استفتاء الاستقلال تعبيرٌ لحق تقرير المصير

آراء وقضايا 04 يوليو 2017 0
استفتاء الاستقلال تعبيرٌ لحق تقرير المصير
+ = -

الدكتور كاميران حاج عبدو

وفقاً للمبادئ المُعلنة في ميثاق الأمم المتحدة الذي صدر بمدينة سان فرانسيسكو في ٢٦ حزيران ١٩٤٥ يُشكل الإقرار بحق جميع الشعوب في تقرير مصيرها أساس الحرية والعدل والمساواة والسلام في العالم.
عرف بعض فقهاء القانون الدولي حق تقرير المصير بأنهُ: “حق أي شعب في أن يختار شكل الحكم الذي يرغب العيش في ظلهِ والسيادة التي يريد الانتماء إليها”.
لقد لعب هذا المبدأ دوراً مُهمًا في تاريخ القانون الدولي. كما أحتل مكانة مهمة في معاهدات الصلح التي عقدت بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى ١٩١٩. كما جرى تأكيد هذا المبدأ في تصريح الأمم المتحدة الصادر في الأول من كانون الثاني عام ١٩٤٢، وتصريح يالتا الصادر في ١١ شباط ١٩٤٥.
في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم ٤٢١ الصادر في ٤ كانون الأول ١٩٥٠ طلبت الجمعية العامة من لجنة حقوق الإنسان أن تضع توصيات حول الطرق والوسائل التي تضمن حق تقرير المصير للشعوب، كما نصت في قرارها رقم ٥٤٥ الصادر في ٥ شباط ١٩٥٢ على ضرورة تضمين الاتفاقية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية والاتفاقية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مادة خاصة تكفل حق الشعوب في تقرير مصيرها. ثم أصدرتْ قرارها رقم ٦٣٧ في ١٦ كانون الثاني ١٩٥٢ الذي جعلت بمقتضاهُ حق الشعوب في تقرير مصيرها شرطاً ضروريًا للتمتع بالحقوق الأساسية جميعها، وأنهُ يتوجب على كل عضو في الأمم المتحدة الاحترام والمحافظة على حق تقرير المصير للأمم الأخـرى. إذن لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها، وهي بمقتضى هذا الحق حرةٌ في أن تحدد مركزها السياسي وتحقق نموها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، مُسترشدة بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وخاصة المادتان الأولى والخامسة والخمسون اللتان تؤكدان على حق الشعوب في تقرير مصيرها وعلى ضرورة قيام علاقات سلمّية وودّية بين الأمم. كما تسترشد بأحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المؤرخان في ١٦ كانون الأول ١٩٦٦ واللذان أعدتهما لجنة حقوق الإنسان، فقد ذكر كلا العهدين حق تقرير المصير بنص موحد في مادتهِ الأولى بأنهُ: “لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها، وهي بمُقتضى هذا الحق حرةٌ في تقرير مركزها السياسي وحرةٌ في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي”.
ومن هنا يأتي قرار إجراء الاستفتاء في اقليم كردستان كتعبير ديمقراطي وشرعي لممارسة حق تقرير المصير للشعب الكردستاني، الذي كان قدد حدد مصيره سابقاً في الاتحاد الاختياري الحر ضمن عراق فيدرالي يحكم عن طريق الديمقراطية التشاركية. لكن وبسبب إصرار الحاكمون في بغداد على تعطيل العمل بمواد الدستور الاتحادي (لعام ٢٠٠٥) الذي أقر الشكل الفيدرالي للدولة العراقية والمضي قدماً على فكرة الدولة المركزية وعدم تطبيق أي بند مرتبط بالفيدرالية نستطيع القول بأن الفيدرالية لم تطبق بعد في العراق بالرغم من مرور ١٢ عاماً على اعلان دستوره الفيدرالي، مما أدى إلى وصول العلاقة بين إقليم كردستان والحكومة المركزية في العراق إلى طريق شبه مسدود. فكان لابد من إيجاد صيغة جديدة يتم من خلالها التعامل مع إصرار بغداد على انتهاج سياسة العداء لإقليم كردستان والعمل بشتى الوسائل على تعطيل مواد الدستور والتهرب من تشكيل المؤسسات الفيدرالية، ناهيك عن ضرب الديمقراطية التشاركية بعرض الحائط والعمل على انتاج التسلط والديكتاتورية بأشكال جديدة، من خلال استغلال نظام الأغلبية السياسية، وكذلك التهرب من مستحقات نص المادة ١٤٠ من الدستور والمتعلقة بمصير كركوك والمناطق الأخرى “المتنازع عليها”.
أمام هذه التحديات كان لابد من البحث عن ألية جديدة للدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الكردستاني، فلجأت قيادة إقليم كردستان إلى خيار الاستفتاء لمعرفة إرادة الشعب الكردي ورأيه حول مستقبله السياسي كتعبير ديمقراطي لممارسة حق تقرير المصير الخارجي بعد أن أصرت بغداد على تعطيل العمل بالدستور الاتحادي والمضي قدماً في عدم تطبيق ما نصت عليه مواده بصدد حق تقرير المصير الداخلي لشعب إقليم كردستان.
إن اتفاق الأحزاب الكردستانية في إقليم كردستان العراق بقيادة الرئيس مسعود بارزاني على تحديد يوم ٢٥ أيلول ٢٠١٧ لإجراء الاستفتاء على استقلال الإقليم يعتبر خطوة في غاية الأهمية ليس على صعيد اقليم كردستان فحسب، بل وعلى طريق تحقيق حلم الأمة الكردية عموماً في تقرير المصير وتأسيس الكيان السياسي الخاص بها. فعملية إجراء الاستفتاء وأن كانت خاصة بجغرافية كردستان العراق، إلا أن انعكاساتها الإيجابية، ستشمل أيضاً باقي أجزاء الجغرافيا الكردية.

*افتتاحية العدد ٢٦١ (حزيران ٢٠١٧) من جريدة الوحدة التي يصدرها حزب الوحدة الديمقراطي الكردستاني.

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك