حوار مع الكاتب الامازيغي يوسف بو يحيى
.
حسين أحمد
.
يوسف بويحيي أنت ككاتب وكباحث تنتمي إلى الشعب الامازيغي فشانكم كشأن الكرد في هذا العالم والذين تعرضوا سوياً إلى اضطهاد قومي وإنساني وسياسي نتيجة التقاء مصالح الدول الكبيرة ولا يزالون إلى الآن يتعرضون إلى قمع يومي أمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي الذي يدعي الديمقراطية ويدعي حماية حقوق الإنسان .
.
السؤال الذي راودني كثيراً أن أسالك…؟!
.
ما الذي يشدك ويدفعك بهذه القوة .وكذلك بهذا الاهتمام الكبير مناولة القضية الكردية من خلال كتاباتك السياسية لتشمل القضية الكردية في جميع أجزاء كردستان…فهل تظن – أنت – ككاتب وكباحث بجدوى ما تدونه عن القضية الكردية مما تتأمله في ان تغير شيئاً ملموساً وحقيقياً من واقعهم السياسي..؟؟ أم أنك تفكر جازماً بان القضية الكردية مرتبطة إنسانياً وجوهرياً بالقضية الامازيغية مما يتعرض له الشعب الامازيغي إلى حد كبير يتعرض إليه كذلك الكرد , وتحديداً في اضطهادهم القومي وتحديداً من قبل دول إقليمية والتي تأتمر بدول ذات القرار العالمي ..؟؟ فأجاب الكاتب والباحث الامازيغي يوسف بويحيي مشكوراً بالرد على مجمل أسئلتي التي طرحتها عليه عبر هذا الأثير الافتراضي فكان بسرد قصته مع القضية الكردية عن طريق تسجيل صوتي بكل تفاصيلها الصغيرة والكبيرة لنتلمس بانه من أوفى أصدقاء الشعب الكردي …
.
قائلاً في كل ما سألته :
.
قصتي مع القضية الكردية تبدأ من 1996 بحكم أني من مواليد 1989 ،آنذاك كان خطاب القومية العربية قويا جدا بالمغرب فكان لصدام حسين مكانة قيادية داخل الوسط العربي الاجتماعي و الشعبي و السياسي ،كان ينظر إلى صدام حسين قدوة و زعيم عربي من طراز أول ،هنا بدأت قصتي مع القضية الكردية ،بالضبط كانت عن طريق صدام حسين…. كبرت في أسرة أمازيغية من أب و أم أمازيغيان ،كان أبي ملما بالشأن الامازيغي و الشأن الكردي بحكم أنه واكب و قرأ على الثورة البارزانية بقيادة ملا مصطفى البرزاني في السبعينيات ،وبعد ممات مصطفى البارزاني كان الزعيم الشهيد إدريس البارزاني إلى السروك مسعود البارزاني. بحكم أن أبي كان ملماً بهذه القضية و كان يسمع و يتابع الثورات الكردية عن طريق الأخبار المحلية و الصحف ،لم يكن عندنا كهرباء إلا سنة 1997 خصوصاً بقريتي ,لهذا كانت الصحف المكتوبة و المذياع اللاسلكي و تلفاز بطارية الشحن هم المواصلات الموجودة أنذاك. كبرت في جو ابوي دائما تناقش فيه قضايا الثورات و الأحداث السياسية ،كان أبي ينظر إلى الملا مصطفى كزعيم قومي ثائر عظيم و متمرد على ألأنظمة الدكتاتورية بالخصوص في حقبة صدام حسين. في سنة 1996 كنت صغيراً جداً ،وكان عمري سبع أو ثماني سنوات ،دخلت إلى الغرفة و أبي يشاهد تلفاز الشحن عن طريق البطارية ،إذا بي أرى شخصاً يرتدي لباسا غير مألوف و من حوله العديد من الرجال يحملون البنادق واقفين على مرتفع جبلي ،سألت أبي قائلا من هؤلاء الذين يقفون على الجبل و يحملون السلاح لدرجة أنه أثارني ذلك المشهد الجميل ،أجابني أبي بأنهم الأكراد ،كان هذا المصطلح جديد على مسمعي لدرجة أن التسمية جاءتني غريبة كون لم تكن متداولة ،ثم قال : هؤلاء يا ابني يحاربون صدام حسين، قلت: كيف يحاربون صدام حسين!!؟؟ ,وأنا دائما كنت أسمع أن صدام حسين زعيم رهيب حارب إسرائيل و إيران ،وله هيبة و قوة كبيرة لدرجة أنني كنت اسمع مقولة شهيرة مازلت اتذكرها (صدام حسين الزعيم الذي لا يقهر) هكذا و بعقلية الطفولة و البراءة كنا نسمع على صدام. قبل سماعي بالكورد و حدثي مع أبي و بحكم معرفتي الأولى و سماعي بشخصية صدام ،إضافة إلى شقاوتي و شغبي عندما أتشاجر في الشارع أقول لأبناء الحارة “أنا هو صدام” ،فكان أهل قريتي يلقبونني بـصدام كوني مشاكس و مشاغب ,لكن لما جاء الحدث التاريخي و المقلب عندما سألت أبي من هؤلاء على شاشة التلفاز أنقلب كل شيء في داخلي و كان أعظم حدث في حياتي على الإطلاق ،بعد سماعي بالأكراد أنهم يحاربون صدام الرهيب انقلبت الآية كليا و أبديت إعجابي بهؤلاء الشجعان الذين يرتدون ملابس غريبة و يحملون البندقيات على قمم الجبال ،أثارني فضول معرفة الكثير عن هؤلاء الأكراد ،ثم أشار لي أبي قائلا هل تعرف ذلك الشخص الذي يتوسط المجمع؟ ،قلت له لا ،فقال: أن ذاك إسمه مسعود البارزاني ،ذهبت إلى التلفاز و أشرت بإصبعي هل هذا , قال لي نعم إنه قائد الكرد و أبوه كان زعيما إسمه مصطفى البرزاني ،منذ ذلك العمر و الحدث بقيت علاقتي و معرفتي بالكرد بأنهم يحابون صدام و هم السكان الأصليين لتلك المنطقة ،لأن أبي حكى لي أن الكرد من الشعوب الأصلية لتلك المناطق يعني هم أهل كردستان الاصطلاء .
.
بعد ذلك دخلت إلى المدرسة الابتدائية ،وكنت معجباً بالكرد جدا ،لم أكن انطق كلمة الكرد بل الأكراد ،بعدها صححت هذه التسمية إلى الكرد و ليس الأكراد ،المهم بقيت أدرس بالابتدائية كان يقول لنا المعلم إن كبرنا ماذا نتمنى أن نكون ،كل من أبناء الجيل يقول أمنيته مهندسا طبيبا صحفيا. وعندما يأتي دوري للإجابة أقول للمعلم أنا سأكون بارزاني ،يستغرب المعلم ويقول من هو البرزاني؟ ،أقول له البارزاني هو ذلك الزعيم الكردي الذي هزم صدام الذي قلتم أنه زعيم لا يقهر ،هكذا ظل إسم البارزاني في براءة طفولتي من الصف الأول الابتدائي إلى اليوم .
.
بعد ذلك انتقلت إلى الإعدادية في مدينة سكانها يتحدثون باللهجة العربية بحكم أن الإعدادية ليست بقريتي ،بقيت في الإعدادية أدرس ثم اكتشفت أن تلك البيئة لا تشبهني في شيء ،تأكدت أني لست عربيا إستنادا إلى ثقافتي و لغتي و وعيي و إيماني و روحانياتي و كل شيء داخلي لا يشبه هؤلاء العرب أبدا ،كان لهذه الغربة وقع كبير عندي لدرجة أرى نفسي منفصل جدريا على المجتمع الذي أعيش فيه ،كنت أدرس وأنافس ألا يأخذ أحد المرتبة الأولى ،كان طلاب الإعدادية يلقبونني بمصطلح قدحي يطلقه العرب دائما على الأمازيغ هو “الكربوز ” بمعنى المتخلف و الغبي على حد فهم العرب ،كان هذا المصطلح هو لقبي ألإحتقاري. كنت أدرس و في أي مناقشة كنا نناقشها خارج الدرس أقحم دائما القضية الكردية و أقول بأن ليس فقط الأمازيغ السكان الأصليين للمغرب ،بل هناك شعوب أخرى مثل الشعب الكردي و هناك زعيم كردي يقود الثورة الكردية و يدافع عن حقوق شعب كردستان ويريد الاستقلال ,لم يكن أغلب الأساتذة و أقراني يعرفون من هو البرزاني و الشعب الكردي بحكم أنه غير متداول خصوصا في تلك الفترة ،كانت الثورة الكوردية متداولة بشكل كبير في المغرب عند جيل السبعينيات و الثمانينيات عن طريق المذياع و الصحف كمجرد لقطات أو هكذا مقالات صغيرة بحكم أن المجتمع الامازيغي فقير جدا و مهمش و معزول جغرافيا لم تكن لديه اي إمكانية للوصول إلى المعلومة و الثقافة و تم عزله عن المعلومة بشكل كلي….
