أمريكا: العالم لن يدع الأسد يفلت من العقاب على الهجوم الكيماوي

ملفات ساخنة 31 أغسطس 2013 0
+ = -

قامشلو / واشنطن/باريس (رويترز) – قالت الولايات المتحدة يوم الجمعة إنها ستعاقب الرئيس السوري بشار الأسد على الهجوم الكيماوي “الوحشي والشائن” الذي قالت إنه أودى بحياة أكثر من 1400 شخص في دمشق الأسبوع الماضي.

وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما للصحفيين في البيت الأبيض “لا يمكننا قبول عالم يقتل فيه النساء والأطفال والمدنيون الأبرياء بالغاز بشكل رهيب.”

وأضاف أن الولايات المتحدة ما زالت في عملية التخطيط لرد عسكري “محدود” لا يكون مفتوحا أو يتضمن نشر “قوات برية”.

وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قال في وقت سابق يوم الجمعة إن من الضروري عدم السماح لسوريا بالإفلات من العقاب على هذا الهجوم لأسباب من بينها أن تكون عبرة لمن يفكر في استخدام الأسلحة الكيماوية في المستقبل. وقال إن هناك حلفاء انضموا إلى الولايات المتحدة في إصرارها على التحرك ومن بينهم فرنسا “أقدم حلفائنا”.

وقال كيري في بيان ألقاه بوزارة الخارجية الأمريكية وبثه التلفزيون “سيحكم التاريخ علينا جميعا بمنتهى القسوة إذا غضضنا الطرف عن استخدام دكتاتور لأسلحة دمار شامل استخداما غاشما.”

وأضاف أنه إذا أمكن “لبلطجي وقاتل مثل بشار الأسد أن يقتل الآلاف من أفراد شعبه بالغاز دون أن ينال عقابه” فإن ذلك قد يقدم مثالا سيئا لآخرين يحذون حذوه مثل إيران وحزب الله وكوريا الشمالية.

وتابع كيري “هل سيتذكرون أن نظام الأسد قد منع من استخدام تلك الأسلحة في الحاضر أو المستقبل؟ أم سيتذكرون أن العالم وقف مكتوف الأيدي وساعد على الإفلات من العقاب؟.”

وعرض كيري مجموعة من الأدلة التي تظهر أن قوات الأسد مسؤولة عن الهجوم وفي الوقت نفسه أصدرت الحكومة الأمريكية تقرير مخابرات غير سري يتضمن الكثير من التفاصيل.

وقال التقرير إن الهجوم الذي وقع في 21 أغسطس آب أودى بحياة 1429 مدنيا سوريا من بينهم 426 طفلا.

وأضاف التقرير المؤلف من أربع صفحات أن المعلومات التي جمعت لإعداده تتضمن اتصالا تم اعتراضه أجراه مسؤول كبير على إطلاع تام بهجوم 21 أغسطس آب ومعلومات أخرى أخذت من روايات بعض الأشخاص إلى جانب عدد من الرسائل التي جرى اعتراضها.

وقال رئيس وزراء تركيا طيب أردوغان يوم الجمعة إن أي تدخل عسكري دولي ضد سوريا يجب أن يستهدف وضع نهاية لحكم الأسد.

وقال اردوغان للصحفيين أثناء حفل استقبال في القصر الجمهوري في أنقرة “لا يمكن أن تكون ضربة خاطفة لمدة 24 ساعة … ما يهم هو وقف إراقة الدماء في سوريا وإضعاف النظام الى الدرجة التي يستسلم عندها.”

وقالت فرنسا يوم الجمعة إنها مازالت تؤيد اتخاذ إجراء عسكري لمعاقبة حكومة الأسد على الهجوم رغم رفض البرلمان البريطاني توجيه ضربة عسكرية.

واستغل أحد مساعدي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحليف المقرب من الأسد رفض البرلمان البريطاني في تصويت أجراه يوم الخميس التدخل في سوريا وقال إنه يعكس المخاوف الأوروبية الأوسع بشأن مخاطر الرد العسكري.

ونفت حكومة الأسد مرارا شن أي هجوم كيماوي وألقت مسؤوليته على مقاتلي المعارضة التي قالت إنهم يسعون للدفع إلى التدخل الأجنبي.

وقالت سوريا إن اتهامات كيري بأنها استخدمت أسلحة كيماوية “أكاذيب عارية عن الصحة”.

وقالت وزارة الخارجية السورية في بيان إن اتهامات كيري “محاولات يائسة” لتبرير ضربة عسكرية لسوريا.

وقال التلفزيون الرسمي السوري – الذي لم يبث خطاب كيري على الهواء – إن وزير الخارجية الأمريكي قال إن الهدف الأول والأخير لأي إجراء تتخذه إدارة أوباما في الشرق الأوسط هو ضمان أمن إسرائيل.

ويبدو من المستبعد توجيه ضربة عسكرية على الأقل إلى أن يسلم محققو الأمم المتحدة تقريرهم بالنتائج التي توصلوا إليها بعد مغادرة سوريا يوم السبت.

وقال كيري إن ما سيخلص إليه تقرير المحققين هو التأكيد على استخدام أسلحة كيماوية موضحا أنه لن يغير كثيرا بالنسبة لواشنطن نظرا لأن “سياسة العرقلة الروسية المؤكدة” ستجعل من المستحيل على الأمم المتحدة بدء تحرك دولي.

وأضاف كيري “لم يعد السؤال الرئيسي حقا هو ماذا نعرف؟ بل السؤال هو ما الذي سنفعله – نحن جميعا – في العالم حيال ذلك؟”

ومما قد يزيد من صعوبة تحديد موعد أي ضربات ضد سوريا سفر أوباما يوم الثلاثاء إلى السويد وحضوره قمة مجموعة العشرين في روسيا. ولا يتوقع أن يأمر أوباما بشن أي ضربات أثناء زيارته للسويد أو روسيا.

وأوضح كيري أن آراء الدول الأخرى لن تثني واشنطن عن التحرك. وقال “سيضمن أوباما أن تتخذ الولايات المتحدة الأمريكية قراراتها بناء على جداولها الزمنية وقيمها ومصالحها.”

وجاءت تصريحات كيري غداة فشل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في الحصول على موافقة البرلمان على التدخل العسكري في سوريا.

واتفق وزير المالية البريطاني جورج أوزبورن أحد أقرب حلفاء كاميرون مع الرأي القائل بأن تصويت البرلمان أثار شكوكا حول علاقات بريطانيا مع حلفائها في المستقبل.

وأضاف “ستجري عملية بحث في الذات على المستوى القومي بشأن دورنا في العالم وما إذا كانت بريطانيا تريد أن تلعب دورا كبيرا في تعزيز النظام الدولي”.

وقال الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند لصحيفة لوموند إنه مازال يؤيد القيام بتحرك عقابي “حازم” بسبب الهجوم الذي قال إنه ألحق ضررا “لا يمكن علاجه” بالشعب السوري مضيفا أنه سيتعاون عن كثب مع حلفاء فرنسا.

وأولوند ليس مضطرا لانتظار موافقة برلمانية على أي خطوة للتدخل في سوريا وبوسعه أن يتصرف من تلقاء نفسه قبل إجراء مناقشة برلمانية حول هذه المسألة وهو أمر مقرر يوم الأربعاء القادم.

وأضاف أولوند “كل الخيارات مطروحة على الطاولة. تريد فرنسا عملا مناسبا وحازما مع النظام في دمشق.”

وتعارض روسيا التدخل العسكري في سوريا وتقول إن أي هجوم سيزيد التوتر ويقوض فرص إنهاء الحرب الأهلية.

وقال يوري أوشاكوف كبير مستشاري بوتين للسياسة الخارجية إن تصويت البرلمان البريطاني يعكس رأي الأغلبية في أوروبا.

وأبلغ أوشاكوف الصحفيين “بدأ الناس يتفهمون مدى خطورة هذه السيناريوهات… روسيا تعمل بجد لتجنب سيناريو (التدخل) العسكري في سوريا.”

وحتى الضربة المحدودة يمكن أن يكون لها تداعيات غير مرغوبة.

ويقول جنود منشقون عن الجيش السوري إن المواقع العسكرية في بلادهم مليئة بالجنود الذين يحتجزهم رؤساؤهم فعليا لتشككهم في ولائهم وهو ما قد يجعلهم ضحايا محتملين لأي ضربات جوية تقودها الولايات المتحدة.

وقال كيري إن أجهزة المخابرات الأمريكية راجعت المعلومات الخاصة بالهجوم بعناية أكثر من مرة. وأضاف “أقول لكم إنها قامت بذلك (المراجعة) وهي تضع في اعتبارها تجربة العراق. لن نكرر تلك اللحظة.”

وأثناء عرضه للأدلة قال كيري إن حكومة الأسد لديها أكبر برنامج للأسلحة الكيماوية في الشرق الأوسط وهي عازمة على إخلاء ضواحي دمشق من المعارضة.

وأضاف كيري “نعلم أنه قبل الهجوم بثلاثة أيام كان الأفراد المسؤولين عن الأسلحة الكيماوية التابعين للنظام السوري على الأرض في المنطقة يتخذون الترتيبات” اللازمة.

وتابع “ونعلم أنه تم إبلاغ عناصر النظام السوري بالاستعداد للهجوم بوضع أقنعة الغاز واتخاذ الإجراءات الوقائية المرتبطة بالأسلحة الكيماوية.”

وأشار إلى أنه تم إطلاق صواريخ من مناطق خاضعة لسيطرة الأسد ولم تسقط إلا في المناطق التي يسيطر عليها المعارضون مضيفا أن هناك آلاف التقارير والمقاطع المصورة على مواقع التواصل الاجتماعي من 11 موقعا في دمشق تظهر تأثير الهجمات.

وقال “رأينا صفوفا من الجثث المتراصة الملفوفة في أكفان غير مخضبة بنقطة دم واحدة… نعلم أن هناك مسؤولا كبيرا في النظام كان على علم بالهجوم أكد استخدام النظام لأسلحة كيماوية وتحدث عن تأثيرها وكان خائفا حقا من اكتشافها.”

وأضاف “المخابرات الأمريكية لديها ثقة عالية في كل هذه الأمور التي ذكرتها وكل هذه الأمور التي نعلمها. فذلك هو المنطق. وهذه أدلة ووقائع.”

وأظهرت استطلاعات للرأي أن الجمهور معارض إلى حد كبير لأي تحرك عسكري أمريكي وقال بعض المشرعين بعد الاجتماع مع مسؤولي الإدارة إنهم لا يزالون غير مقتنعين بضرورة التحرك العسكري. وتساءل البعض عما إذا كان بإمكان وزارة الدفاع (البنتاجون) تحمل تكلفة مهاجمة سوريا بعد التخفيضات في الإنفاق التي فرضتها الحكومة الاتحادية في وقت سابق هذا العام.

وأظهر استطلاع جديد للرأي ان غالبية الأمريكيين ما زالوا لا يرغبون في التدخل في الحرب الأهلية في سوريا رغم أن التأييد لمثل هذا التحرك تزايد منذ الهجوم المزعوم بالغاز السام الأسبوع الماضي.

وقال حوالي 53 في المئة ممن شملهم الاستطلاع الذي أجرته رويترز/إيبسوس هذا الأسبوع إنه يتعين على الولايات المتحدة أن تظل بعيدة عن الحرب الأهلية في سوريا بعد أن كانت نسبتهم 60 في المئة الأسبوع الماضي. وقال 20 في المئة فقط إن يتعين على الولايات المتحدة أن تقوم بتحرك لكن نسبة هؤلاء كانت تسعة في المئة فقط في الأسبوع الماضي.

وحذر بعض الحلفاء من أن اتخاذ أي إجراء عسكري بدون تفويض من مجلس الأمن قد يزيد الأمور سوءا.

وتمتلك روسيا حق النقض (الفيتو) باعتبارها أحد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي وعرقلت صدور ثلاث قرارات تهدف إلى الضغط على الأسد لوقف العنف منذ اندلاع الانتفاضة ضده في عام 2011.

وتقول الصين إنه يجب ألا يكون هناك تعجلا في دفع مجلس الأمن إلى اتخاذ قرار بخصوص سوريا قبل أن يستكمل مفتشو الأمم المتحدة عملهم.

ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن وزير الخارجية الصيني وانج يي قوله للأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون في اتصال هاتفي “قبل أن يكشف التحقيق عما حدث حقا يجب على جميع الأطراف تجنب استباق الحكم على النتائج وبالطبع يتعين عليها ألا تدفع مجلس الأمن بقوة إلى اتخاذ إجراء.”

وقالت الأمم المتحدة إن خبراءها استكملوا جمع العينات والأدلة على هجوم الأسبوع الماضي. وغادرت أنجيلا كين ممثلة الأمم المتحدة السامية لشؤون نزع السلاح دمشق يوم الجمعة عبر بيروت ومن المتوقع أن تتوقف في اسطنبول قبل توجهها إلى نيويورك.

وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة مارتن نسيركي إنه يجب استكمال تحليل جميع العينات قبل وضع النتائج التي خلص إليها فريق المنظمة الدولية ولكن لم يتضح كم من الوقت سيستغرق ذلك.

من ستيف هولاند وكاثرين بريمر

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك