ايران .. مهاباد من جديد

آراء وقضايا 15 مايو 2015 0
+ = -

 

عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية اعلن عن جمهورية مهاباد الكوردية بتنصيب الشهيد قاضي محمد رئيساً والراحل ملا مصطفى البارزاني رئيساً للأركان , ضم جميع المدن والمناطق ذات الغالبية الكوردية مستغلاً تواجد الاتحاد السوفيتي السابق التي تظاهرت  بدفاعها عن الشعوب المظلومة والمضطهدة ومساندتها لحقوقها في تقرير مصيرها ,في تلك المنطقة التي اصبحت من نصيبها بعد توزيع ممتلكات الامبراطورية الصفوية ,إلا انها لم تدم طويلاً بسبب تخاذل السوفييت والانكليز لوعودهما  بموجب تفاهمات واتفاقات جديدة بين الدول المنتصرة في الحرب وقتها والتي ضمت الى جانب الدول التي ذكرناه آنفاً , الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا ,لطي الملف الكوردي مجدداً , وبقاء اتفاقية سايكس بيكو سارياً للمفعول حسب مقتضيات المرحلة ومخلفاتها ,لإلتقاء مصالح واجندات الدول الفاعلة الراعية للحرب حينذاك مع مصالح ايران ,فلم تتردد السلطات الايرانية في إلقاء القبض على رئيسها قاضي محمد وإعدامه على الفور في ساحة جارجرا بوسط مهاباد ,بينما توجه البارزاني الى موسكو برفقة بعض زملائه طالبين اللجوء السياسي .

.

منذ السابع من الشهر الجاري مهاباد تنتفض من جديد بجراحات الماضي ونزيف الدم الحالي , لاسترجاع ما سلبت من الحرية والكرامة والحقوق المشروعة للشعب الكوردي الذي غدر به الزمان فمزقه إرباً وضاقه القمع والتنكيل والاجرام وانهكه الفقر المستميت والاهمال المتعمد والحرمان والظلم والاضطهاد ,والاعدامات اليومية بحق النشطاء والمثقفين  بحجة الانتماء السياسي والعمل لتغيير نظام الحكم أو بتهمة الخطر على أمن الدولة ,معروف لدى الكل ان نظام الملالي هذا قد احتال على التاريخ فتسلل من أقبية الظلام ومن جحور التخلف ليتربع على العرش ,مهمته تصدير الطائفية وولاية الفقيه الى شعوب ودول الجوار الاقليمي وصولاً الى حزام أو ما يسمى بالهلال الشيعي الممتد من طهران الى لبنان ومن اليمن الى البحرين.

.

حتى وصل الأمر الى التحرش الجنسي واغتصاب الفتيات الكورد ,فريناز خسرواني كانت الضحية رغم انها لم تكن الأولى ,حيث سبقتها الكثير الكثير لكن سرها تكمن في انها لم تستسلم للقدر وأنما دافعت عن نفسها بكل ما تملك من الشجاعة والبسالة والقوة ,للحفاظ على شرفها وعرضها وعادة العار السائدة في المجتمعات الشرقية , رمت بجسدها من الطابق الرابع بفندق تاراي في وسط مدينة مهاباد العظيمة بأبنائها الغيارا ,كي لا تفعل ضابط الحرس الثوري الايراني فعلته الشنيعة ,فانتشرت سيطها بالصراخ والعويل ,تهافت الناس اصحاب النخوة والانسانية والضمير ,احتجاجاً على الحادث الأليم ,مطالبين السلطات بتقديم الجاني للعدالة ومعاقبته بأشد العقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات الجنائية الايرانية ,وبسبب عدم استجابة الحكومة للمطلب ,وتلفيق التهمة كذباً وبطلاناً حسبما ورد في تصريح لوزير الداخلية الايراني الى شخص آخر يربطه بالمغدورة علاقة شخصية ,وهو ليس موظفاً حكومياً ولا علاقة له ابداً بالقوى الأمنية والسياسية في البلاد ,معلناً ان الاعلام المعادي حاول إصباغ القضية بطابع سياسي .

.

عندها بدأت الحادثة تأخذ أبعاداً أخرى ومنحاً آخر ,حيث تضامنت اغلب المدن في اقليم كوردستان ايران مع مدينة مهاباد وبذلك تكون الشرارة الأولى للانتفاضة قد بدأت ,تدعوا الى تحقيق تطلعات الشعب الكوردي في نيل حقوقه القومية المشروعة والعادلة, وانهاء الاستعباد والاضطهاد ,المطالب توسعت لتشمل محاسبة المسؤولين عن جرائم النظام التي طالت الشباب الكورد والحرية والتحرر من الاستبداد ودكتاتورية السلطة الحاكمة ,وتكررت الدعوات ذاتها من اطراف  واحزاب سياسية كوردية واحوازية في داخل ايران لها تاريخها النضالي والثوري ضد ولاية الفقيه ,كما شهدت مواقع التواصل الاجتماعي انتشاراً لصور وفيديوهات عديدة حول تظاهرات عارمة عمت شرق كوردستان تخللتها اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن ,جرى خلالها حرق بعض المباني الحكومية والفندق مكان الجريمة ,مهاباد عازمة على الثأر للكرامة المهدورة المستباحة ,لأنها مطعونة في كبريائها وكرامتها ,وحزمت امرها لتنتقم للقادة الشهداء قاضي محمد وعبدالرحمن قاسملو وصادق شرف كندي وكل شهداء كوردستان الوطن .

.

صبري حاجي

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك