حقوق المرأة في اتفاقية سيداو والقانون السوري

آراء وقضايا 10 فبراير 2015 0
+ = -

 

الحقوقية : زهرة أحمد قاسم

يقول زرادشت:

.

“لتكن المرأة طاهرة كالألماس ….. تشع فيها فضائل العالم المنتظر ……. وليتوهج الكوكب في حبها وهي تضع للعالم الإنسان المتفوق ”

.

لقد كانت المرأة قديماً في منزلة الآلهة وكانت رمزاً للحب والإنتاج والخير والخصوبة …. ….. …..كما كان لها دور مميز في إدارة البلاد وصنع القرار …… فقد برعت الأميرة الإيزيدية “ميان خاتون” في إدارة الأمور السياسية والعشائرية وتمكنت من ترتيب البيت الإيزيدي وإعادة الحياة إلى معبد لالش بعد أن تعرض للنهب من قبل الدولة العثمانية …….. …….

.

أما عند الإغريق فقد ساوى أفلاطون بين المرأة والرجل في إدارة الدولة ….. ….. وغيرها الكثير من الشرائع القديمة التي كانت تمجد دور المرأة في إدارة البلاد …. ولكن مع تطور المجتمعات وتقدمها التكنولوجي تراجعت تلك المكانة المرموقة للمرأة وساهمت العديد من العادات والتقاليد والأعراف إلى الحد من مشاركتها الفعالة في المجتمع …. ……

.

فعانت المرأة قساوة العادات والتقاليد والتخلف الموروث من جهة وظلم القانون من جهة أخرى …. …. بالرغم من أن جميع المواثيق والإتفاقيات الدولية تسعى من أجل أن يعيش الإنسان بحرية وكرامة وعدل ومساواة ويتمتع بحرية الرأي والتعبير والإشتراك في الجمعيات والحق في إدارة الشؤون العامة للبلاد دون تمييز أو تفرقة …… ولكنه يشهد إنتكاسة ربيعية لتفاقم معدلات انتهاك الحقوق الأساسية على نحو خطير نتيجة للممارسات السلبية من عنف وإنكار وتمييز وسوء معاملة وتراجع لحقوق المرأة وضعف في التطبيق من قبل الحكومات التي تنتهك وبشكل صارخ هذه الحقوق وتقييد الحريات الشخصية بمواد من القانون شكل بحد ذاته انتهاكاً لمبادئ المساواة في الحقوق واحترام كرامة الإنسان وعقبة أمام مشاركة النساء على قدم المساواة مع الرجال في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، وبالتالي شكل عائقاً أمام نمو ورخاء المجتمع والأسرة.

.

بالرغم من رياح التغيير الربيعية …. ….فقد حمل بعض مواد القانون السوري بين طياته مظاهر تمييزية بحق المرأة جعلتها في المرتبة الدونية مقارنة بالرجل تجلى ذلك في موقفها من اتفاقية سيداو.

اتفاقية سيداو: (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ) اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1979م ودخلت حيز التنفيذ عام 1981م , تعتبر ثمرة ثلاثين عاماً من الجهود

.

والأعمال التي قام بها مركز المرأة في الأمم المتحدة وتأتي أهمية هذه الاتفاقية من كونها وضعت قضايا المرأة ضمن أهداف الأمم المتحدة وفي قائمة أولوياتها، فأصبحت جزءاً من القانون الدولي لحقوق الإنسان، ومن كونها أكدت على العنصر الإنساني في حقوق المرأة، بهدف إحداث تغيير حقيقي في أوضاع المرأة ووضع الحلول والإجراءات الواجب اتخاذها من قبل الدول الأطراف للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الميادين . تتألف اتفاقية سيداو من 30 مادة تشكل في مجموعها ضمانة حقيقية لحقوق المرأة وترسيخ مبدأ المساواة بينها وبين الرجل في الحقوق والحريات الأساسية . وفي 25/9/2002م صادقت سورية على الإتفاقية ولكنها تحفظت على 15 فقرة موزعة على 6 مواد .

.

من بين تلك المواد التي تحفظت عليها سورية وبدون أي مبرر لها على التحفظ:

المادة “2” من اتفاقية سيداو : إن التحفظ على المادة (2) بفقراتها السبعة مرده إلى مفهوم مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الدستور والتشريعات. الفقرة “ز” من المادة “2” :

“إلغاء جميع أحكام قوانين العقوبات الوطنية التي تشكل تمييزاً ضد المرأة “تحفظت سورية على هذه المادة بحجة مخالفتها للمادة “548” من قانون العقوبات السوري

.

الذي يمنح المجرم في جرم الزنا عذراً محلاً: تقول المادة : من فاجأ زوجه أو أحد أصوله أو فروعه أوأخته في جرم الزنا المشهود أو في صلات جنسية فحشاء فإنه يمنح عذراً محلاً ” . إن تطبيق هذه المادة تعود إلى التقاليد الإجتماعية وما ورثناه عن قانون الجزاء العثماني ….. ….. ومهما كان تعلق مجتمعنا بالأخلاق العامة فإن إعفاء الفاعل من العقاب في هذه الحالات يؤدي إلى تستر القتلة بالدفاع عن الشرف والأخلاق ويشجع على الإجرام في المجتمع …… …… حتى عقوبة المرأة في الزنا تكون ضعف عقوبة الرجل على الرغم من وحدة الفعل الجرمي …. ….

.

اذاً لا مبرر للتحفظ على هذه الفقرة بل من واجب أي دولة هو القيام بالعدل والقسط من خلال تعديل أو إلغاء القوانين التي تشكل تمييزاً ضد المرأة فليس القصد أن تفعل المرأة ما يحلو لها أو ما يدنس سمعتها وإنما تصحيح النظر إلى طرفي المعادلة الإجتماعية ” الرجل والمرأة ” . المادة “9” من اتفاقية سيداو : -1 تمنح الدول الأطراف المرأة حقوقا مساوية لحقوق الرجل في اكتساب جنسيتها أو تغييرها أو الاحتفاظ بها. 2 – تمنح الدول الأطراف المرأة حقا مساويا لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالهما.

.

تحفظت سورية على هذه المادة بحجة مخالفتها للقانون الجنسية هذا القانون يحرم المرأة من منح جنسيتها لأولادها إذا كانت متزوجة من رجل أجنبي ويعامل معاملة الأجانب …. . . ….. المادة “3”

.

من قانون الجنسية : “يعتبر عربياً سورياً حكماً من ولد في القطر أو في خارجه من والد عربي سوري “. وهذا ما شكل عائقاً كبيراً أمام تقدم المرأة ومشاركتها الفعالة في المجتمع وبالتالي حرمان أبناءها من جنسيتها مع حرمانهم من جميع حقوقهم في بلدهم سورية وهذا ما عاناه الشعب الكردي في الجزيرة من جراء تطبيق قانون الإحصاء الجائر لعام 1962م . لا مبرر من التحفظ على هذه المادة لإنها تشكل اجحافاً بحق المرأة في الحرية والمساواة والكرامة الإنسانية وتخالف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حيث جاءت في المادة “15” منه : لكل إنسان الحق في أن تكون له جنسية . وغيرها من المواد التي تحفظت عليها سورية بحجة معارضتها للشريعة الإسلامية وخاصة تلك التي تمس حياة المرأة مباشرة كما في الأحوال الشخصية .

.

أمام كل هذه التحديات من جهة ….. وكل هذه العطاءات للمرأة من جهة أخرى …. ألا تستحق المرأة أن يعاد النظر في جميع تلك القوانين والتشريعات التي تحد من إبداعها بحيث يعاد صياغتها ليتناسب وإمكانيات المرأة وقدراتها الإيجابية وإعطاءها ضمانات حقيقية بأن تحمل معها رياح التغيير الربيعية تلك بشائر الحرية والكرامة وتحميها من العواصف الهوجاء التي حاولت وتحاول إقصاء المرأة من المشاركة الفعالة إلى جانب الرجل في مجالات الحياة المختلفة والزج بها في براثن التخلف والجهل وذلك لإعتبارات دينية أو اجتماعية أوسياسية وغيرها …. …….و اتخاذ إجراءات سريعة وعملية ترسخ مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات مع الحفاظ على الطبيعة الإنسانية للمرأة من غير تمرد على القيم الحقيقية والأخلاق الحميدة والمودة التي دعت إليها الأديان السماوية

.

عندئذٍ سوف تتمكن المرأة من المشاركة الفعالة في صنع القرار السياسي في بلد ديمقراطي تعددي يحفظ لها كرامتها وإنسانيتها وحقوقها ويبارك لها عملها المقدس في تنشئة الأجيال على الفضيلة والإبداع .

كما يقول زرادشت :

.

“لا صلاح لأمة فسدت منابت أطفالها “

Loading

آخر التحديثات
  • أتبعني على تويتر

  • تابعونا على الفيسبوك