التوريط المجاني (الكردي)

آراء وقضايا 09 أكتوبر 2021 0
التوريط المجاني (الكردي)
+ = -

كوردستريت || آراء وقضايا 

بقلم مروان سليمان 

الإفتقار إلى الرؤية السياسية الجامعة و الهدف الذي يجمع أبناء المجتمعالكردي يعتبر في الحقيقة أحد أهم الأسباب التي خلقت الأزمة الوطنيةالكردية و أدت إلى تصدع القضية و الأهداف التي تجمع الكرد في جميعأماكن تواجدهم و كما هو معلوم بأن الحركة الوطنية الكردية إنطلقت بعدتشكل الدول و الأنظمة أي أنها نشأت تحت سلطات الإحتلالات و كان الهدفهو تحرير كردستان و استمر لفترة قصيرة حتى بدأ التحول نحو برنامجمرحلي كإستجابة لمتطلبات المرحلة و التماثل للواقع الذي يعيشه الكرد بينأربع احتلالات و يمكن أن يكون نتيجة تطور الفكر السياسي في ذلك الوقتأو إستجابة لتطورات العملية الوطنية للقضية الكردية في الصراع بين الدولالقائمة و بناء على هذا، يجب عدم الافتراض أن حال الكرد وحركتهم الوطنيةكانت ستكون أفضل لو جرت إدارتها على نحو أفضل، ذلك بأن الشعبالكردي ووفقاً لإمكاناته الذاتية ليس لديهم القدرة بمفردهم على هزيمةأعدائهم، بمعنى الكلمة، ولا على دحرهم، لأن ذلك سيحتاج إلى عوامل دوليةو أقليمية بالإضافة إلى التوافق الكردي الكردي أيضاً، لكنهم بإمكانهموحدهم، وبامتلاكهم إدارة وبُنى ورؤى ملائمة، من أجل كسب الصراعبالنقاط. وعليه، فإن الكرد مع قيادة أكفئ ومسؤولة، كانت ستكون أحوالهمأفضل من النواحي التالية: التقليل من التكاليف والتضحيات المقدمة فيالعملية النضالية، والتي كانت باهظة جداً، ومن دون أي توازن ولو نسبيللإمكانات المتاحة،؛ و الأمر الآخر إمكان توفُّر بُنى  سياسية واجتماعيةواقتصادية وثقافية، في مختلف أماكن وجود الشعب الكردي، وذلك قياساًبحال التفكك والتدهور والتهميش للكرد و ظروفهم على جميع الأصعدة ؛والحفاظ على المكانة السياسية والأخلاقية للقضية الكردية العادلة والمشروعة. وهنا يمكن الحديث عن غفوة، أو عدم إدراك الحركة الوطنية الكردية لركيزتينفي العملية الوطنية النضالية: ا الركيزة لأولى، مواجهة الأعداء وسياساتهمالاستيطانية والعنصرية، والركيزة الثانية بناء المجتمع الكردي، وتنمية موارده وتعزيز حركتهم وترسيخ العوامل التي تساهم في صمودهم في أرضهم.

أن الحركة الوطنية الكردية تم استدراجها مبكراً إلى منزلق تجزئة قضيتها،وبالتالي تجزئة رؤيتها حول الحل العادل للقضية الكردية، بحيث باتت الأنظمةالغاصبة لكردستان شديدة العنصرية تجاه كل ما هو كردي في كل مكان وتتبع أساليب عدوانية و عدائية تجاهممم و بقيت هذه الأنظمة تتعامل معالشعب الكردي كعدو وفقاً لاستراتيجية واحدة قائمة على الإحتلال واقتلاعالشعب الكردي من جذوره وعمليات الاستيطان التي جرت على أرضه و لازالت مستمرة ومرتكزة على سياسات ونظم قانونية متعددة، من أجل تجزئةالكرد وتفكيك قضيتهم وتذويب حقوقهم. وظلت الأنظمة أيضاً تتعامل معالشعب الكردي كوحدة متكاملة، و تعتبر هذه الأرض أراضي قومية تتبع لهم،في حين انطلى ذلك على الحركة الوطنية الكردية التي باتت تنفذ وفقاً لمايطلب منها، تبعاً لأوهامها بإمكان تحقيق حق المواطنة . ونجم عن ذلك أنالحركة الوطنية الكردية استبعدت الشعب عن معادلاتها، على صعيد الرؤىوالأحزاب. 

ضرورة الخروج من الانحصار في الخيار الجزئي فيما يتعلق بالأرضوالشعب والحقوق، أو في خيار فكرة التحرير التقليدية التي تقوم على حصرالصراع في الأرض فقط  كما في قنديل، وعلى تخيّل امتلاك القوة، وتوفرالمعطيات الذاتية و الأقليمية والدولية المواتية لإستعادة الحقوق المشروعة كلها، وهذا بالمناسبة تخيّل مشروع، لكن مشكلته أنه ليس واقعياً ولا عقلانياًبعد جميع التجارب التي مرت، وعلى ضوء ظروفنا والظروف المحيطة بنا، فإنالبديل  يتمثل في إدخال تعديلات على فكرة النضال و الكفاح المسلح، بمايفيد استعادة التطابق بين شعبنا وأرضه وقضيته، ومراجعة الوسائلوأشكال العمل والخطابات التي سادت طوال العقود الماضية و لا تزال،وتطوير معانيها بحيث لا تقتصر على الكفاح المسلح على الأرض، بل تشملأيضاً، تحرير الكرد من علاقات المستعمرين والعنصرييين والهيمنة  والتبعية، وإضفاء قيم الحقيقة والعدالة والحرية والمساواة والمواطنةالديمقراطية عليها. وهذا كله يتطلب التأسيس على نقطة مركزية تنبع منوحدة الأرض والشعب والقضية، مع خصوصية كل وضع، وتكون منطلقاًللرؤية السياسية الكلية، وللكيان السياسي ككل. ميزة تلك الفكرة أنها، أولاً،تفتح المجال أمام حركتنا الوطنية للاستثمار في التناقضات للأنظمة الغاصبةلكردستان تفضي إلى تحقيق مصلحة شعبنا، وهو ما يتطلب توفر معطياتذاتية ودولية لمصلحة شعبنا. إلّا إن من الصعب بصورة عامة، تصور منجزاتكردية ، بعد التطورات والمتغيرات التي حدثت في المنطقة و العالم ككل، لكنلا يجوز بأي حال من الأحوال الإبقاء لعقود على واقع الانحصار بخيار واحد،أو الامتناع من تصور إمكان نشوء تحولات تفضي إلى بروز القضية الكرديةكقضية أرض و شعب يجب حلها عالمياً مع إزالة الأضرار التي لحقت بالشعب الكردي و تعويضه.

من مفارقات الحركة الوطنية الكردية أنها انطلقت على أساس استعادةالقضية من الأنظمة الغاصبة، إلّا إنها عادت واستندت إلى تلك الأنظمة فيكفاحها المسلح، وذلك بحسب فرضيتها عن طريق تحقيق الأهداف بالتوريطالعقلاني. وبالنتيجة، فإن تلك الحركة هي التي تورطت في الصراعات كمافي المنطقة الكردية في سوريا و في كردستان العراق و حتى في كردستانايران، ها هي تلك الحركة وصلت إلىالتورطالمجاني واللاواعي فيتحقيق مصالح الأعداء، بدلاً منالتورطالواعي في مصارعتها مع الأعداء،والذي نمّ عن سذاجة ورغبوية في التفكير السياسي، إلى حد اعتقادأصحاب تلك الفكرة أنهم أوصياء عليها التي هي أصلاً تهمش مجتمعاتهاوتعزلها عن المشاركة السياسية. والأساس هنا الخلط في الفكر السياسيالكردي بين مستويين في الصراع ضد الأنظمة الغاصبة، كون الشعبالكردي مستهدف في وجوده و حقوقه  

باختصار، نحن إزاء صراع صعب ومعقد ومركب، ومتداخل مع الأوضاعالإقليمية والدولية، وعلينا ملاحظة ذلك، سواء في سعينا لإيجاد حلولللأسباب الأساسية المولدة للأزمات الوطنية الكردية، بمختلف تجلياتها، أوفي سعينا لإعادة بناء العمل الوطني الكردي، على صعيد الرؤى والأحزابوأشكال العمل والعلاقات.

مروان سليمان

السلك التربوي- المانيا

09.10.2021

آخر التحديثات
  • تابعونا على الفيسبوك

  • أتبعني على تويتر