كوردستريت | وكالات |
في ظلّ عودة آلة القتل في الغوطة الشرقية لدمشق إلى حصد عشرات القتلى يومياً بقذائف القوات النظامية، اختلطت أمس دماء الضحايا بمساعدات سمح النظام بدخولها، لكنه رفض أن تتضمّن إمدادات طبية. وتبادلت الولايات المتحدة وروسيا الاتهامات في شأن مسؤولية انتهاك وقف النار في سورية، فيما طالبت باريس موسكو بممارسة ضغوط «ملموسة وفعلية» على النظام السوري.
واتهمت وزارة الدفاع الروسية واشنطن أمس بـ «انتهاك» قرار مجلس الأمن بوقف الأعمال القتالية، وذلك بسبب «تقاعسها عن منع مقاتلي المعارضة الذين تسيطر عليهم من شنّ هجمات يومية» على قوات النظام في الغوطة الشرقية والعاصمة دمشق. وذكرت الوزارة أن واشنطن «لم تفعل شيئاً لمنع المعارضة من قصف دمشق انطلاقاً من الغوطة بضربات سقط فيها قتلى مدنيون»، مشيرةً إلى أن هجمات المعارضة في الغوطة تهدف إلى تغيير حدود منطقة خفض التوتر.
وأتى الموقف الروسي غداة اتهام أميركي لموسكو بشن غارات جوية على الغوطة والتسبب بمقتل مدنيين على رغم قرار المنظمة الدولية.
واعتبر البيت الأبيض أن موسكو تجاهلت قرار مجلس الأمن، الذي يدعو إلى وقف النار لشهر على الأقل، مؤكداً أن روسيا قتلت «مدنيين أبرياء وسط ادعاءات زائفة بتنفيذ عمليات مكافحة الإرهاب». وأضاف البيان: «إنها التركيبة ذاتها من الأكاذيب والقوة العشوائية التي استخدمها كل من روسيا والنظام السوري لعزل حلب وتدميرها عام 2016، وقتل آلاف المدنيين فيها». ودعا البيت الأبيض القوات الموالية للنظام السوري إلى «الوقف الفوري لاستهداف البنية التحتية الطبية والمدنيين» في الغوطة الشرقية.
وواصلت فرنسا مساعيها الهادفة إلى دفع موسكو للضغط على الرئيس السوري بشار الأسد لقبول الهدنة، على رغم إعلانه مساء الأحد أن العملية العسكرية ستستمرّ. وطلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من نظيره الروسي فلاديمير بوتين أمس، «اتخاذ إجراءات فعلية وملموسة» كي يقبل النظام السوري «من دون لبس» بهدنة في منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة. ودعا ماكرون بوتين في اتصال هو الثاني بينهما في غضون أسبوع إلى «إظهار صدقية كاملة في تعهداته، فيما لم يسمح النظام السوري حتى الآن بأي إجلاء لمرضى ومصابين» كما أوضحت الرئاسة الفرنسية في بيان.
وأكدت مصادر الرئاسة الفرنسية أن «النظام السوري وداعميه يعتبرون أن الحرب ضد الإرهاب وضد معارضي النظام هي ذاتها، ولذلك تجب ممارسة أقصى الضغوط على مؤيدي النظام». ولفتت إلى أن ماكرون لم يوقف اتصالاته بالدول التي تملك تأثيراً مباشراً على النظام لدفعه إلى قبول الهدنة. وأكدت مصادر الإليزيه أنه على رغم تقدم القوات النظامية في بعض المناطق، فإن بشار الأسد ليس منتصراً لأنه لا يسيطر على جزء كبير من المدن السورية، فيما علاقته بداعمَيه الروسي والإيراني «ليست دائماً على ما يرام». ورأت المصادر أن مسار آستانة فشل حتى الآن بخفض التصعيد في سورية، ما يؤكد أن الحل الوحيد يكمن في مسار جنيف للحل السياسي.
وقتل 45 مدنياً، من بينهم خمسة أطفال، بقصف لقوات النظام السوري منذ منتصف ليل الأحد- الإثنين على الغوطة الشرقية، في حصيلة وثّقها «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مساء أمس، إضافة إلى إصابة أكثر من 170 مدنياً بجروح. وسجلت مدينة حمورية الحصيلة الأكبر، إذ قتل فيها 19 مدنياً.
ومع انتشال مزيد من الضحايا من تحت الأنقاض ومقتل آخرين، ارتفعت حصيلة الضحايا المدنيين منذ بدء حملة القصف على الغوطة الشرقية في 18 شباط (فبراير) الماضي، إلى 740 قتيلاً.
وفي ظلّ تكثيف النظام هجماته البرية، باتت قواته تسيطر على ثلث مساحة الغوطة الشرقية المحاصرة، وفق المرصد السوري.
ودخلت أمس، قافلة مساعدات إنسانية إلى الغوطة الشرقية، هي الأولى منذ بدء التصعيد قبل أكثر من أسبوعين، لكن قوات النظام لم تسمح بإدخال العديد من المواد الطبية الضرورية، بينها حقائب الإسعاف الأولية، وفق الأمم المتحدة.
في غضون ذلك، نقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء عن الجيش الروسي قوله إن مقاتلي المعارضة السورية في الغوطة الشرقية تعهدوا بالسماح للمدنيين بمغادرتها في مقابل دخول مساعدات إنسانية. وكانت أعلنت أكثر من مرة أن مقاتلي المعارضة يمنعون السكان من المغادرة.