الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا يعقد مؤتمره الرابع عشر في القامشلي أواخرتشرين الثاني

آراء وقضايا 17 نوفمبر 2015 0
الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا يعقد مؤتمره الرابع عشر في القامشلي أواخرتشرين الثاني
+ = -

علي شمدين

.
يعتبر الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، امتداداً حقيقياً للحزب الأم الذي تأسس في (14/6/1957)، ويسجل له إنه استطاع على مدى نصف قرن أن يحافظ على هيكله الحزبي وأن يصون وحدته التنظيمية من ظاهرة الانشقاقات إلى حدٍ كبير، ولم يصطدم بأيّة انشقاقات عميقة من شأنها أن تغير مساره التنظيمي أو السياسي، باستثناء المحاولة الانشقاقية التي واجهها الحزب على إثر مؤتمره السابع المنعقد في آيار 1992، هذه الجماعة التي قادها (عزيز داوود وطاهر سفوك)، اللذين انشقا عن بعضهما أيضا إلى ( حزب المساواة الكردي/ عزيز داوود ، والحزب الوطني الكردي / طاهر سفزك)/ وكذلك جماعة سمت نفسها عام 2010 بـ(حركة الإصلاح)، وهذه الانشقاقات لم تكن مؤثرة على التقدمي سياسياً وتنظيمياً.

.
الحقيقة أن صمود الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، وتماسكه كتيار بقيادة الرفيق عبدالحميد درويش في وجه آفة الإنشقاقات طوال عقود، لم يأت من فراغ وإنما يعود إلى امتلاك هذا الحزب للعديد من عناصر القوة التي افتقر إليها التيارات الأخرى التي نخر فيها ظاهرة الانشقاقات إلى درجة كبيرة.

.
ومن بين المزايا التي حصنت الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا ضد الانشقاقات، هو أنه ظل يضم في قيادته- حتى وقت متأخر- نخبة من القيادات المخضرمة من أمثال (حميد درويش، حمزة نويران، رشيد حمو، جكرخوين، تمر مصطفى، ابراهيم صبري، أحمد برزنجي، عزيز داود، طاهر سفوك.. وغيرهم)، وبروز الرفيق عبد الحميد درويش من بينهم كشخصية كاريزمية محورية استقطبت حولها مختلف الهيئات والكوادر الحزبية وشكلت بينها القاسم المشترك الأنسب الأمر الذي وفر عاملاً آخراً لتماسك الحزب.

.
هذا فضلاً عن تميز سياسة الحزب بالكثير من الصراحة والمرونة والوضوح، بعيداً عن الشعارات البراقة والسياسات المزاودة، الأمر الذي دفع برفاق هذا الحزب وكوادره نحو عملية انتخاب طبيعي خلال المنعطفات المصيرية والحملات الشديدة التي استهدفت وجوده، حيث تابع أعضائه نضالهم المرير بين حجرتي الرحى، النظام وممارساته من جهة وطابوره الخامس بين صفوف الحركة من جهة أخرى، وقد صقلتهم تلك المنعطفات حتى أصبحوا بانتمائهم إلى هذا الحزب كالقابضين على جمر من النار الذي لا يتحمله إلاّ المؤمنين بعدالة قضيتهم، وصار الانتساب إلى الحزب يتضمن نوعاً من المغامرة والتحدي، الأمر الذي دفع بالحزب للتركيز على أهمية النوع في اختيار اعضائه دون الاهتمام كثيراُ بالكم، لهذا ولغيره من المزايا التي أعطت ملامح خاصة لهذا الحزب وجعلت منه مدرسة بذاتها على الساحتين القومية والوطنية.

.
لقد أثرت هذه المزايا– بكل تأكيد- على (كم/ عدد) الأعضاء المنتسبين إلى الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، وخاصة في السبعينيات من القرن المنصرم لصالح (الكيف/ النوع)، حيث كانت الشعارات الماركسية والكردستانية في أوجها، وهو الذي لم ينزلق إلى مصيدة الالتزام بالماركسية، كما أنه اختار خصوصية الحركة الكردية في سوريا والعلاقات الكردستانية الأخوية المتوازنة بدلاً من التبعية والذيلية، فاتهم باللاماركسية واللابرزانية، الأمر الذي أثر على شعبيته وجماهيريته حتى مطلع التسعينات، حيث انهار المعسكر الاشتراكي وانتهت معه الحرب الباردة وتلاشت شعاراتها البراقة، وحسمت المنافسة ميدانياً لصالح سياسته الواقعية.

.
انطلق هذا الحزب في صيف 1956، عندما بادر كلاً من (أوصمان صبري ، حميد درويش، حمزة نويران)، إلى تأسيسه كأول تنظيم سياسي كردي في سوريا، باسم (حزب الديمقراطيين الكرد السوريين)، أتفقوا فيما بعد مع مجموعة كرداغ (رشيد حمو، محمد علي خوجة، شوكت حنان، خليل محمد)، على اعتبار يوم (14/6/1957) تاريخاً رسمياً للتأسيس، وتم تغيير اسمه إلى (الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا) ، والذي استمر بهذا الاسم لغاية انعقاد مؤتمره الرابع عام (1977)، حيث أضيفت كلمة (التقدمي) إليه ليصبح (الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا)، وظل بهذا الاسم يقوده حميد درويش إلى يومنا هذا.

.
لقد مرّ الحزب بظروف أفضل جاءت بها المتغيرات التي أعقبت انتهاء الحرب الباردة، حيث تلاشت معها تلك الشعارات التي استخدمت ضده طوال ما يزيد عن خمسة عقود متتالية، وأثبت الواقع صحة مواقفه السياسية الموضوعية، فبدأت قاعدته التنظيمية تتسع يوماً بعد يوم، وموقعه السياسي يتعزز أكثر فأكثر، خاصة بعد أن انتخب الرفيق عبد الحميد درويش واثنين من زملائه أعضاءً في البرلمان السوري عن القائمة الكردية للدور التشريعي الخامس (1990- 1994)، حيث تمكن الرفيق حميد درويش آنذاك من استثمار تلك الفرصة للانفتاح على الوسط العربي السياسي والثقافي، وكسب قطاعات هامة منه الى جانب قضيته القومية، تتوجت تلك العلاقات في (16/10/2005)، بتأسيس أول إطار وطني جامع للمكونات السورية المختلفة باسم (اعلان دمشق)، انتخب فيه نائباً للرئيس تعبيراً عن دوره المؤثر بين هذه الأوساط الديمقراطية وتقديراً لنضاله الوطني.

.
وهكذا بدأ الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، يتخلص – مع بداية التسعينيات- من بين فكي كماشة النظام، الذي ارتخت قبضته الحديدية تحت تأثير المتغيرات الدولية والاقليمية التي اعقبت انتهاء الحرب الباردة، ومن بين مخالب طابوره الخامس، الذي أفتقد هو الآخر لقوته التي كان يستمدها من شعارات الحرب الباردة والإشاعات المرافقة لها، التي ذهبت أدراج الرياح مع انهيار المعسكر الاشتراكي الذي كان يضخها بغزارة على مدى سنوات القرن العشرين.

.
لقد عقد الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، خلال مسيرته هذه ثلاث عشر مؤتمراً حزبياً، وهو الآن على ابواب المؤتمر الرابع عشر، وكذلك عقد العديد من الكونفرانسات والاجتماعات الموسعة للجنته المركزية، تركزت معظمها على الوضعين السياسي والتنظيمي، والبحث في آليات تطويرهما، وتجاوز العقبات التي تعترضهما.

.
انعقد المؤتمر الأول عام (1967)، الثاني عام (1972)، الثالث/ (أواخر آيار 1975)، الرابع / (تشرين الثاني 1977) ، الخامس/ (أواخر كانون الأول 1982) ، السادس/ (تشرين أول 1986)، السابع/( آيار 1992)، الثامن/(أواخر نيسان 1993)، التاسع/(1996)، العاشر / (1/10/1999)، الحادي العاشر/(28- 29/11/2002)، الثاني عشر/(5/5/2006)، الثالث عشر/(أواخر أيلول 2009).

.

ففي المجال السياسي كانت العلاقات الكردستانية، والموقف من الماركسية اللينينية وكيفية التعامل معها، من أهم المحاور الرئيسية التي شغلت هذه المؤتمرات حتى بداية التسعينيات، حيث بدأ بعد ذلك موضوع الحوارات والتحالفات مع الأطراف الكردية الأخرى، وكذلك موضوع التواصل مع الساحة الوطنية والتفاعل مع قواها الديمقراطية وانجاز التحالفات الوطنية معها، هي التي شكلت المحاور الرئيسية لجدول أعمال هذه المؤتمرات، إلى جانب المواضيع الأخرى المستجدة.

.
أما في المجال التنظيمي، ظلت تلك المؤتمرات منشغلة في جوانب واسعة من أعمالها بالأزمات التي كانت السلطات وطابورها تفتعلها والتي كانت تعيق نشاط تنظيماته وتحد من توسعها الأفقي بين الجماهير والبحث عن الآليات اللازمة لتجاوزها، لابل كانت تنشغل بين الحين والآخر ببروز كتل تنظيمية هنا وهناك، التي لم تستطيع أن تتبلور في شكل انشقاقات مؤثرة.

.
وهكذا، ظل (الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا)، محصناً إلى حد كبير- بالمقارنة مع غيره- ضد آفة الانشقاقات، بالرغم من المؤامرات والمشاكل التي أثيرت ضده من هذه الجهة أو تلك التي لا تريد له الخير، وحافظ على تماسكه التنظيمي بشكل ملفت حتى تغيرت الظروف لصالح سياسته التي أثبتت هذه المتغيرات واقعيتها وموضوعيتها، وهو اليوم يشكل إلى جانب عدد من الأحزاب الكردية الأخرى، رقماً هاماً في المعادلة السياسية القومية والوطنية، ولعل حضور سكرتيره عبد الحميد درويش إلى (جنيف2) ممثلاً عن الكرد، يعكس هذا الدور ويؤكده.

.
يعتبر الحزب من مؤسسي المجلس الوطني الكردي في سوريا، ولكن بسبب أزمة بداخله، جمد الحزب عضويته فيه مؤخرا، وهو اليوم على ابواب عقد مؤتمره الرابع عشر في مدينة القامشلي، تنتظره مهام كبيرة على الصعد المختلفة، وتراهن على قراراته ونتائجه جماهير واسعة، سيحضر هذا المؤتمر ما يقارب (250) مندوباً من منظمات الحزب المختلفة في الداخل والخارجل، وفي مقدمتهم سكرتير الحزب الرفيق عبدالحميد درويش، الذي عاد من اقليم كردستان العراق إلى القامشلي في (10/11/2015).

.

تضم قيادته الحالية :

.
عبد الحميد درويش، سلمان إبراهيم، احمد سليمان، أحمد بركات، عمر جعفر، صلاح درويش، معصوم سليم، معصوم علي، مصطفى محمد، علي يوسف، شورش درويش، حسن سيف الدين، ابراهيم محمود، نواف حسن، فارس عثمان، عباس محمد، محمد رشيد، أحمد ملا ، عبدالله علي، احمد عزيز، عبدالخالق عربو، علي شمدين.

آخر التحديثات
  • تابعونا على الفيسبوك

  • أتبعني على تويتر