حسن حاجي عثمان أوسو
.
يقول بعض قادة هذا الفكر: نحن من أمة فلان أي قبل مجيئ النبي الفلان والرسول الفلان عليهم الصلاة والسلام.
ويقرر الفكر القومي أن وحدة الأمة حقيقة، أما وحدة الدين فهي حلم.
وأن فكرة القومية لأي أمة هي من التيارات الطبيعية التي تنبع من أغوار الطبيعة الاجتماعية، لا من الآراء الاصطناعية التي يستطيع أن يبدعها الأفراد.
.
وكثيراً ما يتمثل دعاة الفكر القومي بقول الشاعر العربي القروي:
هبوني عيداً يجعل العرب أمةً وسيروا بجثماني على دين بَرْهَمِ … سلام على كفرٍ يوحِّد بيننا وأهلاً وسهلاً بعده بجهنمِ
ويقول بعض دعاة الفكر القومي أيضاً: إن العبقرية لأي أمة تعبر عن نفسها بأشكال شتى، فمثلاً عبر العرب مرة عن نفسها بشريعة حمورابي، ومرة أخرى بالشعر الجاهلي، وثالثة بالإسلام.
.
وقال أحد مشاهيرهم: (لقد كان محمد كل العرب، فليكن كل العرب محمداً).
ويرى دعاة الفكر القومي أن من الإجرام أن يتخلى أي أمة عن قوميته، ويتجاوزها إلى الإيمان بفكرة عالمية أو أممية، مع أن إبعاد الإسلام عن معترك حياة العرب كمثال ينهي وجودهم.
ويقول بعض مفكري القومية العربية: إذا كان لكل عصر نبوته المقدسة، فإن القومية العربية نبوة هذا العصر(حلال عليهم وحرام على غيرهم).
.
ويقول بعضهم الآخر: إن العروبة هي ديننا نحن العرب المؤمنين العريقين من مسلمين ومسيحيين، لأنها وجدت قبل الإسلام وقبل المسيحية، ويجب أن نغار عليها كما يغار المسلمون على قرآن النبي والمسيحيون على إنجيل المسيح، نعم كان دينهم قبل المسيحية والإسلام دين الأصنام نعم عليهم أن يغاروا على دينهم الأول).
ويقرر بعضهم الآخر أن المرحلة القومية في حياة الأمة، مرحلة حتمية، وهي أخر مراحل التطور كما أنها أعلى درجات التفكير الإنساني.
.
ويسرني أن أقدم إلي إخوتي مشكلة من أهم المشاكل لا في المجتمعات الدينية فحسب، بل في كل مجتمع، وهي مشكلة الشباب في هذا العصر فإن الشباب يرد على قلوبهم من المشاكل الفكرية والنفسية ما يجعلهم أحياناً في قلق من الحياة، محاولين جهدهم التخلص من ذلك القلق، وكشف تلك الغمة، ولن يتحقق ذلك إلا بالدين والأخلاق الذين بهما قوام المجتمع، وصلاح الدنيا والآخرة، وبهما تحل الخيرات والبركات، وتزول الشرور والآفات.
.
إنّ البلاد لا تعمر إلا بساكنيها، والدين لا يقوم إلا بأهله، ومتى قاموا به نصرهم الله مهما كان أعداؤهم، قال الله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (محمد:7) )وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ) (محمد:8) .
وإذا كان الدين لا يقوم إلا بأهله فإن علينا نحن الكورد أعتنقنا الإسلام وحملنا لوائه من أول يوم من الدعوة، وأن نقوم أنفسنا أولاً لنكون أهلاً للقيادة والهداية، أسلافنا خير شاهد عليها، ومحلاً للتوفيق والسداد.
علينا أن نتعلم من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما يؤهلنا للقول والعمل والتوجيه والدعوة، لنحمل السلاح الماضي سلاح الأجداد والنور المبين لكل من يريد الحق وعلى كل من يريد الباطل.
.
ثم علينا أن نطبق ما علمناه من ذلك تطبيقاً عملياً صادراً عن إيمان ويقين وإخلاص ومتابعة.
وأن لا يكون شأننا الكلام فقط كغيرنا من الأمم وخاصة(العرب)، فإن الكلام إذا لم يصدقه العمل فلن يتجاوز الأثير الذي يحمله ولن يكون فيه إلا النتيجة العكسية:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ) (الصف:2-3) .
وإن الأجدر بنا أن ننطلق من البداية فنتأمل في شبابنا وما هم عليه من أفكار وأعمال كي ننمي منها ما كان صالحاً ونصلح منها ما كان فاسداً، لأن الشباب اليوم هم رجال الغد، وهم الأصل الذي عليه مستقبل الأمة، ولذلك جاءت النصوص الشرعية بالحث على حسن رعايتهم وتوجيههم إلى ما فيه الخير والصلاح، فإذا صلح الشباب وهم أصل الأمة الذي يبنى عليه مستقبلها وكان صلاحه مبنياً على دعائم قوية من العادات والتقاليد الاجتماعية الحسنة والدين والأخلاق، فسيكون للأمة مستقبل زاهر، ولشيوخنا خلفاء صالحون إن شاء الله.