السوري بين المحكمة الشرعية و شريعة الإدارة الذاتية

آراء وقضايا 28 يونيو 2016 0
السوري بين المحكمة الشرعية و شريعة الإدارة الذاتية
+ = -

 

.

أصدرت المحكمة الشرعية التابعة لجيش الفتح قرارا” يقضي بتهجير أكثر من ٨٠٠ عائلة من أهالي قرية مورك ريف حماة الشمالي المقيمين في بلدة البارة في ريف ادلب ( حيث تهيمن جبهة النصرة و حلفاءها على المشهد هناك عبر جيش الفتح ) و ذلك في قضية المشاجرة بين بعض النازحين من قرية البارة و أهالي قرية مورك في السوق الشعبي للبارة و بحسب أحمد عثمان رئيس مجلس الشورى في قرية البارة أن سبب المشاجرة التي وقعت أمس الأول، يعود لخلاف على قالب بوظ (ماء مثلج) بين بائع من بلدة البارة وأحد النازحين من مورك أدّى لنشوب شجار بينهما، حيث تطور الأمر لمشاركة عدة أشخاص مناصرين للطرفين بالعصي والحجارة، حتى قام بعض أهالي مورك باستخدام أسلحة نارية وإطلاق النار بشكل عشوائي على أهالي البارة ما أدّى لمقتل شخصين وجرح ثلاثة آخرين .
حيث تطور الأمر لتشهد القرية حالات سرقة و حرق للمحال التجارية .
و هنا نسجل عدة ملاحظات و رسائل :
1- إلى المحكمة الشرعية التي أصدرت ذلك القرار أين أنتم من الآية الكريمة ( و لا تزر وازرة وزر أخرى ) ؟! فهل اشتركت العائلات 800 كلها بالمشاجرة ( ثمانمئة عائلة يعني نحن نتحدث هنا عن تهجير أربعة آلاف نسمة ) ؟! و لو قامت الدول الأوروربية و الولايات المتحدة بالتعامل بنفس مقياس و قانون المحكمة الشرعية في ادلب لكان حري بتلك الدول أن تقوم بطرد كل المهاجرين المسلمين عقب كل عمل إرهابي ترتكبه التنظيمات الاسلامية الارهابية كداعش و القاعدة .

.
و أسأل المحكمة الشرعية التي تدعي أنها تطبق أحكام الدين الإسلامي أين أنتم من النبي محمد صلى الله عليه و سلم و صحبه أهل مكة و أهل المدينة المنورة ( المهاجرون و الأنصار ؟! )
أم أن مفهومكم لموضوع المهاجرين و الأنصار يشابه مفهوم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان و طريقة تعاطيه مع اللاجئين السوريين و المتاجرة بمعاناتهم و استخدامهم كورقة لابتزاز الدول الأوروبية و أخيرا” قتلهم بكل دم بارد أثناء عبورهم الحدود كما حدث في 19/6/2016 عندما قتل ثمانية نازحين سوريين بينهم أربعة أطفال و أصيب ثمانية آخرون إثر إطلاق جنود أتراك النار عليهم أثناء محاولتهم عبور الحدود باتجاه الأراضي التركية ؟!

.

يذكر أن المرصد السوري لحقوق الإنسان وثق مقتل 60 مدنيا” سوريا” جراء إطلاق النار عليهم من قبل حرس الحدود الأتراك في محافظات الحسكة وحلب والرقة وإدلب منذ الأول من كانون الثاني/يناير 2016 .
2- تخيلوا لو حدث هذا الأمر و صدر هكذا قرار بتهجير مئات العائلات في مناطق الادارة الذاتية ( عفرين أو القامشلي أو كوباني ) ؟

.
لخرج علينا العنصريون و المتطرفون بتصريحات و اتهامات و شنوا على الكرد حملات تحريضية … تحت شعار الكرد عنصريون .. الكرد يمارسون تطهير عرقي و تهجير … الكرد لا إنسانية لديهم . الكرد هم يسعون لتقسيم سورية و إنشاء اسرائيل ثانية ؟!

.
عفرين على سبيل المثال تعرضت منذ أربعة أعوام لحصار و قصف بالصواريخ و خطف المدنيين على الطرقات و إرسال لسيارات مفخخة ( اليوم تحديدا” يتعرض حي الشيخ مقصود في حلب لقصف عنيف من قبل جبهة النصرة و فرقة السلطان مراد و جيش السنة و كتائب الصفوة و كتائب أبو عمارة و فيلق الشام و الفرقة 16) مازالت تستقبل أهلنا النازحين من شتى المناطق السورية على الرغم من قلة الامكانيات نتيجة العوائق التي تضعها الحكومة التركية أمام المنظمات الانسانية الراغبة بتقديم المساعدات للنازحين في عفرين أو في أي منطقة تقوم وحدات حماية الشعب YPG بحمايتها .

.
و هنا نسأل لو تواجدت منظمات الاغاثة الدولية في عفرين بكثافة و قدمت الاحتياجات الأساسية للنازحين فهل كان سيفكر الكثير منهم بالهجرة الغير شرعية إلى أوربة و أمريكا ؟! 
أليس تمكين السوريين من البقاء في المناطق السورية الآمنة يعتبر مصلحة للمجتمع الدولي في إطار سعيهم لحل مشكلة الهجرة الغير شرعية .. و عفرين تعتبر حاليا” من أكثر المناطق الآمنة .
فمن يتجول في عفرين يرى ابن مارع و اعزاز و نبل و تل رفعت و الزهراء وعندان و دارة عزة و ادلب و حمص و حماه و حلب المدينة إما نازح بين أهله أو زائر للتبضع أو للعلاج أو ….
.
ففي عفرين اليوم نشاهد المسلم و المسيحي ، السني و الشيعي و العلوي ، العربي و الكردي و الشركسي و التركماني .. يتواجدون في نفس المكان و كل منهم يشعر بالأمان .

.
ألا يعطي هذا الأمر إشارة على أن الأكراد قادرون على لعب دور كبير و فاعل و توفيقي في حل الأزمة السورية .
إن ما حصل في ريف ادلب من قرارات أقل ما يقال عنها أنها قرارات صادرة عن محكمة شرعية يديرها أناس غوغائيون لا يملكون المؤهلات العلمية و الثقافية لإدارة شؤون المواطنيين لهو دليل أنه لا بديل للسوريين عن دولة المؤسسات .. دولة المواطنة .. دولة القيم الإنسانية .

.
ريزان حدو – كاتب و سياسي

آخر التحديثات
  • تابعونا على الفيسبوك

  • أتبعني على تويتر