرئيس بارزاني كلمة وفيما يلي نصها:
بداية أود أن أقدم شكري الجزيل إلى لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الأوربي لدعوتي إلى هذا الإجتماع، وبدون شك أن أوربا لها دور كبير وهناك مجال واسع لكي تعمل بالتعاون مع الحكومة الفيدرالية ومع حكومة إقليم كوردستان لتطوير العلاقات في جميع المجالات وخاصة في المجالات الإقتصادية والتجارية.
نعلم بأنه هناك إتفاق بين الحكومة العراقية والإتحاد الأوربي ونأمل أن يكون لإقليم كوردستان دور في هذا الإتفاق وأن يحضى إقليم كوردستان باهتمام الإتحاد الأوربي والبرلمان الأوربي، وأود أن أحيط معاليكم بنبذة مختصرة عن مأساة الشعب الكوردي، فقد تعرض شعب كوردستان إلى معاناة كبيرة وإلى حملات قاسية جداً من قبل الأنظمة المتعاقبة على دفة الحكم في العراق، لقد اُستُخدم السلاح الكيمياوي ضد النساء والأطفال، وجرت عمليات سُميت بعمليات الأنفال وكانت نتيجتها 182 ألف مفقود، لم نحصل إلا على رفاة حوالي أربعة آلاف منهم من المدفونين في المقابر الجماعية في صحاري جنوب العراق والبحث جاري للعثور على رفاة بقية المفقودين، وفي لحظات قليلة جداً أُستشهد خمسة آلاف شخص معظمهم من النساء والأطفال نتيجة إستخدام السلاح الكيمياوي في مدينة حلبجة وحدها.
أيتها السيدات
أيها السادة الكرام
نحن في إقليم كودستان إعتمدنا سياسة وثقافة التسامح والتعايش وقبول الآخر، لم ننتقم ممن ظلمونا خلال إنتفاضة شعب كوردستان في آذا عام 1991 وكذلك لم ننتقم ممن أساؤا إلينا بعد سقوط النظام العراقي في عام 2003، وفتحنا صفحة جديدة مع أنفسنا ومع غيرنا، وساعد هذا على أن نتفرغ لبناء لبدنا وللتخفيف من معاناة شعبنا.
نتيجة تلك السياسة حظي إقليم كوردستان بنسبة عالية من الأمن والإستقرار، مما أدى إلى مجيء عدد كبير من الشركات العالمية ومن مختلف بلدان العالم للإستثمار في كوردستان، وكمثال بسيط لكي تلاحظوا مدى التطور الذي حصل في كوردستان؛ فقد كان دخل الفرد في كوردستان قبل 2003 أقل من 500 دولار، والآن تجاوز 5000 دولار.
نحن في بداية الطريق لبناء مؤسسات ديمقراطية في كوردستان، ونحتاج إلى مساعداتكم لكي نبني هذه المؤسسات على أسس عصرية وسليمة، نحن بحاجة إلى خبرتكم ونتطلع إلى تضامنكم مع حقوق شعب كوردستان، كذلك نناشدكم ببذل كافة الجهود في سبيل إقرار الجينوسايد الذي حصل بحق شعب كوردستان، وكذلك نطالب من حضراتكم العمل مع ذات الشأن لإفتتاح ممثلية خاصة للإتحاد الأوربي في إقليم كوردستان، وهذا سوف يساعد على تطوير العلاقات بين إقليم كوردستان والدول الأوربية في المجالات الإقتصادية، كذلك نناشدكم لدعم العملية السياسية في العراق على أساس الإلتزام بالدستور والديمقراطية والفيدرالية ومحاربة الإرهاب في العراق والمنطقة برمتها، ومع الأسف الشديد فان الإرهاب أصبح ظاهرة خطيرة تهدد كل شعوب وبلدان العالم. ونحن عانينا من الإرهاب كثيراً، ولكننا صامدون في مكافحة الإرهاب لأنه ليس هناك اي سبيل آخر.
نحن إعتمدنا ثقافة التسامح، وأشعنا حرية الأديان، والمرأة تلعب دورها في بناء مجتمعنا ومؤسساتنا، وهذه السياسة وما يتمتع به إقليم كوردستان من أمن وإستقرار، فاننا الآن نستضيف قرابة 250 ألف لاجيء معظمهم من الكورد في سوريا وكذلك بينهم من العرب والمسيحيين وغيرهم، وكذلك نستضيف 200 ألف نازح من إخواننا العرب من وسط وجنوب العراق الذين جاؤوا إلى إقليم كوردستان هرباً من الإرهاب وبحثاً عن الأمن والأمان. وكان يعيش في كوردستان 10 آلاف عائلة مسيحية، بالاضافة إلى هذه العوائل فقد جاءت إلى إقليم كوردستان 26 ألف عائلة اخرى من مختلف مناطق العراق أيضاً بسبب الإرهاب وبسبب تعرضهم إلى القتل والترهيب. والآن أضيف إلى هذه الأعداد 15 ألف نسمة من منطقة الأنبار التي تشهد أوضاعاً صعبة جداً.
اننا نفتخر أن يكون إقليم كوردستان ملجأً لكل من يلوذ به، لكن في نفس الوقت في الواقع لم يكون الإهتمام الدولي لمساعدة هؤلاء اللاجئين بالمستوى المطلوب كما كان ذلك مع اللاجئين في الدول الأخرى في المنطقة.
أن الإقليم والكورد هم عامل الإستقرار وليسوا عامل إستفزاز أو خلق المشاكل، وسنستمر في سياستنا هذه ونبذل كل الجهود مع بقية القوى في العراق لحل المشاكل ولبناء مؤسسات الدولة ونلتزم بالدستور. ومن أجل كل هذا أناشدكم مرة أخرى، ونحتاج إلى دعمكم ومساعدتكم.
وشكراً جزيلاً