( ا ف ب ) اندلعت مواجهات السبت بين مئات “المخرّبين” وقوات الأمن الفرنسية في قلب باريس التي شهدت إحراق سيارات وتكسير واجهات زجاجية وإقامة متاريس، وذلك على هامش تظاهرة جديدة لحركة “السترات الصفراء” التي تحتج على زيادة الضرائب وتراجع القدرة الشرائية.
وأكد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أنه لن يرضى “أبدا بالعنف” الذي اندلع السبت في باريس، وقال من بوينوس آيرس في ختام قمة مجموعة العشرين إن “أي قضية لا تبرر مهاجمة قوات الامن ونهب محال تجارية وتهديد مارة أو صحافيين وتشويه قوس النصر”.
.
وقالت اليمينية جان دوستير رئيسة بلدية الدائرة الثامنة في باريس التي شهدت أعمال عنف “نحن نشهد حالة تمرّد”.
بدورها تحدّثت زعيمة اليمين المتطرّف مارين لوبين عن “حالة تمرّد”.
وقال وزير الدولة الفرنسي لدى الداخلية لوران نونيز لمحطة “بي اف ام” التلفزيونية “نعمل على استعادة النظام الجمهوري”.
وشدد نونيز على أن المتظاهرين العنيفين “يفجّرون غصبهم (في عدة نقاط من العاصمة) بطريقة تصعّب” عمل قوات الأمن، داعيا إياهم إلى إخلاء الطرقات.
.
وشهدت أحياء باريسية أعمال عنف على نطاق واسع سُجل بعضها في محيط نصب قوس النصر في جادة الشانزيليزيه حيث أحرقت سيارات وتم تخريب ممتلكات عامة وتعرّضت محال للنهب.
وبلغت حصيلة المواجهات 92 جريحا بينهم 14 رجل أمن. ونحو الساعة الخامسة مساء بلغ عدد الموقوفين 194 شخصا.
.
وأعرب رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب عن “صدمته” لما شهدته باريس من أعمال عنف.
وشهدت العاصمة الفرنسية مساء تجمعات عند قوس النصر وشارع ريفولي وحديقة “تويلري” التي تعرّضت للتخريب.
في غرب باريس، وليس بعيدا من مقر السلطة الفرنسية، تشبّع الهواء بالغاز المسيل للدموع كما أحرقت سيارات وممتلكات عامة وسط كر وفر بين محتجي السترات الصفراء و”المخربين” وقوات الأمن في مناطق باريسية تشهد إقبالا للسياح والمتسوقين في موسم الأعياد.
.
ومع أولى ساعات المساء شهدت مناطق من العاصمة الفرنسية حرائق وتصاعد دخان وإقامة متاريس وأجواء تمرّد.
واوضح نونيز أنه تم إحراق سيارة تابعة للشرطة ومبان وقد تمكّنت أجهزة الإطفاء من إخماد النيران.
وكتب أحدهم على قوس النصر “السترات الصفراء ستنتصر” وكتب آخر على دار الأوبرا “ماكرون = لويس السادس عشر”، آخر ملوك فرنسا قبل الثورة.
وفي جادة الشانزيليزيه حيث انتشرت قوات الأمن بكثافة أبدى متظاهرون سلميّون خشيتهم من أن تطغى المواجهات على تحرّكهم.
.
وقال دان لودي وهو متقاعد يبلغ 68 عاما “نحن تحرك سلمي، نحن فقط غير منظّمين، إن الفوضى قائمة لأن لا قائد لدينا”.
وقال غايتان كير وهو مزارع من ليونّ (وسط) يبلغ 52 عاما خلال مشاركته في تظاهرة قرب الشانزيليزيه “نحن نحاول إسماع صوتنا منذ 15 يوما لكن لا شيء تغيّر. يجب على ماكرون في وقت ما أن يستمع إلينا وإلا فإن الأمور ستتجه إلى الأسوأ”.
.
واتّهم عدد من القادة بينهم زعيم اليسار المتطرّف جان لوك ميلانشون وزعيمة اليمين المتطرّف مارين لوبن الحكومة بأنها سمحت بحصول أعمال العنف لضرب مصداقية غضب شعبي تعجز عن تهدئته.
– مواجهات خارج باريس –
وأعلنت وزارة الداخلية الفرنسية في بيان أنها أحصت قرابة الثانية من بعد الظهر مشاركة نحو 75 ألف شخص في تظاهرات “السترات الصفراء” في مختلف أنحاء فرنسا السبت، أي أقل من التحرّكين السابقين.
.
وأكد نونيز أنه “لا يخلط بين المخرّبين والمتظاهرين السلميين”.
وبعد ظهر السبت سجّلت مواجهات بين محتجي “السترات الصفراء” وقوات الأمن في بوردو وتولوز وتارب وأوش. وفي مناطق أخرى في جنوب غرب فرنسا وضعت عوائق للحد من حركة المرور أو وقفها تماما.
وسُجل إخلال “كبير” بالأمن في شارلفيل ميزيير (شمال) على هامش تظاهرة لحركة السترات الصفراء. وحصلت مواجهات في ستراسبورغ ومرسيليا أقل حدة بأشواط مما شهدته العاصمة.
وتواجه إدارة ماكرون موجة من الغضب الشعبي بدأ على أثر زيادة الرسوم على الوقود، لكنها اتسعت لتشمل مطالب تتعلق بارتفاع تكاليف المعيشة بشكل عام.
.
وتحاول الحكومة بدون جدوى حتى الآن التحدث مع ممثلين لحركة “السترات الصفراء” التي سميت كذلك لارتداء المحتجين سترات مضيئة يتوجّب على كل سائق سيارة ارتداؤها إذا تعرّض لحادث.
وتبدي الغالبية الداعمة للرئاسة قلقا متزايدا إزاء ردود الفعل على الموقف الرئاسي وبدأ البعض يطرح وقف زيادة الضرائب.
وامتدت الحركة الى بلجيكا المجاورة حيث استخدمت قوات مكافحة الشغب خراطيم المياه الجمعة لتفريق محتجي “السترات الصفراء” الذين كانوا يرشقون الشرطة بالحجارة وأحرقوا مركبتين للشرطة في وسط العاصمة بروكسل.
وفي هولندا تظاهر نحو 120 من محتجي السترات الصفراء سلميا أمام مقر البرلمان في لاهاي.