التاسع من نيسان، سقوط هو ام انتصار؟

آراء وقضايا 09 أبريل 2019 0
التاسع من نيسان، سقوط هو ام انتصار؟
+ = -

كوردستريت|| مقالات

.

حسين نعمة الكرعاوي

.

عندما كنت في الدراسة الأبتدائية، كنت أرى رهبة الخوف داخل زملائي، من تمزيق صورة، تقع في بداية كل كتاب منهجي، لرجل كان يتزعم نظام الحكم انذاك، ناهيك عن الخوف الذي يتوسط حديث كل شخصين، حين يمر اسمه، خشية استماع الجدران لذلك الحديث، فأن لها اذان طاغية، تسمى برجال البعث، وحين كنت اطرح الأسئلة عن اسباب ذلك الخوف، الذي يتجول في الازقة والاحياء، داخل منزلي الذي كان لا يتعدى الاربع امتارا وأربع جدران، كانت أمي تتعمد وضع اللثام على فمي، من قبل أن احاول الحديث حتى، لابقى ساهرا، بأنتظار عودة والدي، ليروي قصة يومه العسكري بامتياز، كنت لا أرى شيئا من الأحلام، يناغم مخيلة الكبار قبل الصغار في مجتمعي، هل يا ترى كنت صغيرا على الإدراك، ام ان قلة الوعي هي من تجعل تلك الأفكار تجول في رأسي.

.

هل هو سقوط!

سؤال يدور في اذهان جميع العراقيين في ذلك المساء، والاجابة تتباين، كتباين الافكار بين أن تكون مواليا للحكم انذاك او العكس، ولكنها بسيطة في الطرح، وعميقة في المغزى، نعم يا سادة، انه سقوط بكل ما تحمله الكلمة من معنى، هو سقوط لحقبة اغلاق الفم وعدم القدرة في التعبير عن الرأي، هو سقوط لذلك الجدار الذي كنا نسير بجانبه، خوفا من تقرير ينتهي بنا الى تعذيب ان لم تكن النهاية أعدام، هو سقوط لكل معاني الذل ومصطلحات الظلم، وفلسفة الاضطهاد، هو نهاية لحكاية الالف قيد وقيد، بين شهرزاد الشعب الذي يتلو كل ليلة رواية مختلفة عن الاخرى، لارضاء شهريار الحكم، قبل ان يكون المصير مقصلة، تفنى عندها جميع الاحلام، ولكن التباين يكمن في خوف الشعب، من سيناريوهات لم يعتد عليها، لانه لم يكن يرى لاكثر من ثلاثين عاما، سوى سياسة التهميش وضيق العيش، ومصير الزوال، في زمن ذهبت الارواح هباءً منثورا، لارضاء مزاج القائد الاوحد، في حروب ما زلنا ندفع ضريبتها لغاية اليوم، فالسقوط كان يحتاج لنهضة ونهوض، كي لا نعيد انفسنا، في دائرة الدكتاتورية، التي لا تفقه لغير استعباد الشعب لغة، وان فقهت، فستكتفي بان يكون المواطن خادما ومواليا لمن يتصدى لسدة الحكم، وان كان ظالما او جاء بخلاف ارادته.

.

هل هو انتصار!

بعد رحلة دامت عشرات السنوات، اعتاد الشعب على نهج وحكم وشخص واحد، لدرجة انه لم يتقبل الانتقالة الفعلية الحاصلة بعد عام 2003، ليبقى اسيرا لها، ولا ينسجم مع معنى الديمقراطية في الحكم، وحقوق الانسان في المجتمع، ناهيك عن الحصار الاقتصادي والحياتي الذي كان يعيش الشعب انذاك، فالانفتاح والتطور ووجود النظام البرلماني، لم يغير من مزاجية الفرد العراقي، لانه كان مؤمنا ومبصرا لمبدأ التعاطي مع الحكم الجمهوري فقط، وكانت الاذهان صعبة المراس في الانسجام مع النظام الجديد والتعامل معه بجدية، حتى بات الجميع ينعى ما فاته، ولا يفكر بالقادم، وما يحمل من تغييرا في ملامحه، ولكن ان عدنا لذلك الصغير، الذي كانت تجول في افكاره الكثير من الاسئلة، لوجدناه قد نفض الغبار عنها، مع انطواء تلك الحقبة، فلا صورة يخاف تمزيقها، ولا حوارا يخشى خوضه، ولا حائطا يمشي بجانبه، خوفا من كلمات تخط على الورق، فتنهي مسيرة حياته.

.

الديمقراطية لم تجلب لنا شيئا!

كلمات تعتلي لسان اي شخص تحدثه عن الوضع الحالي مقارنة بسابقه، لتتحير انت بادارة هكذا حوار، قائم على الادراك الغائب لغالبية المجتمع العراقي، فلا وضع القيود نعيما، ولا ازالتها جحيما، ولكن الفكرة تكمن في مدى استيعاب النهج قبل وضع المنهج، واستيعاب النظام قبل ان نكون شركاء فيه، فالعملية الديمقراطية بطيئة النمو، ولكن اساساتها ثابتة، وكما احتاجت باقي الدول كبريطانيا والولايات المتحدة لمئات السنين لاستيعاب النظام وإنضاجه لدرجة يسهل التعاطي معها، نحتاج ايضا لرحلات عديدة، قد يطول امدها، او يقصر، فالأمر يقترن بمدى ارادة الشعب اولا، وامكانية الاقطاب السياسية المتصدية للحكم ثانيا، ولكن ما لا يختلف عليه اثنان، ان السجين لا ينعم بقضبان السجن، ولا بد له ان يعتاد على الحرية، التي لا يقبل بغيرها حتى العصافير في ذلك القفص.

الخلاصة!

.

اذا فقدنا النظام، فنحن نتجه الى اللاشرعية، وهذه بدورها ستقودنا الى اللادولة، واذا اختتمنا المسيرة بهذه الشاكلة، سوف لن يكون هناك شعب ولا حكم، يمضي بالعراق نحو ضفة تليق بماضيه التأريخي، وحاضره الديمقراطي، ومستقبله الذي يترقب الكثير اشراقته، والاهم من ذلك، في ان النظام يكتسب شرعيته من الشعب، والدولة يقودها ممثلي الشعب، الذين ان قاموا وان قعدوا، يجب ان يدركوا مسؤولية تحقيق مطالب الشعب وارضائه، وكل الامور مرتبطة، بمدى استيعاب النظام من مشرعيه، وقيادته من متصديه، والتخلص من المتصيدين به، والمستغلين له في سبيل تحقيق مطامع شخصية، لا تليق بمطامح ابناء هذا الوطن.

آخر التحديثات
  • تابعونا على الفيسبوك

  • أتبعني على تويتر