(متى نفهم) السياسة لعبة المصالح

آراء وقضايا 14 فبراير 2021 0
(متى نفهم) السياسة لعبة المصالح
+ = -

كوردستريت || مقالات 

لا يزال الكثيرين ينظرون إلى الأوضاع المأساوية بنظرة مثالية إلى الواقع المعاش و يخلطون ما بين السياسة و الأخلاق و يضعون لها القواعد الأخلاقية و المثالية و مع أنهم يصطدمون بالحقيقة الصعبة بأن السياسة هي عبارة عن مجموعة من القواعد لتجميع المصالح و ليست فيها أية قواعد للأخلاقيات و المثاليات التي ينادي بها الكثيرين و يرددونها ليلاً و نهاراً.

في الأزمات بين الدول تتصرف كل دولة حسب مصالحها حتى لو تعارضت مع المبادئ و القيم و الأخلاقيات و تختلف عما هي لدى الشعوب المتخلفة التي تحللها على أساس الأفراد و أمزجتهم و قد يتحول إلى حالة صراع أو خلاف و التي تسخر كل أجهزة أعلامها نحو ترويج كل ما يسئ إلى تلك الأنظمة و سلوكيات الدول غير آبهين بما يخبئه المستقبل و الدخول في حالة الإستقطاب الحاد.

عند التصرف بشكل موضوعي مع الأحداث و الإنحياز إلى الجانب الإنساني في القضية مطلوبة يجب علينا أن نعلم جيداً بأن هذه المواقف ليست لها مصالح مع هذا الطرف أو ذاك و بعيدة عن الدخول نحو الصراع و بالتالي يكون موقفها مبدئياً و محترم و لكن هذه الفئة قليلة و نادرة بالقياس مع الأحداث و المواقف التي تتبناها الدول.

صحيح نحن نحلم بعالم يعمل و يتصرف على أساس الأخلاق و المبادئ و المثل العليا و لكن هل يحق لنا أن ننتقد كل من يتصرف على أساس مصالح دوله و شعوبه؟ و هنا يجب أن نكون واقعيين بأننا لا يمكن أن نلوم دولة أو نظاماً أتخذ موقفاً داعماً لهذا الطرف و لكنه يتعارض مع رؤويتنا و مصالحنا و هنا لا بد أن نستنتج بأنه لا خلاف بحلم لا تصطدم فيه المصالح بالمبادئ و حتى إذا حدث فيجب أن تكون بطريقة معقولة و أقرب إلى الواقع.

المشكلة الكبرى في مجتمعاتنا بأن الجميع يحترفون السياسة و أخذوا منها هواية ومهنة، يتكلمون فيها و يفتون بما لا يعلمون و ليست لهم أية خبرة و يرددون الشعارات و الخطابات منذ عشرات السنين بدون أية نتائج تذكر حتى ضاع الوطن بسبب فلسفتنا الفاضية لقضاء الوقت و ملئ الفراغ منه أولاً و بسبب خلافاتنا التي ليست لها حدود و ليست لها حلول أيضاً .

سياستنا يجب أن تخدم مصالحنا و محاولة الحصول على ما نستطيعه بكل الأساليب الممكنة إنها لعبة للمواجهة و التحضير لهذه المواجهة لا بد منه بشكل جيد و التمتع بقدر عال من الدبلوماسية و المرونة في المواقف و تقديم الممكن من أجل الحصول على غير الممكن و لا يجب أن يكون هدفنا هو أخذ بما هو موجود بل العمل على الوصول إلى مكاسب جديدة.

العلاقات بين الدول تقوم على أساس المصالح المشتركة و قد تتبدل هذه المصالح و العلاقات من زمن إلى آخر و من خلال ذلك تبنى التحالفات و العلاقات الجديدة، نقاش بدون كلام و كلام بدون حروف و ممارستها لا تحتاج إلى مناقشات طويلة لأن المصالح هي التي تحرك الجيوش و الطائرات و الأساطيل للحصول على أكبر قدر من المكاسب قد تكون لصالح الشعوب أو لصالح الحكام و الأهم من كل شئ علينا أن نكون داخل اللعبة و ليست خارجها لأننا لا نستطيع معاداتهم و هذا يعني بأننا أصبحنا من الضعف بمكان يجعل التخلص منا سهلاً و بعيداً عن تلك اللعبة، و ليس من الممكن المراهنة على أنظمة استبدادية لا علاقات لها بالديمقراطية عدا الشعارات الموسمية و التي تنتهي صلاحياتها إما بالفتاوي الدينية أو بالإنقلاب على الدستور كما حصل في تركيا مع حكم أردوغان الذي لجأ إلى تشديد الإجراءات الأمنية و تقليص مساحة الحريات و الحقوق و الإبتزاز و الترهيب..

ختاماً علينا أن ندرك بأن المصالح الوطنية لا يحققها إلا أناس وطنيون و وسط زحام أصحاب المصالح يغيب الشرفاء عن الواجهة الذين وهبوا حياتهم خدمة لمجتمعهم و شعبهم و سرعان ما تم نسيانهم و أصبحوا في عيون أصحاب المصالح  الذين يتوددون و يتمسحون من أصحاب المال و الجاه طمعاً في تحقيق مآربهم مجرد أسماء لا محل لها من الإعراب.

نستخلص من هذا كله بأن أصحاب المصالح الشخصية أصبحت تتحكم في سلوك الناس و يضعونها في منزلة الحقوق مع حذف مفهوم المصلحة العامة من دفاتر الواجبات و لا يهم أن يعمل من أجل المكاسب الجماعية بل الأهم هو إستغلال الظروف و العلاقات من أجل مكاسب شخصية و هذا هو سبب وصول مجتمعاتنا إلى الفوضى و إنتشار الأنانية و الإنتهازية و حتى الإحتيال و الإنحراف و كلها أسباب أشعلت الصراعات على المناصب و يسابقون الزمن لكي ينغمسوا فيها أكثر.

مروان سليمان

السلك التربوي- المانيا

14.02.2021

آخر التحديثات
  • تابعونا على الفيسبوك

  • أتبعني على تويتر