أنشودة السلام هي الأنقى

بيانات سياسية 08 يونيو 2019 0
أنشودة السلام هي الأنقى
+ = -

كوردستريت || مقالات

.

زاوية نقاط على حروف*

عبق الورود وتفتح أزهار الأشجار وعليل النسائم، وكادت قاب قوسين أو أدنى لتكون دهماء هي أرضنا، خرج شعبنا السوري مغنيّاً لفجر ليلٍ طال أمد ظلامه، ليشارك البلابل والعصافير معلنةً انتهاء شتاءٍ باردٍ ثقيل؛ كان ربيعاً قصيراً بالكاد شُمّ فيه نسمةً عليلةً حتى تحوّلت إلى رياحٍ صيفيةٍ لا خير فيها, واصطحبتها نيرانٌ حالت أرضنا صعيداً جرزاً, نالت خصوبة حوراننا وأصبحت القرى في جبلنا ـ جبل الشيخ الأشم ـ خاويةً على عروشها هاجرها أبناؤها الذين تغنّوا كثيراً بالصمود قبلاً، ولتصبح بعد ذلك غوطتنا صحراء جرداء, وقتلت روح الطرفة والدعابة في حمصنا لتتوشح السواد ويغطيها حزن وأسى, وبثّت سمومها في أحياء مدينة الماغوط لتقتل الثقافة والتنوع هناك, وأحرقت غابات في الساحل ليغيب عنها سواحها، وحالت مدينة الرشيد إلى كهوف للخفافيش ومصاصي الدماء حيث ابتيعت فيها نساؤنا, ودمًّرت أسواقاً وآثاراً وأحياءً لتغدو حلب التاريخ والتجارة والصناعة والحضارة منكوبةً مشلولة، وأفرخت سفاحين بلحى يقطعون رؤوس البشر على ضفاف الفرات وفي مدنها وقراها.

.

وهناك في أقصى الزاوية الشمالية الغربية- كرداغ الشامخة- اُحتضن كلّ هائمٍ على وجهه ولم يجد مأوى أو مأكل وقد عانى الظلام ليتبرك بنور الله هناك وبزيتونها المبارك، حيث السلام ولا جوع ولا سغوب، واستبشر القاطنون والضيوف ربيعاً خيّراً برغم بعض العواصف والرعود، وهو ما لم يرق للجارة تركيا حتى جعلت أعزة أهلها أذلة وأضرمت في قراها نيران الحقد والكراهية وأطلقت الأعنّة لكلّ معتدٍ أثيم، لينهبوا ممتلكات الآمنين ويحرقون الأخضر واليابس ويبتزّوا آخرين ويقتلوا فلّذات أكباد قرانا الوادعة بدمٍ بارد، يطلبون أموالاً طائلةً فدية لإطلاق سراحهم في أبشع صور الابتزاز.

وما إن انتصر صفار الشمس على الغرابيب في الباغوز وأشرقت شمس ليل حالك ثقيل، حتى عملت فلول المجموعات الظلامية وخلاياها النائمة على تحويل اصفرار السنابل إلى رماد محزن، حيث ينشرون الجوع وقطع الأرزاق هناك في بعض القرى، في محاولةٍ يائسةٍ لزرع الفتن والخوف بين مكونات المنطقة.

سوريا التي أنجبت السلطان والعلي والهنانو والخوري والماغوط والقباني والتيزيني لن ينضب رحمها، ولن يعجز عن إنجاب الخيّرين، ليلثموا جراحاتها ويعملوا على إيقاف نزيف دم أبنائها القانىء, حيث لا بديل عن حوارٍ وطنيّ جاد يراعي حقوق أبناء الوطن الواحد وحصانته ووحدته، مراعياً حسن الجوار وبناء علاقات على أسس سليمة من الود والاحترام.  

* جريدة الوحـدة – العدد 308أيار 2019 – الجريدة المركزية لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي).

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك