جريدة الغارديان البريطانية , الجمعة 8 تشرين الثاني 2013
ترجمة : تمر حسين ابراهيم
بدأت السلطات التركية بإقامة جدار على الحدود مع سورية في مُحاولة ينظر إليها على أنها تهدف لتقسيم السكان ذو الغالبية الكردية على طرفي الحدود ، مما أثار احتجاجات و إضرابات عن الطعام ، و يهدد محادثات السلام .
من دون إبلاغ الحكومة المحلية في بلدة نصيبين في جنوب شرقي تركيا ، أرسلت السلطات مؤخرا عمال البناء للبدء في إقامة جدار يبلغ ارتفاعه متران على الحدود مع القامشلي في شمال شرقي سورية . مشروع البناء المفاجئ يُشعل مخاوف من أن المزيد من الجدران يُخخط لبنائها .
و قد أمضت رئيسة بلدية نصيبين – عائشة كوكان – عدة أيام ” مضربة عن الطعام” في موقع الجدار هذا الاسبوع احتجاجا على ما وصفته ” بجدار العار ” . انضم نحو خمسون آخرون إليها معلنين إضرابا عن الطعام ، و بحسب تقارير محلية يُخطط لمسيرة إحتجاج كبيرة ضد العمل المُستفزالمزعوم بحق الكرد .
بحسب تقارير لصحيفة تركية صباح اليوم الجمعة ، تم إيقاف بناء الجدار بشكل مؤقت و انهت رئيسة البلدية إضرابها عن الطعام .
قالت وزارة الداخلية التركية في الشهر الماضي أن الهدف من وراء بناء الجدار هو ” لأسباب أمنية ” ، و للحد من التهريب و العبور غير المشروع ، مزاعم يُنكرها بشدة القادة الكرد على طرفي الحدود.
” لم تحدث اشتباكات أبدا عبر هذه الحدود ” ، ” إن التضاريس مستوية تماما ، ويمكن مراقبتها بسهولة . هناك ألغام أرضية , وربما هذا هو الجزأ الأكثر أمانا من حدودنا مع سورية ” تقول رئيسة بلدية نصيبين – عائشة كوكان –
تنتمي – عائشة كوكان إلى حزب السلام و الديمقراطية المؤيد للكرد ، بينما يُسيطر حاليا حزب الاتحاد الديمقراطي ، و هو أكبر فصيل سياسي كردي في سورية على القامشلي والمناطق المحيطة بها .
” لماذا لا يبنون الجدران في الغرب ،حيث يُسمح لمقاتلي المتمردين والقاعدة بعبور الحدود بحرية ؟ ” تسأل – عائشة كوكان-
كانت غاضبة أيضا بسبب عدم التشاور . ” قيل لنا في صباح أحد الأيام أن آلات البناء قد تسببت في ضرر أنابيب المياه بالقرب من مبنى البلدية . كان هناك عمال البناء، قاموا بالحفر من دون ترخيص ، و دون معرفتنا “
لم يتم الرد على جميع استفسارات- عائشة كوكان- إلى الوزارات و المكاتب الحكومية . ” سمعت ببناء الجدار من الصحف ” قالت – عائشة كوكان-, يُعارض معظم السكان المحليين بشدة ما يعتبرونه محاولة لتقسيم مجتمعهم . ” نحن لا نسميها نصيبين أو القامشلي أو حتى تركيا أوسورية ” قالت سيدة رغبت في عدم الكشف عن هويتها . ” لقد كان هناك دائما هذا الجانب من السياج و الجانب الآخر منه. لدينا جميعا حالات زواج متبادلة بين الطرفين ، جميعنا نمتلك عائلة على الطرف الآخر . يمتلك الكثير منا جنسية مزدوجة . هذا الجدار هو محاولة لفصل الكرد في المنطقة ، ولا شيء سوى ذلك ” .
حذرت رئيسة البلدية من أن هذه الخطوة التي تستهدف الكرد يمكنها ان تضر بمحادثات السلام الجارية بين أنقرة و المسلحين الكرد من حزب العمال الكردستاني و التي تهدف إلى انهاء التمرد الكردي بعد فترة ثلاثين عاما في تركيا .
” إن الجدار هو بمثابة إعلان حرب ضد الكرد من قبل الحكومة التركية ” ، ” أي نوع من السلام الذي يحاولون تحقيقه من خلال بناء جدار بيننا ؟ ” تقول- عائشة كوكان-
ينظر كثير من الناس على طرفي الحدود إلى الجدار كأحدث دليل واضح على دعم الحكومة التركية للجماعات الاسلامية مثل جبهة النصرة و الدولة الإسلامية في العراق و بلاد الشام, والذين يُهاجمون القرى الكردية في سورية ، مما أسفر عن مقتل وتشريد الآلاف ، بينما يحاربون نظام الأسد أيضا.
العديد من كرد سورية الذين نزحوا إلى تركيا غاضبون جدا .
” نحن لا نريد هذا “، ” إنه أمر مطمئن أن تعرف أن بقية عائلتك هنالك في القامشلي , إن الجدار سيفصلنا تماما عن أقاربنا . ثلاث من بناتي مازلن في سورية . ” تشرح سيدة تبلغ السادسة و الخمسين عاما .
” اذا أقيم جدار الآن بيني وبينهم ،سأشعر بالقلق باستمرار مع كل اطلاق نار ، و مع كل انفجار أسمعه من دون أن أكون قادرة على رؤية القامشلي “
طالب إسماعيل بوبي، رئيس منظمة المعونة السورية التركية المحلية و الذي هرب من سورية إلى نصيبين قبل أربعة عشر عاما ، أن يتم وقف بناء الجدار ، و أن تُزال حقول الألغام و الأسلاك الشائكة.
” ينتقل اللاجئون عبرمنطقة خطرة ليصلوا الى هنا . من الصعب للغاية إدخال مساعدات إلى الجزء الشمالي الشرقي من سورية . إذا كانت الحدود مفتوحة ، لن يضطر الناس للجوء إلى التهريب ، وسيعودون لبلداتهم بشكل أسرع أيضا.
“إن بناء الجدار يهدم الديمقراطية ، وليس هذا ما نحن بحاجة له. نحتاج إلى المزيد من الثقة ، الحرية ، و المزيد من التعاون “
كونستانز ليتسش