الخطاب التخويني لدى بعض الكرد للكرد

آراء وقضايا 10 أبريل 2015 0
+ = -

 

إن تخوين مجموعة أو حزب أو مجتمع ما بمجرد إختلاف في الرؤى يعتبر جريمة كبرى، و لا يرتكز لأي أساس وطني أو قومي سوى أنها إجتهادات خاصة و شخصية و إنتقائية مع تشحين ذاك الخطاب ببهار عاطفي مع مخالفة أبسط قيم الوطنية و القومية و خاصة في ظل الأجواء و الإضطرابات السياسية المتوترة داخل الوطن. و طالما نظر البعثيون الجدد لتلك المفاهيم و الرؤى فإنها تتشبع بكراهية الآخرين و تخوينهم، لا بل و التخطيط من أجل القضاء عليهم، ووجدوا ضالتهم في ظل هذا الصراع الفوضوي و استغلال السلطة بشكل سئ النظر إلى الآخرين بشكل مروع و وصل الحد للإستهانة بحياة الآخرين بالإستناد على مفهوم النظرية الأحادية و القائد الأوحد و الفكر الواحد و على هذا الأساس تم إدانة المجتمع بأكمله حتى وصل الحد إلى ترسيخ ذلك الفكر بالقوة و من هنا فإن البعثيون الجدد في ممارساتهم لقمع الشعب و إعتقال المواطنين لا يكترثون بالمسببات و التخوين لم يكتفوا به عند الأحزاب السياسية على الساحة الكردية بل تعدى ذلك المواطنين الأبرياء أيضاً.

.

وكإننا اليوم أمام عصر جاهلي أو لنقل عصر ظالم يظلم فيه الجاهلون كل ما حولهم من عقائد الناس و أفكارهم و ثقافتهم و حتى يتحكمون في عمليات الشراء و البيع و القوانين التي يسيرون عليها خاضعة لسيطرتهم، إنهم جماعات مدانة لا تصنف بأنها من المطالبين بالحقوق الوطنية و الشعبية إلا بالعودة لما يطلبه الشعب الكردي و الإقرار بمصلحة الشعب الكردي و حقوقه المشروعة في إقامة إدارته أو حتى كيانه القومي و الرجوع إلى مرجعية و حاكمية الشعب بدل عبادة الفرد كشرط أساسي للإنخراط في المجتمع الكردي مستقبلاً و إلا فإن مصيرهم سوف يكون الفشل و الإحباط كما في السابق لأنهم من خدام الأنظمة و حماياتهم.

إن من يبني الأمة الديمقراطية ينبغي أن يعرف أصول الديمقراطية و تطبيقاتها و كذلك من يدير منطقة ما يحافظ على مواطنيه من شرور الأعداء و يهتم بأمور المواطنين أكثر من الإنشغال بالسلطة و التهديد و الوعيد و التهجير و التفريغ و تنصيب الجهلة و الأميين و الإعتماد على الغرباء في إدارة المنطقة ، إذاً عليهم أن يعودوا إلى رشدهم في إتخاذ الكردايتي منهجاً و هدفاً حتى و إن كانوا يدعون أنفسهم بذلك و تشهد لهم شهادات الميلاد بذلك يجب أن يعلموا بأن الكراديتي يعني الإقرار به في قرارة النفس و الضمير أولاً و الشعائر و الدفاع من أجلها، فقط من أجلها بمفهوم حقيقي لا جدال فيه و لا تأويل من أي كان سواء أكان قائداً أم مقاتلاً سموهم بما شئتم فلن يغير من المعادلة شئ.

.

لا يمكن أن نقيم مجتمعاً متسامحاً في ظل خطاب تخويني يعتبر كل من ليس معهم خائناً و جاهلاً تجري عليه أحكامهم الكيفية و المزاجية و التعامل معهم على أساس أنهم خونة و يجب طردهم إلى خارج الوطن أو رميهم في المعتقلات، إن هؤلاء لا يرضون بالشراكة و يعتبرون الوطن ملكاً لهم يتصرفون به كما يشاؤون و يستبدلون قوانينه حسب ما يرضي القائد و الحزب، أما الباقي في نظرهم فهم جهلة و خونة لا يجوز التعامل معهم و هم عبارة عن أدوات بيد الخارج كما يدعون و أسقطوا جميع النظريات و لكنهم حافظوا على نظريتهم الجديدة و التي هي عبارة عن الأمة الديمقرطية،ومن هنا يجب علينا أن نكون بالقدر الكافي من الحذر و كيفية التعامل مع هذه العقليات الحجرية التي لا تقبل النقاش و الجدال.

.

إن من يسعى لحماية الوطن و أمن المواطنين و يحارب المتطرفين يجب عليه أن يحارب لغة التخوين و التحريض و أن يخرج من نطاق الولاءات الحزبية الضيقة و التقيد بعبادة الأوثان و الأشخاص و أن يتعامل بلغة الحوار و المنطق لغة جمع الشمل و الوحدة ليكسب الشعب بدلاً من جلادي الشعب و ليكسب الأوطان بدلاً من السجون، و إلا فلماذا تدعون الحزن و الألم بعدما تفشلون جميع الإتفاقيات؟ و لماذا لا تفرحون الآخرين معكم في الإنتصارات بتبييض سجونكم على الأقل؟ لماذا لا نتقارب بصدق إذا ما كانت تجمعنا رابطة الدم و اللغة و الوطن و الأرض؟

.

مروان سليمان

10.04.2015

آخر التحديثات
  • تابعونا على الفيسبوك

  • أتبعني على تويتر