كوردستريت|| مزكين ابراهيم
.
أجرى إقليم كردستان استفتاء الاستقلال يوم 25 سبتمبر/أيلول 2017، شمل محافظات الإقليم الثلاث (أربيل والسليمانية ودهوك)، بالإضافة إلى كركوك المتنازع عليها مع بغداد. ووافق المصوتون على الانفصال بنسبة فاقت 92%، إلا أنّ الحكومة الاتحادية في بغداد رفضت الاعتراف بالاستفتاء واتخذت عدة إجراءات لإبطاله،
.
كما وباتت ليلة 16 تشرين الأول ليلة سوداء ومظلمة في تاريخ الشعب الكوردي عامةً ، إذ دخل الحشد الشعبي وبالتنسيق مع القوات العراقية إلى كركوك وسيطر عليها وتفادياً لإراقة الدماء انسحبت قوات البيشمركه أدراجها ،وفي هذا الصدد وبمناسبة الذكرى السنوية الأولى للاستفتاء أجرت شبكة كوردستريت استطلاعاً للرأي لنخبة من السياسيين والمثقفين الكورد .
.
فالدكتور كاوى عزيزي عضو اللجنة المركزية في الديمقراطي الكردستاني قال إنّ «مشروع الريفراندوم كان حصيلة نضال شعب كوردستان لقرونٍ مضت والريفاراندوم يعتبر بأهميته” أعظم ثورة كردستانية ”في التاريخ الكوردي .
.
وتابع « ارتبط الريفراندوم باسم سليل العائلة البارزانية المناضلة الرئيس مسعود البارزاني , واعتبره مؤسس الدولة الكوردية وإن لم يعلنها , لأنّ الشعب قد أعلن عن الاستقلال ، واصفاً الرئيس مسعود البارزاني ب ”والد الدولة الكوردية ”.
.
لافتاً أنّ مسؤؤلية ضرب المشروع ’ تقع بشكل رئيسي على عاتق دول التحالف وعلى رأسهم أمريكا الذين أعطوا الضوء الأخضر للهجوم العسكرى على كردستان ، والدول المغتصبة لكردستان (تركيا ،إيران العراق وسوريا )، إضافةً إلى الخيانة القومية لفصيل من الاتحاد الوطنى الكوردستاني وكوران وحزب العمال الكوردستاني ، هؤلاء جميعا أرادوا إلغاء الإقليم واغتيال قياداته ,
.
واستدرك عزيزي « إلا أنّ البيشمركة الأبطال وقفوا وقفة رجال شجعان أمام زحف حشود الحشد الشعبي والجيش العراقي الغادر وأبدعوا في خلق ملاحم نضالية سيشهد لهم التاريخ بذلك أنهم أوقفوا الزحف الغادر وحموا التجربة الكردستانية في ملحمة بطولية .
وأضاف كاظم خليفة القيادي في حركة الإصلاح الكوردي في السياق ذاته «أعتقد أنّ المنطقة التي توجد فيها كردستان تعد من أهم المناطق الحيوية اقتصادياً وسياسياً في العالم ، وقد دأبت القوى الدولية الكبرى على أن يكون هناك عدم استقرار في هذه المنطقة ،و جسدت هذه السياسة في اتفاقية ”سايكس ”ومعاهدة ”سيفر ”بشكل خاص ولازالت تلك الدول تسير في نفس المنهجية أو الاستراتيجية رغم بعض التحولات والتغييرات .
.
كما وأشار أنّ التوافق الإقليمي والدولي على عدم وجود كيان كردي مستقل في هذه المنطقة مرتبط بمصالح تلك الدول والحكومات الإقليمية والغاصبة لأرض كردستان بشكل خاص على حساب تقدم وتحسين أوضاع شعوب المنطقة بصورة عامة ومن هنا كان التآمر على مسألة الاستفتاء الذي جرى في إقليم كردستان في الخامس والعشرين من أيلول والذي أظهر رغبة الشعب الكردي في ممارسة حقه في تقرير مصيره أسوة بباقي الشعوب كما تقر بهذا الحق لوائح حقوق الإنسان و مواثيق الأمم المتحدة.
.
منوّهاً أنّ هذه الحكومات أخذت الضوء الأخضر من الدول الكبرى لتتدخل عسكريا مع عملائها لإفشال هذا المشروع الذي لازال لاينسجم مع مصلحتها في الهيمنة على المنطقة وانتشالها من الصراعات المستديمة.
معتقداً أنّ الاستفتاء قد حقق نجاحاً كبيراً وهو إنجاز تاريخي للشعب الكردي بقيادة الرئيس مسعود البارزاني وأنّ هذا الاستفتاء جاء تتويجاً لنضال عقود وفي خط تصاعدي من الحقوق الوطنية إلى الحكم الذاتي إلى الفيدرالية إلى حق تقرير المصير.
.
وأوضح خليفة أنه ليس من الإنصاف أن تحمّيل العملاء فقط مسؤولية السعي لإفشال هذا المشروع فهم مجرد أدوات تستخدمها تلك القوى الكبرى لتمرير أجنداتها، وفي النهاية أدلى الشعب الكردي بصوته واختار مصيره لذلك اعتبر انه حقق النجاح وستكلل إرادته بتثبيت حقه في تقرير مصيره في وقت قريب.
.
فيما علّق المحامي مصطفى أوسو على الموضوع قائلاً « ما جرى في كركوك وغيرها من المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة “البيشمركة” والمسماة في الدستور العراقي بــ “المناطق المتنازع عليها”، يوم 16 تشرين الأول/أكتوبر 2017، من اعتداء وعدوان عسكري سافر من قبل “الجيش العراقي” و “ميليشيات الحشد الشعبي” و “القوات المرتبطة بـجيش القدس” التابعة للحرس الثوري الإيراني، بدعم إقليمي وموافقة دولية – على خلفية تنظيم “إقليم كردستان” استفتاء الاستقلال في 25 أيلول/سبتمبر –
.
وأكد أنّ ما نجم عن الاعتداء والعدوان المذكور من نتائج وتداعيات كارثية، ليس على الشعب الكردي ومكاسبه القومية في “إقليم كردستان”، وإنما على الشعب الكردي في عموم أجزاء كردستان، أكدت جديد من استعداد الأنظمة المقتسمة لكردستان على تجاوز تناقضاتها وخلافاتها ومد جسور التنسيق والتعاون فيما بينها لمنع تطور القضية الكردية وخنق إرادة الشعب الكردي من ممارسة حقه في تقرير مصيره والعيش بحرية أسوة بغيره من شعوب العالم، يقابله تشتت وانقسام الصف الكردي وعدم توحده في مواجهة التحديات التي تواجهه والاستحقاقات المترتبة على نضاله في سبيل حقوقه القومية المشروعة.
.
ويرى “أوسو” أنّ هذا الحدث بنتائجه وإفرازاته الكارثية، لم يكن ممكناً لولا تمزق الصف الكردي وتشتته، ولولا تلك الاتفاقيات الفردية من قبل المتنفذين في بعض الأحزاب الكردية – التي لم تعد خافية بعد أن تحدث عنها قادة بارزون فيها – مع الجهات المعتدية.
وبدورها أكدت نجاح هيفو رئيسة الاتحاد النسائي في سوريا / رودوز « أنّ ماحدث في كركوك على خلفية الاستفتاء تتحمله الحكومة المركزية وأذيالها محاولة بذلك تحطيم الحلم الكوردي من خلال وضع العراقيل أمام انتصارات الرئيس مسعود البارزاني والالتفاف الشعبوي الكردستاني حول الإنجازات التي كانت تحققها حكومة الإقليم،
.
منوّهةً أنّ الدعم الدولي جاء ملازماً لما أفسده الداخل العراقي إن صحّ المسمى ، مشيرةً أنّ الاستفتاء كعملية تمت بنجاح ، بدليل أنّ ذكراها السنوية ، كررها وسيكررها الكورد ، في تاريخهم ، فالمعركة كر وفر والقائد العظيم هو من يرسم النهايات، والبارزاني فعلها وبجدارة ، وإننا الآن في جولة أخرى والسؤال من فشل؟
.
أما السياسي الكوردي منال حسكو فقد ابتدأ حديثه لكوردستريت بوصف الاستفتاء ب ”الحدث الأكبر !Rifrandom “ريفراندوم” ، ومن ثم تابع في الصدد ذاته « لن أخوض في تاريخ الكورد والشعب الكوردي وأحقيته في قيام دولته أسوة بكافة شعوب الأرض ، فهو حق مشروع ولا يتطلب الإذن وليست بمنة ننتظرها لكي يقدمها لنا العالم ، الحقوق تؤخذ ولا تعطى .
.
وفيما يتعلق ب الاستفتاء وماهيته فمن دون أي شك وحسب المعاهدات الدولية وميثاق جنيف بخصوص حق الأمم في تقرير مصيرها ، الأستفتاء أعطى الشرعية القانونية والسياسية وأحقية الشعب في تقرير مصيره ونتيجة 93% بالرغم من أنني أعتبر 7% البقية لا يمثلون الشعب الكوردي فهكذا رفض هو خيانة وليست ديمقراطية فليس من المعقول أن يكون هناك كوردي واحد يرفض ذلك .
.
مستدركاً فلننظر للموضوع من الناحية الديمقراطية كمثال : ألا يعتبر نسبة القول بنعم إرادة شعب يستحق الحياة ، فابالرغم من الخيانة الداخلية والتدخل الأقليمي والخذلان الخارجي إلا أن الحدث وقع والشعب الكوردي هو كيان لا يمكن إنكاره والدولة القومية حق مشروع وقادمة لا محال ، الزمن والتاريخ لا يهم إنما النتيجة هي الهدف المنشود والتصويت أثبت وجود الدولة .
.
واختتم عضو المكتب السياسي في الديمقراطي الكردستاني ،مصطفى جمعة جملة الآراء لشبكة كوردستريت بالقول « الاستفتاء حق مشروع لشعبنا الكردي ، كما لكل شعوب العالم ، تقرّه المبادئ والقوانين الدولية ، وشرعة حقوق الانسان ، ويضطر الإقليم الفدرالي للجوء إليه ، عندما تتأزم العلاقة مع المركز ، ولا يتم الالتزام بالدستور .
.
ومضى بالقول « في الحالة الكردية ، جرى قطع ميزانية الإقليم من المركز منذ 2014 ، وتم تجاهل تنفيذ مواد الدستور الناظمة للعلاقة بين الإقليم والمركز وخاصة المادة 140 ، مترافقاً ذلك مع حصار اقتصادي غير معلن ، إلى جانب التوجهات الإرهابية الموجّهة على الكرد في الإقليم وروج آفا من الدول الإقليمية بهدف إخضاع الإقليم ، رغم كل ذلك استطاع الإقليم الصمود ، والتوجه نحو المحطة الأهم وهو الاستفتاء على الاستقلال كحل نهائي ، وكحق مشروع .
.
وأوضح أنّ الاستفتاء كان أقوى قرار تتخذه القيادة الكردستانية برئاسة القائد مسعود البارزاني ، وشعب كردستان كان في أوج عطائه بنسبة أكثر من 93% . وبالتأكيد ستبقى هذه العملية تعبير صارخ عن مدى طموح الكرد نحو الاستقلال .
.
ولفت جمعة أنّ هناك مساران في العمل السياسي الكردي والكردستاني يتحملان المسؤولية عن ما جرى بعد الاستفتاء ، إذ أنّ المسار الأول يتمثل في الأطراف التي ارتبطت بمشيئة الأعداء منذ عشرات السنين ، وارتضت لنفسها الخيانة في حق القضية الكردية ، والآخر الذي يتمثل في عدم الانسجام السياسي الكردي الداخلي ولم يستطع حتى اللحظة في إيجاد التوافقات في عملها ، وتصحيح أو ترتيب البيت الكردي على أساس حق تقرير المصير .
.
مشيراً أنّ الحركة الكردية والكردستانية ككل أمام معضلة التفاهم الداخلي ، وتصحيح مسار التعاطي مع المرحلة السياسية ، وتحجيم وضرب جهود الخونة وفضح ارتباطاتهم ، والبناء من جديد على أسس وقواعد صارمة ، في إطار المشروع القومي حتى تستقيم أمور الساحة السياسية الكردية .
.
مبيّناً أنّ الكورد خسروا خلال بضعة أشهر أهم منطقتين كردستانيتين : كركوك وعفرين ، ولا يكفي التذكير بالخونة فقط ؛ بل العمل على كيفية إعادة الحيوية إلى المشروع القومي ، وتصويب التوجهات التي تخدم هذا المشروع وفق المصلحة العليا للشعب الكردي . فالمرحلة السياسية الحالية التي تمر بها القضية الكردية مهمة ومتقلبة في نفس الوقت ، ولكن إمكانات النجاح متوفرة أيضا ، فيما إذا كنا على قدر المسؤولية الملقاة على عاتق الحركة الكردية ، واستفادت من المعطيات المتعلقة بتطورات الأوضاع في المنطقة .
،
هذا ويتمتع إقليم كردستان منذ عام 1991 بصلاحيات واسعة عززها في دستور عام 2005، ورغم ذلك ظل حلم تأسيس دولة مستقلة يراود الأكراد، حتى أعلن رئيس الإقليم مسعود البارزاني في 3 فبراير/شباط 2016 أن “الوقت حان لكي يقرر أكراد العراق مصيرهم في استفتاء على الاستقلال عن بغداد”.
،
وفي السابع من يونيو/حزيران 2017 حدد البارزاني يوم 25 سبتمبر/أيلول من نفس العام موعدا لإجراء الاستفتاء على انفصال الإقليم عن العراق، ليصادق برلمان الإقليم في 15 سبتمبر/أيلول 2017 على إجراء الاستفتاء في موعده المقرر.