القضية الكردية بين الواقع و العاطفة

آراء وقضايا 30 يناير 2021 0
القضية الكردية بين الواقع و العاطفة
+ = -

كوردستريت || مقالات 

منذ إن كنا شباباً و طوال سنين عمرنا و نحن نحلم و نتغنى بذلك الحلم و كنا نرى ذلك الحلم على مسافة قريبة منا و يمكن تحقيقه بفترة قياسية قصيرة و لكننا لم نكن نعلم بأن هذا الحلم هو كابوس يلاحقنا ما دمنا أحياء و حان الوقت الآن لكي نعترف بأننا فشلنا حتى في تحقيق حلمنا هذا الذي يكمن في تأمين حياة آمنة لأطفالنا و إنهاء الخلافات الكردية الكردية.

و منذ بداية القرن الجديد و خاصة بعد الأحداث التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط تحولنا إلى إلعوبة و استمرت الصدمة من إفراغ المنطقة الكردية و احتلال مناطق أخرى من قبل الفاشية التركية و عصاباتها من الذين باعوا أنفسهم و وطنهم في سبيل المال و النفوذ و مع ذلك بقيت الضمائر في سبات عميق و عجز اللسان و سكت عن الظلم و أصبحوا متخبطين بالواقع و غير قادرين على عمل أي شئ و أصبحت قضيتنا بين أيدي دول لا تهمها سوى تحقيق مآربها و أهدافها و خاصة نحن نعيش في حصار تام بين أربعة أنظمة وحشية لا يعرفون سوى القتل و الدمار و الخراب. و إنتقلنا من مرحلة الإعتقالات الفردية إلى التهجير الجماعي و تفريغ المنطقة و من قتل الأفراد إلى القتل الجماعي و أزهقت أرواح كثرة و بريئة ليس لها ذنب سوى أنهم صدقوا شعاراتهم البراقة و المخادعة و تحول الحلم إلى كابوس. و لكن لم يقف أحد على تلك الأحداث ليعترف بالفشل و لم تستيقظ المجازر ضمير أحد منهم.

حتى الآن ليست لديهم خطط عمل أو أهداف محددة من أجل تحقيق شعاراتهم التي خدعوا بها الجماهير و إنما كل ما قاموا به و فعلوه هي ردات فعل على مشاهد المجازر و وقع الإنفجارات و قتل الأبرياء و أمهات أتعبت عيونها البكاء.

أصبح الشعب ميؤساً من تحقيق الشعارات التي ينادي بها السياسيون و خاصة بعد إن قدم الأرواح في سبيل تحقيق الهدف المنشود و الحلم الموعود و لكن الوعود و الأحلام تحولت إلى نكسة أخرى يضاف إلى النكسات التي ذاقها الشعب الكردي على مر الأعوام و لم يقف أحد على أسباب هذه النكسة و من المسؤول عنها و لماذا هذا الفشل الكبير في إنجاز المهام.

بما أن الشعب الكردي ينتقل من نكسة إلى أخرى فإنه يتحسر على ماضيه و قدم التضحيات و لم يتوقف عن البكاء و بقيت وحدة الصف الكردي حسرة في قلبه و لكن بقيت الخلافات و استمرت و تزداد الفجوة يوماً بعد يوم، نعم إنها العاطفة القاتلة التي تلازم شعبنا جيلاً بعد جيل عاطفة غير عقلانية و نتأثر بمشاهد الجميع و نبكي حالهم حتى أعدائنا.

و من الملاحظ أن الخطابات أصبحت تعلو على جراحات الوطن و المواطن و المصادر الحقيقية للمشاكل على أرض الواقع و الكل مبسوط بترديد تلك الخطابات و الشعارات التي تدغدغ العواطف و تثير الحساسيات و تزيد الخلافات و تعمقها و من الملاحظ أيضاً أن أصحاب تلك الخطابات بعيدون كل البعد عن القضية القومية الا من أجل التركيز على مصالهم و تخوين الآخرين و معروف لدى الجميع بأنهم لم يخصصوا يوماً في خطاباتهم بضع كلمات لوضع الأصبع على الجرح القومي التي هي قضيتنا القومية .

لم يعي شعبنا بعد و لم يعلم عن أولئك الذين يلبسون في بعض المواسم الثوب القومي و يزينوا أعناقهم بأعلام مزركشة أن تحقيق  مطالب الشعوب لا يتم بالخطابات و لا يمكن أن نستعيد حقوقنا و نحن منقسمين على أنفسنا نستجدي الأعداء و نطالبهم بالمساعدة، كما يجب أن نعي بأن هناك بيننا من يعمل على تفتيت القوى بخلق أوهام مخادعة تخدم أجنداتها و أيديولوجياتها فقط.

هناك أطراف أخرى بقيت بالإنتظار و لم تبادر بفعل أي شئ أو على الأقل العمل على تصحيح و تقويم ما فعلوه لاحقاً بل ظلوا مكتوفي الأيدي ، نعم لا زالوا ينتظرون الأوهام التي قد تتيحقق و قد لا تتحقق و يرددون شعاراتهم و يكتبون بياناتهم و يصارعون طواحين الهواء و يسبحون في بحر الأوهام أكثر مما يتطلبه الواقع و الواقعية.

قضيتنا قضية أمة و يجب على الجميع تبنيها و لا يمكن التخلي عنها مهما حصل و قد قدم شعبنا الكثير من التضحيات من أجلها و لكن في الوقت الحالي يتحكم بها المتاجرون في سوق المزايدات و الدعايات ليغسلوا بها أمراضهم التاريخية و إلهاء شعبنا عن مطالبه الحقيقية و نخسر رويداً رويداً رهان حقوقنا لأنها أصبحت حبيسة الأوهام و أسيرة الجهلاء.

مروان سليمان

السلك التروي- المانيا

30.01.2021

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك