
كوردستريت|| #وكالات
روالبندي – أعلن الجيش الباكستاني، السبت، أن ثلاثاً من قواعده الجوية تعرّضت لهجوم صاروخي شنّته الهند، من بينها قاعدة قريبة من العاصمة إسلام آباد، وعلى مقربة من مقر القيادة العسكرية.
وقال المتحدث باسم الجيش، اللواء أحمد شريف شودري، في تصريح متلفز عبر القناة الرسمية: “الهند نفذت عدواناً صارخاً، واستهدفت بصواريخها قواعد نور خان ومريد وشوركوت”، مضيفاً بلهجة تحذيرية: “الرد قادم، وعليهم أن ينتظروا”.
وتقع قاعدة نور خان الجوية في مدينة روالبندي، حيث مقر قيادة الجيش، على بُعد حوالي 10 كيلومترات من إسلام آباد.
وجاء هذا التصعيد العسكري وسط تبادل متواصل للاتهامات بين الهند وباكستان بشأن اشتباكات حدودية دامية استمرت لثلاثة أيام وأسفرت عن مقتل نحو 50 مدنياً من الجانبين.
وفي تطور موازٍ، أفادت السلطات الهندية بتعرض مناطق في كشمير والبنجاب، شمال غربي البلاد، لهجمات بطائرات مسيّرة باكستانية لليلة الثانية على التوالي.
وكتب عمر عبد الله، رئيس حكومة الشطر الهندي من كشمير، عبر حسابه على منصة “إكس”، أنه سمع “انفجارات متقطعة” في مدينة جامو، مضيفاً أن المدينة تغرق في ظلام دامس.
وجاءت هذه التطورات بعد ضربات جوية شنتها الهند، الأربعاء، داخل الأراضي الباكستانية، في رد على هجوم دامٍ وقع في 22 أبريل في كشمير، وأودى بحياة 26 شخصاً في مدينة باهالغام. واتهمت نيودلهي جماعة مدعومة من باكستان بتنفيذه، وهي اتهامات تنفيها إسلام آباد بشدة.
وبعد الضربات الهندية، ردت باكستان بهجمات صاروخية، ما أشعل مواجهة هي الأعنف منذ أكثر من 20 عاماً بين الجارتين النوويتين.
وعقد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي اجتماعاً طارئاً مع مستشاره للأمن القومي ووزير الدفاع وكبار قادة الجيش، بينما أعلنت الهند إغلاق 24 مطاراً، وأشارت تقارير محلية إلى أن هذا الإجراء سيستمر حتى الأسبوع المقبل.
خسائر غير معلنة
وشهد الشطر الهندي من كشمير، مساء الخميس، سلسلة انفجارات جديدة، حيث قالت الهند إنها “حيّدت” أنظمة دفاع جوي رداً على هجمات صاروخية وبطائرات مسيّرة باكستانية استهدفت مواقع عسكرية.
وذكرت اللفتنانت كولونيل فيوميكا سينغ أن باكستان “حاولت التوغل باستخدام المسيّرات في 36 موقعاً، عبر 300 إلى 400 طائرة بدون طيار”، في حين أعلن الجيش الباكستاني أنه أسقط 77 طائرة مسيّرة أطلقتها الهند.
وأكدت المسؤولة الهندية وقوع “خسائر وإصابات” في صفوف الطرفين، دون تقديم تفاصيل إضافية. ولا يمكن التحقق من صحة هذه المزاعم بشكل مستقل، نظراً لصعوبة الوصول إلى العديد من مناطق النزاع.
وبينما يستمر تبادل الاتهامات، أعلن الجيش الباكستاني أنه “لن يسعى إلى نزع فتيل التصعيد”، حيث صرح المتحدث شودري: “ما فعلوه بنا لن يمر مرور الكرام. حتى الآن اكتفينا بالدفاع، لكن الرد قادم في الوقت الذي نحدده”.
تحذيرات دولية ومخاوف من حرب شاملة
وصف المتحدث باسم الخارجية الباكستانية، شفقت علي خان، التصرفات الهندية بأنها “غير مسؤولة”، مؤكداً أنها “دَفعت دولتين نوويتين إلى حافة صراع خطير”. وقال إن “الهستيريا الحربية التي تبثها الهند يجب أن تكون مدعاة قلق للمجتمع الدولي”.
في المقابل، رد الدبلوماسي الهندي البارز فيكرام ميسرا بأن “باكستان تمارس تصعيداً متعمداً يستهدف المدنيين والبنية التحتية، إلى جانب المنشآت العسكرية”.
من جانبها، حذّرت مجموعة الأزمات الدولية من أن “الخطاب المتشنج والتصعيد الممنهج بين الطرفين يزيد من احتمالات الانزلاق إلى نزاع واسع”.
في ظل هذا التوتر المتصاعد، يعيش السكان المحليون أوضاعاً مأساوية. وقال محمد لطيف بهات، من مدينة أوري الهندية، لوكالة فرانس برس: “ذهبت إلى السوق أبحث عن عمل، لكن كل شيء مغلق… سأعود خالي الوفاض”.
كما تسببت المعارك بحرمان ملايين الأطفال من الذهاب إلى مدارسهم، في وقت تم تحويل بطولة الكريكت الباكستانية إلى الإمارات عقب سقوط طائرة مسيّرة في ملعب بمدينة روالبندي.
وفي الشأن الاقتصادي، وافق صندوق النقد الدولي، الجمعة، على تقديم دفعة فورية لباكستان بقيمة مليار دولار، إضافة إلى منح الضوء الأخضر لبرنامج جديد بقيمة 1.4 مليار دولار، رغم اعتراض الهند.
حرب إعلامية ومطالب رقابية
المواجهة لم تقتصر على الميدان، بل امتدت إلى الفضاء الإعلامي. فقد طالبت الهند منصة “إكس” بحجب أكثر من 8 آلاف حساب، من بينها حسابات تعود لوسائل إعلام دولية، متهمة إياها بنشر معلومات “مضلّلة”. وعبّرت المنصة عن استيائها، ووصفت الأمر بأنه “حملة رقابة”.
وسبق للهند أن طالبت بحظر حسابات تعود لصحفيين وشخصيات عامة من باكستان.
وفي خضم هذا التوتر، تتوالى الدعوات الدولية للتهدئة، إذ ناشد وزير الخارجية البريطاني نظيره الباكستاني عبر مكالمة هاتفية بضرورة “ضبط النفس”. كما دعا نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس إلى “خفض التصعيد”، مشدداً على أن “الولايات المتحدة لا ترغب بالتورط في حرب لا تعنيها”.
في هذا السياق، قام وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بزيارتين إلى كل من إسلام آباد ونيودلهي، مؤكداً استعداد طهران للوساطة بهدف احتواء الأزمة.
ومع استمرار التصعيد على كافة الجبهات، يبقى شبح الحرب يخيم على المنطقة، وسط قلق دولي متزايد، وسكان يعيشون في حالة ترقّب وخوف من الأسوأ.