صحيفة توديز زمان التركية
كورد ستريت / الاجتماع المذهل الذي عقده رئيس الوزراء أردوغان خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي مع مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان في ديار بكر المعروفة باسم آمد باللغة الكردية يأتي بالضد من التطور التاريخي الناشيء من عدم التوصل الى حل للمسألة الكردية في المنطقة.
ويظهر الاجتماع قبل كل شيء إن الأكراد برزوا بوصفهم الفائزين فقط من الاضطرابات الجارية في المنطقة التي تُسمى الربيع العربي بعد التظاهرات الضخمة في شوارع تونس التي أعقبتْ حرق بائع جوال نفسه عام 2010 في عملية احتجاج على البطالة وبعدها إهتزت قبضة الأنظمة الاستبدادية في العالم العربي.
ومع ذلك، تحول الربيع العربي إلى شتاء عربي الآن، والاضطرابات تتواصل في كثير من هذه البلدان دون هوادة، وستدخل الحرب الأهلية في سوريا، على الحدود مع تركيا إلى الجنوب، عامها الثالث في شهر آذار/ مارس من العام المقبل.
ومن الاسلم القول أن الحدود الإقليمية التي حددتها القوى الكبرى قبل 97 عاماً بعد إنهيار الإمبراطورية العثمانية قد يُعادَّ الآن رسمها. وتم تقسيم أراضي الإمبراطورية العثمانية بموجب اتفاق سايكس بيكو بين حكومتي بريطانيا وفرنسا وبموافقة روسيا نهاية الحرب العالمية الأولى.
والاتفاق الذي أبرم في عام 1916 قسَّم بشكل فعال المقاطعات العربية خارج شبه الجزيرة العربية إلى مناطق تخضع للسيطرة البريطانية والفرنسية مستقبلاً. وبالتالي فقد تم رسم الحدود في الشرق الأوسط بشكل مصطنع لخدمة مصالح أولئك الذين أبرموا الاتفاق. وكان الأكراد من الخاسرين في المنطقة في ذلك الوقت، وما كانوا قادرين على إنشاء دولة خاصة بهم وتفرقوا في أنحاء تركيا وإيران و العراق وسوريا.
وبناء على التطورات الحالية فإنه من السابق لأوانه التكهن بأن الأكراد سوف يقومون أخيرا بإنشاء دولة خاصة بهم، لكنهم انتقلوا بالفعل الى تحقيق بعض المكاسب لترقية وضعهم، سواء قبل أو بعد الربيع العربي. فعلى سبيل المثال، قامت حكومة إقليم كردستان في شمالي العراق على الحدود مع تركيا في جنوب شرقي البلاد ، قبل بضع سنوات وتم إدراجها في الدستور العراقي.
وفي سوريا، أعلن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي مستغلاً الاضطرابات الحالية في ذلك البلد، الحكمَ الذاتي في منطقة قريبة من الحدود التركية إلى الجنوب. وعلى الحدود الشرقية لتركيا، في إيران، ما يزال الأكراد تحت سيطرة نظام طهران القوي، على الرغم من الاعتراف بحقوقهم الثقافية، خلافا لإكراد تركيا.
وفي تركياهناك أكثر من 12 مليون كردي، يعيشون أساسا في المقاطعات الجنوبية الشرقية من البلاد، وقد قُمِعوا طويلا بسبب إنكار الدولة للهوية الكردية، واشرق «الربيع الكردي « منذ بدء الحكومة التركية بعملية السلام مع عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني المحظور المسجون، الذي يسعى إلى الحكم الذاتي. وإطلاق تركيا لعملية السلام أخيراً بعد معركة دامت نحو ثلاثة عقود من الزمان تقريباً ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني، قد تلبي ضرورة ملحة، ذلك إن الحرب الطويلة مع هذا التنظيم ستقسم الأمة.
ولهذا السبب، ارسلت زيارة اردوغان إلى ديار بكر نهاية الأسبوع الماضي مع بارزاني عدة رسائل ايجابية تتعلق بالقضية الكردية وتتضمن اعترافاً بحقيقة أن الوقت قد حان لإعادة تنشيط عملية السلام الكردية المتعثرة في تركيا.
وتصريحات أردوغان حينما كان في دياربكر في نهاية الأسبوع الماضي – مثل قوله أن السلام يكبر مثل كرة الثلج ، تأتي في وقت كانت هناك مخاوف من أن عملية السلام باتت مجمدة – مما عزز الآمال بأن عملية إيجاد حل غيرعسكري للمسألة الكردية لا رجعة عنه.
وفي غضون ذلك، سيكون من المهم أن لا يستعمل حزب العدالة و التنمية علاقاته الجيدة مع بارزاني، أي مع حكومة اقليم كردستان، لإثارة غضب الله أوجلان الخصم اللدود لبارزاني. و تكتيك استخدام بارزاني ضد أوجلان سيكون عقيما و يعرض للخطر عملية السلام التي هي هشة بالفعل.
ولقد كتبتُ بعد وقت قصير من بدء عملية السلام الكردية أن تصميم أردوغان لحل المسألة الكردية سوف يصل إلى ذروته في حالة فوزه بمنصب الرئيس في عام 2014.
وتظهر الرسائل التي بعث بها في ديار بكر صوابية أطروحتي القائلة إنه أذا جلس أردوغان في قصر الرئاسة في العام المقبل، فانه سيتخذ خطوات أكثر شجاعة، مثل الضغط من أجل الترتيبات القانونية التي من شأنها أن تمهد الطريق لاصدار عفو عن مقاتلي حزب العمال الكردستاني ، فضلا عن وضع أوجلان رهن الإقامة الجبرية. والسبب هو ان اردوغان في حال إنتخابه رئيساً لن تكون لديه أية مخاوف حول تكبير أصواته. وفي الواقع ، أشار أردوغان بالفعل الى امكانية إطلاق سراح السجناء السياسيين عندما قال في ديار بكر أن السجون سيتم إفراغها.
وأدركت حكومة حزب العدالة والتنمية في نهاية المطاف، أن الأكراد على ما يبدو هم المنتصرون فقط في الاضطرابات الإقليمية وإن مصالح تركيا على المدى الطويل سيتم خدمتها بأفضل طريق حين جعل أكراد المنطقة في جانبها حين تلتزم بسلام مع مواطنيها الاكراد.
ترجمة عبد علي سلمان