رغم اختلاف الدين والثقافة، قررت ليلى، التي فرت من الحرب في سوريا إلى ألمانيا، أن تتزوج من “فتى أحلامها” الذي قابلته في ألمانيا. مهاجر نيوز استمعت لتجربتها.
وكانت البداية…
.
وصلت ليلى إلى ألمانيا في عام 2015، حيث انتظرت ما يقارب السنة لتحصل على حق اللجوء. غير أنها لم تكن لتتوقف عن التعلم والسعي لتحقيق طموحها وأحلامها أثناء ذلك، فضلاً عن أنها لم تكن تتوقع بأنها ستلتقي بزوجها المستقبلي في هذا البلد الجديد والمجتمع، الذي بدأت لتوها بالتعرف عليه وفك رموزه.
كان قد مضى عدة أشهر على وجودها في ألمانيا عندما تعثرت بإعلان على إحدى صفحات الفيسبوك يعرض تقديم بعض الكتب باللغة الألمانية مجاناً، حيث كانت قد قررت تعلم اللغة الألمانية بنفسها، حين لم تتمكن بالالتحاق بمدرسة اللغة بسبب تأخر إجراءات اللجوء. ذهبت للقاء صاحب الإعلان للحصول على الكتب، وكعازفة عود وعاشقة للموسيقى، فقد تخرجت من كلية الموسيقى في سوريا قبل عدة سنوات من وصولها إلى ألمانيا، لفت انتباها وجود كتب عن الموسيقى قيمة جداً يقدمها ذلك الشاب الألماني مجاناً لمن يرغب بحيازتها. وجرى حديث صغير بينهما باللغة الانكليزية تبين لها من خلاله أن الشاب الألماني (مارك) مدرس موسيقى، وعازف بيانو. قالت ليلى: “نشأت صداقة لطيفة بيننا تدريجياً تطورت للحب، وبعد ذلك أدركنا بأننا نريد أن نكون مع بعضنا دائماً فقررنا أن نتزوج”.
موقف الأهل والمجتمع
عند قرار الخطوبة والزواج تعرف (مارك)، صديق ليلى الألماني على عائلتها، التي ما تزال تعيش في سوريا، عبر الانترنت وبدأ بتعلم اللغة العربية ليتواصل معهم ببضع كلمات على الأقل عند مكالمتهم، أو تقوم ليلى بالترجمة. إذ قالت: “تفهمت عائلتي قراري، ولم يكن اختلاف الدين أو الثقافة عائقاً أو سبباً يدعوهم للرفض، بل فرحوا كثيراً، وباركوا زواجنا المدني، وتمنوا لو كان بإمكانهم مشاركتنا حفل الزفاف، الذي أقمناه في ألمانيا”. كما قالت ليلى إنه على الرغم من موافقة الأهل على هذا الزواج، إلا أن التعليقات السلبية والانتقادات اللاذعة من البعض في المجتمع الشرقي حول الزواج المدني وغيره وجدت طريقها إليهم في مناسبات مختلفة. وأضافت:” كانت التعليقات التي تصلني غالباً عن كونه غير سوري، غير مسلم، فهو ألماني (غريب)، مع أن الغريب حقاً هي أن تلك الانتقادات تأتي من أشخاص فشلوا في علاقاتهم مع أبناء أو بنات البلد”. وأوضحت ليلى بأنها لا تسمح لتلك التعليقات من أي يكن أن تؤثر على حياتها الزوجية.
التواصل والتفاهم
“ما بدأ بتعلم اللغة الألمانية أدى إلى تقوية اللغة الإنكليزية”، قالت ليلى ضاحكة لمهاجر نيوز، إذ أنها عندما التقت مارك في البداية كانت مهتمة بكتب اللغة الألمانية، وعندما تطورت العلاقة وتزوجا، استمرت اللغة الإنكليزية بكونها لغة التواصل بينهما، بينما تتعلم في الوقت الحالي اللغة الألمانية في مدرسة اللغة. ومن ناحية أخرى، لا تجد ليلى الكثير من الصعوبات في التواصل مع زوجها، إلا ما قل وندر بسبب اختلاف الثقافة وطريقة التفكير، لكن سرعان ما يجدان حلاً مشتركاً يرضي الطرفين كما أوضحت ليلى. على سبيل المثال، اختاروا اسم طفلهم، الذي يبلغ الآن عدة أشهر، اسماً سهلاً بالنسبة للغتين الألمانية والعربية، وأمور أخرى مشابهة. وقالت ليلى: “المجتمع الألماني مجتمع مباشر، عندما يواجهون مشكلة يطرحونها بشكل واضح ومباشر، ويقولون ما يريدون أو ما لا يريدون مباشرة، على عكسنا”، واستدركت: “بالإضافة إلى موضوع الدقة في المواعيد والتخطيط، فأنا بعيدة كل البعد عن ذلك، وزوجي على عكس ذلك تماماً “. غير أن هذه “اختلافات وليست خلافات”، تقل بمرور الوقت والأهم أن ليلى ومارك يجدون طريقة للتواصل والتفاهم دائماً على حد قولها.
إيجابيات وسلبيات
المشاركة والاحترام هي ميزة العلاقة التي تجمع ليلى وزوجها الألماني، إذ قالت إنها تشعر بالمساواة من أبسط الأمور إلى أكبرها، فهم يتشاركان العمل في المنزل، وتربية الطفل ويساعدان بعضهما في كل شيء، قالت ليلى: “يدعمني ويشجعني دائماً، ويساندني بكل استطاعته. لا يشعرني بتعامله معي بأنني “الحلقة الأضعف” لأنني امرأة، بل أشعر بأنني (إنسان)، هذا ما نفتقده في المجتمع الشرقي الذكوري”، واختصرت: “ببساطة أشعر معه بالأمان”. كما أضافت أنها قد تعرفت من خلاله على المجتمع الألماني والعادات والتقاليد وطريقة التفكير، كتابة الرسائل والتواصل مع الألمان، مما أدى إلى تغيير نظرتها السلبية عن ألمانيا، التي اكتسبتها في فترة إقامتها الأولى فيها. وقالت: “بكل صدق، لقد أحببت المجتمع الألماني عندما تعرفت عليه جيداً”.
ومن جهة أخرى، لا ترى ليلى وجود سلبيات جوهرية في العلاقة، غير أنها تشعر بأن هذه العلاقة قد تكون غير منصفة بحق زوجها قليلاً. قالت: “أعتبر نفسي قد وصلت للتو إلى ألمانيا، فما زلت مُحملة بالآلام، التي أحضرتها معي من سوريا سواء الاجتماعية أو فيما يتعلق بالحرب أو الاحباطات، وهو يشاركني هذه المشاعر جميعها”. وأنهت حديثها بأنها تتطلع قدماً إلى اليوم الذي سيرافقها زوجها وصغيرها إلى سوريا للتعرف على عائلتها وبلدها عن قرب.
ريم ضوا- مهاجر نيوز