العقلية المتعجرفة …

آراء وقضايا 12 ديسمبر 2016 0
العقلية المتعجرفة …
+ = -

ليس خافياً على احد ما يمر به العقلية الشرق اوسطية المتعجرفة من ضعف في الرؤيا وعدم إمكانية تقدير القادم المجهول والغياب شبه الكلي عن التنبؤات المستقبلية وضبابية واضحة في البرامج والاقتراحات المستقبلية اضافة الى قصوره وعجزه في إيجاد منهجية مستقبلية يواكب المستجدات والاحداث الجارية وفق الوقائع الموجودة انه ركود جامد اصابنا من العمق .

.
العقلية الكوردية احدى تلك العقليات التي راوحت مكانها وراكدت الى حد التمييع الفاسد ، هنا سنسلط الضوء على الواقع الكوردي قليلاً وتأخره عن بقية الشعوب حتى المتخلفة منها في منطقة الشرق الأوسط حيث ليس للكوردي دولة ولا مرجعية سياسية موحدة ولا هيئة تمثيلية تمثلهم ، و ليس في الأفق ما يشير او ينبؤ بالقادم وتحسنه نحو الأفضل ، في ظل هذه الأجواء المتشابكة ، فالتخلف الحاصل والركود الجامد ليس حصيلة اليوم او الامس وانما نتيجة قرون من الاضطهاد والقمع الجبري، مما جعل قضيتنا في ضياع شبهة كلي بين مواقف الأعداء التي تتوحد ضد قضيتنا يوماً بعد اخر رغم اختلافهم في المصالح ، ولا ننكر ما حققته بعد الاطراف الكوردية من نجاحات مزهلة نسبة للضغوطات والمؤامرات التي تحاك ضد قضيتنا من قبل الأعداء ، الا ان العقلية الكوردية مرتبطة بامور لا تسمح لها بالتحرك وخلق ارضية ملائمة لإيجاد نوع من الطموحات والاقتراحات للانطلاق نحو المستقبل وفهم المحيط وتكوين الانسان المناسب ، لا بل يتراجع الى الوراء أسوة بالتطور الكوني الذي يتسارع فيه الأحداث والقضايا نحو الامام ،و يترواح مكانه أحياناً اخرى اذا ما قورن مع متطلبات العصر وما فيه من المستجدات والتعقيدات القاهرة ، والآفاق مسدودة أمامه ومن الصعوبة السير لتصحيح المسار من العدم الى الصعود في ظل التفكير الحالي ، فأن قراءة سريعة للعقلية الكوردية المتعجرفة يظهر للعيان بان اغلب طروحاته واقتراحاته مستوردة من الغير الذي لإيريد الخير لشعبنا، وتم انغلاق التفكير الكوردي وتوجيهه نحو التخندق في تأيد الاخر ورفع شأنه على حساب شعبه بدلاً من التمعن والتفكير لذاته وعلى شعبه ، لذا بقي في لدنه قصور عمقي حول القضايا والرؤيا المستقبلية ، مما شكل تأخر عظيم عن فهم واستيعاب جوهر القضايا وبالتالي لم يتأثر بما يدور من حوله من الأحداث ، وشكل ثباته هذا نقاشاً حقيقياً في الشارع الكوردي حول مفهومية المراحل واستيعاب القضايا التي تهم الشعب ضد القادم المفبرك بمؤامرات عنصرية حقدية ضد الوجود الكوردي ، ولم يتجاوز نظرة العقلية الكوردية حول المستجدات حدود البساطة والسذاجة لازال دون المستوى المطلوب للتعمق في المعاني والافاق التي تحتاج الى التمعن والتفكير السليم ، وهذا لايحصل بشكل فجائي كما ذكرنا وانما الاسباب الكامنة وراء عدم فهم حقيقة الوقائع هو نتيجة إجباره القهري في البقاء خارج دائرة التفكير العصري ، وارتباطه بالاساليب التقليدية القديمة التي باتت من الماضي السحيق وعدم تشغيل الفكر الكوردي وحرمانه من قول الحقيقة والمنطق ، بغية ضياعه عن كيفية مواصلة السير الى الامام .
والمتلاعبين بمصير شعبنا يدركون بان معرفة الاوضاع السياسية يشترط ان تكون هناك خلفية فكرية وثقافية معلوماتية قوية قادرة على استيعاب المحيط ، لذا يحاولون الحد من اي تطور يحصل ليفتقر الكوردي الى ما هو ضروري وعدم تجاوز المِحنة التي فيها ، مما شكلت اجواء مناسبة لخلق نوع من التفرد والتسلط القمعي القاهر.

.
وخلق اجواء مهيئة للاستغلال والعيش تحت مظلة الاخرين لا فتقار شعوبنا الى اي نوع من المعرفة والعدالة والمساواة ولا التسامح بين فئاته اوانفتاح العقول نحو الاخر المخالف والاستفادة من التجارب التي أدت بشعوبها الى التقدم والتطور المستقبلي ، وانما بقي محصوراً في التمديح والتأييد فقط دون السماح للعقل بالخروج من دائرة التفكير المألوف مما بقي التفكير في مجال احادي الجانب دون التطرق الى بقية المجالات في التكامل الكيفي ، وهذا بحد ذاته انغلاق على العقل والمنطق والفكر ولم يحصل فيه اية نتائج إيجابية مفيدة من شأنه بقي ضمن التفكير المحدد ، وهذه الحالة لاتخلق الا افكاراً ناقصة وخاطئة غير مكتملة في فهم المحيط نتيجة كبته وحرمانه من الحرية الفكرية والتخندق في قوقعة مقيدة وعدم السماح بالتحرك والخروج الى مجالات اخرى كالتفكير الحر والانطلاق نحو فضاء خالي من الحدود القهرية والاستبداد الاضطهادي ، وعدم السماح بنقد ما هو مضر وبالي ، ولا بتأييد الإيجابي للخلاص من حدود سلطة الاستبداد الجبري والانطلاق نحو حرية العقل والمنطق للصعود .

.
فلم يحصل ما وصلنا اليه اعتباطياً إنما نتيجة عصور من الاستبداد والتفرد وقمع الحريات ومنع الحوارات والمناقشات السلمية وحرمان الانسان من ما وهبه الطبيعة وخنق حقه وهو في المهد لا بل مطاردة وملاحقة كل من له تفكير حر. وجعله ضائعاً بين السياسة والاخلاق ، مما اصبح له فهم غير سليم في الخلط بين الاثنين ، ويعتبر هذا آفة خطيرة في عالمنا المعاصر مما نلاحظ هناك هبات مكبوتة وشحنات من الانفعالات الضمنية تجاه ما هو واقع مفروض .

.
وان عملية البناء السياسي وتنويره لمواكبة العصر وخروج الشعب من ازماته المزمنة ليرتقي الى ما يجب القيام به لخدمة القضية وتنوير كافة الزوايا المظلمة في حياته ، لا بد من التسليح بثقافة التسامح والتعاون وقبول الاخر المخالف والسماح بالنقد علنا على الأسس العلمية لكائن من كان وان لا يكون هناك شخصاً او حزب محمي من النقد والمحاسبة وان يكون النقد حقاً من حقوق الفرد والجماعة معاً وان لايكون مسموحاً لاحد مهما كان عليائه الوظيفي او الحزبي بالتهجم واتهام المنتقد ، ليكون المنتقد حراً في كتابة نقده على شرط ان تكون نقده من اجل البناء والتفكير السليم ومحاربة كل ما هو قديم وبالي .

.

حاجي سليمان 

آخر التحديثات
  • تابعونا على الفيسبوك

  • أتبعني على تويتر