إختلاف المعاني في الدولة العميقة

آراء وقضايا 16 فبراير 2019 0
إختلاف المعاني في الدولة العميقة
+ = -
كوردستريت || مقالات
.
تظهر على سطح الاحداث السياسية مفاهيم تفرزها ديناميكية الاحداث، حسب ماتقتضيه الحاجة لهذه المفردة، في مشهد تتباين فيه وجهات النظر، من شخص لآخر، ومن هذه المفاهيم الدولة العميقة، فمن هي الدولة العميقة؟
لايمكن تعريف الدولة العميقة تعريف محدد، لان النظرة لهذا المفهوم تشبه الاميبا التي يصعب تحديد شكلها، بسب أقدامها الكاذبة، ولكن إجمالا هي التحكم بمصدر القرار السياسي في الظل، لأسباب تتباين من بلد الى آخر ٠ 
.
فمثلا منها ماهو واضح المعالم والاهداف كما هو الحال في إيران( مجلس تشخيص مصلحة النظام) للمحافظة على الأمن القومي، ومنها ما هو سري ذات  أهداف توسعية عن طريق إدارة الأزمات في العالم كما في اللوبي الأمريكي، الذي يسير الأمور، وفق سياسات ذات أبعاد توسعية، على المستوى السياسي والعسكري والاقتصادي 
 ومثال اخر الحكومة الخفية، في اسرائيل آلتي تحدث عنها، الكاتب الروسي سبيرودفيتش، وادت الى اغتياله، والتي تعمل على ادارة الازمات في العالم ٠ 
هذه المفاهيم تتباين في توجهاتها الفكرية، فمنها ما هو ايجابي او سلبي حيث أن بعضها مقوم لعمل الدولة ضمن خطط التنمية، على كافة المستويات ومنها ما هو سلبي لأهداف مشبوهة، لسنا بصددها٠ 
 
.
هنا يبرز السؤال ماهي فائدة الدولة العميقة؟
في مفهومها الإيجابي تعتبر من اهم مرتكزات العملية السياسية٠ لانها تمارس دورا محوريا في الواقع السياسي ٠ وتشخص الاخطاء، كما أنها تعطي انطباعا لدى الهرم الحكومي بانه موظف يمارس دورا مرسوما، لايمكنه تجاوز الخطوط الحمراء، مما يجعل مصير البلاد في مامن من التهورات السياسية، كما حصل زمن نظام صدام المقبور٠ 
إن أسوأ أنواع الدولة العميقة تجسد في العراق، في مرحلة مابعد سقوط دكتاتورية النظام السابق، لأن الأهداف لا تمت لمصلحة البلاد بصلة، بل للهيمنة على مقدرات البلاد، والاستحواذ السياسي وإحكام القبضة على المشهد، وفق نظرية( مانعطيها)وتمكين الاصهار من التحكم بالقرار، والنتيجة لاتحتاج الى برهنه بناء على ماوصلت إليه الامور٠
 
.
جرت محاولة واحدة في العراق لتأسيس مجلس السياسات الستراتيجي، لكن هذا غير مطمئن للقوى الوطنية، لأن الفكرة جاءت من قوى لاترتقي الى هكذا مشروع، بل أن أهدافها صلاحيات اضافية لمشروعها السياسي، وارتباطها الإقليمي، اظف الى ذلك أن مشروع الدولة العميقة بحاجة الى مؤهلات وطنية، لاتشوبها شائبة٠ 
.
يبقى سؤال آخرهل توجد ضرورة لهذا المفهوم؟
في ضل المعطيات الدولية ذات التاثير المباشر، في سياسات الدول الأخرى، ومنها العراق، تبدوالحاجة ملحة  لهكذا مشروع،شريطة أن يكون بناءه على أسس غاية في الوطنية، لكونها أهم مرتكزاته الأساسية، يقوم عمل الدولة وفق مصالح البلاد، خصوصا بعد فقدان الثقة في حسن إختيار المجتمع، لنوع الطبقة السياسية من ناحية، ووجود الثغرات الدستورية والامتيازات الفاحشة التي تسبب القفز على الثوابت في الوصول السلطة جهة اخرى ، والتي تلعب دورا مهما في تحصين نفسها،وهذا يؤدي الى الاستهانة بمصالح البلاد، وابعاد الخط الوطني عن مصدر القرار، وهذا ما هو ملموس في وضعنا الحالي٠ 
.
لذا نجدالحاجة ضرورية لمثل هكذا مؤسسة، تعمل بشكل موازي لعمل الدولة، للحد من القررارات الارتجالية، والفساد الذي اصبحنا من دوله الست المتقدمة، علما أن هذه الموسسة، لاتتوقف على هذه التسمية، فيمكن أن تسمى مركز دراسات او اي مسمى اخر، لأن الهدف هو تقويم عمل الدولة، والحفاظ على الأمن القومي للبلاد وهذا مطلب النخبة، في المجتمع ومعمول به في اغلب دول العالم رغم تعدد مسمياته .
.
فاضل موسى
٠
آخر التحديثات
  • تابعونا على الفيسبوك

  • أتبعني على تويتر