
كوردستريت || مقالات .
.
الندرة الشديدة للمحللين السياسيين بدقيق معنى المصطلحفي مجتمعنا إن لم نقل إنعدامهم ، لعب دوراً بارزاً في تردّي أوضاعنا الداخلية و الخارجية عموماً ، بدليل أننا لو كنا نمتلك تلك الخاصيّة أو المختصّين في التحليل لأستطعناقراءة الأحداث و أسبابها و غاياتها و مجمل جوانبها بدقة و لتمكنّا بالتالي من استنباط اللواحق و الارتدادات و التطورات المستقبلية المحتملة و لإتخذنا نتيجةً …الممكن و المستطاع من الاحتياطات و الإجراءات الواجبة أو اللازمة إزاءها .
و إذا كان الوضع السوري بعد العام ٢٠١١ قابلاً في سنواته الأولى نوعاً ما للقراءة السياسية و احتمال توفيق المرء في فهم و توقع المحتمل حدوثه ، و مع ذلك لم نفلح في هذا مطلقاً ، فلندرك بأن تلك القراءة باتت بالغة التعقيد جدّاً و وصلت الى ذروتها في الفترة الحالية نتيجة عدة عوامل و أسباب لعلّ أبرزها كثرة الفاعلين و المتحكمين على خط الأحداث و تبعات ذلك في تداخل الغايات و المصالح و تقاطعها و تضاربها و ما الى ذلك ، بحيث بتنا في متاهة و دوامة باتت تؤرّق الفاعلين أنفسهم في كيفية بلوغ أهدافهم و مخططاتهم ، فما بالنا نحن المتحكم بنا و فئة اللا حول ولا قوة .
و الطامة الكبرى هي أنّ التحليل السياسي بات شغل من لا شغل و لا مشغله له ، و امتطاها و تسلّقها كلّ من هبّ و دبو سبّ ، فأذاقنا و أزادنا هذا التيه تيهاً و البلاء بلاءا ، نتيجة بناء الغير الأوهام و الآمال و الحسابات عليها ليصطدم بعدها بواقعٍ آخر مغاير .
نأني الآن إلى جانبٍ آخر نراه جديرا بالادراك و التركيزضمن هذا المحور ، و يتمثل حسب قناعتنا في استحالة بناء محللين سياسيين حقيقيين أو حتى في مجالات أخرى ، طالما كان المحلل أسيراً أو خاضعاً لمؤثراتٍ أهمها مؤثرين وهما :
إذ لا يمكن وفق قناعتنا مثالاً أن نعتمد و نعوّل على تحليلٍ سياسي لشخصٍ يتكرر ظهوره أو يختصّ بالظهور أو العمل لدى جهةٍ أو محطةٍ اعلامية ندرك أنها تتبع أو تنحاز لسلطة أو جهة سياسية أو حزبية ما ، لأن ذلك و حسب معرفتنالمجتمعنا اللاديمقراطي و اعلامه اللامهني ، يوُلّد أو من المنطق و الضرورة أن يوّلد لدينا بأن ذاك المحلل لا مستقلٌ مرتزق ، و يبني تحليله بناءّ على ما يناسب الجهة الاعلامية و توجهها و أهواءها ، و إلا لما قبلوه أو استضافوه من أصله .
المانيا ٩/٨/٢٠١٩