كوردستريت|| #آراء وقضايا
بقلم سعيد عابد
ليس المهم في أن النظام الايراني قد واجه 4 إنتفاضات خلال 45 عاما من تأسيسه ولکن الاهم من ذلك إنه واجه أخطر 3 إنتفاضات ذات طابع سياسي خلال فترة تنحصر في الخمسة أعوام الاخيرة، والمثير في الامر، إن آثار وتداعيات الانتفاضة الاخيرة وبإعتراف قادة النظام وخبرائه ليس لازالت باقية وإنما يحذرون منها لکون إن الاوضاع الاجتماعية في خطر داهم ويجب تدارکه قبل فوات الاوان.
في العديد من الدراسات والبحوث والتحليلات السياسية، يتم الترکيز على بقاء وإستمرار النظام الايراني وکأنه صار يقترب من کونه أمرا واقعا، في حين إن مجرد مراجعة عامة للأحداث والتطورات التي مرت على إيران خلال ال45 عاما المنصرمة، تٶکد بأن النظام قد واجه فترات عاصفة کان مهددا فيها بالسقوط والزوال، ولعل ماحدث بعد وقف إطلاق النار مع العراق في عام 1988، والهجوم الکبير الذي قام به جيش التحرير الذي کان قوام أفراده من منظمة مجاهدي خلق ووصل الى مشارف مدينة أصفهان وکاد أن يحررها بعد أن حرر مساحات شاسعة قبل ذلك، وقيام الخميني وقتها بإعلان حالة النفير العام، مثال دامغ يٶکد إن النظام ليس کما يصور نفسه وإن أي تطور غير عادي يهزه بعنف ويمکن أن يجعله أثرا بعد عين.
قبل أول إنتفاضة من نوعها ضد النظام أي إنتفاضة 2009، فإن أوضاع النظام لم تکن أبدا على مايرام وکان هناك تخوف وقلق دائم من المستقبل، وکان النظام(ولازال لحد الان)، يعيش ويعاني من هاجس المٶامرة ويعزو أي نشاط نوعي مضاد له الى دائرة المٶامرة، وحتى إن النظام وعلى الرغم من إنه قد بالغ وتمادى کثيرا في إستغلاله للعامل الديني وتوظيفه له بصورة إستثنائية من أجل إضفاء هالة من القدسية على النظام وجعل الشعب يرتدع عن أي نشاط يٶثر سلبا على النظام، لکن کل ذلك لم يجدي نفعا، إذ يبدو إن الشعب الايراني کان أقرب الى فهم وتقبل ماکانت مجاهدي خلق تطرحه من أفکار ورٶى تفند وتدحض الاساس الديني للنظام من فهم وتقبل ماکان يطرحه النظام ويشدد عليه.
الاشکالية الاکثر إحراجا للنظام، إن الشعب الايراني صار يدرك ويعي بأن أحد أهم أسباب المشاکل التي يعاني منها والظروف السيئة التي يعيشها منذ 45 عاما، هو بسبب عدم ملائمة هذا النظام وتجانسه مع النظام الدولي ومواجهته لحالة من الرفض وإن العقوبات الدولية المفرضة على النظام هي أساسا دليل على رفضه وعدم تقبله على الصعيد الدولي، وإن مايسعى إليه النظام على العکس من ذلك وإصراره على السباحة ضد التيار، إنما هو من أجل بقائه وليس من أجل مصلحة شعبه وتحسين أوضاعه کما يزعم، فالنظام منهمك منذ آذار 2023، من أجل إزالة آثار وتداعيات الانتفاضة الاخيرة، لکن لايبدو إن المهمة سهلة بل وحتى إنها أصعب بکثير مما يتصوره النظام.
يشير أمان الله قرايي مقدم، الخبير الحكومي، في مقابلة ملفتة للنظر مع وكالة خبر أونلاين الحكومية، وهو يلفت النظر الى أسباب وآثار وتداعيات إنتفاضة 16 سبتمبر2022، من أن:” التغيير المهم جدا الذي شهدناه في عام 2022 هو تقلص الطبقة الوسطى” وإن” الطبقة الوسطى تعمل تقليديا بمثابة حاجز أو درع مقاومة، يحمي الطبقات الدنيا من الطبقات العليا في المجتمع.” ووفقا للخبير عندما يستطرد قائلا: “فإن تآكلها لا يؤدي إلى زعزعة استقرار هذا التوازن فحسب، بل يدفع أيضا الطبقات الدنيا إلى مواجهة محتملة مع الطبقات العليا والحكومة. وبالتالي، فإن هذا التضاؤل في الطبقة الوسطى يدل على فقدان قوة استقرار حاسمة داخل المجتمع الإيراني، مع احتمال تقويض التماسك الاجتماعي والحكم.” ولاشك بأن بقاء النظام في هکذا أجواء يصبح مجرد وهم أمام حقيقة وأمر واقع يتجسد في إنفجار الغضب الشعبي طلبا لتغيير جذري في الواقع السلبي القائم بسبب من إستمرار النظام!