محطات في حياة الفيزيائي الشهير صاحب كتاب “موجز تاريخ الزمن”
كوردستريت نيوز – وكالات
توفي صباح الأربعاء، عالم الفيزياء البريطاني الشهير ستيفن هوكينغ عن عمر يناهز 76 عاما، وهذه تفاصيل عن مراحل حياته:
وكان هوكينغ، قد ولد عام 1942 في أكسفورد، بإنكلترا، قبل أن يعاني من شكل نادر مبكر الظهور وبطيء التقدم من التصلب الجانبي الضموري، المعروف أيضًا باسم مرض “العصبون الحركي” أو مرض “لو-جريج” الذي سبب له شللا تدريجيا على مدى عقود من الزمن.
بدايات ستيفن هوكينغ
كان ستيفن هوكينغ هو أكبر أطفال فرانك وإيزوبيل هوكينغ الأربعة، وعائلته كانت عائلة من المفكرين. وقد شقت والدته الاسكتلندية طريقها إلى جامعة أوكسفورد في الثلاثينيات، وهو زمن كانت فيه النساء القادرات على ارتياد الجامعات قلة. ووالده هو الآخر خريج أوكسفورد، وكان باحثًا طبيًا مرموقًا، وبشكل خاص في الأمراض الاستوائية.
لم يكن الوقت الذي وُلد فيه ستيفن بالزمن الجيد بالنسبة لعائلته، التي لم تكن تملك ما يكفي من المال. كما كان المناخ السياسي متوترًا، إذ كانت إنكلترا تخوض غمار الحرب العالمية الثانية وعرضة لهجمات القنابل الألمانية.
في سعي منها للحصول على مكان أكثر أمانًا، عادت إيزوبيل إلى أكسفورد لتضع مولودهما الأول. واستمرت في إنجاب الأطفال، لتنجب ماري عام 1943 وفيليبا عام 1947، كما تنبيا ولدهما إدوارد عام 1956.
وكما يصفهم أحد أصدقاء العائلة المقربين، فقد كان آل هوكينغ عائلة غريبة الأطوار. فكانوا يتناولون طعامهم بصمت، وكان كل فرد من هذه العائلة غارقًا في قراءة كتاب.
كانت سيارة العائلة سيارة أجرة قديمة من سيارات لندن، وكان منزلهم في سانت ألبانز مؤلفا من ثلاثة طوابق، سقف طابقه العلوي لم يكن مثبتًا بشكل جيد. كما عملت العائلة في تربية النحل في قبو منزلهم، وصنعت ألعابًا نارية في بيت بلاستيكي.
وفي عام 1950 بدأ والد ستيفن بالعمل لقسم علم الطفيليات في المعهد الوطني للأبحاث الطبية، وقضى أشهر الشتاء يقوم بأبحاثه في أفريقيا. وأراد لابنه البكر أن يدرس الطب، إلا أن هوكينغ، وفي عمر مبكر، أبدى شغفا بالعلوم والسماء.
كان ذلك واضحًا لوالدته، التي كانت تتمدد وأطفالها في باحة المنزل الخلفية في ليالي الصيف للنظر إلى النجوم. وتتذكر قائلة:” لطالما كان لدى ستيفن فضول غريب، واستطعت أن أرى أن النجوم ستشدّه يومًا”.
وكان دائمًا يتنزه مع شقيقته ماري، فقد أحب التسلق، وابتكر مداخل مختلفة إلى منزل العائلة. كما أحب الرقص والتجذيف، فكان قائدًا لفريق الجامعة.
إنجازات ستيفن هوكينغ
لم يكن هوكينغ، الطالب المميز في حياته الأكاديمية، طالبًا استثنائيًا في المراحل السابقة. فأثناء سنواته المبكرة في مدرسة سانت ألبانز كان ثالث الطلاب سوءًا. لكن هوكينغ ركز على السعي خارج المدرسة، فأحب ألعاب الطاولة، كما ابتدع هو وأصدقاء مقربون منه ألعابا خاصة بهم. وأثناء مراهقته، قام مع بعض أصدقائه بتركيب كومبيوتر من أجزاء معاد تصنيعها وذلك لحل معادلات رياضية بدائية.
دخل هوكينغ جامعة أكسفورد وهو بعمر السابعة عشر. وعلى الرغم من رغبته في دراسة الرياضيات، إلا أن أكسفورد لم تقدم شهادة في هذا الاختصاص، لذا انجذب هوكينغ إلى الفيزياء، وعلى وجه الخصوص، الكونيات.
ولم يقضِ هوكينغ الوقت الكثير في الدراسة، إذ يستذكر لاحقًا أن معدل تركيزه اليومي على دروسه لم يتجاوز الساعة الواحدة،وذكر ذلك على حسابه الخاص. ومع ذلك لم يكن عليه فعل أكثر من ذلك. وتخرج عام 1962، بدرجة الشرف في العلوم الطبيعية وتابع دراسته ليصبح طالبًا في قاعة ترينيتي في جامعة كامبريدج للإعداد لشهادة الدكتوراه في علم الكونيات.
وفي عام 1968، أصبح هوكينغ عضوًا في معهد علم الفلك في جامعة كامبردج. وكانت السنوات القليلة التالية مثمرة بالنسبة لهوكينغ وأبحاثه. فقد نشر كتابه الأول عام 1973، وهو ” البنية الواسعة النطاق للزمكان The Large Scale Structure of Space-Time ” إلى جانب إيليس.
وعاد هوكينغ إلى جامعة كامبريدج عام 1979، حيث سُمي لواحدة من أشهر وظائف التدريس، والتي تعود إلى عام 1663، وهي الكرسي اللوكاسي في الرياضيات.
عام 1974، تحول هوكينغ إلى شخصية مشهورة في العالم العلمي، وذلك حين بين أن الثقوب السوداء ليست هي تلك الفراغات الخالية من المعلومات، كتلك التي كان العلماء ينظرون إليها على هذا النحو.
وبعبارات بسيطة، أوضح هوكينغ بأن المادة، الكائنة على شكل أشعة، بإمكانها التخلص من القوى الجذبوية لنجم متداعٍ. وكان عالم كونيات شاب، ويدعى روجر بينروز، قد اكتشف سابقًا اكتشافات مذهلة حول مصير النجوم وتشكل الثقوب السوداء، وقد استغلها هوكينغ في نظرته المذهلة إلى بداية الكون.
بدأ الاثنان بالعمل سويا، للتوسع في عمل بينروز السابق، ما وضع هوكينغ في مجال مهنة تميزت بالجوائز وسوء السمعة إضافة إلى الألقاب الكثيرة، وكان من شأن عمل هوكينغ أن يغير نظرة العالم إلى الثقوب السوداء والكون.
وحيث وُلدت نظرية هوكينغ في الأشعة، كان من شأن الإعلان عنها أن يكون مدويًا في العالم العلمي. وقد سُمي هوكينغ زميلًا للجمعية الملكية وهو بعمر الثانية والثلاثين، كما حصل لاحقًا على جائزة ألبرت أينشتاين الفخرية، وذلك من بين جوائز أخرى.
كما حصل على مهمات تدريسية في معهد كالتك في باسادينا، كاليفورنيا، حيث عمل كأستاذ غير مقيم، إضافة إلى كليتي غونفيل وكايوس في كامبريدج.
عام 2007، وحين كان بعمر الخامسة والستين، خطا هوكينغ خطوة هامة نحو السفر الفضائي. فأثناء زيارة له إلى مركز كينيدي الفضائي في فلوريدا، سنحت له الفرصة لاختبار بيئة من دون جاذبية. فعلى مدار ساعتين فوق المحيط الأطلسي، كان هوكينغ الذي تقله طائرة بوينغ 727 معدلة محررًا من كرسيه ذي العجلات، وذلك ليختبر دفعات من انعدام الوزن. وانتشرت صور الفيزيائي العائم وهو حر عير الصحف في جميع أرجاء المعمورة.
وقال:” كان الجزء معدوم الجاذبية رائعًا، ولم أعاني في الجزء مرتفع الجاذبية. لقد استطعت الحركة مرارًا. لقد أتيتك أيها الفضاء”.
وكان من المقرر أن يطير هوكينغ إلى حافة الكون كواحد من رواد الفضاء السياح على متن الرحلة التي سيطلقها السير ريتشارد برانسون. وقد قال في تصريح له عام 2007: ” إن الحياة على الأرض هي عرضة لخطر الزوال الكلي عبر كارثة، كاحترار عالمي مفاجئ، أو حرب نووية أو فيروس معدل وراثيًا أو مخاطر أخرى. لا أعتقد أن للجنس البشري مستقبل ما لم يذهب إلى الفضاء. لذا أشجع العامة على الاهتمام بالفضاء”.
كما أن له تسجيل صوتي في أغنية بينك فلويد Keep Talking. وفي عام 1992، أصدر صانع الأفلام الفائز بالأوسكار إيرول موريس وثائقي عن حياة هوكينغ، وحمل بكفاءة العنوان A Brief History of Time .
شارك هوكينغ عام 2011 في اختبار جهاز جديد يلف على الرأس سمي آي برين iBrain. وصُمم الجهاز لقراءة أفكار من يرتديها عبر التقاط أمواج إشارات الدماغ الكهربائية، تُفسر لاحقا بخوارزمية خاصة، وذلك وفقا لمقال نُشر في .The New York Time
ومن شأن هذا الجهاز أن يكون أداة ثورية بالنسبة لهوكينغ ولمن هم مصابون بذات مرضه.
في عام 2014، تكلم هوكينغ إلى جانب علماء آخرين عن المخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي Al، داعين إلى المزيد من الأبحاث حول جميع العواقب المحتملة للذكاء الاصطناعي. وكانت تعليقاتهم مستوحاة من فيلم جوني ديب Transcendence، والذي أبرز الصراع بين الإنسانية والتكنولوجيا.
عاد هوكينغ ليتصدر عناوين الصحف صيف عام 2015. ففي شهر تموز/ آب، عقد مؤتمرًا صحفيًا في لندن ليعلن عن إطلاق مشرع يحمل اسم سمع خارق Breakthrough Listen. يموله رجل الأعمال الروسي يوري ميلنر، وأُطلق المشروع لجر المزيد من المصادر لاكتشاف حياة خارج كوكب الأرض.
وفي شهر آب من عام 2015، ظهر هوكينغ في مؤتمر في السويد لمناقشة نظريات جديدة حول الثقوب السوداء والمعلومات المتضاربة المحيرة. ولمعالجة القضية التي تناولت ما سيحدث لجسم يدخل ثقبًا أسود، وقد اقترح هوكينغ حينها أن المعلومات حول الحالة الفيزيائية للجسم هي رهينة شكل ثنائي الأبعاد يقع ضمن حد خارجي يُعرف بأفق الحدث.
وبعد أن ألمح هوكينغ إلى أن الثقوب السوداء ليست بالسجون الأبدية التي كنا نعتقدها سابقًا، ترك الاحتمالات مفتوحة بأن المعلومات حول ذلك تكون متواجدة في كون ثانٍ.
بمرور السنين، كتب هوكينغ إضافة إلى المشاركة في كتابة ما مجمله 15 كتابا.
حياة ستيفن هوكينغ الشخصية
في حفلة رأس السنة لعام 1963، وقبل أن تشخص إصابة هوكينغ بالاضطراب الجانبي الضموري بفترة وجيزة، التقى بطالبة اللغات جين وايلد. وتزوجا عام 1965. أنجب الزوجان ابنهما روبرت عام 1967 وابنتهما لوسي عام 1970 وابنهما تيموثي عام 1979.
في عاد 1990، ترك هوكينغ زوجته، ليتزوج إيلين مايسون، إحدى ممرضاته عام 1995. وجعل هذا الزواج من علاقة هوكينغ بأولاده علاقة متوترة، وقد زعموا أن إيلين كانت تمنع والدهم عنهم.
وفي عام 2003، رفعت الممرضات اللواتي كن يعتنين بهوكينغ شكوى متضمنة شكوكهم حول قيام إيلين بالاعتداء جسديًا على زوجها. وأنكر هوكينغ هذه الادعاءات، وأوقفت الشرطة تحقيقاتها. وفي عام 2006، قام هوكينغ وإيلين بإجراء معاملات الطلاق.
وعاد هوكينغ ليتقارب وعائلته في الأعوام التي تلت ذلك. و تصالح مع جين، التي تزوجت للمرة الثانية. ونشر خمس روايات علمية للأطفال مع ابنته لوسي.
ما هو مرض ستيفن هوكينغ
شُخصت إصابة وهوكينغ بمرض التصلب الجانبي الضموري (أو داء لو جيهريغ) وهو بعمر 21 . وبعبارات بسيطة، تعطلت الأعصاب التي تسيطر على عضلاته. وفي ذلك الوقت، أعطى الأطباء هوكينغ احتمالًا بالبقاء على قيد الحياة لمدة عامين ونصف.
وكانت بداية هوكينغ في ملاحظته لمشاكله الصحية الجسدية أثناء تواجده في جامعة أكسفورد، فكان يتعثر ويسقط في بعض المناسبات أو يتلكأ في كلامه، ولم ينظر إلى المشكلة حتى عام 1963، أثناء عامه الأول في كامبريدج. وفي معظم الأحيان، احتفظ هوكينغ بهذه الأعراض لنفسه. ولكن حين لاحظ والده هذا الوضع، عرض هوكينغ على طبيب. وعلى مدى الأسبوعين التاليين، أقام طالب الجامعة ذي الواحد وعشرين عامًا في عيادة طبية، حيث خضع لسلسلة من الاختبارات.
