الأحزاب الكوردية والتنسيقيات الشبابية والذكرى الرابعة للثورة السورية

آراء وقضايا 17 مارس 2015 0
+ = -

 قهرمان مرعان آغا 

.

كثرالجدل على دور الحركة الكوردية والحراك الشبابي في الثورة السورية والاتهامات التي يثيرها البعض للأحزاب والتنسيقيات في مسيرتها السلمية ، خلال السنتين الأوليين من عمرها . كان الشارع الكوردي متردداً في المشاركة بالثورة السورية التي بدأت في ١٥/آذار ٢٠١١ لغاية مطلع نيسان ، بسبب الموقف العام من السياسات الاقصائية لسلطات الحكم بحق الشعب الكوردي وقضيته القومية ، وخاصة بعد إنتفاضة قامشلو في ١٢/آذار٢٠٠٤ ، ولأسباب مختلفة منهاً: –

.

أن الشعب الكوردي عانى من الإستبداد والدكتاتورية منذ إنقلاب البعث وما تلاه من إنقلاب حافظ أسد وحكمه الطائفي ، ولم يلقى مناصرةً من أبناء الشعب العربي في سوريا ، بإستثناء القليل من المواقف من بعض الشخصيات الحقوقية المستقلة ، فالثورة قضية عامة ، يجب الإنتظار والتروي . – لقد دفعنا كثيراً ضريبة مقاومة النظام في سبيل الإعتراف الدستوري بحقنا، كشعب يعيش على أرضه التاريخية ، وكان لمعظم مكونات الشعب السوري من خلال إنخراط أبنائها في مؤسسات الجيش والأمن والإدارات الموقف ذاته من قضيتنا ونضالنا، وكانوا أدوات تنفيذية لراسمي تلك السياسات المشبعة بالروح العنصرية في مدرسة حزب البعث الشوفيني الحاقد .

.

وكانت تجربة انتفاضة قامشلو ، ماثلة بتضحياتها وشهدائها للجميع . – الخوف من آلاعيب النظام وتجربة الحركة الكوردية مريرة معه في هذا المجال ، من خلال العزف على التحريض القومي العنصري والذي تربى في مكاتب الحرس القومي ، جيلين من الجهلة من مختلف العصبيات العشائرية ،سهلة الإنقياد والتوجيه ، موسومة بغريزة القطيع التعبوي ، المتكالب على النهب والحرق ، وخاصة في الجزيرة . – التوجس من ردة فعل النظام المدمّرة من قمع المظاهرات في المدن الكوردية ، وربطها بالتوجه المزعوم من قبله ، للشعب الكوردي بالإنفصال ، وما يكون لها تأثير سلبي إنتكاسي ، في إمتداد الثورة في باقي المناطق السورية ، وكان هناك حرص على قيام أبناء المحافظات الاخرى بالثورة أولاً . حتى تأخذ خصوصيتها الوطنية . – الشعب الكوردي متمثلاً بحركته السياسية ، منضبط ، ولديه تجربة في النضال السلمي ، وليس من مصلحة قضيتنا أن نخرج الى الشارع دون موقف موحّد ، حتى لا يحدث إنقسام في الشارع الكوردي .

.

بعكس الشارع العربي الذي يفتقد الى التنظيم السياسي ، خارج إطار النظام ؟. – تعددت التبريرات المقنعة وغير المقنعة من مختلف الفصائل والاحزاب والشخصيات المستقلة ، حتى وصل بها الأمر بالترويج ، أن اطراف كوردستانية يحبذّون الإنتظار على الإنخراط حتى تتوضح الامور أكثر ، لاننا طلاب حقوق وغيرنا من القوى في سوريا طلاب سلطة . وشعارات الحرية والكرامة ليست سوى مانشيتات يعمل خلفها قوى مستترة تتأهب للإنقضاض على الحكم ….

.

إلى آخره. و مقابل هذا التردد ، كان هناك إندفاع وتوجه في استغلال الحراك الشعبي في محافظة درعا وقبلها في منطقة الحريقة بدمشق ، على بدء التظاهر في مدينة قامشلو مهد الثورة وإرهاصاتها الأولى خلال حكم الطاغية حافظ اسد ، وخاصة أن نظامي قذافي ومبارك المجرمين قد سقطا في كل من ليبيا ومصر ولا مناص من إحداث التغيير في سوريا ، ولا يمكن للنظام ان يستعمل سياساته وأساليبه في التفرقة بين أبناء الشعب السوري بأدواته القديمة ، نحن أمام إنقلاب حقيقي لمعظم المفاهيم السائدة خلال أربعة عقود من عمر الإستبداد ، لا بد من التحرك والتظاهر السلمي ، ولن تتكرر مثل هذه التجربة لمصلحة شعبنا الكوردي في هذا الجزء الكوردستاني الملحق بالدولة السورية ، يجب استغلال الفرصة ، وعدم تضييعها بمزيد من الإنتظار والتردد . كان بين التردد والإندفاع ، مواقف مختلفة من الأحزاب وحتى ضمن الحزب الواحد ، وسرعة الأحداث وقمع النظام المجرم وقتله للأطفال في بدء الثورة جعل الكثير من قيادات الاحزاب الكوردية عاجزة عن إتخاذ موقف ضمن تنظيمه ، فما بالك بالإتفاق العام ، وكان هناك توجس من إستهداف النظام لأحد الأحزاب منفردة ،في حال قيامه بتبني الحراك في الشارع لوحده ، دون سائر احزاب الحركة ، لهذا أختلف الموقف من حزب الى آخر وليس كما يروجه البعض الآن ، ويمكن تلخيص موقف الاحزاب الكوردية حينها وفق الآتي : أ) احزاب كانت لها تواصل مع الحراك الثوري في الداخل وخاصة ( درعا ) طليعة الثورة من خلال تنظيماتها في دمشق وشاركت في الاحتجاجات قبل ذلك في الحريقة ، وكان موقفها واضح لا لبث فيها من التظاهر السلمي ، وضرورة المشاركة ، ووقفت الى جانب التنسيقيات الشبابية التي ساهمت في تنظيمها من خلال أئتلاف شبابها مع المستقلين وكذلك دعمها مادياً ومعنوياًوالتحضير والتظاهر معها منذ اليوم الأول في مواجهة سلطات الأمن . ب) احزاب نأت بنفسها من خلال اصدار موقف ، روجت له السلطات الأمنية ، بأن مجموعة من الأحزاب قد اصدرت بياناً او تصريحاً ، دعت فيه مناصريها الى أخذ الحيطة والحذر وعدم الإنجراف الى ما يبثه الأعلام والامور لا تتعدى مجرد أحداث تتعلق بشغب أطفال المدارس والشعب الكوردي غير معني بهذه القلاقل وتغيير النظام ليس مهمتنا ، حتى وصل الأمر بالسلطات الامنية في بعض المناطق من استدعاء ممثلين الاحزاب من أجل شكرهم على هذا الموقف ، وكان بالنسبة للبعض مفاجأةً و ذهولاً ؟ .

.

وللبعض الآخر رضىً وقبولاً ؟!. وبقيت موقفها ملتبساً حتى قبل إنعقاد المؤتمر الوطني الكوردي الأول . ج) احزاب رفضت التظاهر ضد النظام ودعت بشكل علني من خلال إقامة الندوات الجماهيرية ؟؟، العلنية ، بأنه لم يحن الوقت للخروج الى الشارع ، وهذا ليست من مصلحة الكورد ، وبررت مواقفها بعدم الإنجرار وراء الأحزاب الكوردية المستغلّٓة للأوضاع ؟ والشباب المنفلت ، وبررت مواقفها ، بما حدث لانتفاضات شعب كوردستان عامة ، حتى لا نصبح ضحايا لأحداث لا مصلحة لنا به . ولم يشاركوا في التظاهرات لمدة تتجاوز الستة اشهر. وهكذا تباينت المواقف وفق الإتجاهات الثلاث التي تم ذكرناها آنفاً والتي أثرت بشكل أو بآخر على مشاركة الشعب الكوردي ،وحجم المظاهرات في البداية ،اي منذ مطلع نيسان في قامشلو وعامودا وأثرت بشكل واضح على تأخيرها في باقي المناطق وخاصة ديريك ورميلان ( كركى لكى) على سبيل المثال ، لم يتعدى عدد المتظاهرين في البداية أكثر من خمسين شخصاً ، بينما كانت الارصفة تعج بالمتفرجين ، وكانت تطوق بسيارات ورجال المخابرات من كافة الأصناف . – بالنسبة الى التنسيقيات الشبابية :

.

في البدء كانت هناك تنسيقية واحدة منسجمة في كل مدينة أو بلدة ولم يتعدى مؤسسيها اصابع اليد وبمساندة بعض الاحزاب الكوردية التي ساهمت أصلاً في انشاء بعضها ، وبعد مرور الزمن وإنتشار الحراك السوري في معظم مدن سوريا وأريافها ، تحركت الأحزاب الكوردية التي نأت بنفسها والتي دعت علنا بعدم المشاركة ، وتحت ضغط منتسبيها الى المشاركة بشكل فردي ، كي لا تضيع الفرصة عليها ، وتدخلت بشكل فئوي في عمل التنسيقيات وتشكيلها ، حتى وصل بها الأمر بعد المؤتمر الكوردي الأول في ٢٠١١/١٠/٢٦ الى تأسيس تنسيقيات أو تبني بعضها أو المطالبة بتعيين انصارها في أداراتها ، و العمل على إبعاد انصار الأحزاب المؤسسة لها ، وذلك عن طريق الترغيب والتفضيل والمغانم .

.

وهكذا ازداد الجدل والمناكفة بين انصار الاحزاب وفقدت التنسيقيات الشبابية استقلاليتها ، من خلال رفع صور الرموز القومية والأعلام الحزبية ، والشعارات العاطفية ، ،،، وفي هذا الوقت تبلورت إتجاهات المحاور الاقليمية بتحريك أنصارها في الجزء الكوردستاني الملحق بالدولة السورية ، وانقسم الشارع الكوردي على نفسه ، وأختار انصار ب.ي.دالفرع السوري ل- ب.ك.ك ، لونهم وصوتهم ويوم خروجهم ومكانه ، إضافة الى اسم الجمعة ،بخلاف الثورة السورية ، وهكذا دخلنا مرحلة جديدة من الصراع الداخلي ، بينما أخذ النظام يرتب لمرحلة ما بعد الثورة السلمية ، في الاقليم الكوردي .

.

أمتدت هذه المرحلة لغاية تأسيس المجلس الوطني الكوردي ، حيث الزخم الجماهيري ، والموقف الموحّد ، وسرعان ما تلاشت الآمال ، من جديد بدخول الثورة في المنزلق الذي رسمه النظام ، بمزيد من القتل والترويع ، لإجبار الناس الى حمل السلاح للدفاع عن انفسهم في معظم مناطق سوريا . – بالنسبة للأفراد ، لا شك إن البعض أبناء الشعب الكوردي الغيورين على قضيتهم ، لم يعيروا أي اهتمام لمواقف أحزابهم ، بل اشتركوا في المظاهرات من تلقاء أنفسهم ، وعلى العكس هناك من أحجم عن المشاركة ، بالرغم من مشاركة احزابهم ، والأسباب معروفة، لإختلاف الإرادات والسويات الفكرية والقناعات الشخصية . الجميع يعلم جيداً من نزل الى الشارع من الأحزاب ، أماالتنسيقيات يعلمون أكثر من غيرهم ، الذين اشتركوا معهم وساندوهم ، والمنصفون لا بد أن يركنوا الى الحقيقة وقول الحق ، مادامت تلك الأيام الجميلة اصبحت في ذاكرة الثورة السورية بدخولها السنة الخامسة من عمرها .

.

في ٢٠١٥/٣/١٦

آخر التحديثات
  • تابعونا على الفيسبوك

  • أتبعني على تويتر