.
كان صراعي في الإعدادية دائم مع أصدقائي و الأساتذة بالقسم ,كنت لا أرضى بأن تهان الامازيغية أبدا ،كان مرجعي هو القضية الكردية دائما و قدوتي كان هو مسعود البرزاني ،كنت أقول سأكون البرزاني ،برزاني بمعنى ثائر متمرد لا يستسلام و لا يخضع ,ذلك القائد الجبلي الذي يسكن جبال كردستان ,متمنيا أرى نفسي رغم صغري زعيما ,متسائلا لما لا أكون زعيما مادامت الزعامة هي المبدأ والثبات و الإيمان.
.
كنت أرى في السيد مسعود البرزاني كل شيء في حياتي ،وكنت أرى في الثورة البرزانية و الكرد قدوة لنا كأمازيغ ،وبحكم لم أواكب الثورات العسكرية الأمازيغية فكنت أستمد القوة و الفكرة و الوعي من الثورة البرزانية.
.
إنتقلت إلى الثانوية ،هناك تحسنت الأوضاع تحسنت الأوضاع من الناحية الإعلامية وتحسنت المسائل الإعلامية بشكل ملحوظ , بدأت اقرأ عن القضية الكردية بشكل مباشر عبر الانترنت والقضية الامازيغية كذلك , قرأت كثيراً عن القضية الكردية وكنت دائما أشارك النقاشات الأنشطة في الثانوية دائما احكي على القضية الكردية بأنها جزء لا يتجزأ عن القضية الامازيغية كان دائما هناك اعتراض على نتيجة بعض الأساتذة القوميين العرب و الإسلاميين والشيوعيين الذين يكرهونني جدا مازلت اسمع هذه الكلمة من الكثيرين الذين لا يرضون الا بالعروبة وينظرون إليها من منطق النسب الشريف والمقدس .
.
كنت اطرح وأقول دائما اذا كانت العروبة نسب شريف فهذا يعني انحياز الله للعرب وحاشا لله ان يكون منحازا لاي طرف , بل خلقنا سواسية كأسنان المشط , فلماذا الإنسان الامازيغي والكردي في وطنهم يعيشون هذا الإقصاء والتهميش من طرف القومية العربية , كانت تبريراتهم ضعيفة جدا كتاريخهم الهش بان القران عربي والدين الإسلامي عربي وكنت اقو لان القران ليس عربيا بمعناها العرقي والقومي بل فقط انزل باللغة العربية ثم أؤكد أن مضمون القران هو المقدس وليس اللغة بحد ذاتها, وانزل بالعربية كون النبي محمد عربي , كما بني إسرائيل لأنهم يتكلمون بالعبرية فالله لا ينزل الكتب الا بلغة الأقوام والأنبياء.
.
كانت مناقشات دائمة على القضية الكردية والامازيغية والطعن في المسائل الكاذبة والأسطورة والخرافة التي تنقص من الكردي والامازيغي سواء الدينية والغير الدينية , كنت دائما اطرد من الدرس خصوصا عند أساتذة اللغة العربية والتربية الإسلامية , ولم اكن اتنازل على هكذا ثوابت ومقدسات هوياتية وتاريخية , بقيت ادرس وابحث في الثورات عن طريق الانترنيت واقرأ وابحث في الثورات البرزانية التي تناضل من اجل حقوق شعب كردستان وعلى الأرض , كان لي إيمان وتعمق روحاني مع بعض الثورات الامازيغية التي أؤمن بها واعمل عليها وتتخذها مرجعا كثورات ” محمد بن عبدالكريم الخطابي ” ضد الأسبان وفرنسا التي كانت ثورات نضالية كبيرة جدا وكانت تلك الثورات تزامن ثورات الملا احمد البرزاني والشيخ محمود الحفيد ..
.
في الثانوية كنت أناقش مع الأصدقاء دائما الثورة الكردية بالاقتران مع القضية الأمازيغية ،لم يكونوا يعرفون شعب كردستان ،كنت أقول هو شعب أصيل مثله مثل الأمازيغ لديه حضارة و وطن و تاريخ و لغة و جغرافيا و تقاليد…،لكنه سلب من كل شيء و استعمروا أبيدوا و شرد و قتل و هجر من بلاده و يعيش واقعا كالذي نحن فيه .
.
كنت شخصا معروفا بمواقفي هذه من الإعدادية إلى الثانوية إلى أن انتقلت الى الجامعة ،عندما وصلت إلى الجامعة لم يكن هناك تداول القضية الكردية في الجامعة بشكل كبير ،كنت مناضلا ضمن الحركة الثقافية الامازيغية في الجامعة كتيار فكري ثقافي سياسي موجود داخل الجامعة ،كنت أناقش القضية الامازيغية و أقرنها بالقضية الكردية ,كان اغلب الطلاب الأمازيغ ,لا يعرفون بشكل كبير من هم الكرد علما كان هناك نقص في المعلومات عن القضية الكردية ,كنت أقول بأن الكرد هم أشقاؤنا و أبناء عمومتنا ,فنحن متشابهون في الثقافة و التقاليد و الأعراف و مناهج الحياة ,بمعنى نحن و الشعب الكردي واحد و نعيش نفس الاستعمار و المأساة ,ولدينا تقارب و تشابه و تطابق كبير بيننا ،هكذا كانوا يأتون إلي الطلبة و يقولون خبرنا عن القضية الكردية وخبرنا عن شعب كردستان.
.
كنت ألقب باللقب “يوسف الكردستاني” ،كان هذا لقبي عندما يمازحني الأصدقاء ،دائما أخصص بعض الوقت للحديث عن القضية الكردية وعن الشعب كردستان ،كنا نقوم بتظاهرات أمازيغية كنت دائما ابحث عن إعلام كردية كي نحملها مع الأعلام الامازيغية ،لم تكن لدينا و لم تكن تباع آنذاك في 2009 ،حاولت انا و بعض الأصدقاء أن نصنع بعض الأعلام من الأقمشة و الصباغة الخضراء و الحمراء و الصفراء ،هكذا نصنع راية كردستانية ونحملها مع الأعلام الامازيغية كواجب أنساني و وطني تجاه القضية الكردية .
.
كنت مهتما بالقضية الكردية ،وأنا شخصياً درست الرياضيات وكنت استعمل المعادلات الرياضية والمنطق الرياضي في تحليل القضية الأمازيغية و الكردية ،كنت اقرأ الفلسفة بشكل مكثف كذلك ،قرأت عن الماركسية بصفة عامة و الإسلام السياسي و الحركات التي تحاول ابتلاع القضية الأمازيغية ،لهذا كنت اتفق مع الثورات القومية أكثر من الشيوعية و الإسلامية و الليبرالية ،كنت أرى نفسي قومي أمازيغي مؤمن بأن الاستقلال و الحرية لن تكون إلا بتبني الفكر القومي و الحقوق القومية و الثقافية و التاريخية و الجغرافية أولا ،وإذا تحررنا و لنا دولة آنذاك يحق أن نمارس الأساليب السياسية و الاقتصادية العلمية عن طريق المناهج النظامية ،لم أومن أبدا بالأنظمة الشمولية الإسلامية و الشيوعية و الليبرالية على أنها الحل ،بل كنت ارى فيها تكريس الديكتاتورية و الانحلال الهوياتي و الذاتي للمضطهد ،كما كنت أدرك جيدا أنها لن تجلب لنا الاستقلال بل فقط الكوارث و الحروب و العداوة ،كنت أقول بأن الشعوب المضطهدة لابد لها من التسلح بالفكر القومي أولا بينما التوجهات الأخرى تبقى أمور ثانوية لن تنفعنا بشيء و أغلب الظن تضرنا ,دائما أومن أن الإنسان إذا أراد أن يتحرر فما عليه إلا أن يؤمن بالذات و الفكر و الوعي القومي و الوطني.
.
قرأت بشكل علمي دقيق النظريات الماركسية فوجدت أن كل التوجهات الكردية و الأمازيغية التي تدعيها ليست ماركسية بل هي متمركسة ،بعيدة كل البعد عن العلمية ،فهي مجرد حركات و تيارات دكتاتورية تسعى بالدرجة الأولى إلى قتل و تدمير الفكر القومي سواء الكردي و الأمازيغي ،كما قرأت بتمعن درست التوجهات الإسلامية بشتى أنواعها كالإخوان المسلمين و الوهابية…،فوجدتها نفس الشيء تماما مثل المتماركسيين و الشيوعيين ،هنا أسقطت كل شي متأكدا بأنها لا تمثل حقوق و تطلعات الشعب الأمازيغي و الكردي ،هي حركات تكرس و تقوي العروبة و الإسلام السياسي وتحرض ضد القوميات الأخرى كالكردية والامازيغية .
.
كنت أنتقد التيارات الإسلامية بشدة بمعنى الإسلام السياسي و ليس الدين عقيدة ،كوني لم أتهجم في يوم من الأيام على أي دين عقيدة نهائيا سواء المسيحية و اليهودية و الإسلام ،أؤمن أن الإنسان لديه حرية المعتقد و كامل الحرية أن يزاول معتقداته الدينية ،كما ليس لدي الحق ان أقمع أي إنسان يريد ان يكون مسلما أو مسيحيا أو يهوديا أو أيزيديا.
.
كنت أطرح دائما العلمنة كحل أنجح لما كنا نعيشه و يمارس في حقنا من طرف الإسلاميين و الشيوعيين رغم أن معظمنا مسلمين رغم أن ,أطرح النظام العلماني لنبعد علينا الشبهات و الصراعات الدينية و الفتن كي نحقق وحدتنا من أجل خدمة القومية و الوطن ،والنظام العلماني اطار يجمع بين كل الأطراف السياسية و القومية و الدينية تحت سقف دستور واحد تتساوى فيه كل الأطراف كأسنان المشط ،بمعنى ان يكون المسيحي واليهودي و الايزيدي و المسلم…. سواسية و في تعايش يحفظه الدستور بسلطة القانون ،وأن يكون هناك استقلالية و فصل السلط ،هنا كان لي صراع طويل مع الإسلاميين و الشيوعيين كون العقلية الشمولية لن تقبل أبدا بالديمقراطية و العدالة الاجتماعية. لأن الطرح الذي وضعته و أومن به يسعى الى تحرير المجتمع من الديكتاتورية و تحقيق العدالة الاجتماعية لكل فرد على وجه هذه الأرض كيفما كان لونه و عرقه و دينه و لكنته ،إضافة إلى أنه فكر معتدل يجمع بين كل الأطراف ،أي نفس ما يطرحه نهج البارزاني الخالد ،فكر معتدل ـ علماني ديمقراطي تعددي حداثي ،علما انه لا يوجد أي زعيم كردي يؤمن بالتعددية و الحداثة و الديمقراطية أكثر من زعماء أل بارزان ،ونهجهم هو الصحيح الذي يمكن ان تبنى به الدولة الكردية ،أما بناء دولة ذات نظام إسلامي او شيوعي فهذا بمثابة انهيار مستقبلي مهما طالت المدة .
.
تكمن أزمة العقلية الإسلامية في فهم معنى العلمانية في قصر النظر المعرفي و التعصب الديني الطاغي ،فالإسلاميون لا يقبلون العلمانية ظنا منهم أن العلماني إنسان يرفض الدين و يريد ان يقفز على الطبيعة و الفطرة الإنسانية ،بينما الحقيقة أن العلمانية إطار أخلاقي عقلاني حداثي تعددي ,فالإسلاميون يحاولون إعطاء العلمانية تفسير سلبي على أنها حرية الجسد و المثلية و باقي الأمراض النفسية و فكر شيطاني يسعى إلى القفز عن الفطرة ،لكن تبقى هذه التفسيرات ماهي إلا تهم مجانية يستعملها الإسلاميون في حملاتهم الانتخابية و فتاويهم كما وظفوا أن كردستان إسرائيل ثانية.
.
العلمانية هي إطار حداثي عقلاني أخلاقي ،وإذا طبقت العلمانية ستنتهي الدكتاتورية الدينية بهكذا سيفقد الإسلاميون سلطتهم و نسلطهم على السياسة و المجتمع ،كما يتعمدون ألا يفهموا معنى العلمانية و يرفضونها رفضا قاطعا لأنها الحجر التي ستكسر بيتهم الزجاجي.
.
فمعظم الحركات السياسية الموجودة لا تمثل الدين نهائيا ،فمثلا أين هم من إجتياح تركيا لمنطقة عفرين و من داعش ،لم يتحدث أحد إبان جرائم داعش في شنكال و كوباني ما حدث بعفرين ،وإلى حد الآن لم يتحدث شيوخ فتاوي الإسلام السياسي بخصوص داعش الإرهابية ؛وهؤلاء هم الإسلاميون أما أبي و أمي و اخي فهم مسلمين و إسلامهم تاج على رأسي. ؟
أما بخصوص الشيوعيين فهم أيضا لا يؤمنون بالقومية و الوعي القومي و الوعي الوطني ،بينما كل ما ينصون عليه هو الوعي الطبقي ،وهذه أفكار غير منطقية و مخالفة للماركسية التي أسسها كارل ماركس ،بل هذه مجرد تحاليل ستالينية تعمل على سحق جميع القوميات على حساب القومية الحاكمة ،والماركسية الحقيقية تؤمن بالوعي القومي و الوطني و التاريخ و الثقافة و الإنسان بكل خصائصه دون إقصاء أي شيء فيه وتبقى نظام اقتصادي و سياسي و إجتماعي بناء . كل ما يسعى له الشيوعيون هو سحق و إفراغ الإنسان من محتواه الحقيقي و غسل الأدمغة ،مثلا هناك منظمات كردية سأذكر بالاسم منظمة العمال الكردستاني و الإتحاد الديمقراطي هؤلاء لا يؤمنون بالوعي القومي و الوطني بحكم أوجلان نفى قطعا كردستانية و تاريخ و جغرافية كوردستان روج أفا ,وهذا متناقض مع الماركسية الحقيقية ،وصدام حسين يؤمن بالإشتراكية لكن في نفس الوقت يتبنى قوميته العربية بتعصب ،والسؤال المطروح لماذا لم يقصي صدام قوميته العربية مادام انه شيوعي؟! ,ولماذا تغنى بمجد العرب على حساب الكرد؟! ،وهذا تناقض كبير .الحقيقة ان صدام يؤمن بالوعي القومي لذلك هجم على الكرد و قتلهم و اقصاهم كليا ،ما يثبت أن البعث ليس اشتراكي و لا ماركسي و لا أي شيء ،بل هو نظام قومي و سني طائفي في جوهره ،مثلا فالبعث قتل الكرد إستنادا بالآيات القرآنية (الأنفال(.
.
إن الأنظمة العربية التي تدعي إنها يسارية و شيوعية في داخلها تستعمل الإسلام السياسي كونها لا تستطيع القيام بنفسها إلا بالإسلام السياسي جوهريا لأنه يسهل مناهج التعريب و الابتلاع الثقافي و الهوياتي لباقي القوميات ذلك لفرض السيطرة و التسلط و سحق الشعوب الأصلية ،وهذا ينطبق على نظام حافظ الأسد و جمال عبد الناصر و صدام و القذافي و بن علي و مبارك دون استثناء. كانت كل نقاشاتي في الجامعة و قبل الجامعة و بعد الجامعة حول القضية الامازيغية و الكردية التي تحولت إلى نقاش صراع داخلي و خارجي ,وبقيت هكذا إلى الآن ،ثم بعد كل هذا قررت أن أكتب بشكل رسمي عن القضية الأمازيغية و بعدها قلت في نفسي لماذا لا أكتب على القضية الكردية…؟؟!
بدأت اكتب عن القضية الكردية بحكم إني توسعت في كل التوجهات الكردية بكل مفاصلها حسب معرفة شخصية متواضعة بسيطة ،ومازلت أكتب عن القضية الكردية متحديا جميع الصعاب و الضغوطات الداخلية ,وسأعود إلى الكتابة على القضية الامازيغية يوما عندما أجد البيئة المناسبة لذلك بحكم لدي سوابق قضائية مع النظام المغربي ,لهذا قررت من اجل دولة كردستان شاء من شاء و أبى من أبى لأن الكرد ضحوا و قدموا ملايين من الشهداء واثبتوا للعالم أنهم لن يتنازلوا مهما كان ،فدولة كردستان حتمية و ضرورة لأنه لا استقرار في الشرق الأوسط إلا بها ،ولم اكتب في يوم من الأيام عن القضية الكردية من باب العاطفة خصوصا على المسائل المصيرية ,قضية دولة كردستان واقع ملموس و ليس حلم شعراء او عفى عنها الزمن ,مازلت أؤكد أن الاستقلال قادم مادامت عائلة البارزاني موجودة في الساحة الكوردستانية السياسية و العسكرية.