كوردستريت | بيانات |
يحل نوروز هذا العام في ظروف استثنائية تعيشها جميع الشعوب المضطهدة في سوريا والمنطقة والعالم؛ وفي مقدمتهم الشعب الكردي الذي بات اليوم ومن خلال إرادته الحرة أكثر اصراراً وعزيمة على نيل حريته واستعادة حقوقه من خلال تحجيم نماذج المركزية الدولتية السلطوية بكل أشكالها التعصبية؛ وأحدهما يستند إلى الآخر وينتجه في الوقت نفسه؛
حتى تحقيق نموذج بديل عنها متمثل بالنظام الفدرالي الديمقراطي. منذ القِدم وشعوب الشرق تحتفل بقدوم النوروز لما يحمله من قيم الحرية والسلام والعيش المشترك، ويرون فيه الحياة الجديدة، علماً أنه لكل شعبٍ تقاليده الخاصة في الاحتفال بهذا اليوم. إلا أن الشعب الكردي الذي عانى الظلم والاضطهاد على مر التاريخ كان يرى في هذا اليوم انطلاق وانعتاق نحو الحرية.
وما بين كاوا الميدي ومظلوم دوغان وبارين كوباني وآفستا خابور وفي مقاومة جميع الشهيدات وشهداء الحرية ما يزال شعبنا ينتفض في وجه الطغاة والمستبدين مقدماً الآلاف من الشهداء على مذبح الحرية. وبالرغم من المحاولات التي قامت وتقوم بها الأنظمة المسيطرة على كردستان والقوى الحليفة لها في إفراغ نوروز من مضمونها المقاوم بمبغى السيطرة على شعبنا وإبعاده عن روح المقاومة والانتفاض. إلا أن الروح الثورية التي الهبت نار الحرية في نفوس وعقول شعبنا جرّاء سياسات القهر والإنكار والإبادة التي تمارسها الأنظمة الاستبدادية فكانت تلقى الرد المناسب دائماً بالمزيد من المقاومة ومن الرفض في أية محاولة صهر للشعب الكردي الذي تعد جذوره متوغلة في عمق التاريخ،
وقد توجت هذه المقاومة بفلسفة الأمة الديمقراطية التي باتت مصيراً حتمياً ومنها تتقوى أواصر الشعوب وتتكامل ثقافاتها حتى إنتاج القيم الخلّاقة المؤكدة لوحدة المجتمعات بدلاً من تفتيتها وزرع الانقسام فيها، وهذا يشكل جوهر ثورتنا في روج آفا وشمال وشمال شرقي سوريا. أبناء شعبنا المقاوم.
في هذه المرحلة التاريخية والحساسة من نضال شعبنا ومقاومة العصر في عفرين التي تدخل شهرها الثالث يحل نوروز الحرية التي بتنا فيها أقرب من أي يوم مضى. ومع دخول مقاومة الشعب في عفرين وقواه المقاومة مرحلتها الثانية فإن ذلك يؤكد بأن هذه المقاومة مستمرة حتى تحقيق النصر ورجوع جميع الأهالي والمدنيين إلى عفرين المدينة والقرى والنواحي، إلى عفرين التي لن تكون بالتغريبة أو حتى النزوح إلى الشتات.
وإننا نرى بأن القرار التاريخي الذي اتخذه المجلس التنفيذي لمقاطعة عفرين ووحدات حماية الشعب والمرأة جاء بهدف إنساني لدرء الخطر الكبير الذي بات يهدد وجودهم في ظل تواطؤ روسي ودول إقليمية دعمت آلة البطش والقتل والإرهاب وجرائم الحرب التي ارتكبها رئيس النظام الفاشي التركي لمدة 56 يوماً بشكل متواصل؛ بخاصة أن كل هذه
الانتهاكات والجرائم حدثت في ظل صمت دولي مريب، ووجود مجتمع دولي لم يقوم بواجبه ولم يتحمل مسؤولياته أمام شعب عفرين ومجتمعه الذي لم يتحول إلى حاضنة للإرهاب أو الاستبداد؛ وإنما إلى مقاومة أفشلت مخططاتهما، كما كانت للقوى المقاومة التي ترفض الاحتلال التركي اليوم الدور الأبرز في دحر التنظيمات الإرهابية على مدى سبع سنوات وآخرها في تحرير الرقة على يد قوات سوريا الديمقراطية.
لكن كما الحال في السابق فإن تعويلنا لم يكن في لحظة سوى على الشعب والقوى المجتمعية؛ مع التأكيد بأننا جزء من سوريا ومن المحيط الإقليمي ومن العالم.
وكي لا تحدث مجزرة جماعية على يد نظام امتهن ارتكاب المجازر فقد جاء الأخذ بقرار انقاذ المدنيين وانتهاج شكل جديد في المقاومة بدلاً من المواجهة المباشرة التي تم الأخذ بها بالرغم من امتلاك جيش العدوان التركي الوحشي للعدة الضخمة ولأعداده التي قاربت المئة ألف.
أيها الشعب المقاتل إن المشهد الحالي في عفرين ليس النهاية، ولا يمكن القبول بها، إنما استمرار المقاومة حتى النصر. وإن مشهد كسر تمثال كاوا الحداد ينبع من ذهنية متبّعة معمول بها وتعبّر عن ذهنيات الأنظمة القاتلة التي تتكسر تحت ضربات مقاومة الشعوب. يعود شعب عفرين وينتصب تمثال كاوا مرة أخرى. هذا يقيننا وإيماننا ومن منطلق هذا اليقين وهذا الإيمان فإننا سائرون ثائرون.
لكن مسؤولية تحرير كل شبر في عفرين ومعارك التحرير التي تخوضها القوى المقاومة في ذلك يجب أن لا تكون مسؤولية الشعب الكردي فقط إنما مسؤولية وطنية لعموم الشعوب في سوريا. وبمجرد الاستكانة لهذا المشهد اللاإنساني في عفرين فإن ذهنية القتلى وشذاذ الآفاق لن تهدأ حتى تنتقل من منطقة إلى أخرى؛ ليس فقط في شمال سوريا والعراق وإقليم كردستان العراق إنما إلى كل الشرق الأوسط؛ مما يعني بأنها مسؤولية شعوب الشرق الأوسط أيضاً. ولأن التنظيمات الإرهابية أكثر من استفادت من دخول داعميها وشركائها وأمرائها الموجودين اليوم في عفرين فإن تحرير عفرين هي مسؤولية عالمية.
يجب على العالم مغادرة صمته وعدم الاختباء تحت تصريحات وخطابات غير مجدية. كما يجب على القوى الديمقراطية والكردستانية أن لا تهدأ لحظة وأن تحرص كما في السابق على أن يكون اسم عفرين متردد في كل شوارع أوربا والعالم.
الإنسانية تسقط لو بقي أمراء داعش والإرهاب ولو بقي العلم التركي مرفوعاً في عفرين. كما نطلب من أبناء شعبنا أن يُقاسموا رغيف الخبز وفي كل شيء مع امهاتنا وآبائنا واخواتنا واخواننا من شعب عفرين الذين يعيشون بشكل مؤقت خارج عفرين وعيونهم نحو عفرين حتى الرجوع. وهذا قرارنا وخيارنا أيضاً حتى النصر المؤكد. ولن نلتفت في ذلك إلى شخصيات وجماعات فقدت أدنى اعتبارات الحس الإنساني وبدأوا يجتمعون بإرشادات الاستخبارات التركية وقواها المحتلة تحت مسمى تشكيل إدارة عفرين الجديدة. هؤلاء يذكِّرون الشعب الكردي والعالم حكومة فيشي الفرنسية التي تشكلت وقت احتلال النازية لفرنسا.
نبارك نوروز على كل الشعب الكردستاني وعموم شعوب المنطقة. وشعب عفرين بشكل أخص. ونعاهدهم بأننا لن نهدأ وأن حدة نضالنا مستمر حتى رجوع عفرين كما كانت لعفرينييها. عاش نوروز الحرية عاش نضال الشعوب المضطهدة
المجد و الخلود لشهداء الحرية
20 آذار2018
المجلس العام لحزب الاتحاد الديمقراطي- PYD