دراسة (تقييم) حول وضع عفرين

تقارير خاصة 11 فبراير 2020 0
دراسة (تقييم) حول وضع عفرين
+ = -

كوردستريت || تقارير

.

منشورات: منصة عفرين

اللجنة التحضيرية والمتابعة: 

(عبدو خليلعماد الدين شيخ حسن خلوصي عمرخبات ابراهيم – زكريا دادوشيخو قاقو عبدالرحمن كورجوعزيز نعسانفاروق عثمان مصطفى سعيد نذير عجو – جان علو صلاح الدين حنّان مروان خورشيدبكر جعفر)

دراسة (تقييم) حول وضع عفرين

06/02/2020

المحتويات

تنويه1

اجتماعياً وديموغرافياً1

الوضع الاقتصادي2

الوضع الأمني3

الحياة السياسية داخل منطقة عفرين3

واقع المزاج الشعبي لسكان عفرين في الداخل والخارج4

عفرين وتموضوعات شرق الفرات4

أولاً: مقارنة عامة بين غصن الزيتون ونبع السلام4

أ. المقدمات والذرائع الأولية والمسوغات4

ب. الأدوات المستخدمة في كلا العمليتين5

ج. النتائج على الأرض5

ثانياً: المواقف المحلية والاقليمية والدولية ما بين غصن الزيتون ونبع السلام5

ثالثاً: تناقضات مواقف الحركة الكوردية السورية والكردستانية ما بين غصن الزيتون ونبع السلام6

1 محور قنديل أو المنضوين تحت لواء مشروع العمال الكردستاني6

2 محور المجلس الوطني الكوردي وأربيل7

الخلاصة8

التوصيات8

تنويه

يهدف هذا التقييم إلى رسم صورة حقيقية للأوضاع فيمنطقة عفرين منذ بداية الاجتياح التركي لها وصولا إلىتاريخ إعداد هذه الورقة. بعيداً عن أية مؤثرات أو ضغوطاتخارجية، ولا يراع هذا التقييم الولاءات السياسية، سواءالمحسوبة على الأطراف الكوردية أو النظام أو المعارضة،وتم محاولة تناول الموضوع بـحساسية ذات بعد إنسانيبالدرجة الأولى، معتبرين مصالح السكان المحليين أولويةلمحددات هذا التقييم. لذلك كان لا بد من قراءة الواقع الراهندون تجميل وبعيداً عن الشعارات والحمولات العاطفية، ومنثم معرفة الإمكانات المتوفرة والقوى المعطّلة للاستفادة منهافي رسم الاستراتيجياتِ.

اجتماعياً وديموغرافياً

نتيجة الصراع السوري الذي شارف على نهاية عامه التاسعتفككت معظم البنى الاجتماعية لدى الأسر على خلفيةعمليات النزوح واللجوء، ورغم حالة الأمان النسبي خلالفترة الإدارة الذاتية كـ سلطة أمر واقع، إلا أن أرقام الهجرة/ اللجوء والنزوح الداخلي كانت مهوّلة. حيث تدل التقديراتعلى أن حوالي 40 % من سكان عفرين نزحوا ولجأوا نحوداخل أو خارج سوريا نتيجة جملة من الأسباب، وتأتيسياسة التضييق والحصار والاعتقال والاستبدادالايديولوجي بالإضافة إلى التعليم والتجنيد الإجباري فيمقدمتها، وعقب الاجتياح العسكري التركي المدعوم منميليشيات المعارضة (الجيش الوطني السوري) منتصفآذار 2018 لم يتبقى في عفرين سوى عشرات الألاف.

اليوم و في أحسن الأحوال يشكل السكان المحليين الكرد فيعفرين ما يقارب 20% ، هذا إذا ما علمنا بأنهم كانوايشكلون الغالبية العظمى قبل مرحلة الصراع السوريأكثرمن 95%” ، حيث و بعد موجات الاستيطان تحت تهديدالسلاح، و الإخلاء و الاستملاك القسريين والتي تأتي ضمنسياسة الهندسة الديموغرافية كطريقة للحل السوري،وإطلاق يد الميليشيات الراديكالية المدعومة من تركيا لتهجيرمن تبقى في المنطقة، لم يبقى راهنا سوى  غالبية من كبارالسن، والإحصائيات الحالية رغم عدم دقتها، لكنها  تظهرخللاً كبيراً في النمو السكاني و تراجعا كبيراً في نسبةالشباب والأطفال مما ينتج عنه مستقبلاً زيادة في الهوة بينالسكان الأصليين والمستوطنين . مع العلم أيضاً بأنه لميتوقف نزيف السكان المحليين في منطقة عفرين نتيجةاستمرار الانتهاكات والتي ترتقي في بعض جوانبها لمستوىجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية كما ورد في بعضالتقارير الأممية. 

الجوانب الاجتماعية بدورها لا تقل سوءا عن الجانبالديموغرافي. حيث التفكك الأسري نتيجة الظروف التياوجدها الصراع السوري بشكل عام. لذلك نلاحظ التناحرعلى خلفية تضارب الميول السياسية. حتى بين أفراد العائلةالواحدة، وشاعت في الفترة الماضية  ثقافة الخوف نتيجةترافقها مع جملة من الأعمال الوحشية  والتغول التياتسمت بها سلوكيات الغزاة المنقادين بالثأر الأعمى والشوفينية المقيتة والعنصرية السوداء المبنية على عقيدة دينيةوطائفية أوعقائدية قومية، بمواجهة طبيعة الثقافة المسالمةلسكان المنطقة بالعموم، وما يلفت الانتباه عدم تكاتفالأهالي مع بعضهم البعض مؤخراً كـ نتيجة لسياساتالعقاب الجماعي التي تمارسها ميليشيات المرتزقة ، كمايمكن إعادة و تنسيب ذلك إلى مراحل الاستبداد السابقة(مرحلة سلطة النظام إلى ال ب ي د ) و من ثم الاستباحةالكاملة (تركيا والميليشيات).

الوضع الاقتصادي

بشكل عام الحياة الاقتصادية في عفرين تعطلت بشكلكامل نتيجة أعمال السلب والنهب والسطو على الأملاكالخاصة والعامة، وأصيبت الأعمال الزراعية والتي تعتبرالحامل الاقتصادي للمنطقة بالشلل التام. وتفيد المؤشراتبأن معظم السكان المحليين يعتمدون بنسبة كبيرة علىالمعونات الخارجية، وقسم من هذه المعونات تذهب لصالحمرتزقة الميليشيات نتيجة اعمال السلب والنهب.

ورغم توقف الأعمال الحربية فإنّ هناك تراجع مستمر فيالأوضاع الاقتصادية للمنطقة نتيجة الفلتان الأمني المتعمدبالدرجة الاولى، يليه سرقة البنى التحتية الأساسية التيأفقدت الكثيرين وظائفهم و أشغالهم، بالإضافة إلى تعرضالمواسم الزراعية للنهب والسلب والأتاوات، و لا تبشر الأخبارالواردة من عفرين بالخير رغم محاولات التجميل من قبلتركيا واطر المعارضة، وسيبقى جذر المشكلة موجوداً وقائماًما لم يتم إنهاء الاحتلال التركي أو ما لم يُلزم بأداءبواجباته، والتزاماته كمحتل سنداً للقانون الدولي عبرسحب الميليشيات من عفرين مثالاً والكف عن ذهنية العداءوالثأر حيال المكون الكوردي.  

وتجدر الاشارة الى ان هروب رجال الأعمال والمستثمرينوالأيدي العاملة من المنطقة أفقد المنطقة الصفة الانتاجية،وحولتها بالكامل الى منطقة مستهلكة ومستوردة وتحت رحمةتجار الحرب التابعين للميليشيات، وفي أحسن الأحواليضطر بعض أهالي المنطقة من مزارعين وصناعيين لمحاصصة قادة الميليشيات مقابل حمايتهم وممارسةاعمالهم.  

الوضع الأمني

يتواجد في عفرين أكثر من 80 مسمى عسكري. وتُقدّر عددميليشياتهم المسلحة مع أجهزتهم الامنية والشرطية بحوالي25 ألف، بالإضافة الى 30 نقطة عسكرية تتبع للجيشالتركي. هذا إذا استثنينا المستوطنين الذين دخلوا منطقةعفرين بسلاحهم الخفيف، وكل هذا السلاح يتم توظيفهلخدمة وحماية أعمال السلب والنهب والخطف للوصول إلىتنفيذ مخططات التغيير الديموغرافي الممنهجة.  

والملفت أنه ورغم تكرار حالات القتل تحت التعذيب ومنهجيةاستيطان البيوت وأعمال السلب، لم يتم التعامل معها بجدية،لا من قبل المعارضة السياسية خاصة الممثلة بالائتلافالسوري ولا من شريكه المجلس الوطني الكوردي والتي توفرغطاء لهذه الميليشيات، ولا بالتأكيد من قبل الجيش التركيبوصفه وصياً ومحتلاً يتحمل تبعات ونتائج هذه الانتهاكات،ويقودنا هذا إلى حتمية استخلاص وجود تنسيق كامل بينتركيا وهذه الأطر السياسية. إذ حتى عندما يلجأ البعض منالأهالي لتقديم شكاوى للنقاط التركية مثالا، يتم التعامل معالجرائم المرتكبة كـ مشاكل عابرة وعرضية، ويتم تجاهلالحلول الجذرية، ويدل هذا على ان ثمة توافق ناتج عنسياسات مدروسة بهدف زيادة الفلتان الأمني تجاه السكانالمحليين للمنطقة لـ تهجير من تبقى، وهذا ما يفسر استبعادالعناصر الكوردية من هيكلية المؤسسات الشرطية.

بالعموم تعد الحياة العامة والخاصة لسكان المنطقة المحليينمصادرة بما في ذلك حرية التجول والتنقل، يترافق ذلك معممارسة ضغوطات ذات طابع ديني وثقافي وتضييق علىالنساء. لدرجة تبدو فيها المنطقة أشبه بسجن كبير. بالمقابلنلاحظ أنه تم منح كامل الحرية للميليشيات ومن في حكمهممن المستوطنين المسلحين وإطلاق يدهم في المنطقة. مع طرحثقافة ذات طابع اسلامي راديكالي لطمس معالم الهويةالثقافية للمنطقة.

الحياة السياسية داخل منطقة عفرين

لا يمكن القول راهناً أن ثمة حياة سياسية في منطقة عفرين. خاصة وأن منظومة PKK / PYD سبق لها بدورها وأنساهمت بطرد قسم كبير من النشطاء السياسيين. نتيجةالاعتقالات والتضييق على كل من اختلف معهم، واليوميكتمل المشروع مع إطلاق يد الميليشيات المسلحة.

 ولا يشمل التضييق فقط على تقييد حركة نشطاء منطقةعفرين سواء كانوا مستقلين أو تابعين لأحزاب كردية، إنمايصل في بعض الأحيان إلى حد القتل تحت التعذيب، ورغمأن البعض من هؤلاء راهن على تبوء زمام الأمور في عفرين. كما هو لدى بعض أحزاب المجلس الوطني الكورديالمتحالف مع الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة،والذي كما أسلفنا يعتبر هذه الميليشيات ذراعا عسكرياً لهاإلا أنهم صدموا بتدهور الأوضاع يوما بعد آخر، ويعدالمجلس المدني الذي شكلته تركيا بالتعاون مع الحكومةالسورية المؤقتة و رابطة الكرد المستقلين مجلس الإنقاذوالذي تحول فيما بعد لـ مجلس عفرين المدني والذي تلقىدعماً من حكومة أربيل في كردستان العراق مجرد واجهةإعلامية للتغطية على الجرائم التي تجري في المنطقة، مععدم إغفال النوايا الحسنة للبعض من أعضاء هذه المجالس.

واقع المزاج الشعبي لسكان عفرين في الداخلوالخارج

يعكس واقع حال المزاج الشعبي لعموم سكان منطقة عفرينالصورة الكاملة لواقع الحال الكارثي والمأساوي. حيثالإحباط العام والشعور بـ الخذلان يتصدر مشهد ذاك الحال، وبات السكان يعانون من صدمة كبيرة حيال كلأطراف الحركة السياسية الكوردية السورية وتجاه الوطنيينالسوريين، وفقدوا الثقة بالأطر الكردستانية و باتوا يعتبرونالكل بـ سوية واحدة من ناحية درجة فقدان المصداقية. يترافق ذلك مع شعور بـ اللاجدوى من أية مشاريع سياسيةجديدة كانت أم قديمة. لذا من المهم ربط هذا المزاج الشعبيمع النقاط السابقة حتى نرى الصورة بأبعاد ثلاثية ودونمغالاة أو تحيز.

عفرين وتموضوعات شرق الفرات

بادئ ذي بدء. شرق الفرات، مصطلح كرسته ما تسمى القوى السياسية الكوردية السورية، ووظفته الدول الضالعة في الشأن السوري بعد عملية غصن الزيتون السيئة الصيت والنتائج، ويتم استخدام هذا المصطلح وغيره من التسمياتتماشياً مع دلالة المعنى الذي شاع استخدامه إعلامياً وسياسياً.

أولاً: مقارنة عامة بين غصن الزيتون ونبع السلام

يمكننا مقارنة ومقاربة عملية غصن الزيتون ونبع السلام من خلال ثلاثة محاور:

أ. المقدمات والذرائع الأولية والمسوغات

المقدمات التي ساقتها تركيا لاجتياح عفرين وشرق الفرات لا تختلف فيما بين المنطقتين سوى زمنياً، وتتلخص بــ نقطتين رئيسيتين: أولاهما هي وجود إدارة لم تستطع الانفكاك عن حزب العمال الكردستاني التركي المدرج على لوائح الإرهاب الدولية، أما الثانية فهي ذريعة إعادة توطين اللاجئين السوريين المتواجدين في تركيا مقابل التهديد بفتح الحدود أمامهم مع أوروبا.

لذلك كانت المسوغات والذرائع التركية لاجتياح عفرين وشرق الفرات تتقاطع وتشترك من حيث الاهداف المعلنة والخفية. حيث الوجود العلني والصريح لـ حزب العمال الكردستاني والذي تمثل في الضخ الإعلامي المؤدلج من قبل منظومة pkk ، ولم تستطع التسميات المختلفة من قبيل ” ypg – ypj- QSDالتغطية على الحقائق الدامغة. بالإضافة إلى سلوكيات منظومة pkk في المناطق التي احتكرتها بعد هزيمة داعش أو التي استولت عليها من فصائل المعارضة كما في ريف حلب الغربي. وتمثل ذلك بتهجير السكان المحليين لتلك المناطق وممارسة اعمال السلب والنهب والاعتقال بدوافع ثأرية. أما الجانب الخفي فيتمحور حولالسياسات التركية الممنهجة في تغيير ديموغرافية المناطق السورية الشمالية، ولا سيما المناطق الكوردية عبر تشكيل حزام طائفي. سني واحياناً تركماني، موال لتركيا استعدادا لأية تقسيمات من الممكن لها أن تطال الجغرافيا السورية.وفي اسوء الاحوال تكريس جملة من الاوضاع الجديدة شمال سوريا تخدم مصالح تركية المستقبلية.

ب. الأدوات المستخدمة في كلا العمليتين

كلتا العمليتين. غصن الزيتون ونبع السلام كانتا بـ تخطيط وقيادة مباشرة من قبل الجيش التركي مستخدما في ذلك الطيران والمدفعية الثقيلة ومئات الجنود من القوات التركية الخاصة، إلى جانب ذلك استخدمت قيادة اركان الجيش التركي الألاف من قوات المرتزقة، وهي ميليشيات تتبع من حيث الأجندات السياسية لأطراف من المعارضة السورية ” الأئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة” عرفت بـ ” الجيش الوطني السوري “. الموالي والممول من قبل تركيا، وهذه الميليشيات ليست سوى تجميع لفلول حركات إسلامية راديكالية مسلحة، ولديها تجربة واسعة في قتال الشوارع وطرق الاشتباك، ولها باع وتمرس في ممارسة جرائم حرب.ترافق ذلك مع تأييد من حركات إسلامية راديكالية في عموم العالم العربي. مثل حركة حماس وجماعات الاخوان المسلمين.

ج. النتائج على الأرض

في غصن الزيتون احتلت تركيا على مدى 58 يوماُ كامل منطقة عفرين، والمقدرة حسب السجلات العقارية السوريةبنحو 2.34 ألف كم” ، وكذلك في نبع السلام وصلت لاحتلال مناطق واسعة من شرق الفرات في غضون أربعة أسابيع، والتي تقارب مساحة منطقة عفرين ، وعمليا تم انسحاب القوات المحسوبة على العمال الكردستاني وتهجير غالبية سكان المنطقتين المذكورتين بتقاطع بين دوافع ومصالح الطرفين. تجلت بـ تهجير وسحب سكان المنطقتين، وإطلاق يد مرتزقة الميليشيات التي تساندها تركيا وتدعمها المعارضة الإسلامية سياسيا. عبر اعمال السلب والنهب والسرقة واستيطان البيوت، مع فارق بسيط للغاية يتمثل في تضاءل حدة الانتهاكات التي ترافقت مع عملية نبع السلام بالمقارنة مع الوحشية التي جرت في منطقة عفرين، وذلك لاعتبارات عدة. منها التواجد الامريكي والاوربي في شرق الفرات، والضخ الاعلامي الذي رافق مجريات العملية،والرفض الأممي للمغامرة التركية.

ثانياً: المواقف المحلية والاقليمية والدولية ما بين غصن الزيتون ونبع السلام

المواقف المحلية السورية ظلت إلى حد بعيد كما هي النظام السوري أكتفى بخطاب للتسويق الداخلي، وراح يندد تارة ويروج للعودة الى اتفاقية اضنة في محاولة نيل الرضى التركي، ولكنه لم يحيد عن تنفيذ الاملاءات الروسية، ورغم المناوشات وتبادل التهم مع قوات قسد والمقربة من PKK إلا أن الطرفان بدورهما ظليا وفيّين للصفقات الخفية والتاريخية فيما بينهما.

المعارضة السورية المقربة من أنقرة بشقيها السياسي والعسكري ظلت ملتزمة بخدمة المصالح التركية، واعتبرتنبع السلام امتداد لانتصارات غصن الزيتون، إلا أنأجندات الإسلام السياسي السوري المرتبط مع تركيا في نبع السلام كانت أكثر وضوحاً من ذي قبل.

وباستثناء تيارات وشخصيات من بين المعارضة السورية الوطنية لم يندد أحد بكلتا العمليتين. مع أن المزاج السوري العام، خاصة في مناطق إدلب والباب واعزاز والجزيرة السورية اظهرت امتعاضاً واضحا من عملية نبع السلام.بينما في غصن الزيتون تماهى الكل مع العملية، سيما وأن العملية تزامنت مع العمليات العسكرية التي قام بها كل من النظام وروسيا في ريف ادلب الجنوبي، وأميط اللثام عن صفقات تركية روسية تخص ريف ادلب على حساب تمرير عملية نبع السلام. وتكرر سيناريو مشابه لصفقة الغوطة عفرين.

التحول الاكبر كان في مواقف الدول العربية وأوربة تجاه عملية نبع السلام، كان التنديد والرفض صريحا ضد التدخل التركي، ورغم موافقة امريكا على تدخل محدود ومتوافق عليه، وتخلت جزئياً عن قسد في بعض المناطق وجاء تشبيه دونالد ترامب لمنظومة pkk بداعش، وبأن الكرد ليسوا ملائكة. لكن تداعيات العملية العسكرية وضعت تركيا في موقع الاتهام والمواجهة مع أمريكا والعالم مباشرة. بينما في غصن الزيتون تم تمرير العملية بهدوء ودون اي ضجيج بالمقارنة مع ما جرى في شرق الفرات.  

ثالثاً: تناقضات مواقف الحركة الكورديةالسورية والكردستانية ما بين غصن الزيتون ونبع السلام

من الناحية العملية تظهر اختلافات واضحة بين مواقف الحركة الكوردية في سورية حيال عملية نبع السلام عماكانت عليه في غصن الزيتون، ويشمل ذلك أيضا مواقف الاطر الكردستانية في كل من العراق وتركيا وإيران.

ومهما تنصلت الحركة الكوردية في سورية من مسببات ودوافع الشراكة في عملية غصن الزيتون تبقى متورطة بدرجة كبيرة، ويمكن تبيان ذلك عبر محورين:

1 محور قنديل أو المنضوين تحت لواء مشروعالعمال الكردستاني

وهو يشمل كل الاحزاب التي انتجها العمال الكردستاني/ التركي في كل من سوريا والعراق وإيران، أو الاحزاب المقربة من مشروعه في سوريا، كما حزب الوحدة / يكيتي،أو الحزب التقدمي. بالإضافة إلى الاحزاب والاطر المدنية التي اسستها هذه المنظومة بعد ربيع 2011 في سوريا تحت مسميات عدة.

بشكل عام في عملية غصن الزيتون بدا واضحا تمسك هذا المحور بالمكتسبات العسكرية والإدارية التي تم تحصيلها، سواء بصفقات مباشرة مع النظام السوري أو من خلال تطورات مجريات الأمور خلال سنوات الصراع. خاصة بعد المشروع الامريكي في الحرب على داعش، لذلك لم تذعن لأية مبادرات أو نصح تتعلق بتخفيف الحمولة الايديولوجية المتعلقة بـ العمال الكردستاني، أو بسحب مقاتليه من غير ابناء المنطقة. والمجندين طوعا أو قسراً، وتسليم المنطقة لأية جهة كان يمكن لها المحافظة على جغرافية وديموغرافية المنطقة، ولعب الطابور الخفي المتحكم بمفاصل هذه المنظومة في التجييش والدفع نحو المواجهة العسكرية، وكان واضحاً الخرق التركي العميق لهذه المنظومة، واستخدامها كإحدى الادوات المهمة في عملية غصن الزيتون. وظهر ذلك بوضوح من خلال إصرار هذه المنظومة على سحب المدنيين من سكان منطقة عفرين إلى خارج حدود المنطقة، ووصم كل من تبقى بالخيانة.

أما في نبع السلام وبحكم التواجد الامريكي والغربي خففت هذه منظومة التابعة للإدارة الذاتية من تعنتها الايديولوجي لحد كبير، وتساهلت مع المدنيين ورضخت للإملاءات الدولية والمحلية، وصارت أكثر جدية أمام تحديات جديدة أخذت تهدد كامل وجودها في سوريا، وتجلى ذلك في التخبط والتردد للصهر مع المشروع الامريكي أو الروسي، وظهرت تصاريح لقادة هذه المنظومة لا تمانع حتى الاندماج مع المشروع التركي والذي زعم أنه بصدد تشكيل مناطق آمنة.

2 محور المجلس الوطني الكوردي وأربيل

في غصن الزيتون تماشى هذا المحور كلياً مع المشروع التركي، وتماهى مع الخط الإسلامي للمعارضة السورية والمتمثلة في الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة،واعتبر ما يجري في عفرين تحريراً من قبضة العمال الكردستاني، واستعد لتولي المرحلة اللاحقة. ما بعد التحرير المزمع، وأعتبر كل من أنتقد عملية غصن الزيتون شريكاً للعمال الكردستاني، وأظهر جانباً انتقامياً وثأرياً لا يمت للسياسة بصلة واستبعد أية تغييرات ديموغرافية في منطقة عفرين بداية الأمر، وحاول تفنيد الانتهاكات واعادها لحوادث فردية، ومع الوقت حاول التراجع بخجل أمام هول الانتهاكات والجرائم المرتكبة بحق السكان المحليين في عفرين. لكنه واظب على تحالفاته مع المعارضة مبرراً العملية العسكرية على أنها صفقة دولية خارج حدود طاقته، أو أن انسحابهمن اطر المعارضة الإسلامية خسارة للقضية الكوردية السورية وأنها أفضل الممكنات، وحاول قدر الإمكان الإفادة من سكوته وصمته حيال الجرائم المرتكبة في منطقة عفرين للحصول على مكاسب سياسية ضمن تحالفاته مع المعارضة الإسلامية. كما في اللجنة الدستورية أو الهيئة العليا للمفاوضات وبعض المكاسب الاخرى. مادية أو معنوية.

ورغم تهافت المجلس الوطني الكوردي مع أطر اخرى مثل رابطة المستقلين الكرد، أو بعض الشخصيات التي حاولت تركيا التسويق لها عبر خوض تجربة المجالس المحلية المتشكلة بعد الاجتياح. والتي من الناحية العملية لم تكن سوى تغطية على الجرائم والانتهاكات التي كانت تتصاعد في عموم منطقة عفرين، وتمرير أجندات التغيير الديموغرافي، وبنفس الوقت محاولة لفرملة تحركات نشطاء منطقة عفرين في الداخل والخارج والتي أخذت تفضح الجرائم الممنهجة لدى الجهات الأممية رغم ضعف الامكانات ومحدوديتها.

بينما في عملية نبع السلام لحد كبير تغيرت مواقف المجلس الوطني الكوردي. على الأقل إعلاميا، مستفيدين من تجربتهم في عفرين وخروجهم من غصن الزيتون التي لاقت دعمهم السياسي دون أية مكاسب تذكر، وظهر التردد والتخبط داخل المجلس بين مؤيد ورافض لعملية نبع الفرات. خاصة بين ممثلي الداخل والخارج، وانتهى الامر بتصدعات علنية وخفية، واظهر المجلس عجزاً في اتخاذ قرارات واضحة وصريحة وضعفاً في لعب أي دور مؤثر وفعال. عكس مايدعيه إعلامياً، وحاول إيجاد صيغة تفاهم جديدة مع منظومة العمال الكردستاني في سبيل عقد صفقات تتيح له مساحة على الأرض.

لكن الملفت والمهم هي المناطقية التي وصمته على الدوام. أي المجلس الوطني الكوردي، وتهرب منها أو نفاها. ليس فقط من خلال تحييد ومحاربة نشطاء عفرين المستقلين، إنما حتى مع المنضوين تحت لواء المجلس، ومازال التعامل معهم بطرق الوصاية والنظرة الدونية، وتجلت المناطقية بوضوح أكثر مع الهجوم التركي على شرق الفرات، وتقودنا هذه النقطة إلىموقف حكومة اقليم كردستان العراق وتحركاتها في هذا السياق، سيما أنها الداعمة الفعلية للمجلس الوطني الكوردي وتسعى من خلاله تحقيق توازن مصالحها سواءمع تركيا أو فيما يتعلق بـ الملف السوري.

في غصن الزيتون لم تلعب اربيل أي دور يذكر سوى انتظار هزيمة منظومة pkk لتحقيق مكاسب مستقبلية في شرق الفرات، ويعود ذلك بحكم القرب الجغرافي من جهة، ومن جهة اخرى ربما بحكم غياب أي تمثيل حقيقي وجاد لمنطقةعفرين لدى حكومة اربيل و التي دعمت بعض ابناء المنطقة المقربين من تركيا، وبنفس الوقت ساندت المجالس المحلية، وكان واضحاً أن غالبية المرشحين كانوا من المجلس الوطني الكوردي. وأكتفت ببعض التنديدات الإعلامية بعيداً عن المواقف الرسمية المكلفة.

إلا أن عملية نبع السلام اظهرت نشاطاً وتدخلا ملفتاً لحكومة اربيل وقادة الحزب الديموقراطي الكردستاني العراقي، وبشكل رسمي. سواء مع أطراف دولية أو محلية، ولا يمكن بأي شكل من الاشكال مقارنة ذلك مع ما جرى في منطقة عفرين، وسارعت لتقريب وجهات النظر بين المجلس ومنظومةpkk وحتى لدى تركيا، بطبيعة الحال هذا إذا استثنينا الدعم المادي والمعنوي لنشطاء وقادة المجلس المنحدرين من شرق الفرات طيلة السنوات السابقة.

الخلاصة

تعاني منطقة عفرين من تدمير ممنهج على يد ميليشيات راديكالية تدعمها تركيا وتستخدمها كأدوات رخيصة لتحقيق مخططها في إحداث تغييرات ديموغرافية سريعة عبر محو خصوصية المنطقة، وبلغت حدة الانتهاكات درجة حرجة تجاوزت فيها مستوى جرائم الحرب والجرائم الممنهجة ضد الإنسانية.

وبشكل عام لم تلقى المنطقة مناصرة دولية، لا من السوريين الوطنيين، ولا من الحركة الكوردية السورية التي صب جل اهتمامها على مناطق شرق الفرات، ولم تلقى أي اهتمام كردستاني سياسي أو شعبي، و بشكل عام اتسمت مجمل هذه المواقف بـ ترقب ما ستؤول إليه النتائج بعد هزيمةسلطات الأمر الواقع pyd، وتجاهلت الانتهاكات والتغيراتالديموغرافية، وبحثت عن موطئ قدم لها في المنطقة، و حاول الكل عدم الاصطدام سواء مع ميليشيات المعارضة أو مع تركيا.

التوصيات

التوصيات المقترحة حول كارثة عفرين تنطلق من المقدماتالسابقة والمنبثقة عن تقييم الوضع الميداني والسياسي فيسوريا بشكل عام والوضع الكوردي بشكل خاص. بعيداً عنالحلول الرغباتية والخيالية والشعاراتية وقريبا من ما هوواقعي وممكن، ويمكن حصرها بالنقاط التالية:

١ – نشر ثقافة التكامل وتقبل الأخر المختلف عوضاً عنالتنافس والتناحر.

٢ – ربط السكان المحليين من منطقة عفرين واللاجئين فيالخارج مع سكان الداخل عبر فعاليات تكافلية سواء بالدعمالمادي أو المعنوي، والتركيز على الجيل الناشئ وربطهم معالجذور والقيم التي لا تتعارض مع روح العصر.

٣ – توزيع المهام والتخلص من الخلط بين العمل السياسيوالاعلامي والمدني والتوثيق وما إلى ذلك.

4 تشجيع من في الداخل والخارج على ضرورة توثيقالانتهاكات والجرائم وتبديد المخاوف المتعلقة بذلك لدىالضحايا وذويهم، ونشر ثقافة رفض اللجوء إلى الرشاوىوالفديات لحل بعض الانتهاكات. على سبيل المثال. دقعمبالغ مالية لإطلاق سراح المختطفين.

٥ – عدم نشر الانتهاكات عبر وسائل التواصل الاجتماعيإلا بعد الحصول على أذن مسبق من الضحايا أو من فيحكمهم، واستعاضة ذلك بالتقارير الحقوقية المهنية والسريةالموجهة للجهات الأممية والمنظمات الدولية.  

٦ – العمل على إعداد دراسات وابحاث متخصصة وعلميةتتناول الانتهاكات والسياسات الممنهجة والرامية لتغييرديموغرافية عفرين وطمس معالمها الثقافية والتاريخية.

٧ – دعم ومساندة أية فعالية تخدم المنطقة ولا تستثمرلصالح اجندات حزبية ضيقة. وتساهم فقط في إيصالحقيقة الكارثة للمجتمع الدولي والمحلي السوري، ونشر ثقافةالتفاني في العمل.

٨ – التوجه لأهل عفرين في المخيمات الواقعة تحت سيطرة ب ي د وحثهم على العودة الى منطقة عفرين والعمل علىحل ومناقشة مشكلة هؤلاء مع الجهات الدولية لتوفيرضمانات تؤمن لهم عودة أمنة.  

٩ – تشجيع الفئات المثقفة على العودة لممارسة الشأن العاموالعمل الجماعي وأخذ دورهم الكامل بدلاُ عن حالة العجزوالتشتت، وتشجيع كل المبادرات المستقلة والفردية.

١٠ – محاولة التقليل من الفعاليات التي تتوجه للضحايافقط، والمقصود هنا الفعاليات المغلقة والمحدودة والمحليةوالتي لا تصل للرأي العام العالمي. والارتقاء بهذه الفعالياتحتى تحقق الهدف المرجو منه.

١١ – التخطيط لحملات مدروسة وضمن استراتيجياتواضحة الاهداف بالتعاون مع المنظمات والجهات الدولية.

 2/9

آخر التحديثات
  • تابعونا على الفيسبوك

  • أتبعني على تويتر