وقد قال ذات مرة:” أخذوا عينات عضلية من ذراعي، وعلقوا إلكترونات كهربائية بي، كما حقنوا سائلًا غريبًا مشعًا في عمودي الفقري، وراقبوه يصعد ويهبط بواسطة الأشعة السينية، كما أحنوا سريري، وبعد كل ذلك، لم يخبروني بم كنت مصابا، باستثناء أنني لست مصابا بالتصلب المتعدد، وأنها كانت حالة غير نمطية”.
مع ذلك، شخص الأطباء حالة هوكينغ على أنها مراحل مبكرة من التصلب الجانبي الضموري. فكانت تلك أنباءً كارثية بالنسبة له ولعائلته، إلا ان بضعة أحداث منعته من القنوط الكامل. أولها أتى بينما كان هوكينغ لا يزال في المستشفى، حيث تقاسم غرفته هناك مع فتى يعاني من سرطان الدم. فبالنسبة لما كان يعاني منه رفيقه في الغرفة، وجد هوكينغ أنه وضعه مقبول. وبعد خروجه من المستشفى بفترة وجيزة، حلم بأنه سيُعدم. وعلى حد قوله، جعله هذا الحلم يدرك أنه لا يزال هنالك أشياء عليه فعلها في حياته.
وبطريقة ما، ساعد مرض هوكينغ في جعله العالم الذي هو عليه اليوم. فقبل التشخيص، لم يكن هوكينغ بالطالب الذي يركز على دروسه. ويقول في هذا:” قبد أن يشخص وضعي، كان ينتابني السأم من الحياة، فلم يكن يبدو لي أن هناك ما يستحق فعله”. فبدون هذا الإدراك المفاجئ، ما كان له حتى أن يحصل على شهادة الدكتوراه طيلة حياته، فكرس هوكينغ نفسه لعمله وأبحاثه.
وبتضاؤل قدرته على السيطرة البدنية على جسده، واضطراره إلى استخدام كرسي بعجلات بحلول عام 1969، بدأت تأثيرات مرضه بالتراجع. ومع ذلك، ترافقت مهنة هوكينغ المتمددة دوما مع الزمن مع حالة بدنية متراجعة دومًا. ففي أواسط السبعينيات، أخذت عائلة هوكينغ واحدًا من طلابه المتخرجين لمساعدته على إدارة شؤونه وعمله. فكان لا يزال بإمكانه أن يأكل بنفسه، ويخرج من سريره، ولكن من الناحية العملية، كان بحاجة إلى المساعدة في كل الأمور الأخرى.
وقد جعل ذلك من قدرة هوكينغ على أدائه لعمله عرضة للخطر. وشد هذا المأزق انتباه مبرمج كومبيوتر في كاليفورنيا، كان قد طور برنامج تحدث يمكن أن يوجه بحركة الرأس أو العينين. وسمح هذا الاختراع لهوكينغ باختيار كلمات على شاشة حاسوب ومن ثم تمرر هذه الكلمات عبر جهاز يقوم بنطق هذه الكلمات. وفي بداية هذا الجهاز، كان لا يزال بإمكان هوكينغ استخدام أصابعه، فكان يختار الكلمات بواسطة ناقر يدوي. اليوم، وبفقدانه السيطرة على كامل أنحاء جسده عمليًا، يدير هوكينغ هذا البرنامج بعضلة خد موصولة إلى حساس.
وبالرغم من وجود البرنامج وعون المساعدين، استمر هوكينغ بالكتابة بمعدل غزير. وضم عمله عددًا كبيرًا من الأوراق العلمية، وبالطبع، قدم معلومات إلى المجتمع غير العلمي.
وتبقى صحة هوكينغ طبعًا محط اهتمام دائم، وهو قلق برز عام 2009 حين فشل في الظهور في مؤتمر بولاية أريزونا بسبب التهاب صدري. وفي شهر نيسان/ أبريل وبعد إعلان هوكينغ عن تقاعده من منصب أستاذ الرياضيات في جامعة كامبريدج، أُدخل المستشفى نتيجة ما أسماه موظفو الجامعة بالمرض الخطير جدًا. ليتم الإعلان لاحقًا بأن من المتوقع أن يتعافى كليًا