كوردستريت|| #آراء وقضايا
بقلم د. عبدالحكيم بشار
إذا قلنا من باب الافتراض بأن آخر ورقة توت تستر عورة حزب العمال الكردستاني قد سقطت في الأيام الأخيرة، فإننا قد نبدو حيال الأمرِ في نظر متابعي شأن هذا التنظيم متأخرين جداً، بل وساذجين في قراءة مسار ذلك التنظيم منذ بدء نشأته إلى الوقت الراهن، باعتبار أن الورقة تلك سقطت منذ زمنٍ بعيد بالنسبة لمن يتابع المواقف السياسية ويراقب ممارسات حزب العمال أو الذي ما يزال لديه بقايا من الوطنية والقليل من العقل.
ولكن الموقف الجديد هو بحق إضافة فاقعة إلى السجل الأسود لذلك التنظيم المناهض لحقوق الكرد، والذي يسعى كعادته إلى تبديل الأولويات وتغيير بوصلة الكرد باتجاه السراب، بل إنه في لحظات التلاطم يُصارع نفسه، خاصةً في المواقف الظاهرة لكل المتابعين والتي لا تحتاج إلى الكثير من التفسير والتحليل، إنما يكفي للراصد إعمال القليل من المقارنة وقتها سيدرك مدى ارتباك وتخبط ذلك التنظيم.
والصفحة الجديدة المضافة للسجل القاتم لذلك التنظيم الشعاراتي استشفها المتابعون بعد زيارة كل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 22/4/2024 إلى اقليم كردستان العراق، ومن ثم زيارة الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان في تاريخ 12/9/2024 إلى الاقليم.
ففي زيارة الرئيس التركي أقامت قنديل وأبواقها الدنيا ولم تقعدها، ولم تبقى شتيمة أو مسبة أو كلمة تخوين من قاموسها المليء بهذه المصطلحات الرخيصة إلاَّ واستُعمل ضد الحزب الديمقراطي الكردستاني وضد قيادة اقليم كردستان، بينما في زيارة الرئيس الإيراني فقد التزمت تلك الأبواق الصمت المطبق وانطبق عليهم المثل الدارج: “أكل القط لسانه”.
وإذا كان الدافع وراء موقف حزب العمال الكردستاني من أي سلطة أو حكومة أيَّة دولة هو القضية الكردية وواقع الشعب الكردي فلنقارن إذاً بين واقع الشعب الكردي في كل من تركيا وإيران وبالخطوط العريضة، منها على سبيل الذكر: أن في تركيا البنية التحتية في المناطق الكردية متطورة وكذلك الأمر من الناحية الخدمية والتعليمية، إضافةً إلى أن الكثير من الأحزاب الكردية مرخصة في تركيا، ويوجد حوالي 60 عضو كردي بالبرلمان التركي من المعارضين للحكومة، وتوجد جامعة تدرس فيها اللغة الكردية والأدب الكردي خاصةً جامعتي ماردين وغازي عنتاب، يوجد تلفزيون وكل برامجه باللغة الكردية، ومجال فتح المدارس باللغة الكردية في حال استوفت شروط التعليم مفتوح، ورؤساء عشرات البلديات من الكرد ومن الأحزاب المعارضة، ورفع الأعلام الكردية في المناسبات مسموح ولم يتم إعدام أيَّ كردي لسببٍ سياسي.
أما بالمقابل ففي إيران البنية التحتية متدهورة للغاية، الأحزاب الكردية ملاحَقة ليس فقط في داخل إيران بل حتى وفي خارجها أيضاً، لا يوجد بالبرلمان معارضين من أحزاب كردية معارضة، لا يوجد رؤساء بلديات من أحزاب كردية معارضة، تحصل عشرات الإعدامات سنوياً بحق ناشطات وناشطين كرد في إيران، ومع ذلك التزم حزب العمال الكردستاني الصمت في زيارة الرئيس الايراني لإقليم كردستان العراق، بخلاف ما فعل حين زيارة الرئيس التركي للاقليم.
وهذا التناقض الصارخ خلال تعاطي حزب العمال الكردستاني وروافده مع الزيارتين يؤكد أن صخب وجعجعة PKK ليس لأسباب تتعلق بالقضية الكردية وواقع ومصلحة الشعب الكردي، بل يشير هذا الصمت إلى أن مواقف التنظيم إما هي مزاجية صرفة ولا تمت للمنطق السياسي والقضية الكردية بصلة، أو أن الموقف من الزيارتين سيُظهر للقاصي والداني الموقع الحقيقي لذلك التنظيم، وقد ظهر جلياً لمتابعي الزيارتين والموقف منهما حالة الاصطفاف والتبعية التي لم يستطع التنظيم التهرب منها أو إخفاءها.