إيخانت (ixanet) بين غرابة المصطلح وتشويه التوظيف

آراء وقضايا 03 يوليو 2019 0
إيخانت (ixanet) بين غرابة المصطلح وتشويه التوظيف
+ = -

كوردستريت || مقالات

الكاتب: حكيم كردي

الخيانة من أشنع وأبشع المصطلحات التي تستخدم على المستويين الشعبي والرسمي من حيث الدلالة والجزاء، ففي المستوى الرسمي تعتبر جريمة عظمى، وتقرر لها القوانينُالشرعية والوضعية أقسى العقوبات كالإعدام أو السجن المؤبد، أما على المستوى الشعبي فيتم سلب قيم الاحترام والتقدير من (الخائن)، وينظر إليه نظرة دونية تتقبل بل وتستوجب بحقه أقسى العقوبات.

وخلال السنوات الأخيرة في ظل الأزمة السورية والانقسام الحاد للمجتمع وتزايد وتيرة الصراع الفكري والسياسي والعسكري، لم يتورع أي طرف في إطلاق تهمة الخيانة على كل من يخالفه كنتيجة طبيعة لحالة الكبت السياسي الممارس بحق الناس، وافتقار الشعب وأحيانا كثيرة افتقاده لرؤى سياسية، واقتصار السياسة على ما كان يقدم له معلبا من خلال الجبهة الوطنية التقدمية.

ولم تكن الساحة الكردية في سوريا بعيدةً عن هذه الصراعات وعن هذه الاتهامات، لكنها شكلت في الحالة الكردية السورية حركة ارتدادية للخلف، لأن الساحة الكردية السورية كانت تمارس اللعبة السياسة بشكل سري أو مسكوت عنه؛ مما كان قد أكسبها نوعًا من الخبرة السياسية التي تفترض احترام الرأي الآخر، وعدم إلقاء تهم التخوين جُزافا.

 

.

وشاعت استخدام كلمة إيخانت (ixanet) من جانب تيارسياسي محسوب على منظومة حزب العمال الكردستاني، وإطلاقها على كل من يخالفها، لتكشف عن ظاهرة غريبةعن لغتنا ومجتمعنا و(حياتنا السياسية).

فالكلمة غريبة عن لغتنا؛ لأن كلمة (خيانة) تأتي في اللغاتالكردية والفارسية والآذرية (خيانت)، وهي كلمة مقترضة من اللغة العربية (على الأغلب؛ لأن الكلمة تحتاج مزيدا من التأصيل اللغوي لها وهذا ليس مكانه).

لكنها تأتي في التركية إيخانت (ihanet) ودخلت إلى التركية من خلال تأثرها باللغة العربية أيضا، وظلت تستخدم ضمن إطار التركية (لغة ومجتمعا ودولة)، ومن ثم نقلها التيار السياسي المذكور سابقا مع ما نقله من أفكار وعقائد ممارسات، مع العلم أنه لا توجد كلمة كردية تبدأ بالهمزة المكسورة، و كل الكلمات المبدوءة بهمزة مكسورة جاءت من لغات أخرى، لذا يصرفها اللسان الكردي لتتناسب مع قواعده الصوتية: إما بحذفها أو إبدالها بحرف آخر قريب، فكلمة ( إنسان: mirov) تلفظ في الكردية: هِنسان، أو عِنسان، وكلمة ( إبراهيم) و (إسماعيل ) تحذف الهمزة منها فتلفظ : (بِراهيم) و (سِماعيل )، إذا فاللفظ جاء من العربية من خلال اللغة التركية ومنطوقها لا يتوافق مع قواعد الصرف الكردي.

أما بشأن توظيفها السياسي فتتم في إطار اتهام منظومة حزب العمال الكردستاني للحزب الديمقراطي الكردستانيعامة ولشخص مسعود البرزاني سابقا ونيجيرفان البرزاني حاليا بالتعامل مع الحكومة التركية أو الدولة التركية من خلال كتابتها على جدران البيوت وأسوار المدارس بأيدي شباب ملثمين متعصبين في تحد واضح لأفكار ومشاعرقسم كبير من الأكراد، أو إطلاقها في مظاهرات واجتماعات من خلال بعض الأشخاص المشكوك في انتمائهم الوطني ومستواهم المعرفي، وهي تهدف بالأساس إلى تعميق  الشرخ الكردي من الحالة السياسية إلى الواقعالاجتماعي، و تدمير أية فرصة للتقارب واللقاء بين اتجاهين غالبين في الساحة السياسية الكردية.

بينما يتناسون تعاملهم مع أنظمة محتلة لكردستان كالنظام السوري أو الإيراني والعراقي على المستوى الأمني، بينمايتعامل إقليم كردستان مع الدولة التركية بصفة رسمية ومعلنة، لكنهم يعدّون تعامل الإقليم مع الدولة التركية خيانة قومية، وتعاملهم مع الأنظمة الغاصبة لكردستان حنكة سياسية في تجسيد مضحك مبكٍ للمثل العربي: (رمتني بدائها وانسلت).

 

 

.

وختاما فإن تعامل الأطراف والأحزاب الكردية مع الأنظمة المحتلة لكردستان شر لا بد منه لعدم وجود منافذ أخرى، وقد يكون مقبولا على اعتبار قاعدة (أهون الشرين)، في كل الأحوال يجب ألا تكون على حساب التنازل عن الحقوق القومية الكردية في أي جزء من أجزاء كردستان الأربع ونضاله لنيل حقوقه القومية المشروعة.

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك