(الأسقاطات الفلسفية الحرفية على أرض الواقع لم يكتب لها النجاح والديمومةعلى مر التاريخ.)

آراء وقضايا 20 ديسمبر 2015 0
(الأسقاطات الفلسفية الحرفية على أرض الواقع لم يكتب لها النجاح والديمومةعلى مر التاريخ.)
+ = -

أن المشروع الفلسفي الذي أطلقه زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوج الآن في مرافعته المعنونة ب ( القضية الكردية وحل الأمة الديمقراطية ) يفتح أمامنا جملة من التساؤلات ومن أبرزها – مصطلح الأمة الديمقراطية – وهنا لن أدخل في شرح التعاريف الأصطلاحية والسياسة لماهية مفهومي الأمة والديمقراطية ولن الجأ الى المقاربات الفلسفية للسيد أوجلان مع فلسفات أخرى ولكن يظهرجلياً تأثره بالفلسفة الحديثة , ولكن ما يهمنا هناهو طرحه لمشروع الأمة الديمقراطية مقابل الدولة القومية, فبالعودة الى بدايات تأسيس حزب العمال الكردستاني وتحديداً في آب من عام 1984 اعلن الحزب الثورة في كردستان الشمالية مطالباً بالاستقلال التام لكردستان في الأجزاء الأربعة واعتبر كردستان مستعمرة من قبل دول عدة وأن هذه الحدود مصطنعة يجب إزالتها بالقوة والعمل على ( تحرير وتوحيد كردستان) مما حفز الشباب والشابات الكرد للألتحاق بالثورة وقدموا آيات الشجاعة والبطولة في الجبال وسجون الدولة التركية فكانت نتيجة هذا العمل الثوري تفريغ وتشريد أربع آلاف قرية كردية وترحيلهم الى ميتروبولات أسطنبول وأستشهاد أكثر من ثلاثين ألف مقاتل من خيرة أبناء شعبنا ولكن السؤال الذي يفرض نفسه وبقوة لماذا جرى هذا التحول في فكر ومنهج حزب العمال الكردستاني وتخليه عن فكرة الدولة القومية لصالح الأمة الديمقراطية وهنا لا بد أن نلاحظ التحول الكبيرمع بداية العام 2003 حيث أجريت تحولات كبيرة كانت مقدمة لظهور فكرة أو مشروع الأمة الديمقراطية فمعظم فروع العمال الكرستاني قد ألغت اللاحقة الكردية والكردستانية لمنظومته الحزبية في الأجزاء الأربعة من كردستان ليشمل حتى الحزب الأم والشروع في عملية السلام مع تركيا لاحقاً حيث تخلى السيد أوجلان عن فكرة القومية لصالح دولة المواطنة والعدالة والسلام مما لاقى أفكاره أستحساناً لدى الدول الأقليمية التي تغتصب كردستان أضف الى ذلك خلق هذا التحول ارتياحاً لدى المجتمع الدولي .

.

وبالعودة الى الأمة الديمقراطية والتي تشبه في مفهومها الى حد كبير الى مفهومي الأممية الشيوعية والأمة الأسلامية والتي أختبرها الكرد ولم يلقوا منها سوى الظلم والتهميش والنكران لحقوقهم وأن دعوة السيد أوجلان بأمكانية تطبيق نظريته في كامل الشرق الأوسط مجانبة للواقع والمنطق فكيف سيطبق هذه النظرية في منطقة تعج بالصراعات الأثنية والعرقية والمذهبية وترفض التشاركية في الحياة الأجتماعية والسياسية أضف الى أن الثقافة الرعوية والقبلية ما زالت سائدة في هذه البقعة الجغرافية فالأسقاطات الفلسفية الحرفية على أرض الواقع لم يكتب لها النجاح والديمومة على مر التاريخ والتجربة الماركسية مع وليدتها الأتحاد السوفياتي خير مثال على ذلك, فالسيد أوجلان في معرض حديثه عن السبيل الأخلاقي والسياسي الصائب للتخلص من الرأسمالية هو أنشاء الأمم الديمقراطية بديلاً عن الدولة القومية الجوفاء ليستشهد بمثال لا يتوافق مع طبيعة مشروعه الشرق الأوسطي حيث يقول بأن دول الأتحاد الأوربي تسير بشكل جزئي الى تطبيق مفاهيم الأمة الديمقراطية فأروبا التي تعيش الرأسمالية تسير بشكل نسبي نحو مشروعه فكيف لمجتمع كردي لم يعرف ويعيش العلاقات الرأسمالية بعد سوف يطبق عليه مشروعه,أن لجوء السيد أوجلان الى فلسفة حرق المراحل بذريعة أن الدولة القومية قائمة على أساس الأنكار والأمحاء هو تهرب من شعاره التأسيسي لحزب العمال الكردستاني في نشأتها وتأسيسها وذر الرماد في عيون أنصاره الذين قدموا الغالي والنفيس من أجل كردستان دولة الكرد القومية فالمشروع القومي الكردي لم ينجز بعد وأشباع الحالة القومية لدى الكرد يفرضها الضرورات التاريخية لحركات التحرر الوطني, فالمنجز القومي لا بد أن تتحقق في السياقات التاريخية لكل الشعوب المضطهدة وشعبنا الكردي جزء من هذه الشعوب الطامحة للتحرر ليأتي بعدها ما يأتي, وبنظرة سريعة الى الوليد البكر في روج آفا كردستان وتجربة الأدارة الذاتية المستوحاة من نظرية الأمة الديمقراطية نرى البون شاسع بين النظرية والتطبيق فالمركزية المطلقة سيدة الأدارة الذاتية وعدم قبول الآخر المختلف باتت السمة البارزة لهذا النموذج الوليد من الأمة الديمقرراطية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إدريس خلو 20-12-2015

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك