تقرير السياسي لحزب الوحدة الديمقراطي الكوردي في سوريا

بيانات سياسية 30 مايو 2014 0
+ = -

يوماً بعد يوم، يزدادُ الوضع في سوريا تأزّماً وتعقيداً عبر استمرار مسلسلِ القتل والتدمير والتهجير من قبل النظام الاستبدادي الشوفيني المُنفلتِ من عِقاله، والذي يبدعُ ويبتكرُ كلَّ يومٍ أساليبَ جديدةً في القتل والإرهاب بدافع إصراره على التشبث بالسلطة واعتماده الخيارَ الأمنيَّ العسكري حلاً وحيداً لحلِّ الأزمة العاصفة بهذا البلد منذ ما يزيد عن الثلاثة أعوام، مستفيداً من التناقضات الدولية واتكائه المباشر على الدعم من حلفائه في الاتحاد الروسي وإيران وحزب الله اللبناني، ولواء أبو الفضل العباس العراقي، وبذلك، يتمُّ تدميرُ سوريا وقتلُ شعبها على مرأى ومسمعِ المجتمع الدولي الذي لمْ يحرِّكْ ساكناً ولم يفلحْ في حقن دماء أبنائه وإيقاف دوامة العنف التي أرهقت السوريين بكل معنى الكلمة،
حيث تفاءلَ السوريونَ بعقد مؤتمر جنيف على أمل إيجاد حلٍّ سياسي لهذه المعضلة، إلا أنَّ آمالَهم قد خابتْ وتعثَّرَ الحلّ المرتقبُ بسبب تعنُّتِ النظام القمعيِّ وتنصُّله من وعوده التي قطعها على نفسه بالإتزام بمقررات مؤتمر جنيف1 القاضية بتشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحية، وبسبب عدم جدية راعيي المؤتمر في إنهاء هذه المأساة، ويبدو التناقض الدولي في أوجه، خاصة بعد احتلال الروس لشبه جزيرة القرم وتدخلها العسكري في الولايات الشرقية من أوكرانيا ذاتِ الغالبية الروسية، وإقدامِ الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية الأخرى على فرض عقوباتٍ اقتصادية على روسيا التي ازدادتْ إصراراً على حماية النظام السوري من أيِّ قرارٍ تحت الفصل السابع التي كان آخرها الفيتو الروسي الصيني المزدوج في الأمم مجلس الأمن ضد مشروع قرارٍ تقدّمتْ به فرنسا يوم الخميس 22 أيار الجاري لإحالة النظام وبعض أركانه إلى محكمة الجنايات الدولية.
ليس بخافٍ على أحدٍ، بأن النظامَ السوري يستفيدُ من تشتت قوى المعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري، وبفضل خبرته التي لا ينكرُها أيُّ منصفٍ، فقد استطاعَ أن يخترق العديدَ من هذه الكتائب ويسخِّرَها في تنفيذ مخططاته وأجنداته بغية إجهاض الثورة وإطالة عمره، لذلك من الضرورة بمكان أن تبادر القوى الوطنية السورية بمراجعة نفسها وتدقيق مواقفها وسياساتها التي ينبغي لها أن تنطلق من أرضية المصلحة الوطنية السورية القاضية بإقامة نظام ديمقراطي برلماني تعددي لامركزي على أنقاض النظام الشوفيني لا مكانَ فيه للظلم والعُسفِ والتمييز، يحظى فيه شعبُنا الكرديُّ بحريته وكرامته وكاملِ حقوقه القومية المشروعة في إطار وحدة البلاد وفق العهود والمواثيق الدولية المتعلقة بهذا الشأن. ولا يخفى هنا بأن ائتلاف قوى المعارضة السورية التي ضمَّت في صفوفها المجلسَ الوطنيَّ الكرديَّ في سوريا يضعُ العديد من العراقيل أمام العمل النضالي المشترك وأخلّ بالتزاماته حيالَ المجلس الوطني الكردي، وتنصل من مضمون الوثيقة الموقعه بالأحرف الأولى ووضعَها على الرف، ولا يولي أيَّ اهتمامٍ بالمناطق الكردية من ناحية تقديم المواد الإغاثية للمواطنين الكرد الذين يتعرضون إلى أبشع حملة تهجير بسبب تأزم وتفاقم الأوضاع المعيشية والأمنية التي يدفع النظام باتجاه تعقيدها رغبةً منه في الوصول إلى إفراغ المناطق الكردية من سكانها الأصليين وإحداث تغيير ديموغرافي عميق في تركيبة سكانها، بالترافق مع الحملات العسكرية من قبل القوى التكفيرية الجهادية الإجرامية التي تحاصر المناطق الكردية وتمارسُ الإرهابَ المنظَّمَ بحق أبنائه، حيث كان آخرها نحرُ الشاب الكردي محمد محمد من مدينة كوباني(عين العرب) ذبحاً !!… من هنا، فإننا نطالبُ أشقاءَنا في أجزاء كردستان مساندة شعبنا في محنته هذه ومدِّ يدِ العون والمساعدة له، ونهيبُ بشعبنا التشبثَ بأرض آبائه وأجداده وعدم مغادرتها لإفشال هذه المخططات الإجرامية التي تشترك فيها أكثرَ من طرفٍ وجهةٍ، تلك التي تهدف النيلَ من وجود شعبنا وتضمرُ له كلَّ الشر.
وفي ظلِّ أجواء القتل والدمار هذه التي تطالُ سوريا، وموتُ النساءِ والأطفال بنيران القصف المدفعي والبراميل المتفجرة وغيرها من أنواع القتل اليومي للسوريين، أقدمَ النظام على إقرار إجراء “مسرحية الانتخابات الرئاسية” في سوريا يوم الثالث من حزيران القادم في تحدٍّ صارخ لمقررات مؤتمر جنيف1، واستهتارٍ علنيٍّ بدماء الشعب السوري والأصوات المنادية بإيجاد حلٍّ سياسي لهذه القضية التي باتت تهدد الأمنَ والاستقرارَ والسلمَ في المنطقة والعالم، وبالتالي، فإنها انتخاباتٌ صوريةٌ مزيفةٌ معروفة النتائج كسابقاتها، ونطالبُ أبناءَ شعبِنا الكردي بمقاطعتها.
أما في الشأن الكردي، فمن المؤسف والمؤلم بآن واحدٍ أن العلاقات بين الحزبين الشقيقين، الحزب الديمقراطي الكردستاني-العراق وحزب العمال الكردستاني قد شهدتْ في الآونة الأخيرة توتراً ينذر بعواقبَ لا تُحمَدُ عقباها ما لم يتم معالجتها بروحٍ من المسؤولية، وذلك جرّاءَ قيام حكومة إقليم كردستان العراق بحفر خندقٍ أمنيٍّ على حدودها الدولية مع سوريا وما رافقه من تجييشٍ إعلامي وتشنجاتٍ عصبية لا تخدمُ ضروراتِ وحدةِ الصف الكردي والتلاقي على أهدافٍ مشتركة تصبُّ في مصلحة قضية شعبنا العادلة، وتركتْ آثارَها السلبية المباشرة على الوضع الكردي السوري والعلاقة بين المجلسين، المجلس الوطني الكردي ومجلس شعب غرب كردستان، حيث أقدم الأخوة في حزب الاتحاد الديمقراطي وكردِّ فعلٍ عملي على هذه الخطوة على إغلاق معبر سيمالكا الحدودي مما زادَ من الوضع الكردي السوري المتردي تعقيداً، وبذلك، تمَّ حرمانُ شعبنا الكردي المنكوب والمشتتِ من التواصل عبر ذلك المعبر الوحيد الذي تقتضي المصلحة الوطنية الكردية عدمَ إخضاعه للاختلافات الحزبية وضرورة الحفاظ على إبقائه مفتوحاً على الدوام ومن الجانبين لإدخال المساعدات الإغاثية والحالات الإنسانية، كما أنّ عملياتِ اعتقال الصحفيين والسياسيين وإبعاد المخالفين بالرأي عن أرض الوطن، لا تخدمُ مهامَ تعزيز العمل المشترك الذي نرى بأن يكون النضالُ لأجله في مقدمة المهام، لأن وحدةَ الصف الكردي هي الضمانة الأكيدة لأي عمل وطني مؤثر ومفيد.
وانطلاقاً من موقف حزبنا الثابت في استقلالية قراره السياسي وعدم تخندقه في المحاور الكردستانية، فإننا ندعو الأشقاء في الجانبين إلى تغليب منطق ولغة الحوار على غيرها، والإيقاف الفوري للحملات الإعلامية التي لا يستفيد منها شعبنا الكردي حيث يفرض الواجب القومي والوطني في هذه المرحلة توحيد الصفوف والوقوف معاً يداً بيد للدفاع عن هذه القضية العادلة التي نذرنا جميعنا أنفسنا لها وتوجيه هذه الطاقات نحو غاصبي حقه وناكري وجوده. وفي هذا الإطار، فإننا نثمن إيجابياً اللقاء الذي تمّ مؤخراَ بين المجلسين بغية إخماد هذه النيران والتأسيس لعلاقات نضالية تكون بمستوى الطموح والمرحلة لمواجهة التحديات المستقبلية.
29/05/2014
اللجنة السياسية
لحزب الوحــدة الديمقراطي الكردي في سوريا(يكيتي)

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك