” البارتي ” يستعد للمواجهة

آراء وقضايا 04 أبريل 2014 0
+ = -

بعد إستحالة التفاهم مع حزب الإتحاد الديمقراطي ( ب ي د ) على التشاركية في إدارة روج آفا ( المناطق الكوردستانية في سوريا ) . وبعد جولات وصولات من الحوارات الجمعية والمنفردة, جهاراً و وراء ستائر في هولير و قامشلو بالإسناد من الحوارات بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني برئاسة السيد مسعود البرزاني والحزب العمال الكوردستاني بإدارة جميل بايق و مراد قره إيلان, فلم يسفر عن أية تفاهمات ثنائية. وبعد إتفاقات مبرمة بين المجلسين ( المجلس الوطني الكوردي و مجلس غربي كوردستان ) من هولير1 وهولير2 وتشكيل الهيئة الكوردية العليا بائت بالفشل على الأرض, أصرالحزب الديمقراطي الكوردستاني وبأمر من السيد مسعود البرزاني على تشكيل قوة تفوق قوة حزب الإتحاد الديمقراطي من تشكيلاته المسلحة ( أسايش و وحدات حماية الشعب ) للمواجهة إن اقتضى الأمر لذلك. إلا أن حزب الإتحاد الديمقراطي بمساندة الحزب العمال الكوردستاني يرفض رفضاً قاطعا وجود أية قوة مسلحة على الأرض عدا عن قواته المشكلة من ( YPG و قوات الأسايش ), وفي حال محاولة أي حزب آخر تشكيل قوة مسلحة سيواجه قتالاً عنيفاً وسيعتبرها جزءً من قوات أعداء الشعب ( حسب تصريحات قيادات PYD و YPG ).

في هذه الأجواء الإستثنائية من الحياة السياسية والأمنية التي تسيطر عليها حزب الإتحاد الديمقراطي بقواته المسلحة, وفرض إرادته وأجنداته على مناطق غرب كوردستان, مع السير قدماً في تنفيذ مشاريعه كحكومة ” أمر واقع ” وبأجندات تشوبها الكثير من الغموض التي تصب في خانة الشكوك لدى المجتمع الكوردي جراء تهميش ورفض أية قوة أو جزب آخر وبالقوة على النشاط وفقاً لمى يراه مناسباً ومشرعاً كما يرى حزب الإتحاد الديمقراطي لنفسه. يبقى الشيء الوحيد أمام الأحزاب الأخرى, إما الإستسلام لإرادة PYD أو العمل السياسي بشكل معارض وبسلمية, أو الدخول في صراع مسلح, وإعادة تجربة كوردستان العراق في النصف الثاني من التسعينيات من القرن الماضي ( الصراع الدامي بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني والإتحاد الوطني الكوردستاني ) حيث تخطى الصراع كل الأخلاقيات الثورية والقومية والوطنية عندما استنجد حينذاك ب د ك بقوات النظام العراقي لتصفية أشقائه, ليفتح أبواب التدخلات الإقليمية في الشأن الكوردي مرة أخرى….

أتذكر تلك الأيام بمرارة,والألم يعتصر قلبي, حيث سمي ذلك الصراع المسلح من قبل الشرفاء والمثقفين من الكورد ب( قتل الذات او بالكوردي ـ xwekuji ) الذي أودى بقتل الآلاف بين الطرفين. أرجو أن لا نرى ذلك في روج آفا, إلا أن المشهد يتجه بذلك الإتجاه مع الأسف و الأسف الشديد.

ومنذ أكثر من عام وبعد تشكيل الإتحاد السياسي من أربعة أحزاب بمبادرة من السيد مسعود البرزاني, وذلك ليستعرض قواته أمام تعنت PYD واستفراده في التمسك على الأرض وفرض شروطه التعجيزية, وبعد الحوار الثنائي بين الطرفين في الصيف المنصرم طوال أكثر من شهر لم يثمر عن أي إتفاق, قرر السيد مسعود البرزاني توحيد الأحزاب الأربعة في وحدة إندماجية تحت إسم ( الحزب الديمقراطي الكوردستاني ـ سوريا ) كفرع له لمواجهة حزب الإتحاد الديمقراطي المحسوب على حزب العمال الكوردستاني ( مواجهةً القوة بالقوة ). حيث اليوم سيعلن هذه الوحدة الإندماجية في جوٍ مشحون بالتوتر والإنكماش لدى الشارع الكوردي.

أعتقد جازماً بأننا سنواجه مرحلة جديدة من مراحل الصراع الكوردي الكوردي, والتي ستكون مرحلة العسكرة مادام الحزب الديمقراطي الكوردستاني رفض استفراد PYD في إدارة غربي كوردستان وإعلان كانتوناته الثلاثة كحكومات ” أمر واقع ” رفضاً قاطعاً, وسيلجأ إلى كافة السبل بما فيها استعمال القوة المسلحة لمواجهة إستفراد PYD ورفضه كقوة أمر الواقع. وهنا يكمن الخطر الذي سيلحق بنا ضرراً جسيماً, حيث هناك الآلاف ينتظرون هذا المشهد لتصفية ” حساباتهم ” من جهة, و هناك من يريدالإنتقام من دكتاتورية وأخطاء PYD سياسياً وأمنياً من جهة أخرى. ” عندما يُفْتَحُ بازار التسليح تفقد البوصلة إتجاهها ” . أعتقد أن الرسالة واضحة جداً.
هناك من يعتقد بأن وجود قوة موازية لقوات PYD ستجبر حزب الإتحاد الديمقراطي بقبول الآخر, وقبول الشراكة الندية لإدارة المناطق الكوردستانية الثلاث ( جزيرة, كوباني, عفرين ). أعتقد أن هؤلاء يصدقون من اجترار لعابهم التي تحلو لهم أن تكون شيء من ” الحلوى ” ,ستنقلب عليهم فيما بعد إلى علقم مميت. لأن حزب الإتحاد الديمقراطي بني على استراتيجية وفكر حزب العمال الكوردستاني الذي يرفض في حقيقته أية قوة أخرى على الأرض, وسيناهض باستماتة بناء قوة أخرى, وله تجارب غنية في هذا المجال, بداية من كوردستان الشمالية ( تركيا ) ومروراً بالأجزاء الأخرى التي يسعى بشكل مستمر إلى السيطرة عليها وبأي شكل من الأشكال حتى وإن اضطر إلى التعاون مع الشيطان تكتيكياً لإمرار مخططاته, كما الآن في سوريا. والخوف كل الخوف أن يستقوي الطرف الآخر بقوى “لاتطلب إلا الموت للكورد ” من أجل كسر شوكة خصمه الكوردي ودحره نحو الموت, لنغرق جميعاً في بحر من الدماء, ” لأننا لانرحم ولا نشفق على بعضنا “.

أنا لا أزيد أن أداكن المشهد أكثر شحباً بسحابات عاتمة, لكنني أقرأ الواقع من موقع المسؤولية الأخلاقية أولاً, والحرص على أمن وسلامة شعبي الذي يعاني منذ عقود طِوالْ من الظلم والقهر والموت البطيء, وسيواجه أخطاراً بشكل آخر من إخوتهم في المرحلة اللاحقة فهذا أصعب وأمَرْ .

اليوم, سنتحول إلى مرحلة جديدة من مراحل الصراع الكوردي الكوردي. والمطلوب, مننا كلنا وبدون إستثناء التحلي بالمسؤولية ورفع من مستوانا الأخلاقية التي ستكون صمام أمان بين إخوتنا الذين اختاروا الصراع بملء إرادتهم, أو بالفرض عليهم من ” الآخرين ” . يجب أن يكون لنا كلمة وبكل جرأة. علينا أن نستعمل الكلمة كقوة رادعة لكل الأخطاء والمخاطر التي ستلحق بنا أضراراً, في وقت نحن بأمس الحاجة إلى التفاهم على المستحيل, والأعداء تنتظر منا إرتكاب حماقات حزبية لترمي بنا إلى منزلقات الموت.
أحمــــد قاســـم
4\4\2014

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك