القوات الروسية تنسحب بشكل مُفاجئ من “خاركيف” والجيش الأوكراني يتقدّم شرقا وسط معارك ضارية..

حول العالم 12 سبتمبر 2022 0
القوات الروسية تنسحب بشكل مُفاجئ من “خاركيف” والجيش الأوكراني يتقدّم شرقا وسط معارك ضارية..
+ = -

كوردستريت||وكالات

أكدت روسيا السبت أنها ستسحب قواتها من منطقة خاركيف في شرق أوكرانيا بينما أعلنت كييف أن جيشها سيطر على مركز لوجستي مهم في إطار هجوم مضاد خاطف.

في الأثناء، أكد قيادي انفصالي موال لروسيا في الشرق أن منطقة دونيتسك تشهد معارك “صعبة” بين القوات الروسية والأوكرانية.

كما ذكر مسؤول أوكراني أن قوات كييف تتقدّم باتّجاه مدينة ليسيتشانسك التي سيطرة عليها القوات الروسية بعد معارك شرسة بالمدفعية في تموز/يوليو.

ويُعَدّ إعلان موسكو عن سحب القوات وتأكيد كييف أن قواتها دخلت بلدة كوبيانسك التحوّلين الميدانيين الأكثر أهمية في القتال في شرق أوكرانيا حيث رجحت الكفة لصالح موسكو على مدى شهور.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية السبت أنه “من أجل تحقيق أهداف العملية العسكرية الخاصة لتحرير دونباس، اتُّخذ قرار بإعادة تجميع القوات الروسية المتمركزة في منطقتي بالاكليا وإيزيوم، لدعم الجهود على الجبهة في دونيتسك”.

وتأتي أنباء الانسحاب بعد وقت قصير من نشر القوات الخاصة الأوكرانية صورا على مواقع التواصل الاجتماعي لعناصر بالزي العسكري بحوزتهم أسلحة آلية “في كوبيانسك”. وجاء في بيانها أن البلدة “كانت أوكرانية وستبقى كذلك دائما”.

سقطت البلدة التي تعد حوالى 27 ألف نسمة وتقع على طريق مهم لإيصال الإمدادات للقوات الروسية في الشرق في الأسبوع الأول من الغزو الروسي لأوكرانيا الذي بدأ في 24 شباط/فبراير.

ويتوقع مراقبون أن تعلن القوات الأوكرانية انتصارات جديدة في منطقة خاركيف المحاذية لروسيا والتي سيطر عليها الجيش الروسي أو قصفها بالمدفعية على مدى شهور.

– تقدّم “مذهل” –

لم يصدر أي تأكيد رسمي أن جنود كييف دحروا القوات الروسية من إيزيوم التي ترتدي أهمية كبيرة بالنسبة للعمليات العسكرية الروسية وكانت تعد حوالى 45 ألف نسمة قبل الغزو.

لكن صورا انتشرت بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت على ما يبدو القوات الأوكرانية داخل المدينة بينما ذكر مراقبون روس يتابعون النزاع وجود تقارير أولية تتحدّث عن انسحاب جيش موسكو بالفعل.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأوكرانية أوليغ نيكولينكو في بيان تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي إن “الجنود الأوكرانيين يتقدّمون في شرق أوكرانيا ويحررون المزيد من المدن والقرى. تثمر شجاعتهم المصحوبة بدعم عسكري غربي عن نتائج مذهلة”.

وأضاف “من الضروري مواصلة إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا. هزيمة روسيا في ساحة المعركة تعني الظفر بالسلام في أوكرانيا”.

وجاء تقييمه لوتيرة المكاسب التي تحققها القوات الأوكرانية بعدما أعلن الرئيس فولوديمير زيلينسكي الجمعة أن قواته استعادت نحو 30 بلدة وقرية في منطقة خاركيف (شمال شرق) في إطار الهجوم.

ويبدو أن التقدّم الأوكراني جاء مفاجئا للقوات الروسية.

وقبل يوم من إعلان روسيا عن خطة لثلاثة أيام لإعادة نشر القوات من خاركيف إلى منطقة دونباس الصناعية جنوبا، أعلنت عن إرسال تعزيزات إلى خاركيف.

وظهرت صور بثّها الإعلام الرسمي أرتال الدبابات والمدفعية ومركبات الدعم تتحرّك على طرقات غير معبّدة باتّجاه خاركيف.

– مدرعات روسية مهجورة –

وحذّر زيلينسكي السبت من أنّ موسكو تأمل في “كسر” المقاومة الأوكرانيّة خلال فصل الشتاء معوّلةً على مشاكل التدفئة وإمكان تراجع زخم الدعم الغربي لكييف بسبب ارتفاع أسعار الطاقة في أوروبا.

وقال زيلينسكي في مداخلة خلال منتدى يالطا للاستراتيجية الأوروبّية المنعقد في كييف إنّ “روسيا تبذل كلّ الجهود لكسر مقاومة أوكرانيا وأوروبا والعالم خلال الأيام التسعين لفصل الشتاء”.

وأشار إلى أن روسيا تعوّل على “وحشية” الشتاء لأن “وحشية الإنسان لم تعد تكفي”، وذلك على خلفية استعادة القوات الأوكرانية مساحات كبيرة في شرق البلاد.

وشدد على أن روسيا قد تستهدف بضرباتها “الشركات والبنى التحتية التي تؤمّن التدفئة” في أوكرانيا، داعيا في هذا السياق الغرب إلى إمداد كييف بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي.

وتابع الرئيس الأوكراني “لا يمكن أن نسمح لأنفسنا بالتوقف. إنها رسالتي الرئيسية إلى (…) بعض القادة الذين يدفعوننا إلى أحضان” روسيا، قائلا إن المفاوضات مع موسكو مستحيلة حاليا لأنّ “لا أحد يصدّق” السلطات الروسية.

تشكّل السيطرة على مراكز حضرية على غرار كوبيانسك وإيزيوم ضربة كبيرة لقدرة روسيا على إيصال إمدادات إلى مواقع على خط المواجهة في الشرق. كما من شأن ذلك أن يخفف إلى حد كبير سيطرة روسيا على الشرق.

وفي إحدى القرى التي استعادها الأوكرانيون، أُسقطت أبراج الكهرباء وأُحرقت منازل، بحسب مراسلي فرانس برس.

وعلى الطريق المؤدي إلى بلدة بالاكليا التي استعادتها قوات كييف، شاهد الصحافيون مدرعات روسية مهجورة تحمل الحرف “Z” الذي بات رمز الغزو الروسي.

تتقدّم القوات الأوكرانية أيضا في أجزاء من خط المواجهة جنوبا بعشرات الكيلومترات في بعض المناطق باتّجاه أراض انتزعتها القوات الروسية بداية الغزو، وفق ما ذكرت متحدثة السبت.

بدورها، أعلنت وكالات إخبارية روسية عن وقوع ستة انفجارات كبيرة في نوفا كاخوفكا، وهي بلدة تسيطر عليها القوات الروسية في منطقة خيرسون الجنوبية.

في الأثناء، قال القيادي الموالي لروسيا دنيس بوشيلين إن الوضع في مدينة ليمان في منطقة دونيتسك “صعب جدا”، لافتا الى معارك في “عدد آخر من البلدات”، وخصوصا في الجزء الشمالي من المنطقة.

– “إلى جانب أوكرانيا” –

من جهتها، وصلت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إلى كييف السبت في زيارة مفاجئة قالت إن هدفها تأكيد دعم برلين لأوكرانيا في معركتها ضد روسيا.

وجاء ذلك بعد أسبوع من زيارة رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميغال إلى برلين حيث كرر مطالب كييف تزويدها بالأسلحة.

وتعهّدت مواصلة “إمدادات الأسلحة والدعم الإنساني والمالي”.

وعلى مدى الأسابيع الماضية، أرسلت ألمانيا مدافع هاوتزر وقاذفات صواريخ وصواريخ مضادة للطائرات إلى كييف، في اطار ترسانة الأسلحة التي قدّمها الغرب ويقول مراقبون إنها أضرّت بإمكانيات الروس القيادية وفي توفير الإمدادات.

تأتي زيارة بيربوك في أعقاب زيارة مشابهة قام بها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي تعهّد بحزمة دعم عسكري لأوكرانيا بقيمة ثلاثة مليارات دولار تقريبا.

وقال بلينكن خلال اجتماع في بروكسل مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ إن تحرّك روسيا لإرسال تعزيزات يكشف أن موسكو تدفع “ثمنا باهظا” لمحاولاتها انتزاع ومن ثم إحكام قبضتها على الأراضي الأوكرانية.

لكن ما زالت القوات الروسية تتسبب بأضرار بالغة عبر قصفها مدينة خاركيف ومنطقة دونباس الصناعية في الشرق.

وقال حاكم منطقة خاركيف أوليغ سينغوبوف إن القصف الروسي السبت على حي خولودنوغيرسكي في المدينة أدى إلى مقتل شخص وإصابة اثنين بجروح.

وفي وقت سابق، لفت زعيم منطقة دونيتسك التابعة لدونباس بافلو كيريلنكو إلى أن قصفا روسيا أسفر عن سقوط قتيلين.

وتزداد المخاوف منذ أيام حيال تجدد القصف قرب محطة زابوريجيا النووية في جنوب أوكرانيا.

وأفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الجمعة بأن هجمات وقعت مؤخرا قرب المحطة تمس بعمليات التشغيل الآمن للمنشأة.

وفي هذا السياق، أعلن الإليزيه أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحدّث مع زيلينسكي السبت وقال إن الوضع في المحطة “مقلق”.

وجاء في تغريدة أن الرئيس الأوكراني شدد خلال المكالمة على ضرورة انسحاب القوات العسكرية من الموقع.

وسط هذه التطورات ندد رئيس الوزراء الأوكراني دنيس شميغال السبت بـ”الموقف السلبي” لصندوق النقد الدولي، مبديا قلقه بشأن “التأخيرات” الحاصلة في مراجعة الصندوق لطلب المساعدة الذي قدمته أوكرانيا.

والمساعدات الغربية الموعودة لأوكرانيا على المدى القصير يجب أن تصل إلى 39 مليار يورو. لكن هذا المبلغ يبدو أنه سيكون غير كاف إلى حد كبير، لأنه احتُسِب على افتراض أن الغزو الروسي سينتهي في آب/أغسطس، وفق ما قال دبلوماسي أوروبي. كما أنه لا يأخذ في الاعتبار الاحتياجات الهائلة لإعادة إعمار البلاد.

وقدّر البنك الدولي الجمعة الكلفة “الحالية” لعملية إعادة الإعمار هذه بنحو 349 مليار يورو، معتبرا أنها “ستزيد في الأشهر المقبلة مع استمرار الحرب”.

وفي سياق متصل- أعلنت شركة إنرجو أتوم الحكومية المسؤولة عن تشغيل محطة زابوريجيا للطاقة النووية في أوكرانيا اليوم الأحد توقف العمليات بالكامل في المحطة التي تسيطر عليها روسيا.

وأضافت الشركة أنها فصلت الوحدة السادسة بالمحطة عن شبكة الكهرباء.

وطلبت كييف من السكان في المناطق التي تحتلها روسيا حول المحطة النووية الإجلاء من أجل سلامتهم.

وتتهم روسيا وأوكرانيا بعضهما بعضا بقصف المحطة النووية، مما ينذر بحدوث كارثة نووية.

وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي دعا إلى نزع السلاح في المنطقة المحيطة بالمحطة النووية.

من جهتها أعلنت أوكرانيا الأحد أن قواتها أجبرت الجنود الروس على التراجع في مواقع استراتيجية في شرق البلاد، بعدما تحدثت موسكو عن عملية انسحاب نتيجة هجوم كييف المضاد واسع النطاق.

في الأثناء، ذكرت وكالة الطاقة النووية الأوكرانية أنه تم إغلاق آخر مفاعل في محطة زابوريجيا الخاضعة لسيطرة القوات الروسية والتي تعد الأكبر في أوروبا وتتسلط أنظار المجتمع الدولي عليها، كإجراء احترازي.

ويبدو أن سرعة عملية المقاومة الأوكرانية فاجأت الجيش الروسي فنجحت في إعادة مساحات واسعة من الأراضي التي سيطرت عليها روسيا على مدى شهور إلى قبضة أوكرانيا.

وشوهدت صناديق ذخيرة ومعدات عسكرية مهجورة متناثرة في مناطق غادرتها القوات الروسية، بحسب صور نشرها الجيش الأوكراني.

وأفاد الجيش الأوكراني في تعميم بشأن الوضع الميداني الأحد الذي يصادف مرور 200 يوم على بدء الغزو الروسي، أن “تحرير المستوطنات جار في منطقتي كوبيانسك وإيزيوم التابعتين لمنطقة خاركيف”.

ويعد الموقعان مركزين لوجستيين مهمين تعتمد روسيا عمليها في إيصال الإمدادات إلى مواقعها على الجبهة شرقا. ولفت مراقبون عسكريون إلى أن استعادة أوكرانيا لهما سيسدد ضربة موجعة لطموحات موسكو العسكرية في خاركيف.

– “أسلحة، أسلحة، أسلحة” –

أعلن قائد الجيش الأوكراني صباح الأحد أن قواته استعادت من القوات الروسية مناطق يتجاوز مجموع مساحتها ثلاثة آلاف كيلومتر مربّع منذ بدأ الهجوم المضاد مطلع الشهر.

وهذا الرقم أكبر بنسبة الثلث من إجمالي المساحة التي أعلن عنها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في وقت متأخر السبت. وأعلن الأحد أن القوات الأوكرانية سيطرت على قرية تعد حوالى 4000 نسمة بين خاركيف وإيزيوم.

وقال في تسجيل مصوّر نشر على الإنترنت “عاد العلم الأوكراني العظيم إلى تشالوفسكي. وسيكون الحال كذلك في كل مكان. سنطرد المحتلين من كل بلدة وقرية أوكرانية”.

وأشاد مسؤولون أوكرانيون نهاية الأسبوع بالوتيرة “المذهلة” للهجوم المضاد بينما استغل وزير الخارجية دميترو كوليبا هذا الزخم الأحد لمناشدة الحلفاء الغربيين إرسال مزيد من الأسلحة المتطورة.

وقال كوليبا “الأسلحة، الأسلحة، الأسلحة كانت على أجندتنا منذ الربيع. أنا ممتن للشركاء الذين استجابوا لدعوتنا: نجاحات أوكرانيا في ساحة المعركة مشتركة بيننا”.

وجاء في بيانه الذي نشر على موقع التواصل الاجتماعي أن “الإمدادات الفورية تقرّب النصر والسلام”.

ولم يصدر أي رد فعل رسمي روسي على المكاسب التي تحققها القوات الأوكرانية، لكن مسؤولا في منطقة بيلغورود الحدودية أعلن أن “آلاف” الأشخاص فروا من منطقة خاركيف وعبروا الحدود إلى روسيا.

وأفاد حاكم منطقة بيلغورود فياشيسلاف غلادكوف بوجود أكثر من ألف شخص يتم إيواؤهم في مراكز موقتة.

في الأثناء، صدر إعلان مفاجئ عن الجيش الروسي السبت مفاده بأنه “يعيد تجميع” قواته من خاركيف إلى منطقة دونيتسك جنوبا للتركيز على الجهود العسكرية هناك.

لكن الإعلان جاء بعد وقت قصير من تأكيد موسكو بأنها ترسل تعزيزات باتّجاه خاركيف.

وفي محيط بالاكليا، إحدى أولى البلدات التي استعادتها القوات الأوكرانية، شاهد مراسلو فرانس برس أدلة على وقوع معارك شرسة إذ بدت المباني مدمّرة أو متضررة والشوارع مقفرة.

– “كان مخيفا” –

وقالت إريانا ستيبانينكو (52 عاما) التي خرجت لأول مرة منذ شهور على متن دراجتها الهوائية، إنها اختبأت في الطابق السفلي في منزلها على مدى ثلاثة أشهر.

وأفادت وهي تستذكر سيطرة روسيا على البلدة التي كانت تعد 27 ألف نسمة قبل الغزو ومحاولات الأوكرانيين لاستعادتها “كان هناك الكثير من الخوف والقصف. كان الأمر مخيفا”.

وأشارت إلى أنها تشعر بالارتياح لرؤيتها القوات الأوكرانية تستعيد البلدة، لكن ما زال القلق يراودها حيال مستقبلها. وقالت “أشعر بالقلق من إمكانية عودة الروس. أشعر بالقلق من إمكانية تجدد القصف”.

وعلى الرغم من المكاسب الأوكرانية المعلنة، واصلت القوات الروسية عمليات القصف عبر خط الجبهة وفي منطقة دونيتسك. وقال مسؤولون إن القصف أسفر عن مقتل 10 أشخاص وإصابة 19 بجروح.

في الأثناء، عزز تصاعد حدة المعارك في محطة زابوريجيا النووية ومحيطها المخاوف من احتمال وقوع حادث نووي على غرار كارثة تشيرنوبيل التي وقعت في شمال أوكرانيا عام 1986.

وذكرت الوكالة النووية الأوكرانية الرسمية الأحد بأن المفاعل السادس والأخير في المحطة أُغلق وتم وقف عمل الوحدة على البارد.

ولفتت شركة “إنرغوأتوم” بأن المفاعل السادس كان يولد الطاقة للمحطة نفسها لمدة ثلاثة أيام وأن قرار وقف تشغيله جاء مع معاودة المنشأة التزوّد بالطاقة الخارجية.

وحذّرت مجددا من أنه بكل الأحوال، فإن الطريقة الوحيدة لضمان سلامة المنشأة ستكون عبر إقامة منطقة منزوعة السلاح في محيطها.

(أ ف ب)-رويترز

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك