التقرير السياسي لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)

بيانات سياسية 03 يوليو 2014 0
+ = -

في ظلّ الصمت الدولي المطبق حيال الحرب الهمجية الدائرة في سوريا، ونتيجة فشل المساعي الدولية في إيجاد حلٍّ سياسي لهذه المأساة التي أنهكتْ الشعبَ السوري ودمرت اقتصاده وشردت الملايين من أبنائه عن ديارهم،لا يزال النظام يدكُّ المدن والبلدات السورية الآهلة بالسكان بشتى صنوف الأسلحة الحربية ويمطرها بالبراميل المتفجرة دون أي رادع، التي كان آخرها ارتكاب مجزرة بشعة في بلدة سلقين بريف إدلب، راح ضحيتها ما يقارب الأربعين مواطناً معظمهم من النساء والشيوخ والأطفال، انتشلت جثثهم من تحت الأنقاض في مشاهدَ مروّعة تندى لها جبين الإنسانية!…

   بسبب استدامة هذا الصراع وسهولة الوصول إلى أراضيها عبر حدودها الطويلة مع دول الجوار غير الخاضعة إلى الضبط والرقابة، توافدَ آلافُ الجهاديين التكفيريين من مختلف دول العالم للجهاد في سوريا بهدف بناء إمارة إسلامية فيها بدعمٍ وتمويل من جهاتٍ إقليمية ودولية مختلفة وبأجنداتٍ وأهدافٍ خاصة بمرسليها، تتجهُ سوريا اليوم نحو الدولة الفاشلة، وباتت مصدراً للقلق والتوتر في المنطقة، تهدد الأمن والسلام الإقليمي والدولي، وها هي شرارات نيرانها تجتاز الحدود الدولية لتصل إلى العراق، حيث كان السقوط المفاجئ لمدينة الموصل في سهل نينوى يوم التاسع من شهر حزيران بأيدي مسلحي تنظيم داعش الإرهابي إلى جانب العديد من الفصائل المسلحة التابعة للعشائر العربية السنية وبقايا نظام البعث الصدامي السابق.

   لاشكَّ في  أن الوضع العراقي الناشئ وعمليات العنف المتصاعدة فيه منذ أوائل حزيران الجاري لَهُوَ من تداعياتِ وإفرازات الأزمة السورية المزمنة المنسية التي عجزَ المجتمع الدولي المنقسم على نفسه نتيجة خلافاته على المصالح ومناطق النفوذ عن إيجاد حلٍّ سياسي لها يوقف آلة القتل وسفك دماء السوريين وحالة الفوضى والفلتان الأمني التي تزيدُ الأوضاع سوءاً، وتهددُ أمن وسلامة المنطقة برمّتها ما لم تتعامل الدول الكبرى التي تتحكم بالقرار السياسي بجديةٍ ومسؤولية مع هذه القضية المرشحة للمزيد من التشابك والتعقيد، وقد تتسببُ في ويلاتٍ وكوارث إنسانية على مستوى المنطقة والعالم.
   كما كان التعامل الفوقي ومنطق الاستعلاء والفردية في اتخاذ القرارات المصيرية من جانب رئيس الوزراء العراقي مع القوى السياسية العراقية من أبناء الطائفة السنية، وارتضائه لنفسه بأن يتلقى تعليماته وأوامره من إيران المتهالكة خلف مشروعها القومي في المنطقة وليس من مقتضيات مصلحة الشعب العراقي، وعدم استجابته لمطالب المتظاهرين السلميين والحركات الاحتجاجية التي عمت مختلف المحافظات السنية المطالبة بالعدل والإنصاف، واعتماده الخيار الأمني العسكري مع الأزمة تيمناً بنظيره النظام السوري الذي أغرق البلاد في بحر من الدماء، وعدم تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي بشأن المناطق الكردية خارج إدارة حكومة اقليم كردستان، مما خلقَ بيئة ملائمة لتنامي دور القوى المتطرفة التي ترفع شعارَ الإسلام ظاهراً وتمارسُ القتلَ وتمتهن الإجرام على أرض الواقع، ووفّرَ الأرضية المناسبة كي تدخلَ قوى التكفير والظلام من أمثال تنظيم داعش وغيرها من الفصائل المسلحة إلى مناطقها تحت غطاء محاربة قوات  المالكي، وتتسبب بالتالي في خلق حالة من الفوضى والتسيب الأمني الذي أدى هجرة ونزوح مئات ألوف العراقيين من ديارهم واللجوء إلى اقليم كردستان العراق بحثاً عن الأمن والأمان.
   إن لامبالاة المجتمع الدولي ومؤسساته من جهة، وتشتت قوى المعارضة الوطنية السورية وتعثرها حتى الآن في توحيد خطابها وصفوفها سياسياً وعسكرياً وما يخلِّفه المال السياسي الذي يُغدَق عليها بسخاء من تأثيرات سلبية على أدائها واستقلالية قرارها السياسي، تزيد من شدة الخناقِ على رقاب الشعب السوري وتزيد من آلامه وتطيلُ من أمَد محنته وسفك دم أبنائه، وإن الواجب الوطني والأخلاقي يفرضان أن تبادرَ هذه القوى التي تُعقَد عليها الآمال في التغيير المنشود البحثَ دون ترددٍ عن المشتركات الوطنية، والتخلي عن مصالحها الحزبية التي تصغر أمام عظمة وهول القضية السورية-المأساة، والعمل على بناء إطار وطني شامل جامع يضم جميعَ المكونات والقوى الوطنية السورية دون تهميش، ومناقشة مختلف القضايا بوضوح وشفافية انطلاقاً من أرضية المصلحة الوطنية السورية ووضع رؤية واضحة لملامح سوريا الغد، سوريا الديمقراطية البرلمانية التعددية اللامركزية التي يتمتع فيها شعبنا الكردي بحقوقه القومية المشروعة، وتضمن احترام حقوق كافة المكونات العرقية والإثنية والمذهبية دون تمييز، والدعوة إلى حلٍّ سياسي لقضية الشعب السوري بما يحقق طموحاته في الحرية والكرامة، ويجنِّبُ البلادَ المزيدَ من المهالكِ والويلات.
    أما على الصعيد القومي الكردي، لا تزال العلاقات بين المجلسين الكرديين(الوطني الكردي والشعب في غرب كردستان) في حالة من الركود والفتور وشبه القطيعة، وإن الهجمات التي تتعرض لها المناطق الكردية من جانب تنظيم داعش الإرهابي المدعوم من القوى المعادية لطموحات شعبنا عبر عمليات انتحارية وسيارات مفخخة كانت آخرها التفجير الذي حصل في بلدة تربة سبي الذي أودى بحياة 14 مواطناً من الكرد والعرب، واعتقال (148) طالباً كردياً من كوباني من قبل تنظيم (داعش) الإرهابي عند مدينة منبج أثناء عودتهم من حلب بعد انتهاء امتحاناتهم وهؤلاء ذهبوا إلى حلب لتقديم امتحانات الشهادة التعليم الاساسي نتيجة رفض مديرية التربية بحلب إجراء الامتحانات في مدينتهم كوباني، تستهدف في جوهرها النيلَ من الاستقرار النسبي الذي تنعم بها المناطق الكردية وحالة السلم الأهلي التي يجب علينا جميعاً حمايتها وتعزيزها، مما يستدعي من جميع الأطراف بذلَ الجهود الممكنة من أجل إعادة الحياة إلى العمل الكردي المشترك بينهما خدمة لقضية شعبنا الذي يعاني ما يعانيه من الوضع المعيشي المزري في مناطقه المحاصرة من كافة الجهات، والاستنجاد بالمنظمات الإنسانية الدولية للتدخل بغية وقف النزيف البشري المتمثل بالهجرة إلى خارج الوطن، هذه الهجرة القسرية التي أحدث تغييراً ديموغرافياً عميقاً في مناطقه،  والتي عجزَ النظام عبر عقود من الظلم والاضطهاد ومسلسلات المشاريع العنصرية من بلوغه، وفتح معبر سيمالكا الحدودي بين إقليم كردستان العراق وسوريا بغية استمرار التواصل بين أبناء شعبنا الكردي المهجَّر وأهلهم الباقين على أرض الوطن، والعمل معاً على تذليل الصعوبات والعراقيل التي تعترض عملية توحيد الصفوف على أرضية المصلحة العليا لشعبنا التي يفترض بها أن تكون في مقدمة سلم الأولويات. وتجدر الإشارة إلى أن التضامن الكردي من جميع الأطراف والقوى الكردستانية مع قيادة إقليم كردستان العراق وبيشمركته في القتال الذي جرى ولا يزال يجري على تخوم الإقليم، ومحاولات قوى التكفير على اجتياح أراضي كردستان العراق وتهديد تجربته الديمقراطية، وسقوط عشرات الشهداء من البيشمركة  دفاعاً عن شعبهم وأرضهم ومقدساتهم، كانت موضع تثمين وارتياح ٍعميقين لدى عموم أبناء شعبنا، ومن الأهمية بمكان العمل على تعزيز وتطوير هذه المواقف النضالية بين الأحزاب الكردستانية لترتقي إلى مستوياتٍ أرفع من التنسيق خدمة للهدف القومي المشترك المتمثل بحق شعبنا الكردي في الحرية أسوة بكل شعوب العالم وصيانة كرامته القومية والوطنية.   
30/06/2014
 اللجنة السياسية

  لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك