ثورة بلقانية بنكهة أفغانية ومعارضة ورقية

آراء وقضايا 12 سبتمبر 2013 0
+ = -

محمد رشو/

 

ما موقع المعارضة السورية من التطورات الدولية؟ وهل كانت يوماً في دور المُؤثِر؟ أم بقيت كما هي الآن في دور المتأثر الذي لا يملك إلا البيانات و المقابلات التلفزيونية و المواقف الانفعالية بعيداً عن أي نوع من الاستراتيجية بانتظار أن يأتي الحل من الخارج ويقبضوا ثمن تمثيلهم دور المعارضة مناصبا في حكومة على الأغلب سيكون ولاؤها لمن يُسقط النظام؟

إنطلاقاً من هذا السؤال المعروف الإجابة، نحن ككرد ما موقعنا ضمن هذه المعارضة؟ ولماذا هذا الاستجداء لحجز مقعد فيها؟، إلا إن كانت “معارضتنا الكردية” أيضا بلا استراتيجية و باحثة عن المناصب!!.

إن المعارضة الخارجية عربيا و كرديا، لربما هي المستفيد الأكبر من استمرار دوامة العنف في البلاد، فالرواتب التي تصرف لها من “الدول الداعمة للثورة السورية” مبالغ ضخمة كفيلة بشراء ذممهم المعروضة في مزاد علني دولي، كما المعارضة الكردية -إن صح التعبير- التي كانت عبارة عن جمعيات ثقافية تحت اسم “أحزاب” ليس لها مكان من الإعراب في الخارطة السياسية السورية و الآن أصبحت تصدر التصاريح و تُستقبل على القنوات العالمية و في وفود رسمية إلى  دول كانت حلم لقيادات هذه الأحزاب مجرد الهجرة “تهريبا” إليها.

يقابل هاتين المعارضتين -الفاشلتين- وضع ليس معقد كما يحلو لهما دعوته، وإنما هو بغاية البساطة، فالمناطق الكردية تحت السيطرة المباشرة و الصريحة لحزب الإتحاد الديمقراطي بذراعيه الأمنيتين “الأسايش” و ال”YPG”، ومناطق تحت سيطرة السلفيين بالتحديد جبهة النصرة و القاعدة تمتد ضمن مناطق الجيش الحر الآخذة بالإنحسار لصالحهما، ومناطق خاصة بالنظام في مراكز بعض المدن و الساحل.

تقسيم سوريا الجديد هذا ربما سيتم تثبيته لاحقا، فلا صوت أعلى من صوت المعركة، أما الجمهور فسيبقون جمهوراً حيث اعتادوا الجلوس، ففي الخارطة الجديدة ترسم الحدود بالدم و ليس بالبيانات و المقابلات والمناحرات الحزبية الفارغة و التي تفرغ القضية السورية عامة و الكردية خاصة من معناها.

بالنسبة للوضع الكردي، شئنا أم أبينا هناك سلطة أمر واقع فرضت نفسها على الشعب و باقي “الأحزاب” و شرعت ببناء إدارتها الذاتية دونما إذن من أي سلطة، بل أن السلطة التركية أم السورية أم الكردستانية كانت في موقف المستجيب لوضع تم فرضه على الأرض، فالتركية رفضت دونما تلويح بالعصى بشكل مباشر و إنما تحريك بعض الكتائب الممولة من قبلها لفض هذه الإدارة الذاتية الوليدة، النظام كان مباركاً لهذه الخطوة التي تزيح عن كاهله عبء إدارة المناطق الكردية لترمي بها على كاهل حليفه و ذراعه في المنطقة، أما الموقف الكردستاني فكان “رفض فرض أي فصيل سياسي نفسه بالسلاح” و اقتصر الرفض على بيان إلكتروني أثناء غبار فيسبوكي لم يحرك ذرة تراب على أرض الواقع.

ولكن -كما عطش الإخوان المسلمين للسلطة- كان عطش أكبر ممزوج بالحقد لدى حزب الإتحاد الديمقراطي، و الذي عمد إلى ممارسة سلطته بأبشع الأساليب الشوفيتية البالية الممزوجة بالنكهة البعثية المستشرية في كوادر الحزب نظراً للتربية الحزبية التي تلقوها على أيدي من جلس في حضن النظام البعثي عشرة سنوات قبل أن يتم التخلي عنه و طرده إلى مصيره المعلوم سلفاً.

أما مناطق السلفيين فليست بأقل سوءا من مناطقنا الكردية، فهناك حالة نقمة شديدة على الممارسات التشبيحية التي تعتمدها الكتائب و الألوية “المعارضة” فمهمة التحرير أضحت ثانوية مقارنة بـ “واجب” السرقة تحت شرعية “الله أكبر ثلاثاً” الأمر الذي يرفضه بشكل قاطع الشعب السوري المسلم المعتدل و العلماني، فكانت مظاهرة في اعزاز على سبيل المثال ضد “الحياني” جوبهت بطلقات من الدوشكا فوق رؤوس المتظاهرين، بالإضافة إلى هروب و نزوج و هجرة أعداد ضخمة من المسيحيين و المعتدلين دون أن يفكّروا بالرجوع إن استلمت هذه العقليات الجاهلية السلطة.

أما مناطق النظام فما زالت الأقل تأثرا بمجمل الأحداث التي رافقت الثورة السورية وتعتبر ملاذا آمنا للمؤيدين للنظام من طائفته ومن غير طوائف بالإضافة إلى الرماديين الخائفين على مصالحهم.

عود على بدء، المعارضة السياسية تثبت فشلها يوما بعد يوم، المناطق “المحررة” كرديا و اسلاميا في أوضاع أسوء مما كانت عليه و تفتقر الأمان و الحريات، مناطق النظام هي الأكثر أماناً.

بعد كل هذا هل يجوز لنا أن نتساءل عما إذا كانت ثورة الكرامة و الحرية في سوريا ما زالت موجودة أم أصبحت سوريا مستنقعا بلقانيا بنكهة أفغانية؟

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك