القضية الكردية وأمريكا..

آراء وقضايا 25 أبريل 2023 0
القضية الكردية وأمريكا..
+ = -

كوردستريت || آراء وقضايا 

بقلم آزاد علي 

القضية الكردية، كانت أبرز قضية في الشرق الأوسط ومازالت، لكثير من الدوافع والأمور حلت في المرتبة الأولى، وأخذت الحيز الأكبر من الأهتمام الدولي، كانت المصلحة تفوق العامل الإنساني في أغلب الأحيان، واستخدمت الورقة الكُردية العادلة لشعب يعيش على أرضه التاريخية ومطالب لحقوقه المشروعة وحريته لمصالح دول همها السيطرة لرغباتها، استخدمت في تركيا وإيران والعراق وسوريا، بالرغم من التضحيات الجسامة التي دفعت من جانب الشعب الكردي المناضل الذي لم يكل  ولم يمل، وكان أبرز من استخدم الورقة والقضية الكردية، الولايات المتحدة الأمريكية، لمصالحها الجيوسياسية في المنطقة. في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، دعمت أمريكا التمردات الكردية ضد الحكومة العراقية، بالنسبة للكرد هذه التمردات والانتفاضات حق مشروع ضد أنظمة حرمت عليها حتى أبسط الحقوق الإنسانية، أما لأمريكا غاية واضحة، ولكن هذا الدعم لم يستمر وسحبت في السبعينيات عندما حولت أمريكا تركيزها إلى دعم شاه إيران والكرد لن ينسوا هنري كيسنجر وخيانته في أتفاقية الجزائر بين كل من الجزائر والعراق وشاه إيران. ترك هذا الأكراد عرضة للقمع الوحشي من قبل الحكومة العراقية، الجرائم التي حصلت مثل الأنفال في الثمانينات والتي راحت ضحيتها عشرات الالآف من الأبرياء والمدنيين الكرد وقتل ٨ آلاف من البارزايين وقصف حلبجة بالكيماوي والهجرة المليونية. وليس لدي أمريكا شيء غير استخدام وأجبار شعوب العالم بأن تفعل ما تريدها، فالسياسة الأمريكية الخارجية اقتصرت دائما على مصالحها دون مراعاة الشعوب وتأمين حريتهم وحقوقهم، كانت المصلحة فوق كل الأعتبارات، ولتأمين مصالحها كان الشعوب ضحية، مثل الشعب الكردي. تخلت عنهم أمريكا سابقا وإلى الآن، وما يثير في الإعلام الأمريكي والغربي ككل، ليس إلا شماعة بغلاف عاطفي أنساني لكسب الشارع الكردي جانبه، هي سياسة بسيطة ومفهومة بأن يعتقد الشعب بأن أمريكا لن تتخلى وهي بجانبهم وتدعمهم! وهذا اعتقاد خاطئ، تخلت أمريكا دائما عن الشعوب وحلفائها اذا كانت لديها حلفاء أصلاً. في الأمس ترك رقاب الأفغان تحت سكاكين حركة الطالبان الإرهابية، التخلي عن الشعوب لدى أمريكا أمر سهل جدا، لأن المصالح أولا. يظهر اليوم سخط الأوروبين أيضا الذين أصبحوا كأداة لدى العم سام، كمثال فرنسا ليست منزعجة فحسب، بل تحاول ايجاد طريق للخلاص من الهيمنة الأمريكية. وكذلك شقيقاتها في القارة العجوزة، وهي هيمنة مرعبة. 
لن نعود للوراء والتاريخ كثيرا، فهي معروفة لدى الشعب الكردي وماذا قدمت وفعلت أمريكا، لكن المثال الحي في كردستان سوريا، إن انسحاب أمريكا من المناطق التي سيطر عليها الكرد في سوريا في عام 2019 خيانة حديثة يضاف للملف الأمريكي المليء بالخيانات والتخلي. حيث مهد هذا الانسحاب الطريق لشن هجوم عسكري تركي على القوات الكردية في سوريا والاحتلال الذي حصل في المناطق الكردية في سوريا من جانب أحد أعضاء حلف الناتو “تركيا” وخاصة سري كانييه “رأس العين” وكري سبي “تل أبيض”، كانت بموافقة أمريكية وضوء أمريكي بعهد دونالد ترامب، الأسماء ليست مهمة، فالسياسة الخارجية والإدارة الأمريكية نفسها. علاقة تركيا الاقتصادية مع إقليم كردستان لا بأس لكن لا يعني علاقة كاملة ومتينة، لكن في سوريا غير، تعمد الولايات المتحدة عرقلة التفاعل بين تركيا وكردستان والسبب إعطاء الضوء لها في شن حملة على الكرد السوريين. اليوم تدعم أمريكا الإدارة الذاتية في المناطق الكردية في سوريا ودعم قوات سوريا الديمقراطية التي عمادها قادة من الكرد، وهذا أيضا مشكوك فيه، وإلا لماذا انسحبت من بعض المناطق الكردية وتركتها لتركيا! لا يمكن الوثوق بالأمريكي وسياسته، نعم يمكن لأمريكا ايجاد حل للقضية الكردية، حيث يده قوية في الشرق الأوسط وقوة ضاربة، لكن هل سوف يفعل؟ إلا إذا اقتضى المصلحة الأمريكية، هذا يعني مصير الشعوب متعلق بتأمين مصالح أمريكا أولا وأخيراً! 
النفط يزكم الأنوف:
التحالف الدولي والحرب ضد داعش الإرهابي، لاشك ساعدت القوات الكردية ولكن ساعدت الطرف الأخر أيضا، بالمحصلة الانتصار كان كردي، والتضحيات كانت كردية، والدمار كان كردي، وتجلس أمريكا على العرش كعادتها، النفط يزكم الأنوف، السلاح الذي قدم للكرد لم يكن مجانا، وقالها الرئيس الأمريكي؛ بأنني دفعت حق دماء الأكراد! إليست هذه وقاحة من قبل رئيس لدولة عظمى!!! هيأت الأرضية لدخول المنطقة وثم تأمين مصالحها، تسعى الولايات المتحدة إلى هدف تحويل الكُرد وشعوب أخرى إلى قادة ضعيفي الإرادة للنفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط. وان يكونوا جنود تحت الطلب! وكأن الأمريكان هم أصحاب خيرات الشعوب الحرة. 
ماذا لو لم ينجح الأمريكان بخلق أرضية وقدم له في الشرق الأوسط، أو لم يؤمن مصالحه، ربما يراود هذه الأسئلة عقل الإنسان، ماذا لو قالت دولة ما لأمريكا كلا، أو رفضتها، ببساطة تهدف الولايات المتحدة إلى إطلاق العنان لصراع عسكري كبير في الشرق الأوسط. هي عقلية سياسة القطب الواحد والمدير الأوحد. الحروب تخدمها أكثر من السلام، وكأن مصير الشرق الأوسط الحروب والدمار. 
لدى أمريكا لا شريك وحليف، والناتو مجرد غطاء لتوسيع أراضيه ومصالحه على حساب الشعوب والتحكم بمصائرهم، وحتى خلق خلافات بين الشعوب والشعب الواحد وإثارة الشغب، لا صداقة دائمة، كمثال تركيا عضو الناتو، أمريكا لم تمانع مجيء أردوغان لسدة الحكم ولم تعطي موقف معادي، لكن اليوم تغييرت الأحوال، ربما تقرب الرئيس التركي من موسكو وتوسيع العلاقات مع الأخرين مثل إيران واستعداده للحوار مع النظام السوري حتى لو كانت لأجل الانتخابات وورقة، ازعج المدير الأكبر، وكأنه أصبح عقبة موضوعية لأعمال الولايات المتحدة في المنطقة. وبهذا يفتح الباب على نظامه من الغضب الأمريكي. أعتقد اليوم هي سوف تساند المعارضة للفوز بالانتخابات الرئاسية، كموالي لهم حتما لا غير ذلك. لأن بهذا تعتبر أمريكا ان النظام التركي الحالي خرج من تحت يده وهذه مشكلة يجب التصدي لها ووقوعها، لكن فوز المعارضة وان حصل لن تمر بسهولة، ربما سيؤدي حتما إلى بدء حرب بمشاركة هذا البلد. 
كُرديا، ماذا يستفيد الكرد في تركيا من تغيير النظام الحالي أو من المعارضة في حال فازت؟! الوعود التي أطلقها زعيم المعارضة كمال كليجدار أوغلو في حال توليه كرسي الرئاسة ان يحل القضية الكردية بطرق ديمقراطية، نعم قالها أردوغان أيضا، ومن قبله قالوا أيضا، وحتى كمال مصطفى أتاتورك. هل من ضمان؟!، الرأي رأي كرد تركيا في صناديق الانتخابات. وهم أفضل من يعرفوا مصلحتهم. لكن ان يكونوا مستيقظين للانتخابات والمرشحين، وان لا يغروا بالكلام المعسول، الصوت الكردي هو الحاسم. لكن دائما وأبدا الأولوية يجب تكون في القضية والمصلحة الكردية. 
يقول هنري كيسنجر: ( ليس من مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية أن تحل أي مشكلة في العالم لكن من مصلحتها أن تمسك بخيوط المشكلة، وتحرك هذه الخيوط حسب المصلحة القومية الأمريكية ). أعتقد أصبحت واضحة المعنى الأدق لهذا كله. 
آزاد علي.
آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك